الله

figure
الله.

صوت الله

تَكَلَّمَ اللهُ فَخَفَّ السَّنَا
مِنْ كُلِّ صَوْبٍ، وَتَنَادَى الضِّيَاءْ
وَامَّحَتِ الْأَظْلَالُ مِنْ سَاحَةِ الدُّنْـ
ـيَا وَغَارَتْ فِي سُيُولِ الْبَهَاءْ
كَأَنَّمَا الْأَشْيَاءُ شَقَّتْ فَلَا
تَمْنَعُ سَيْرَ الضَّوْءِ أَنَّى يَشَاءْ
تَكَلَّمَ اللهُ، فَيَا نَشْوَةً
مِنْ غَيْرِ مَا حَدٍّ وَغَيْرِ ارْتِوَاءْ!
ضَاقَ بِهَا الْكَوْنُ عَلَى رَغْبَةٍ
فِيهَا وَإِلْحَاحٍ عَلَيْهَا، وَنَاءْ
فِي وَجْهِهِ مَلَامِحٌ مِنْ هَوًى
مُرَنَّحٍ، أَوْ مِنْ تُقًى، أَوْ وَفَاءْ
لَذَائِذٌ مُبْتَكَرَاتٌ عَلَى
لَذَائِذٍ لَيْسَ لَهُنَّ انْتِهَاءْ
تَكَلَّمَ اللهُ، فَيَا نَغْمَةً
مَاجَتْ بَعِيدًا فِي مَرَامِي الْفَضَاءْ!
لَا تَلْتَقِي الْأَنْغَامُ فِي سَاحِهَا
إِلَّا خَجَالَى خَافِتَاتِ النِّدَاءْ
صَوْتٌ كَأَنَّ الْحُبَّ مِنْ مَائِهِ
وَالْعَطْفَ مِنْ رَوْنَقِهِ وَالصَّفَاءْ
يَخْفِقُ فِي رِفْقٍ، وَفِي رِقَّةٍ
وَيَنْجَلِي عَنْ لَفَتَاتِ الرَّجَاءْ
مَا لِأَغَانِي الْفَجْرِ ذِكْرٌ إِذَا
مَاجَ، وَلَا ذِكْرٌ لِشَجْوِ الْمَسَاءْ

الخليقة

هَذَا الْوُجُودُ الْمُنْتَظَمْ
خَلَقْتُهُ مِنَ الْعَدَمْ
لَقَدْ كَفَانِي أَنَّنِي
أَرَدْتُهُ حَتَّى اسْتَتَمْ
فَانْبَسَطَتْ سُهُولُهُ
وَانْبَثَقَتْ مِنْهَا الْقِمَمْ
وَغَارَتِ الْأَودَاءُ، وَانْـ
ـشَقَّتْ إِلَى الْقَمَرِ الْأَصَمْ
ارْتَعَشَ الشَّطُّ، وَكَرَّ
الْمَوْجُ مِنْ صَدْرِ الْخِضَمْ
وَارْتَفَعَتْ قُبَّتُهُ الْـ
ـخَضْرَاءُ مِنْ فَوْقِ السُّدَمْ
فَسِيحَةٌ تَجْمَعُ أَشْـ
ـتَاتَ الدَّرَارِي، وَتَضُمْ
يَتِيهُ فِي رِحَابِهَا الْـ
ـخَيَالُ، وَالظَّنُّ الْمُلِمْ
وَتَسْرَحُ الْأَبْصَارُ لَا
يَصْدِمُهُنَّ مُصْطَدِمْ
هُنَاكَ لَا حَدٌّ، وَلَا
نِهَايَةٌ، وَلَا عَلَمْ

•••

وَرَقَصَ الضَّوْءُ، وَهَلَّ
اللَّوْنُ فَانْهَلَّ النَّغَمْ
مُرَنَّحَ الْأَعْطَافِ مِرْ
نَانًا عَلَى صَدْرِ النَّسَمْ
يَلْوِي بِأَعْرَافِ الْأَزَا
هِيرِ وَيَلْهُو، وَيَضُمْ
وَالزَّهْرُ لَا تَبْخَلُهُ
أَنْفَاسَهَا أَنَّى يَهُمْ
أَنَّى جَعَلْتَ الطَّيْرَ، وَالضِّـ
ـبْعَانَ مِنْ لَحْمٍ وَدَمْ
تَكَاثَرِي، قُلْتَ؛ فَغَنَّـ
ـى الْوَجْدُ مَحْمُومَ الشِّيَمْ
وَقُلْتَ لِلْغَابَاتِ كُو
نِي فَإِذَا هُنَّ أُجُمْ
وَلِلْيَنَابِيعِ هَلَا … …
فَانْطَلَقَتْ مِنَ الْأُكُمْ
وَطَابَ لِعَيْنَيَّ أَنْ تُبْصِرَا
شَبِيهِي، شَبِيهَ السَّنَا مَنْظَرَا
شَبِيهًا يَكُونُ عَقِيدَ الْوُجُودِ
وَسَيِّدَ أَسْيَادِهِ الْمُؤْثَرَا
إِذَا قَالَ قَوْلًا، تَهُمُّ الْجِبَالُ
وَتَعْنُو الْبِحَارُ، وَتُصْغِي الذُّرَا
وَيَجْرِي فَلَا الرِّيحُ أَسْرَعُ جَرْيًا
وَلَا النُّورُ مِنْهُ إِذَا مَا جَرَى
لَهُ خِفَّةُ الْفِكْرِ، فَهْوَ بِكُلِّ
مَكَانٍ مِنَ الْأَرْضِ عَيْنٌ تَرَى
وَقُمْتُ إِلَى حَفْنَةٍ [مِنْ] تُرَابٍ
وَقُلْتُ لَهَا: سَأُعِزُّ الثَّرَى
غَدًا أَنْتِ بَهْجَةُ هَذَا الْوُجُودِ
وَأَنْتِ حِكَايَاتُهُ لَوْ دَرَى
وَحَيْرَتُهُ، وَهْيَ لَا تَنْقَضِي
فَلَا يَأْتَلِي سَائِلًا مُخْبِرَا
وَسِرٌّ عَلَيْهِ بَعِيدٌ يَرَاكِ
وَيَعْجِزُ أَنْ يُدْرِكَ الْجَوْهَرَا
تُسَائِلُ عَنْكِ الْكَوَاكِبُ بَعْضَ الْـ
ـكَوَاكِبِ، وَالْفَلَكَ الْأَكْبَرَا
وَتَسْأَلُ عَنْكِ الْغُصُونُ الْغُصُونَ
وَتَسْتَفْسِرُ الْأَنْهُرُ الْأَنْهُرَا
وَتَسْتَنْطِقُ الرِّيحُ شُمَّ الْجِبَالِ
وَغَوْرَ الْفَلَاوَاتِ، وَالْأَبْحُرَا
وَيَغْدُو التُّرَابُ مُدِلًّا عَلَى الْـ
ـكَوَائِنِ جَمْعَاءَ مُسْتَكْبِرَا
وَحُقَّ لَهُ فِي غَدٍ أَنْ يَتِيهَ
وَأَنْ يَتَسَامَى، وَأَنْ يَفْخَرَا
وَرُحْتُ أُعَالِجُ هَذَا التُّرَابَ
مُكِبًّا عَلَى صُنْعِهِ مُقْصَرَا
أَهِيبُ بِهِ فَيَهُمُّ، وَأَرْنُو
إِلَيْهِ فَيَنْهَارُ مُسْتَعْذِرَا
كَأَنَّ بِهِ رَهْبَةً أَنْ يَتِمَّ
وَأَنْ يَتَجَلَّى، وَأَنْ يُنْشَرَا
عَرَفْتُ خِلَالَ ابْتِدَاعِيهِ مَعْنَى الزَّ
مَانِ، وَقَسَّمْتُهُ أَعْصُرَا
وَقَدْ كُنْتُ ذَا حَاضِرٍ أَزَلِيٍّ
جَرَى، وَهْوَ لَمْ يَبْتَدِئْ مُذْ جَرَى
وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنِّي شُغِفْتُ
خَيَالًا، وَآلَيْتُهُ مَظْهَرَا

•••

وَمَرَّتْ عُصُورٌ تَلَتْهَا عُصُورٌ
فَجِئْتُ بِهِ رَجُلًا أَشْقَرَا
مِثَالًا يُقَاسُ عَلَيْهِ الْجَمَالُ
إِذَا هُوَ مُثِّلَ، أَوْ صُوِّرَا
وَلَوْ شُبِّهَ الْحُسْنُ فِي الْكَائِنَاتِ
بِهِ لَتَخَوَّفَ أَنْ يَصْغُرَا
تَأَمَّلْتُ صُنْعَ يَدَيَّ، فَطَابَتْ
لِعَيْنَيَّ طَلْعَتُهُ مَنْظَرَا
فَمِلْتُ إِلَيْهِ وَقَبَّلْتُهُ
فَهَبَّ يَحُلُّ عُقُودَ الْكَرَى
كَأَنِّي تَرَكْتُ لَهُ مِنْ قُوَايَ
هَوًى سُرَّحًا،١ وَهَوًى مُجْمَرَا٢
وَأَعْجَبُ مِنِّي مُحِبًّا لِصُنْعِي
أُدَارِيهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْعُرَا!
أُذِلُّ الْبَرَايَا إِذَا شَامَ أَمْرًا
وَأُرْغِمُ نَامُوسَهَا الْأَعْسَرَا
وَأُخْصِبُ، أَنَّى دَعَاهُ الْمَسِيرُ احْـ
ـتِفَاءً بِهِ، الْبَلَدَ الْمُقْفِرَا
إِذَا وَطِئَتْ قَدَمَاهُ الصُّخُورَ
لَهَشَّ لَهُ الصَّخْرُ، وَاخْضَوْضَرَا
وَهَا هُوَ الْيَوْمَ يَدْعُونِي، وَيَنْدُبُنِي
مُعَاتِبًا شَاكِيًا مُغْرَوْرِقَ الْبَالِ
هَوِّنْ عَلَيْكَ لَكَ الدُّنْيَا وَمَا وَسِعَتْ
مِنَ الشُّمُوسِ، وَمَا ظَنَّتْ مِنَ الْآلِ
تَكَادُ لَا تُورِقُ الْأَغْصَانُ مُثْقَلَةً
إِذَا أَبَيْتَ، بِأَزْهَارٍ وَأَظْلَالِ
وَلَا تَقَرُّ عُيُونٌ لَا تَرَاكَ وَلَا
تَظَلُّ حَالٌ، مَتَى تَمْضِي، عَلَى حَالِ
مَاذَا رَغِبْتَ مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَكُنِ الْـ
ـمَرْغُوبُ أَدْنَى إِلَى كَفَّيْكَ مِنْ بَالِ؟
أَلَا تَرَى كَيْفَ تَسْعَى كُلُّ خَاطِرَةٍ
إِلَيْكَ، غَرْقَى بِأَحْلَامٍ وَآمَالِ؟
تَرُدُّهَا خَائِبَاتٍ عَنْكَ وَاجِفَةً
لِفَرْطِ مَا بِكَ مِنْ كِبْرٍ وَإِدْلَالِ

آدم

أَوْسَعْتَنِي خَفْضًا وَعَذْلَا
وَتَرَكْتَ بِي أَلَمًا وَذُلَّا
أَنَا، فِي رِحَابِكَ، ذَاكِرٌ
لَكَ، شَاكِرٌ مِنَنًا وَفَضْلَا
مَاذَا عَلَيَّ إِذَا شَكَوْ
تُ سَآمَةً تَزْدَادُ ثُقْلَا
الْمُحْدَثَاتُ رَأَيْتُ فِي
مَاضِي الْوُجُودِ لَهُنَّ مِثْلَا
الشَّمْسُ كَمْ طَلَعَتْ! وَكَمْ
جَرَّتْ عَلَى الْآفَاقِ ظِلَّا!
وَاللَّيْلُ كَمْ غَشِيَ الْوُجُو
دَ وَمَوَّهَتْ كَفَّاهُ شَكْلَا!
وَالزَّهْرُ أَعْرَفَهُنَّ، مَا
جَدَّدْنَ أَطْيَابًا وَأَصْلَا
وَالسَّيْلُ كَمْ غَسَلَ الْجِبَا
لَ الشَّامِخَاتِ، وَجَابَ سَهْلَا!
وَأَتَى الرَّبِيعُ، وَكَمْ مَضَى!
وَجْهُ الرَّبِيعِ وَكَمْ أَطَلَّا!
مَهْلًا إِذَا أَنَا أَشْتَكِي
وَأَبُوحُ، يَا رَبَّاهُ، مَهْلَا!
قَبْلِي سَئِمْتَ بَلَى! وَضَجَّ
بِكَ الْحَنِينُ، وَلَجَّ قَبْلَا
أَوْ لَا، فَلِمْ سَوَّيْتَ هَذَا
الْكَوْنَ، لِمْ أَحْدَثْتَ شُغْلَا؟!

الله

فَالْتَفَتَ اللهُ إِلَى آدَمَ
وَقَالَ: كُنْتُ الْغَافِرَ الْآسِيَا
حَدِّثْ بِمَا تَبْغِي، وَقُلْ مَا تَرَى
تَجِدْ إِلَهًا مُشْفِقًا وَاعِيَا

آدم

سَئِمْتُ يَا رَبِّ، وَلَا شَيْءَ فِي الْـ
أَرْضِ يُزِيلُ السَّأَمَ الْعَادِيَا
تَعِبْتُهَا لَذَائِذًا كُلَّمَا
دَنَوْتُ، وَلَّتْ هَازِئَاتٍ بِيَا
وَدِدْتُ لَوْ أُمْسِكُ هَذَا السَّنَا
وَلَوْنَهُ الْمُزْدَهِي الزَّاهِيَا
وَالنَّغَمَ الْهَارِبَ إِذْ يَنْجَلِي
وَالنَّسَمَ الْمُعْتَزِمَ الْغَادِيَا
وَرَوْنَقَ الْفَجْرِ، وَمَا يَنْثُرُ الْـ
أَمْسَاءُ فِي آفَاقِهِ مَاضِيَا
وَمَرَّ ظِلٌّ فَإِذَا آدَمٌ
يَقُولُ: يَا لَلْحُلُمِ! هَذِي هِيَا
figure
الإنسان.

آدم

حَوَّاءُ وَحْيُ الْأَعَالِي
أَمْ مِنْ نَسِيجِ خَيَالِي؟!
فِي مُقْلَتَيْكِ الْتِمَاعٌ
مِنْ رَوْعَةٍ وَجَلَالِ
وَفِيهِمَا لَمَحَاتٌ
مِنَ الْفَضَاءِ الْعَالِي
وَرَقْرَقَاتٌ، وَشَيْءٌ
فَوْقَ ارْتِهَافِ الْجَمَالِ
أَدِيمُ وَجْهِكِ نُورٌ
أَدِيمُهُ مِنْ لَآلِي
تَنَقَّلِي، تَتَهَادَ الْـ
أَنْغَامُ بَيْنَ التِّلَالِ!
تَنَقَّلِي، فِي ظُنُونِ الْـ
أَحْلَامِ وَالْآمَالِ!
فَالْكَوْنُ رَيَّانُ مُصْغٍ
نَشْوَانُ مِنْ إِدْلَالِ
حَوَّاءُ، هَلْ أَنْتِ إِلَّا
أُغْنِيَّتِي وَسُؤَالِي؟!
وَزَهْرَةٌ أَطْلَعَتْهَا الْـ
أَشْوَاقُ عَبْرَ اللَّيَالِي؟
لَأَنْتِ مُفْرَدُ لَحْنٍ
مَثِيلُهُ مِنْ مُحَالِ
قُومِي بِنَا نَتَثَنَّى
أُنْشُودَةَ الْآزَالِ
وَنَرْتَمِي تَمْتَمَاتِ الضِّـ
ـيَاءِ فَوْقَ الْجِبَالِ
نَهُبُّ فِي كُلِّ رِيحٍ
نَهُبُّ بَيْنَ الضَّالِ
وَنَنْثَنِي هَمَسَاتٍ
عَلَى لُهَا الْأَدْغَالِ
وَنَنْثُرُ الطِّيبَ نَثْرَ الشُّـ
ـمُوسِ وَهْجَ الْآلِ
فَمَا نَمُرُّ بِأَرْضٍ
إِلَّا كَسَتْهَا الْغَوَالِي
أُسَائِلُ النَّفْسَ عَمَّا
أَفْنَيْتُ مِنْ آصَالِ
فَأَبْصُرُ الْكَوْنَ قَفْرًا
طَوَالَ أَمْسِي الْخَالِي
كَأَنَّمَا كَانَ فِيهِ الْـ
ـجَمَالُ ظِلَّ الْجَمَالِ
وَالطِّيبُ، وَالضَّوْءُ زُورًا
مُجَلْبَبًا بِضَلَالِي
مَا كَانَ قَبْلَكِ إِلَّا
بَرْدُ السِّنِينَ الطِّوَالِ

حواء

قُلْتَ لِي أَمْسِ إِنَّنِي خَفْقَةُ النُّـ
ـورِ تَنَدَّى فِي مَفْرِقِ الْآفَاقِ
وَانْتِبَاهُ النُّجُومِ عِنْدَ الْعَشِيَّا
تِ وَغَوْثُ الْأَحْلَامِ، وَالْأَشْوَاقِ
قُلْتَ إِنِّي، إِذَا تَلَفَّتُّ، رَاحَتْ
تَتَرَاءَى الْأَعْمَاقُ فِي أَحْدَاقِي
وَإِذَا يَعْبَثُ النَّسِيمُ بِشَعْرِي
يَعْبَقُ الطِّيبُ فِي الرَّوَابِي الْعِتَاقِ
وَتَمُوجُ الْأَنْغَامُ، إِنْ أَرْفَعُ الصَّوْ
تَ بَعِيدًا غَلَّابَةَ الْإِنْطِلَاقِ
مَا الْوَهْجُ مَا الْأَنْوَارُ؟
وَكَيْفَ تُوقَدُ نَارُ؟
وَكَيْفَ يَمْسَحُ ذَاكَ الظَّـ
ـلَامَ هَذَا النَّهَارُ؟
وَاللَّوْنُ؟ هَلْ هُوَ إِلَّا
مَا تَحْسَبُ الْأَبْصَارُ؟
تُرَى أَلِلْوَرْدِ رُوحٌ
مَشْبُوبَةٌ مِعْطَارُ؟
لَهَا مَقَرٌّ، وَعَهْدٌ
وَهِجْرَةٌ، وَجِوَارُ؟
الْوَرْدُ جُودُ الْفَيَافِي
وَحَدْثُهَا الْمُخْتَارُ
وَمَا رَأَيْتُ تُرَابًا
جَدْوَاهُ مِسْكٌ وَغَارُ
فَكَيْفَ تَسْكُبُ طِيبًا
مِنْ صَدْرِهَا الْأَحْجَارُ؟!
يَغُورُ عُودٌ، وَيَفْنَى
فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُثَارُ
فَكَيْفَ يَأْخُذُ مِنْهَا الْـ
حَيَاةَ، وَهْيَ بَوَارُ؟
وَمَا الْحَيَاةُ؟ أَزَهْوٌ
وَرِقَّةٌ وَافْتِرَارُ؟
أَمْ خَفْقَةٌ وَانْتِفَاضٌ
وَوَثْبَةٌ وَانْتِشَارُ؟
أَفِي الْغُصُونِ حَيَاةٌ
وَفِي التُّرَابِ اكْفِرَارُ؟
يَضِلُّ عَقْلِي إِذَا مَا
سَأَلْتُهُ وَيَحَارُ!
وَأَسْأَلُ الشُّهْبَ عَمَّا
بِهَا، وَكَيْفَ تُدَارُ
وَالرِّيحُ مِنْ أَيْنَ تَجْرِي
وَأَيْنَ مِنْهَا الْقَرَارُ؟
نَعِيشُ فِي مُبْهَمَاتٍ
تَلُفُّنَا الْأَسْرَارُ
فَأَيْنَ عَزْمُكَ تَهْوِي
مِنْ دُونِنَا الْأَسْتَارُ؟

آدم

اتْرُكِي مِنْ تَلَهُّفٍ وَسُؤَالِ
مَا لَنَا بِالْأُصُولِ خَلْفَ الْجَمَالِ
لَنْ نَزِيدَ الضِّيَاءَ وَهْجًا إِذَا نُدْ
رِكُ مَسْرَاهُ مِنْ يَدِ الْآزَالِ
وَبِحَسْبِي أَنْ يَغْمُرَ الطِّيبُ قَلْبِي
لَا يُبَالِي مِنْ بَثِّهِ فَأُبَالِي
ذَلِكَ الْعِلْمُ لِلَّذِي بَسَطَ السَّهْـ
ـلَ وَشَدَّ السَّمَاءَ فَوْقَ الْجِبَالِ
يَهْتِفُ الْكَوْنُ عَالِيًا وَيُغَنِّيـ
ـهِ وَتَرْنُو إِلَى ذُرَاهُ الْأَعَالِي
فَالتَّسَابِيحُ لِاسْمِهِ غَايَةُ الدُّنْـ
ـيَا وَقَصْدُ الْقُلُوبِ وَالْآمَالِ
وَانْطِلَاقُ الْأَضْوَاءِ مِنْ غُرَرِ الصُّبْـ
ـحِ صَلَاةٌ عَمِيقَةُ الْإِبْتِهَالِ
وَصَلَاةٌ تَرَنَّحَ الدَّوْحُ بِالطِّيـ
ـبِ وَبَثَّ الْأَدْغَالَ لِلْأَدْغَالِ
وَهُتَافُ الْيَنْبُوعِ، يُوعِدُ بِالْخِصْـ
ـبِ وَصَمْتُ الصَّحْرَاءِ تَحْتَ الرِّمَالِ
وَغِنَاءُ الطُّيُورِ، وَالْفَجْرُ رَقْرَا
قٌ، وَتِيهُ الشَّذَا، وَحُلْمُ التِّلَالِ
كُلُّ لَوْنٍ ذِكْرٌ لِرَحْمَةِ كَفَّيْـ
ـهِ وَحَمْدٌ لَهُ، وَكُلُّ خَيَالِ
هُوَ فِي غَفْوَتِي، إِذَا أَنَا أَغْفَيْـ
ـتُ شُرُوقٌ حُلْوٌ، وَفِي صَحْوِ بَالِي
أَصْلُ مَا يَغْبِطُ النَّوَاظِرَ وَرْدٌ
طَيِّبٌ لِلسُّؤَالِ بَعْدَ السُّؤَالِ
فَاتْرُكِي … وَلْتَكُنْ صَلَاةً تَعَالَى
فِي هُدُوءٍ، إِلَى ذُرَاهُ الْعَالِي

حواء

الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ! طِبْتَ كَلَامَا
وَتَعَالَيْتَ مَنْهَلًا وَمُقَامَا
أَيُّ مَجْدٍ فِي أَنْ نَظَلَّ قُلُوبًا
وَاجِفَاتٍ، وَأَعْيُنًا تَتَسَامَى؟!
أَيُّ عِزٍّ فِي أَنْ نَظَلَّ سُجُودًا
وَالتَّسَابِيحُ دَأْبُنَا، أَوْ قِيَامَا؟!
وَمَتَى نَحْنُ فَوْقَ مَا يُدْرِكُ الْغُصْـ
ـنُ، وَمَا تَحْفَظُ السِّبَاعُ الذِّمَامَا؟!
خَلِّ عَنْكَ الصَّلَاةَ وَالْبَوْحَ لِلضَّوْ
ءِ وَلِلزَّهْرِ، وَاجْحَدِ الْإِلْهَامَا
وَاطْلُبِ الْعِلْمَ وَاعْتَمِدْهُ نُسَاوِ
اللهَ شَأْنًا وَرِفْعَةً وَاحْتِرَامَا
لِنَكُنْ نَحْنُ مَنْ تُصَلِّي لَنَا الدُّنْـ
ـيَا وَتَنْهَارُ دُونَنَا إِعْظَامَا
لِتُغَنِّ الطُّيُورُ كُلَّ أَغَانِيـ
ـهَا الْتِمَاسًا، وَنَشْوَةً، وَهُيَامَا
وَلْتُصَفِّقْ لَنَا الْأَمَالِيدُ فِي الدَّوْ
حِ وَيَجْرِي لَنَا الضِّيَاءُ غَرَامَا
وَلْتَبُحْ كُلُّ زَهْرَةٍ بِالْهَوَى الزَّا
خِرِ فِيهَا، الْمُطَيِّبِ الْأَيَّامَا
قُمْ بِنَا نُطْلِعُ النُّجُومَ، وَنَهْدِ اللَّوْ
ـنَ، أَوْ نُلْبِسُ الْوُجُودَ ظَلَامَا
قُمْ بِنَا نَبْتَدِعْ وُجُودًا جَدِيدًا
وَنُمَهِّدْهُ رَوْعَةً وَنِظَامَا
قُمْ بِنَا نَبْتَدِعْ! فَمَا الْعَيْشُ إِنْ لَمْ
يَكُ هَذَا الْإِبْدَاعَ وَالْإِبْرَامَا
قُمْ كَفَانَا أَنَّا الشَّبِيهَانِ وَلْنُصْـ
ـبِحْ مِثَالًا صَعْبَ الْبُلُوغِ تَمَامَا
لَا تَقُلْ حَرَّمَ الْإِلَهُ فَإِنَّ الْـ
ـحُرَّ يَخْتَارُ حِلَّهُ وَالْحَرَامَا
حَرَّمَ اللهُ حَرَّمَ اللهُ مَا حَرَّ
مَ إِلَّا لِكَيْ يَظَلَّ أَمَامَا

الإنسان

فِي الْبَعِيدِ الْبَعِيدِ، خَلْفَ مَدَى الْأَبْـ
ـصَارِ طَيْفَانِ يَسْحَبَانِ الْهَوَانَا
يَسْأَلَانِ الْيَنْبُوعَ رِفْدًا فَيَأْبَى الرِّ
فْدَ حَتَّى لَيَغْتَدِي ظَمْآنَا
تُجْدِبُ التُّرْبَةُ السَّخِيَّةُ، أَنَّى
وَطِئَاهَا فَاسْتَجْدَيَاهَا زَمَانَا
وَتَكَادُ الْأَغْصَانُ تَبْخَلُ بِالظِّلِّ
إِذَا مَا تَفَيَّآ الْأَغْصَانَا
كُلُّ خَيْرٍ جَفَاهُمَا، وَنَبَا الْحُسْـ
ـنُ وَوَلَّى مُهَرْوِلًا شَتْآنَا
فَكَسَا التُّرْبُ نَفْسَهُ الشَّوْكَ كَيْدًا
وَاسْتَرَدَّ الْوُرُودَ وَالرَّيْحَانَا
فَإِذَا يَطْلُبَانِ قُوتًا عَصَى الْـ
ـقُوتُ، وَلَوْ دَانِيًا، وَشَتَّ وَبَانَا
الطَّرِيدَانِ فِي عِرَاكٍ مَعَ الْكَوْ
نِ عَنِيدٍ يُمَزِّقُ الْأَبْدَانَا
تَتَقَصَّاهُمَا الزَّوَابِعُ حَتَّى
لَا يَقَرَّانِ خَاطِرًا وَمَكَانَا
مِنْ قِتَالٍ مَعَ السِّبَاعِ إِلَى حَرْ
بٍ مَعَ الطَّيْرِ تُرْهِقُ الْأَقْرَانَا
يَدْفَعَانِ الْغِرْبَانَ حِينًا وَحِينًا
يَدْفَعَانِ الْكَوَاسِرَ الْعِقْبَانَا
أَتَظُنَّاهُمَا وَقَدْ كَثُرَا عَدًّا
يَزِيدَانِ لِلشَّقَا الْوِلْدَانَا
فَيَكُونُونَ — إِنْ بَلَغْتَ مَدَى الْحِسِّ
فَأَدْرَكْتَ — ذَلِكَ الْإِنْسَانَا؟
يَذْكُرُ الْمَحْتِدَ الْقَدِيمَ فَيَرْنُو
صَبْوَةً مِنْهُ لِلْقَدِيمِ الْكَانَا
مُقْلَةٌ تَرْتَعِي التُّرَابَ، وَأُخْرَى
فِي السُّهَا، وَهْوَ يَفْتَدِي حَيْرَانَا
أَبَدًا يَطْلُبُ انْفِكَاكًا مِنَ الْأَرْ
ضِ وَيُمْسِي مُكَبَّلًا حَسْرَانَا
وَالثَّرَى مُمْسِكٌ بِهِ أَبَدَ الْعُمْـ
ـرِ إِلَى أَنْ يَضُمَّهُ جُثْمَانَا

حواء

مَا تُرَى تَدَّعِي، خَبِلْتَ؟

آدم

لَقَدْ شَاهَدْتُ
تُوبِي، وَاسْتَغْفِرِي الرَّحْمَانَا
وَتَعَالَيْ إِلَيَّ، نَنْعَمُ بِالْخَيْـ
ـرِ وَنَحْيَا الْجَمَالَ، نَحْيَا هَوَانَا
وَاتْرُكِي كُلَّ مَطْمَعٍ إِنَّ دُونَ الْـ
ـعِلْمِ مَوْتًا رَأَيْتُهُ ظَمْآنَا

حواء

عُدْتَ تَهْذِي، وَهَبْ صَدَقْتَ الْـ
ـحِسَّ رَهْفًا، فَالْمَوْتُ أَنْ نَتَوَانَى
عَاطِنِي الْعِلْمَ، عَاطِنِي الْمَوْتَ، وَاقْنَعْ
وَخُذِ الْجَهْلَ، وَالتُّقَي وَالْجِنَانَا

الإنسان

وَإِذَا فِي الْبَعِيدِ، عِنْدَ قِيَامِ الدَّ
هْرِ، طَيْفَانِ يَسْحَبَانِ الْهَوَانَا …
١  سهلاً.
٢  صلباً.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤