إليزابيت رونا (١٨٩٠–١٩٨١)

إيفا فاموس

وفقًا لما ذكره تلميذها السابق، مارشال بروسر، الذي كتب مقالًا «إحياءً لذكرى» إليزابيت رونا، كان الكاشف الإشعاعي من اكتشاف أربعة أشخاص على الأقل آخرهم إليزابيت. (إذا اعتبرنا أن فايانس من بولندا، وهيفيشي من المجر، وبانيت من فيينا هم الثلاثة الآخرون، فيمكننا القول إن اكتشاف الكاشف الإشعاعي كان إنجازًا نمساويًّا مجريًّا). وذكرت مارلين إف وجيفري رينر-كانهام أنها على الرغم من عدم مشاركتها في أي اكتشاف عظيم، فإنها عملت مع بعض من أعظم الأسماء في هذا المجال.

عملت أثناء حياتها التي امتدت طويلًا في ست دول، منها: بودابست بالمجر، وكارلسروه وبرلين بألمانيا، وفيينا بالنمسا، وباريس بفرنسا، وبورنو بالسويد، وواشنطن العاصمة وأوك ريدج وميامي بالولايات المتحدة الأمريكية، وكانت هي مَنْ صاغ مصطلح «النظائر» بعد سنة من اكتشاف فايانس لها.

•••

ولدت إليزابيت رونا في بودابست، وهي ابنة إيدا مالر والطبيب صامويل رونا، وكان هذا الأخير هو من أراد لها أن تدرس العلوم. ومع ذلك؛ فقد كان يظن أن مهنة الطبيب مهنة صعبة جدًّا بالنسبة للمرأة؛ ولذا التحقت بكلية الفلسفة بجامعة بودابست للعلوم، حيث درست الفيزياء والكيمياء والكيمياء الأرضية. وحضَّرت رسالة الدكتوراه الخاصة بها عن «البرومين والكحولات الأليفاتية أحادية الهيدروجين» ومُنحت اللقب في ١٩١٢. وبمجرد أن شبَّت عن الطوق عملت في المعمل الكيميائي لكلية الطب البيطري متطوعة دون أجر. بعد ذلك عملت في المعهد الكيميائي رقم ٣ في جامعة العلوم.

بعد إنهاء دراستها ذهبت للعمل مع فايانس في كارلسروه، ومنذ ذلك الوقت فصاعدًا كرست كل جهودها للكيمياء النووية. قبل ذلك بفترة قصيرة، وأثناء الحرب العالمية الأولى كانت تقيم في بودابست، حيث تعاونت في دورات دراسية للكيمياء للطلاب في جامعة العلوم؛ ولذلك كانت أول امرأة في المجر تتعامل مع طلاب الكيمياء، وكان هذا هو المكان الذي التقت فيه بهيفيشي (في ١٩١٨) الذي اهتم بورقتها البحثية الأولى؛ ومن ثم عملا معًا على واحد من أوائل تطبيقات منهج الكاشف الإشعاعي، وظهرت ورقتهما البحثية المشتركة في ألمانيا. طلب هيفيشي من إليزابيت أن تتأكد من تفصيلةٍ ما وردت في مناقشة دارت بين جي إن أنتونوف (مانشستر) وإف سودي وإيه فليكس (جلاسكو). كانت التفصيلة حول نظير جديد، يطلق عليه الآن تي إتش-٢٣١، اكتشفه أنتونوف، لم يمكن لعلماء جلاسكو التحقق من وجوده. ونجحت إليزابيت في تأكيد وجود هذه المادة، وساهم عملها هذا في بناء سمعة طيبة لها.

شجعها اضطراب الأوضاع في المجر بعد الحرب على ترك البلد، وذهبت إلى برلين حيث عملت مع أوتو هان، وكان عليها أن تفصل الأيونيوم (الذي يطلق عليه الآن ثوريوم-٢٣٠) من خام اليورانيوم. في ١٩٢٤ دعيت إلى معهد فيينا للراديوم، حيث حظيت بفرصة العمل مع استيفان ماير. وفي العام نفسه قدَّم عالم المحيطات السويدي هانز بيترسون لمعهد فيينا عينات رواسب قاع البحر التي أراد تحليلها بحثًا عن محتوى الراديوم. ولما عُهد إلى إليزابيت بذلك العمل، ذهبت إلى محطة علم المحيطات في بورنو بالسويد، وكررت هذه الزيارة في الصيف لمدة ١٢ عامًا لدراسة سلاسل انحلال اليورانيوم والثوريوم والأكتينيوم في ظروف تتواءم مع علم المحيطات. وحثتها هذه الدراسات التي كشفت لها الأعمار النصفية الطويلة جدًّا لبعض المواد على دراسة تاريخ الأرض الجيولوجي الإشعاعي.

في الوقت الذي كانت فيه إليزابيت في فيينا، لم يكن العمل في المواد المشعة يُعتبر عملًا خطيرًا، وعندما طلبت قناع غاز من استيفان ماير، انفجر ضاحكًا بمنتهى البساطة؛ ولذا ذهبت إليزابيت واشترت قناعين لها على نفقتها الخاصة، ولولاهما ربما لم تكن ستعيش كل هذه المدة التي عاشتها.

أثناء إقامتها في معهد فيينا أُرسلت إلى باريس لمعهد كوري، وهناك حضَّرت البولونيوم تحت إشراف إيرين كوري، التي أخبرتها عن اكتشافهم الحديث بخصوص النظائر الصناعية، وأعطي البولونيوم الذي حضَّرته إليزابيت رونا كهدية لمعهد فيينا لأغراض البحث.

ولأنها يهودية، اضطرت إليزابيت لترك النمسا بعد أن أصبحت جزءًا من ألمانيا في ١٩٣٨، فذهبت أولًا إلى كامبريدج، ثم إلى أوسلو (١٩٣٩)، حيث حدثها أوتو هان عن الانشطار النووي كما أوضحت ليزا مايتنر. ومن أوسلو عادت إلى المجر لزيارة أخيرة ثم غادرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية في ١٩٤١ لقضاء بقية عمرها هناك.

كان منصبها الأول في معمل فيزياء الأرض بمعهد كارنيجي في واشنطن العاصمة.

شاركت في مشروع مانهاتن، حيث كانت مهمتها هي إعداد البولونيوم. أما عن عملها أثناء الحرب العالمية الثانية؛ فقد صُرح بأنه عمل غاية في السرية. وفي ١٩٤٧ شغلت منصبًا في معمل أرجون القومي؛ إذ عملت في تفاعلات اليورانيوم. بعد ثلاث سنوات أصبحت من كبار العلماء في قسم التدريب الخاص باتحاد جامعات أوك ريدج الأمريكية. وبداية من ١٩٥٤ فصاعدًا، عندما سمح للطلاب الأجانب بالدخول، استفادت بإجادتها لعدد من اللغات الأوروبية.

لم يَقِلَّ اهتمامُها بعلم دراسة المحيطات مع الوقت؛ ولذا بدأت برنامجًا بحثيًّا في تأريخ الأرض الجيولوجي وفيزياء الأرض على عينات بحرية.

تقاعدت من اتحاد جامعات أوك ريدج الأمريكية في ١٩٦٥، في سن الخامسة والسبعين. ومع ذلك، لم تظَلَّ عاطلة لدقيقة واحدة، وإنما شغلت منصب أستاذ كيمياء في معهد العلوم البحرية بجامعة ميامي، وهناك عملت على تحديد تركيب ماء البحر باستخدام منهج التحليل بالتنشيط.

عندما عادت من ميامي إلى أوك ريدج في زيارة، طلب منها زملاؤها السابقون وأصدقاؤها كتابة مذكراتها؛ ففعلت ذلك، ونُشر كتيبها «كيف توالت الأحداث: النشاط الإشعاعي، الفيزياء النووية، الطاقة الذرية» في أوك ريدج عام ١٩٧٨.

كانت إليزابيت رونا واحدة من أنجح رواد أبحاث النظائر المشعة، وكثيرًا ما كُرِّمت في حياتها، كما يبين إدراج اسمها في موسوعة «العلماء الأمريكان» التي نشرت عام ١٩٥٥. وكلما كانت ترغب أو تضطر لتغيير محل نشاطها، كانت تجد وظيفة في أفضل وأشهر المؤسسات في مجالها. وهناك حظيت بفرصة العمل مع أعظم الأسماء؛ مثل هيفيشي في بودابست وليزا مايتنر وأوتو هان في برلين، علاوة على أنها دعيت من قِبل استيفان ماير للالتحاق بمعهده في فيينا.

ما من موسوعة تتناول العالمات تكتمل دون إدراج اسمها. إجمالًا يمكننا اعتبارها سعيدة الحظ لأنها عاشت في وقت ظهر فيه للوجود فرع من فروع العلم يحظى بأهمية بالغة حتى هذه اللحظة.

المراجع

  • Brucer, M. (1981) In memoriam: Elizabeth Rona (1891–1981) The Journal of Nuclear Medicine, 23 (1), 78-79.
  • Cattell, J. (1980) American Men of Science. A Biographical Directory, 9th edn, vol. I. Physical Sciences, The Science Press, Lancaster, PA - R. R. Bowker Company, New York, p. 1637.
  • Hevesy, G. and Róna, E. (1915) Die lösungsgeschwindigkeit der molekularen schichten. (Solution velocity of molecular layers) Z. Phys. Chem., 89, 294.
  • Makra, Z. (1997) Róna Erzsébet, in Hungarian Scientists’ Encyclopedia from A to Z, BETTER-MTESZ-OMIKK, pp. 684-685.
  • Palló, G. (1992) Radioaktivitás és a kémiai atomelmélet. (Radioactivity and the chemical theory of the atom. Crisis of the views on material structure in the chemistry of the early 20th century in Hungary.) Akadémiai Kiadó.
  • Palló, G. (1998) Hevesy György. (George de Hevesy) Akadémiai Kiadó, Budapest, 69–73.
  • Radnóti, K. (2008) A magfizikai kutatások Höskora, nöi szemmel-II. Epizódok a radioaktivitás hazai történetének kezdeteiből. (Heroic age of research of nuclear physics, as seen from a female viewpoint. Episodes from the beginnings of the domestic history of radioactivity) Fizikai Szemle, 4, 150–154.
  • Rayner-Canham, M. F. and Rayner-Canham, G. (1997) Elizabeth Róna: The Polónium Woman, in A Devotion to Their Science: Pioneer Women of Radioactivity (eds Rayner-Canham, M. F. and Rayner-Canham, G.), Chemical Heritage Foundation. McGill-Queen’s University Press, Québec, Canada, pp. 209–216.
  • Rentetzi, M. (2007) Trafficking Materials and Gender Experimental Practices. Radium Research in the Early 20th Century Vienna, Columbia University Press, Ch. I, p.58; Ch. II, pp. 69–7l.
  • Róna, E. (1914) Az urán átalakulásairól. (On the transmutations of uranium.) Mathematikai és Természettudományi Értesítö, 32, 350.
  • Róna, E. (1914) Az urán átalakulásairól. (On the transmutations of uranium). Magyar Chemikusok Lapja, 5, 42.
  • Róna, E. (1978) How it Came about: Radioactivity, Nuclear Physics, Atomic Energy, Oak Ridge Associated Universities.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤