الطَّلاَقُ

أزمةٌ تمنعُ أزَمات، وملِمَّةٌ تدفع مُلِمَّات؛ دواءٌ ساءَ استعمالهُ فصارَ هو الداء، ودِرْعٌ للتوقِّي عادتْ آلةَ اعتداء؛ نَظْمٌ على غير أصُولِه مُتَّبَع، عَبثَ به الجَهْلُ حتى انقطع، وضاعت على الشارع حِكمة ما شرَع؛ حلالٌ عليه بَشَاعة الحرام، وحقٌ يشرَهُ١» إليه اللئام، ويُكرهُ عليه الكرام؛ منعَ الله به الظلم، رأْفةً بكم ورحمة؛ فما بالكم قلبتُم الحُكم، وعكستم الحِكمة؛ تختَلِقون الرِّيَب، وتُطلِّون على غضب، وتُسَرِّحُون بلا سبب؟
أيُّها الناس: إن كان الكتابُ تسمَّح،٢ فإن الحديث قد لَمَّح؛٣ هَبُوا أن الشارعَ أطلقَ الطلاق، اتكالاً على الدين والأخلاق؛ أليس الموْقِفُ مَوْقِفَ حَذَر، والمسألة فيها نظر؟ أمرٌ تبعاته على ضمائركم، وسوءُ استعمالِه عل سرائركم، وفضيحة بعضِكم به واقعةٌ على سائركم!،٤ أولئك أمَمُ النَّصرانيةِ أصحابُ الحضارةِ الحاضرة، حرّم الطلاقَ دينُهم، ثم حلَّلتْه قوانينهم، ولكن في دائرة الحقّ، ووُجوهِ الرفق، وبإشرافِ قضاةٍ يَحْمون نُظمَ الزواج من عبث الخاصة، وجهالة العامّة.
١  شره إلى الطعام وعليه. اشتد حرصه عليه.
٢  تسمح: تساهل.
٣  يشير إلى الحديث الشريف: «إن أبغض الحلال عند الله الطلاق».
٤  إذا انتشرت عادة الطلاق في أمة، فليست الفضيحة واقعة على رءوس المطلقين وحدهم، ولكن الأمة مأخوذة بها جميعًا، والسمعة السيئة لا تعرف مذنبًا من بريء.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤