العَلَمُ

شعارُ الأمم وفخارهم، اتخذ الناسُ في شَبَابِ الدولِ الأعلام ولا يزالون في ظل هذه الحضارة الكبرى يبلغُونَ في محبة العلَم وإجلاله إلى التقديس، فهو — حيث يخطُر وحيث يخفق — شبحُ الوطن المنظور، وماضِيه المنشور، وتاجُ الرءُوسِ كُلِّها، وقِبْلَةُ الوجوه جميعًا؛ إذا نُشِرَ في السِّلْم خلع على أيامها الجمال، وكسا مواكبَها المهابةَ والجَلال؛ وإذا رُفعَ في الحرب كانَ نَظْمَ الصفوف وأُلفَة القلوبِ ومَثَار الحماس وداعيَا لتضحية، وسحب النسيان على الأحقاد، وحسم ما اشتهته الأَعادِ. منديلٌ طالما رُفع على أيد الآباء فكفكفَوا به دمع الحزن، وتلقَّوْا فيه دمع الفرح، ضحكوا وراءَه كثيرًا في نصيبين، وقعدُوا حوله في عرس، وبكوا حوله كثيرًا في التلِّ الكبير وقاموا وراءه في مأتم.

فيا أيُّها العَلَم الأخضر؛ كديباجة السِّلْم أو كظِلال الخِصب، المستعير الهلال غزّة، المفَصَّلُ بنجوم السعد، الموسوم بالحضارَة مِن عهد خوفو ومينا، المُحَلَّى بالفتح مِن زمَن ابن العاص، النابه الأيام والوقائع بين يدي إبراهيم، لا زلتَ تُرْفع لِمَجْد، ولا زالت الأجيال تتلَقَّاك يمينًا، ولا نُشِْرت إلا في حق؛ ولا طُوِيتَ إلى على حق.

ويا ابن مصرَ على قَدَم؛ حيِّ العَلَم!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤