الْحَيَاة

القَبَس،١ والنَّفَس، والرُّوحُ القُدُس؛ ظاهِرُها هذه الجيفة،٢ وباطِنُها النفسُ الشريفة؛ تَبِعَةُ الذَّنْبِ القديم،٣ وأَثرُ آدمَ على الأديم؛٤ فيا طريدَ القَدَر،٥ ونَفيَّ الحُظُر،٦ وأبا البَشَر؛ ما أطوْل ذَماءَك،٧ وأَدْوَمَ ماءَك، وما أكثرَ بنَاتِكَ وأبناءَك، وأقل اهتمامَك بهم واعتناءَك!، وَلدْتَ للمَوْت، وأوْجَدْت للفَوْت؛ تَقَسَّمَ القبَسُ نُفوسًا بلا عَدَد. وتفرَّق النَّفَسُ في شَتَّى الوَلَد؛ فليت شِعري كيف استقلَّهما صَلْصَالُك،٨ وكيف قوِيَتْ عليهما أوْصالك؟٩ آمَنَّا بأنَّكَ الجدّ، فهل لهذا التدفُّّقِ حد، أم ما لأَمْر الله مَرَدّ؟ الحياة كعهدِكَ بها مَعْصيَة، عن الحظيرة مُقْصِية؛ وخَلْوة، حُلوة؛ عواقُبها نَغَص،١٠ ومَشارِبُها غُصص،؛ أفْعَى خدَّاعة، ولذَّة لذَّاعة؛ شَوْكٌ بَغَّضَ الوَرْد، وقذًى نَغَّصَ الوِرْد،١١ أمُورٌ شتى الأعنَّة، وحوادثُ وُقَّعٌ وأجنَّة؛١٢ فقل لمن أطال التفكير، وبالغ في النكير١٣ وكَدَّ بَالَه، ومدَّ بِلْباله،١٤ واحترق احْتراقَ الَّبالة:
خَلِّ اهتمامَك ناحيه
وخُذِ الحياةَ كما هيَهْ
١  شعلة تؤخذ من معظم النار.
٢  المراد بالجيفة: الجسم الذي لا يلبث أن يموت حتى يجيف.
٣  ذنب آدم يوم أكل في الجنة من الشجرة التي نهى عن أكل ثمرها.
٤  الأديم: وجه الأرض.
٥  الخطاب لآدم.
٦  النفي. ما جفأت به القدر عند الغليان، والحظر: جمع حظير، والمراد بها هنا الجنة.
٧  الذماء: بقية النفس.
٨  استقل الشيء: حمله والصلصال: الطين الحر خلط بالرمل.
٩  الأوصال: الأعضاء.
١٠  نغص الرجل نغصًا: لم يتم مراده فهو قلق حزين.
١١  الورد: الإشراف على الماء للاستقاء.
١٢  الوقع: جمع واقع، وهو الحاصل. والأجنة: جمع جنين، وهو المستور من كل شيء.
١٣  النكير: الإنكار.
١٤  البلبال: الهم ووسواس الصدور.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤