فلسفة المتنبي وفلسفة نيتشه١

ألمعنا في ختام المقال السابق إلى التقارب الظاهر بين المتنبي ونيتشه فيما قرراه من أصول الأخلاق وغاية الحياة، والحق أن هذا التقارب من مصادفات الآداب العجيبة، فإن آراء شاعرنا وآراء المفكر الألماني تتفق في مسائل كثيرة اتفاقًا توءميًّا لا نعلم أعجب منه اتفاقًا بين نابغين مفكرين ينتمي كل منهما إلى قومٍ وعصر وحضارة ولغة غير التي ينتمي إليها الآخر؛ تتفق في مقاييس الحياة، وقيم الأخلاق، وصرامة العبارة، وتفاصيل وجزئيات شتى مما يتفرع على هذه الأصول، ووجهة النظر على الأقل متحدة في كل ما نظم الشاعر وخط المفكر من المعاني الخاصة والعامة.

فمن قرأ المتنبي ثم قرأ نيتشه لا بد أن تكر الذاكرة به إلى كثيرٍ من أبيات المتنبي ووقائع حياته كلما قلب الطرف في صفحات نيتشه من رأيٍ إلى رأي، ومن خطرةٍ إلى خطرة؛ ولا بد أن يشعر وهو ينتقل من أحدهما إلى الآخر أنه ينتقل في جوٍ واحد وبيئةٍ واحدة، وإن اختلفت في الجانبين بعض المعالم والأوضاع، وكم من مرةٍ وقفت على سانحة بارعة أو حكمٍ صارم من سوانح نيتشه وأحكامه لأصغي في نفسي إلى أبيات مثلها للمتنبي تنطلق فجأة من مكامنها في الذاكرة كأنما قد فُتح لها الباب الذي دخلت منه أول مرة لاستقبال ضيفٍ جديد من فصيلتها!

فلولا أننا نرى جذور فلسفة نيتشه سارية أمامنا في منابتها، ونعرف علاقتها بما تقدمها من الفلسفات وما أحاط بها من المؤثرات لقلنا: إن المتنبي غير مجهول عند نيتشه، وإن هذا المستشرق اللغوي الذي كان معنيًّا في بادئ حياته بلغات الشرق قد عرف المتنبي في بعض ترجماته إلى الألمانية أو الفرنسية أو اللاتينية، ألم يكن نيتشه يدرس العبرية ويُعنَى على التبع بأخواتها اللغات السامية؟ ألم يكن المتنبي مترجمًا إلى كثير من اللغات الأوروبية في إبان اشتغال نيتشه بالدرس والمذاكرة؟ ولكنه احتمال من الاحتمالات التي تعن للذهن، ولا يرى موجبًا لإقصائها والبت ببطلانها، فلا نزيد في ترجيحه على هذا الحد.

•••

فمن قرأ المتنبي ثم قرأ نيتشه لا يسعه أن ينسى الأول حين يقرأ للثاني قوله فيما هو حسن عنده وما هو قبيح من الآداب في كتابه «إرادة القوة»:
ما الحسن؟ كل شيءٍ ينمي في النفس الشعور بالقوة، إرادة القوة، القوة نفسها في الإنسان.
وما القبيح؟ كل شيءٍ يصدر عن الضعف.
ما السعادة؟ هي الشعور بأن القوة نامية، وأن العقبات مذللة.
فلا قناعة بل مزيد من القوة، ولا سلم بل حرب، ولا فضيلة بل شجاعة.
أو حين يقرأ قوله في «هكذا قال زرادشت»:

أحبوا السلم كوسيلة إلى الحرب، والسلم القصير خير من السلم الطويل.

لا أقول لكم اعملوا، بل قاتلوا، لا أوصيكم بالسلم، بل بالنصر، فليكن كل عملكم كفاحًا، وليكن كل سلمكم نصرًا.

إنكم تقولون: إن الغاية الحسنة هي الجديرة بأن تقدس كل شيء حتى الحرب! فأقول لكم: إن الحرب الحسنة هي التي تقدس بكل غاية.

الحرب والشجاعة قد صنعتا للناس ما لم يصنعه الإحسان، وشجاعتكم لا عطفكم هي التي أنقذت المغلوبين.

ومن ذا الذي يعرف قول المتنبي:

ومن طلب الفتح الجليل فإنما
مفاتيحه البيض الدقاق الصوارم؟

أو قوله في هذا المعنى:

أعلى الممالك ما يبنى على الأسل
والطعن عند محبيهن كالقبل

أو قوله:

إذا لم تجزهم دار قوم مودة
أجاز القنا، والخوف خير من الود
ثم تغيب هذه الأبيات عن باله حين يقرأ قول نيتشه في منشأ الحكومة من كتاب أصل الأخلاق:

مما هو جلي بنفسه أن الحكومة إن هي إلا جماعة من ذوي النفوس الضارية من أبناء العناصر المتأمرة الغلابة الذين تدربوا على الحرب والتدبير، فلا يحجمون عن حط مخالبهم على أي ملأٍ يصادفونه من الأقوام الهائمين بغير قرارٍ ولا نظام فيخضع لهم هؤلاء وإن كانوا أكثر منهم عددًا، هذا هو منشأ الحكومة على الأرض، أما تلك الفكرة الحمقاء التي ترجع بها إلى الاتفاق والتعاهد فأحسبها مفروغًا منها، فالرجل القادر على السيطرة المخلوق للسيادة الذي يبدو العنف من أعماله وهيئته ماذا يعنيه من الاتفاقات؟ إن أمثال هذا لا يناقشون، إنهم يطلعون طلوع القضاء بلا علةٍ ولا عذرٍ ولا تمهيد، إنهم كالبرق الخاطف أرهب وأوحى وأقوى حجة وأشد مخالفةً للمعهود من أن — نعم حتى من أن تحوك الكراهية لهم في النفوس!

أم من ذا الذي يعرف قول المتنبي:

إنما أنفس الأنيس سباع
يتفارسن جهرةً واغتيالا

وقوله:

وكن على حذرٍ للناس تستره
ولا يغرك منهم ثغر مبتسم
ولا تشك إلى خلق فتشمته
شكوى الجريح إلى الغربان والرخم

أو قوله فيما يقرب من هذا:

الذل يظهر في الذليل مودةً
وأود منه لمن يود الأرقم؟

وكثيرًا مما ينحو هذا المنحى من أبيات المتنبي ثم لا تبادر هذه الأبيات أو ما في معناها إلى فكره حين ينظر في قول نيتشه في كتاب الفجر عن الأخلاق في عالم الحيوان «إن الأصول التي تتشدد البيئات المهذبة في مراعاتها كاجتناب ما يبعث السخرية والترفع عن البرقشة وإخفاء مزايا الإنسان وكتمان عوزه وضروراته الماسة وخضوعه لأحكام الظرف والكياسة المصطلح عليها، كل أولئك يمكن أن يشاهد على الجملة في أدنى أنواع الحيوان أو يقابل عندها بما يناسبها من قواعد الكياسة الغريزية المكونة في طبائعها؛ وإذا شئنا أن نهبط إلى أساس بنائنا الخلقي فالبحث عنه إنما يكون في رسمه الأول الذي أودعته الفطرة طبائع الحيوان، فأما أساسها فالتودد المقرون بالحذر، وقوامها الرغبة في النجاة من الأعداء والتماس المعونة على الفتك والاعتداء، ومن هذا الإحساس الباطن يتعلم الحيوان كيف يضبط نفسه ويتصنع إخفاءها؛ حتى إن منه ما يتخذ لجلده لونًا يأتلف مع ألوان ما يحدق به — وهو ما يسمونه وظيفة التلون، ومنه ما يتماوت أو يتشكل بشكل حيوانٍ آخر ولونه، ويماثل الرمال أو أوراق الشجر أو العشب أو الإسفنج — وهو ما يسميه الطبيعيون الإنجليز بوظيفة التقليد، ولا يخرج الأدب الإنساني عن هذه الفطرة، فإن الفرد ينضوي تحت اسم نوعه العام ويكيف نفسه كما يوافق من يتصل بهم من الأمراء والبيئات والأحزاب، أو يجري مع تيار الأفكار في عصره ويلائم ما يحدق به من الأطوار والأحوال.

«وليس أيسر علينا من أن نراقب هذه القدرة في الحيوان، فإننا وإياه سواء في حذق هذه الوسائل التي تكسبنا السعادة والشكر وتظهرنا بمظهر القوة بين أقراننا وتجذب إلينا الأنظار من حولنا، بل نحن نقول: إننا والحيوان نشترك في إدراك معنى الحق، وما الحق في لبابه إلا مظهر حاسة التحفظ والرغبة في الأمن والتقية، فنحن نأبى أن يخدعنا غيرنا أو ننخدع لأنفسنا بالباطل، ونتوجس من إغراء عواطفنا ثم ننظر بعين الحذر والحيطة إلى ميولنا، وكذلك الحيوان، فإننا إذا راقبناه ألفيناه يفعل كما نفعل ووجدنا هذه الحيطة أو ضبط النفس صادرة فيه من نفس الشعور الذي تصدر عنه في الإنسان؛ وأعني به الحزم.

… فإذا تذكرنا أن الإنسان الراقي لم يتقدم في هذه الغرائز إلا في انتقاء أجود الطعام والتوسع في فهم آفات بقائه لا نكون قد تجاوزنا الصواب إذا قلنا: إن أخلاق الإنسان ليست إلا نسخة مهذبة من أخلاق الحيوان.»

•••

أما رأي نيتشه في التعلم والتزود من المعرفة فقريب من رأي المتنبي، يقول نيتشه: «ليست المعرفة الغزيرة شرطًا ضروريًّا للتهذيب، ولا هي من علامات وجوده.» ويهتف بقول جيتي: «أكره كل ما يعلمني دون أن ينمي نشاط نفسي أو يجتثه.» وهو يشبه الأخصائيين بأعضاء مفرطة الكبر تنمو نموًّا شائهًا فتسقم بقية الأعضاء، ومن صوره المضحكة صورة الأذن التي لقيها سائرة على القنطرة فتفرس فيها فإذا هي إنسان هزيل ضئيل يحمل أذنًا كبيرة تغطي جرمه وتثقل جسمه! والمتنبي إن لم يكن قد توسع في هذا الرأي ونظر فيه بهذه العين فهو في الواقع قد نهج في طلب المعرفة منهجًا يرضى ويستصوب من الوجهة التي نظر إليها نيتشه، ولعلنا نوضح حقيقة نظر المتنبي إلى المعرفة بأبيات له نظمها في وصف كتاب لابن العميد جعل الشاعر كلماته كالأسود المفترسة فقال بعد بيتين:

فأخرق رائيه ما رأى
وأبرق ناقده ما انتقد
إذا سمع الناس ألفاظه
خلقن له في القلوب الحسد
فقلت وقد فرس الناطقين
كذا يفعل الأسد ابن الأسد

قال الواحدي: ولو خرس المتنبي ولم يصف كتاب أبي الفتح بن العميد بما وصف لكان خيرًا له، وكأنه لم يسمع قط وصف كلام! أي موضع للإخراق والإبراق والفرس في وصف الألفاظ والكتب؟ هلا احتذى على مثال قول البحتري في قوله يصف كلام ابن الزيات:

في نظامٍ من البلاغة ما شك
امرؤ أنه نظامٌ فريد
وبديع كأنه الزهر الضا
حك في رونق الربيع الجديد

إلى آخر الأبيات، وصحيح أن أبيات البحتري أجمل وأعذب وأصفى ديباجة وأندى موقعًا، ولكن أين البحتري من المتنبي؟ أبيات المتنبي أشبه به وأوفق له، وهو خير ما يصف به الكتب رجل مثله يريد أن ينتضي من كل شيء سلاحًا، ويهيج من كل خاطر أجمة مسبعة، ويشهر من كل عدة قوةً وبأسًا حتى من القلم والدواة، وهكذا يمدح كتاب الوزير الذي أبلغ ما يقال في وصف بلاغته أن أقلامه عدة من عدد الدولة تنوب لها عن السيوف وتغني في مدافعة أعدائها ما قد يغنيه الكماة الأسود! وهذا موضع الإخراق والإبراق والفرس والقيامة التي أقامها المتنبي حول كتاب ابن العميد وأجفل منها الواحدي رحمه الله.

•••

على أننا نعتقد أن المتنبي قد سبق نيتشه إلى أخص آرائه التي اشتهرت بها فلسفته وانفردت بها بين الفلسفات الخلقية الأخرى، فنيتشه مشهور بين أصحاب الدعوات الخلقية بتقسيمه الأخلاق إلى طرازين؛ أخلاق السادة وأخلاق العبيد، ودعوته إلى قياس كل من هذين الطرازين بمقياس يختلف عن مقياس الآخر، قال في كتابه وراء الخير والشر: «هناك آداب للسادة وآداب للعبيد، ونضيف على الفور أن المدنيات العالية المتداخلة تميل أحيانًا إلى المزج بين هذين النوعين من الآداب، ولكنك تجد — أكثر من هذا الميل إلى المزج — تنافرًا وارتباكًا بينهما حتى في الإنسان الواحد في السريرة الواحدة، ولنعلم أن قواعد الآداب قد تولدت إما في طبقة حاكمة تغتبط بما تحسه من التفاوت بينها وبين المحكومين، أو في طبقة المحكومين وهم العبيد والعالة من جميع الطوائف؛ ففي الحالة الأولى يملي الحاكمون معنى الخير فيكون الزهو والعزة سمة الأخلاق والمميز بين الأقدار والأطواق، وليلاحظ حينئذ أن النقيضين «الحسن والرديء» في عُرف هذه الطبقة هما مرادفان فعلًا للشريف والخسيس، أما النقيضان الطيب والشرير؛ فإنهما من معدنٍ آخر.»

والمتنبي كان يلحظ البون الواسع بين أخلاق الأحرار وأخلاق العبيد في كل موضع يفرق فيه بين خلق مجيد وآخر شائن، فاسمع أولًا قوله:

العبد ليس لحرٍ صالح بأخ
لو أنه في ثياب الحر مولود

ومن قبيله ولكنه أظهر منه للتقسيم هذا البيت:

وما في سطوة الأرباب عيب
وما في ذلة العبدان عار

أليس هذا قضاءً صريحًا بالتفريق بين أخلاق السادة وأخلاق العبيد حتى لا يعار الذل على هؤلاء؛ لأنه من شأنهم ولا يُعاب السطو من أولئك؛ لأنه من حقهم؟ ثم اسمعه؛ إذ يقول:

إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
فوضع الندى في موضع السيف بالعلا
مضر كوضع السيف في موضع الندى

وهو معنى كرره في موضعٍ آخر فقال:

والغنى في يد اللئيم قبيح
قدر قبح الكريم في الإملاق

وأذكر أن كلمة اللئيم واردة في عامة شعر المتنبي بمعنى العبد أو الوضيع، ثم انظر ألست ترى هنا تفصيلًا لمقياسي الأخلاق وإثباتًا لاختلاف الكيل الذي يجب أن يُكال به لكل طراز من الناس وتباين الحقوق والمنازل التي يجدر أن يعطاها الكرام واللئام أو الأحرار والموالي؟ ولقد كان المتنبي لا ينعى على عصره شيئًا كما كان ينعى عليه تشابه الأخلاق وتقارب المساعي بين السادات والعبيد والقادرين وغير القادرين، ومن ذلك قوله بعد أن قال أنه يأنف من أخيه لأبيه وأمه إذا لم يجده كريمًا:

ولم أر في عيوب الناس عيبًا
كنقص القادرين على التمام

وقوله:

تشابهت البهائم والعبدَّى
علينا والموالي والصميم

ومنه قوله في الدالية قبل البيتين الآنفين: «ومن لك بالحر الذي يحفظ اليدا؟!» وبيته الذي يُعرض فيه بسيف الدولة ويهجو كافورًا:

وذاك أن الفحول البيض عاجزة
عن الجميل فكيف الخصية السود

فلو أن نيتشه كان شاعرًا عربيًّا لما فصل غرضه من التفريق بين أخلاق السادة وأخلاق العبيد بأوفى من هذا التفصيل، وليس يقدح في صحة شعور المتنبي بالفارق بين ذينك الطرازين من الأخلاق ما فرق به العرب قبله بين «شيمة الحر وشيمة العبد» فإنك تستطيع أن ترى مصدر التمييز بين الخلقين في طبيعة المتنبي وهجسات نفسه وبدوات مزاجه ولو لم يسبقه إلى شيء من ذلك أحد من قالة الحكم والأمثال.

والمتنبي كصاحبه يأنف من المساواة ويأبى أن يقف دون النهايات من الفضائل والمراتب، فنيتشه يعد المساواة ظلمًا، ويرى العدل أن تختلف الأقدار بين الناس ويفرض على الإنسان أن يفوق نفسه ويتخطى أفقها إلى أفق أعلى منه على الدوام، والمتنبي يحتقر أن يرضى بالحظ الجليل إذا ساواه فيه من هو دونه ويأبى الصيد الشهي إذا تلاقت عليه كرام الطير وبغاثها:

وشر ما قنصته راحتي قنص
شهب البزاة سواء فيه والرخم

فليس الحظ الجليل هو بغيته وأمنيته، وإنما العلو وبذ الأقرام ما يبتغيه ويتمناه، وهو قد يؤثر الموت على حياة يشاركه حساده في أنصبائها:

وما موت بأبغض من حياةٍ
أرى لهمو معي فيها نصيبا

ولكن …

هو الجد حتى تفضل العين أختها
وحتى يصير اليوم لليوم سيدا

واتفقا أيضًا في أنهما مبدعان لا تبعان في الأخلاق والأقدار؛ أي إنهما ممن يقيسون الأخلاق ويقدرون المنازل لأنفسهم ولا ينتظرون أن تُقاس أو تقدر لهم على الرغم منهم، فيكونوا فيها ذنبًا مقتديًا بوضاعها ومروجيها ويجري عليهم ما يجري على غيرهم، فيقول نيتشه: «لا الذوق الجميل ولا الذوق القبيح! بل ذوقي أنا، ذلك الذي لا أخجل منه ولا أداريه.» ويقول: «إن الطراز النبيل من بني الإنسان يعتبر نفسه حكمًا في تقويم القيم ولا يحتاج إلى تفويض فيها أو تأمين عليها، فهو يرى السوء ما يسوءه هو ويعلم أنه هو الذي يخلع الشرف على الأشياء. إنه خلاق مبدع للقيم والمعايير.» والمتنبي يشرط على السيد أن يترفع عن المكارم التي كان لها زوج قبله «فما يفعل الفعلات إلا عذاريا» ويفتخر بنفسه فيقول:

أنا الذي بين الإله به الأقد
ار والمرء حيثما جعله
جوهرة تفرح الشراف بها
وغصة لا تسيغها السفله

بل هو يجعل الفخر مفتخرًا به؛ لأنه انتسب إليه:

فخر لعضب أروح مشتمله
وسمهري أروح معتقله
وليفخر الفخر إن غدوت به
مرتديًا خيره ومنتعله!

فالمتنبي إذن «معين للأقدار» بمعناه الذي أراده، وهو كما جاء في عبارة نيتشه «خلاق مبدع للقيم والمعايير.»

١  البلاغ في ٧ يناير سنة ١٩٢٤.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤