روزاليند فرانكلين (١٩٢٠–١٩٥٨)

ماريان أوفرينز

كانت روزاليند فرانكلين واحدة من مكتشفي تركيب جزيء الدنا، وقدمت البيانات التجريبية التي شكلت أساس البحث الذي مُنح واطسون وكريك وويلكينز على أساسه جائزة نوبل عام ١٩٦٢.

•••

في ٢٥ يوليو ١٩٢٠، ولدت روزاليند إلسي فرانكلين في لندن، وكانت الابنة الثانية بين الأبناء الخمسة لإليس فرانكلين، المصرفي اليهودي الثري، وزوجته ميوريل ويلي.

نظرًا لعدم حبها للألعاب المخصصة للبنات، كانت روزاليند تُعتبر غريبة الأطوار؛ ولذا فهي تتذكر طفولتها كصراع مستمر من أجل التقدير.

عندما كانت روزاليند في الثامنة من عمرها، كانت معتلة الجسم، وكثيرًا ما كانت تعاني من أمراض الجهاز التنفسي؛ ولذا نصح طبيب العائلة بإرسالها إلى مدرسة داخلية بالقرب من البحر، وكان الدرس الذي تعلمَتْه هناك هو أن من الأفضل أن نتجاهل الألم والمرض. والتحقت في لندن بمدرسة سانت بول للبنات، وهي مدرسة ثانوية لفتيات الطبقة الراقية. وأثناء التحاقها بمدرسة سانت بول، قضت جزءًا من الفصل الدراسي في باريس، ورجعت من باريس لتصبح فتاة أنيقة تهتم بالموضة وتؤمن بالفرنسية، ومنذ ذلك الوقت وهي تفصل ملابسها بنفسها، وفقًا للموضة في فرنسا.

كان تعليم العلوم في مدرستها، على نحو خاص، ممتازًا، وفي سن الخامسة عشرة أخذت قرارها بدراسة الكيمياء الفيزيائية في جامعة كامبريدج. وفي ١٩٣٨ بدأت روزاليند فرانكلين دراستها في كلية نيونام بجامعة كامبريدج، ووصفتها في رسالة لها بأنها: «تشبه المدرسة الداخلية إلى حد بعيد.» اجتهدت روزاليند في دراستها وكرست لها كل جهدها، وفي ١٩٤١ تخرجت في الكلية. بعد ذلك عملت لمدة عام في وظيفة بحثية مع رونالد نوريش الذي حصل لاحقًا على جائزة نوبل.

خلال الحرب العالمية الثانية، أرادت روزاليند أن تخدم بلدها؛ لذا ذهبت في ١٩٤٢ للعمل مساعد باحث في الجمعية البريطانية لبحوث استعمال الفحم، وهي منظمة تُجري أبحاثًا عن طرق تحسين استخدام الفحم كوقود. وهناك «أجرت أبحاثًا مهمة في مجال التركيب الدقيق للفحم والجرافيت.» حتى عام ١٩٤٦ ظلت تعمل في الجمعية البريطانية لبحوث استعمال الفحم، وحصلت في هذه الفترة على شهادة الدكتوراه عن بحثها في التحليل الكروماتوغرافي للغاز (في ١٩٤٥). وقد قال أحد أساتذتها عن بحثها هذا: «لقد جلبت […] التنظيم إلى مجال كان يتسم قبلها بالفوضى.» وأثناء إجرائها للأبحاث في الجمعية البريطانية لبحوث استعمال الفحم نشرت خمس أوراق بحثية ما زالت موضع اقتباس حتى الآن.

كانت روزاليند مشهورة بالفعل، ولكنها كانت على استعداد لتحدٍّ جديد، في ١٩٤٧ سافرت إلى فرنسا حيث وجدت وظيفة في المعمل المركزي للخدمات الكيميائية للدولة. وهناك تخصصت في حيود الأشعة السينية، في هذه الفترة طورت روزاليند مهارات هائلة في إجراء أبحاث تحليلية بالأشعة السينية لمواد عديمة الشكل، من الواضح أنها لابلورية؛ لذلك كان التصوير البلوري بالأشعة السينية ملائمًا لبحث تركيب الدنا. وأصبحت خبيرة في تحليل صور الأشعة السينية للمواد بين البلورية واللابلورية، وهو ما يعني البحث في الكربون والجزيئات الحيوية.

وفقًا لأصدقائها، كانت هذه أسعد سنوات حياتها.

في ١٩٥٠، عادت إلى لندن بأمر من سير جون راندال، مدير كلية كينجز (كلية أخرى غير كلية الملك بجامعة كامبريدج)، الذي عينها باحثًا مشاركًا لتأسيس بحث الدنا في المعمل، ونقل كل الأبحاث إليها.

في الوقت نفسه، في كامبريدج، بدأ جيمس واطسون وفرانسيس كريك بحثهما في نفس الموضوع، وكذلك فعل لينوس باولنج في أمريكا. في البداية كانت الاكتشافات في لندن وكامبريدج تسير على نفس المستوى تقريبًا؛ فقد ظهر المقال الأول الذي كتبته روزاليند عن الدنا في نفس العدد الذي ظهر فيه مقال واطسون وكريك من مجلة «نيتشر».

سرعان ما تمكنت روزاليند من إثبات أن جزيء الدنا يمكن أن يظهر في شكلين: «أ» و«ب»، بناءً على كمية الماء التي يمتصها: نسبة الرطوبة ٧٥٪ تؤدي إلى الشكل «أ»، بينما نسبة الرطوبة ٩٥٪ تؤدي إلى الشكل «ب»، والشكل «ب» أطول ﺑ ٢٥٪ واللفات مشدودة، واستطاعت أن تغير الجزيئات من شكل لآخر عن طريق تغيير نسبة الرطوبة. ونظرًا لأن الجزيئات تستطيع بسهولة شديدة امتصاص الرطوبة من الهواء المحيط وإخراجه؛ فقد استنتجت مكان مكونات فوسفات السكر التي كان من المعروف وجودها في الدنا، واستنتجت أيضًا أن الفوسفات كان خارج كل سلسلة، أما القواعد العضوية فهي في الداخل لتكوين درجات السلم. وفي هذا الوقت، لم يكن واضحًا لها ما إذا كان كل جزيء يتكون من سلسلتين أو ثلاثٍ أو أربعٍ.

figure
نمط حيود الأشعة السينية من الدنا (http://edu.glogster.com/media/1/9/12/15/9121555.jpg).
في مايو ١٩٥٢ صنعت روزاليند صورة بالأشعة السينية للشكل «ب» من الدنا. تبيِّن هذه الصورة بوضوح نمطًا على شكل حرف X؛ مما يدل على أن شكل «ب» من الدنا عبارة عن حلزون. في ذلك الوقت لم تركز انتباهها على الصورة، ووُرِيَت صورة الأشعة السينية مؤقتًا في أحد الأدراج لأنها أرادت في البداية حساب الشكل «أ» الكامل.

كان هذا هو السلوك الطبيعي بالنسبة لها؛ لأن هذا هو الترتيب المنطقي. ومن حسابات الشكل «أ»، حصلت بالتالي على الكثير من البيانات عن الشكل «ب».

في الوقت نفسه، أصبح واطسون وويلكينز صديقين مقربين، وعندما ناقشا قضية الدنا، عرض ويلكينز صورة الأشعة السينية على واطسون في ٣٠ يناير ١٩٥٣، دون إذن فرانكلين وحتى دون أن يخبرها! كانت الصورة تقدم دليلًا على النظرية التي بدأ واطسون وكريك في تأسيسها في كامبريدج. وبعد أسابيع قليلة، تلقى ماكس بيروتس، رئيس المعمل في كامبريدج، تقريرًا حكوميًّا يضم كل المعلومات اللازمة من بحث فرانكلين. ودون أي تصريح من راندال أو فرانكلين، أعطى هذا التقرير إلى كريك، وأصبحت كل المعلومات الضرورية متوفرة لكامبريدج. وفيما بعد، نسب الفضل في البحث لواطسون وكريك، ولم يذكر اسم فرانكلين على الإطلاق.

على أية حال، لم تعرف روزاليند أي شيء عن أن عملها أدى للإنجاز الذي حققه واطسون وكريك؛ ففي وقت نشرهما للبحث، لم تكن تعمل على الدنا؛ لأنها انتقلت في مارس من عام ١٩٥٣ إلى كلية بيركبك، حيث ركزت أبحاثها على فيروس تَبَرْقُش التبغ والفيروس المسبب لشلل الأطفال. وأثبتت أن حامل الصفات الوراثية للفيروس، الرنا، كروي مثل الدنا، وعرضت نموذجًا لتركيب فيروس تَبَرْقُش التبغ في ١٩٥٧ في معرض بروكسل العالمي.

ونشرت بين عامي ١٩٥٣ و١٩٥٨ سبعة عشر منشورًا عن الفيروسات، ووضعت أساس علم الفيروسات التركيبي.

خلال سنواتها الثلاث الأولى في بيركبك كان كل ما تفعله ممتازًا، وفقًا لما ذكرته كاتبة سيرتها الذاتية آن ساير. وكانت علاقتها مع المجموعة في كامبريدج ودية، وكانوا يتبادلون البيانات المتعلقة بمجال الفيروسات. في ١٩٥٦ انقلب الحال، وسحبت منحتها؛ لأن مقدم المنحة لم يرغب في أن تُنفَق أمواله على مشروع تديره امرأة، ومنذ هذه اللحظة أصبحت تتلقى تمويل أبحاثها من إدارة الصحة العامة الأمريكية. وفي صيف هذا العام، أثناء رحلة لأمريكا، عانت لأول مرة من ألم شديد في البطن واضطرت للبحث عن طبيب، ونصحها الطبيب بزيارة اختصاصي في إنجلترا في أسرع وقت ممكن. وبعد استشارته، أصبح من الواضح أنها تعاني من سرطان المبيض، وفشلت كل العلاجات وتوفيت في ١٦ أبريل عام ١٩٥٨، وكانت وقتها في السابعة والثلاثين من عمرها فحسب.

في ١٩٦٢، حصل واطسون وكريك وويلكينز على جائزة نوبل عن بحثهما في تركيب الدنا، وذكرا في محاضرات نوبل التي ألقياها ٩٨ مرجعًا، لم يكن من بينها فرانكلين على الإطلاق.

يقول جيه دي برنال، رئيس معمل بيركبك عنها: «كانت الآنسة فرانكلين كعالمة تتميز بالوضوح الشديد والمثالية في كل شيء تتولاه، وكانت الصور التي أخذتها من أفضل صور الأشعة السينية التي صوِّرت.»

شكر وتقدير

أتوجه بالشكر للدكتور ليو مولينار، ودكتور شيلا توبياس ودكتور إب هارتمان.

المراجع

  • Kass-Simon, G. and Farnes, p. (eds.) (1993) Women of Science, Righting the Record, Indiana University Press, Bloomington.
  • McGrayne, S. (1993) Nobel Prize women in science. Birch Lane Press, New York.
  • Rozendaal, S. (1998) De mens, een dier. Denkers aan het front van de wetenschap. De Bezige Bij, Amsterdam.
  • Sayre, A. (1978) Rosalind Franklin and DNA. W. W. Norton, New York / London.
  • Simmons, J. (1997) De top-100 van Wetenschappers. De 100 Meest Invloedrijke Wetenschappers uit Heden en Verleden op een Rij Gezet (The Scientific 100), Het Spectrum, Utrecht.
  • Sluyser, M. (1998) Waarom kreeg Rosy geen Nobelprijs? Vrij Nederland 15 August, 1998.
  • Watson, J. D. (1968) The Double Helix. A Personal Account of the Discovery of the Structure of DNA. Athenaeum, New York.
  • Yount, L. (1996) Twentieth Centurywomen-scientists. Facts on File Inc., New York.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤