جاكلين فيسيني (١٩٢٣–١٩٨٨)

جان بيير جنيت

ركز بحث جاكلين فيسيني على التفاعلات العضوية الأساسية وتطبيقاتها في الكيمياء العضوية التخليقية، وهو مجال كانت مفتونة به في حد ذاته، وقد اشتُهرت بإنشائها وتطويرها لكيمياء الينأمين (تختص بدراسة المركبات مزدوجة الاستبدال التي ترتبط فيها المجموعة الأمينية بمجموعة الأسيتيلين).

•••

ولدت في ٢٠ أكتوبر عام ١٩٢٣ في سان ماكسان ليكول (فرنسا)، وهي ابنة جين بونتيه والكولونيل راءول فيسيني. وتوفيت جاكلين فيسيني عزباء في ١٩٨٨ في باريس عند عودتها من اليابان، حيث كانت تزور البروفيسور يوشيدا بناءً على دعوته.

أكملت جاكلين فيسيني تعليمها الثانوي في كلية سان ماري دي شافني في أونجولام، وحصلت على درجة الماجستير من جامعتي باريس وأنجيه. وبعد حصولها على الدكتوراه (١٩٥٢) في الصناعة تحت إشراف الدكتور آر روتشتاين، عُينت مساعد باحث في المركز القومي للبحث العلمي من ١٩٥٢ إلى ١٩٥٦، وفي ١٩٥٧ أصبحت محاضِرةً في الكيمياء بكلية العلوم في باريس حيث عملت مع البروفيسور إتش نورمان.

figure
جاكلين فيسيني (١٩٢٣–١٩٨٨) المجموعة الخاصة لجان بيير جنيت.

في ١٩٦٠ قضت جاكلين عامًا من فترة ما بعد الدكتوراه في جامعة كولومبيا مع جي ستورك كشريك باحث. وفي ١٩٦٢، عندما عادت، انتقلت إلى كلية العلوم في رانس مساعد مدرس، حيث تمت ترقيتها أيضًا إلى منصب محاضِر. في ١٩٦٥ تمت ترقيتها إلى أستاذ كامل الأستاذية بجامعة باريس السادسة. تولت عدة مسئوليات بالجامعة؛ حيث رأست مدرسة دكتوراه في الكيمياء العضوية. وتحت إشرافها، من عام ١٩٦٤ حتى عام ١٩٨٨، نوقشت ١٨ رسالة دكتوراه و٢٦ رسالة جامعية أو رسالة هندسية؛ وانضم إلى معملها ٦ شركاء باحثين و٨ أساتذة مساعدين.

انتُخبت رئيسًا لقسم الكيمياء العضوية في الجمعية الفرنسية الكيميائية حيث حصلت على جائزة لو بل عن إسهاماتها في مجال كيمياء الينأمين في ١٩٧٢. وقد كوفئت فيسيني على إنجازاتها من قبل الأكاديمية الفرنسية للعلوم بمنحها جائزة جيكر وميدالية بيرتيلو في ١٩٧٩. كذلك حصلت على وسام السعفات الأكاديمية (وسام فرنسي يُمنح لمن يقدمون خدمات في مجال التعليم، ١٩٧٤)، ووسام جوقة الشرف (١٩٨٦). وبوصفها عضوًا في الجمعية الأمريكية الكيميائية، كانت على اتصال دائم بالمجتمع الدولي؛ كما شغلت عدة مرات منصب أستاذ زائر في جامعة كولومبيا نيويورك (١٩٧٥، ١٩٧٨، ١٩٨٥).

ألقت حوالي ١٣٠ محاضرة في المؤتمرات القومية والدولية على حد سواء، ونشرت أكثر من ١٢٠ مقالًا، منها مراجعات وبراءات اختراع، كما كانت شديدة الاهتمام بالتدريس. في ١٩٦٨، نشرت كتاب «بنية المادة والكيمياء الحركية» مع إن لومبروسو-بادير وجيه سي ديبيزيه، وهو كتاب دراسي ناجح مهدًى لطلاب الكيمياء المبتدئين في الجامعة، وأعيد نشره في ١٩٧٦ و١٩٨١ و١٩٨٦، وما زال هذا الكتاب في المكتبات ومتاجر الكتب حتى الآن.

كانت جاكلين فيسيني تتمتع بنوع من المهارة التي تولد الحماس بين أفراد مجموعتها، وكان لديها الكثير من الأفكار، وكان فضول استكشاف الكيمياء العضوية التخليقية الذي اتسمت به آسرًا لمستمعيها، وكانت فرصة العمل تحت إدارتها فرصة رائعة بحق. في سبعينيات القرن العشرين وثمانينياته كانت المجموعات البحثية معقولة في الحجم وكان هناك توازن بين عدد طلاب الدكتوراه والباحثين الدائمين. كان هذا هو وقت سي باربرا وجيه دانجيلو وجيه بيسيره وإم كلايس وجيه سي ديبيزيه ودي ديسمائيل وإيه دوروه وجيه بي جنيت، وإيه جينجو وبي كان وإيه كريف وجيه بوليكان وجي ريفيال وإيه إم توزان. وكان طلابها يحصلون على فرص عمل عالية المستوى في الصناعة أو مراكز البحث في: الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبلجيكا والمملكة المتحدة وسويسرا، وأصبح آخرون أساتذة ناجحين في بلجيكا وفي فرنسا.

كانت اهتماماتها بالكيمياء واسعة النطاق، في البداية كان مجال عملها الرئيسي هو فحص المركبات العضوية الفلزية، وتصنيع وتفاعلات كواشف الجرينيارد مع البروفيسور هنري نورمان في ١٩٥٦. في ١٩٦١، قامت مع البروفيسور جيلبرت ستورك بتطوير أول تفاعل حلقي محفز داخل الجزيء لمركب الديازوكربونيل غير المشبع الذي شكَّل بروبان حلقي، وما زالت هذه المحفزات تُستخدم اليوم. فيما بعد، في جامعة باريس السادسة، طورت تفاعل الليثيوم-الهالوجين التبادلي بين الهاليدات الفينيلية الموظفة والليثيوم الهيدروكربوني المشبع كقاعدة، وأنتج هذا الإجراء كواشف موظفة مفيدة. كما طورت البروفيسور فيسيني طرقًا عامة لتصنيع حلقات صغيرة مثل البوتينونات الحلقية، والبنتنونات الحلقية. على سبيل المثال، استخدمت هذه الطرق الأصلية في تحضير السينيرولون والجاسمولون، وهما مركَّبان رئيسيان في البيرثرينات. كذلك ركزت فيسيني على التفاعلات المحفزة بالفلزات الانتقالية. اكتُشفت الألكلة الأصلية بين جزيئات انتقائية كيميائية وموضعية لخلات أليلية ثنائية الرابطة باستخدام عنصر البالاديوم (٠) كعامل محفز. وتم تطوير مسار بروبان حلقي جديد للبروبانات الحلقية الفينيلية عبر كيمياء بالاديوم الأليل باي واستخدامه في تصنيع الحمض الكرايزانثيمي، وهو مكون رئيسي في البيرثرينويدات، والمبيدات الحشرية الطبيعية والقابلة للتحلل حيويًّا. وفي الوقت نفسه، قامت مجموعتها بتطوير إضافات حلقية محفزة بالحديد من الينأمينات. وتم إنتاج مركب حديد مناسب جدًّا في الموضع نفسه وهو: FeCl3/i-PrMgCl، في وجود البوتادين والينأمينات؛ مما أتاح الهكسادينامينات الحلقية.
figure
الحمض الكرايزانثيمي.
اشتهرت جاكلين فيسيني شهرة واسعة من أجل إنشائها وتطويرها لكيمياء الإنامينات. بعد إنشاء طريقة تخليقها العملية، أثبتت أن الإنامينات تتفاعل أيضًا بسرعة مع الكحوليات منتجة أسيتالات O وN. في حالة الكحوليات الأليلية والكحوليات البروبارجيلية تمر النواتج الإضافية الأولية بتفاعل إعادة ترتيب كلايزن مع تشكيل الأميدات، فيما يُعرف باسم إعادة ترتيب فيسيني-كلايزن.

ويمكن اعتبار إعادة الترتيب هذه مكملة لإعادة ترتيب إشنموسر، والينأمينات أساسية بما فيه الكفاية، على عكس الإثيرات الأسيتيلية، لأينلة الأحماض الكربونية. على سبيل المثال، تفاعل الينأمينات مع لاكتونات الإينول خماسية الأعضاء يؤدي إلى لاكتونات ينأمينية، هذه اللاكتونات الينأمينية، بعد تحليلها بالماء، توفر مسارًا جديدًا إلى ١٫٤ كيتون ثنائي. وقد طبقت هذه الطريقة في تصنيع الجاسمون، وهو عطر مفيد.

توفر أسيلة الينأمينات بواسطة لاكتونات الإينول ثنائية الحلقة باستخدام MgBr2 كمحفز حمض لويس خفيف طريقة فعالة لتكوين حلقات ملتوية تؤدي إلى ديكان (٤٫٥) حلزوني وأونديكان (٥٫٥) حلزوني. استُخدم هذا في صناعة (دي إل) أكورادين، وهو تربين أحادي نصفي يوجد في زيت نبات نجيل الهند.
figure
جاسمون.
figure
أكوردين.
كما وضحت أن الينأمينات لديها ميل خاص نحو الإضافات الحلقية. تتفاعل الينأمينات بسهولة شديدة مع الكيومولين المتغاير، مثل ثاني أكسيد الكربون، موفرة طريقة للوصول إلى الدياميدات الألينية. بالإضافة إلى هذا التفاعل المميز، اكتشفت أنواعًا مختلفة من الإضافات الحلقية للينأمينات باستخدام الركائز الإلكتروفيلية: الأسيتيلينات والدايينات والأيزوسيانات والكيتينات والكيتونات غير المشبعة. ويعد إسهام فيسيني متميزًا؛ على سبيل المثال، في الإضافة الحلقية للينأمينات مع الإينونات التي تتخذ شكلَ منحنًى سهمي مستوٍ تحدث عملية (٢ + ٤)؛ مما يؤدي إلى بيرانات مستبدلة مغايرة. من ناحية أخرى، تحدث الإضافة الحلقية من النوع (٢ + ٢) — تفاعل بين جزيئين غير مشبعين بواسطة ذرتين من كل جزيء — بانتقائية فراغية مع إينونات بها امتثال مفروق مثل السيكلوهكسانونات والسيكلوبنتانونات ينتج عنها مركبات كيميائية حلقية ثنائية الحلقة لمجموعة أمينية مرتبطة بمجموعة الأسيتيلين، التي تعطي بعد التميؤ أحماضًا كيتونية. هذا التتابع المكون من خطوتين يسمح بالتحكم الكامل في التوصيف النسبي لمركزي كربون متجاورين عبر تشكيل مصاوغ فراغي مفضل حركيًّا، ويمثل هذا مسارًا انتقائيًّا فراغيًّا فريدًا إلى الأحماض الكيتونية الأول والخامس المتصاوغة فراغيًّا خماسية وسداسية الذرات. تتحكم الإضافة الحلقية الينأمينية التي اكتشفتها فيسيني ببراعة في الكيمياء الفراغية ذات الصلة عند C3 وC15 وC20 في تصنيع ثنائي هيدروأنتيرين. تَحقَّق التصنيع المتحكم فيه فراغيًّا لإنتاج الكوليستان منزوع الإيه بي والكوليستين، وهما يمثلان وحدات أساسية لبناء ناتج التمثيل الغذائي الهيدروكسيلي لفيتامين د٣، باستخدام هذه الطريقة الفعالة. كذلك فإن أول تصنيع متحكم فيه فراغيًّا للجوفابيون يستخدم هذه الكيمياء. ويبين الجوفابيون نشاطًا هرمونيًّا في الحشرات. وجدير بالذكر أن طريقة الصنع هذه مذكورة في كتاب «الكيمياء العضوية المتقدمة» لكاري وساندبرج.
figure
جوفابيون.

لمدة عشرين عامًا، كانت الأهمية التخليقية للينأمينات في الكيمياء العضوية والكيمياء العضوية الفلزية مؤكدة على نحو حاسم من خلال إسهام فيسيني وأيضًا إسهام البروفيسور هاينز جي فيهي من جامعة لوفان (بلجيكا). هذه الأعمال الريادية المهمة تمت مراجعتها بدقة وحرص من قِبل فيسيني في «رباعي الوجوه» في ١٩٧٦. وأتاحت تطبيقات الكيمياء التقليدية والمبتكرة لفيسيني تحقيق عملية تخليق فعالة للجزيئات النشطة بيولوجيًّا.

عادت كيمياء الينأمينات للظهور مرة أخرى في السنوات الخمس الأخيرة في شكل الإيناميدات، مجددة الاهتمام بهذه العناصر الأساسية الغنية وظيفيًّا، وقد ظهرت أول إعادة ترتيب فيسيني-كلايزن انتقائية فراغية باستخدام الإيناميدات الكيرالية حديثًا جدًّا، بعد ٣٦ عامًا من اكتشاف فيسيني؛ وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على تأثير عملها على الكيمياء العضوية التخليقية الحديثة.

المراجع

  • Carey, F. A. and Sundberg, R. J. (2007) Advanced Organic Chemistry, 5th edn., vol. B, Plenum Press, New York.
  • Depezay, J. C. and Ficini, J. (1968) Formation, stabilité et utilisation en synthèse d’organovinyl-lithiens d’éthers β bromés et chlorés. Tetrahedron Lett., 9 (8), 937–942.
  • Ficini, J. (1976) Ynamine: A versatile tool in organic synthesis. Tetrahedron, 32 (13), 1449–1486.
  • Ficini, J. and Barbara, C. (1964) A general synthesis of ynamines. Bull. Soc. Chim. Fr., 871.
  • Ficini, J. and Krief, A. (1970) Stereochemical control in the hydrolysis of an ynamine-cyclopentenone adduct. Tetrahedron Lett., 11 (17), 1397–1400.
  • Ficini, J. and Pouliquen, J. (1971) Cycloaddition of ynamines with carbon dioxide. Route to diamides of allenes-1,3 dicarboxylic acids. J. Am. Chem. Soc., 93 (13), 3295–3297.
  • Ficini, J., d’Angelo, J. and Noiré, J. (1974) Stereospecific synthesis of D,L juvabione. J. Am. Chem. Soc., 96 (4), 1212–1214;
  • Ficini, J., Desmaele, D., Touzin, A. M. and Guingant, A. (1983) Synthèse totale et stéréosélective du p-tolylsulfonylméthyl-8 Des-AB-cholestene. Tetrahedron Lett., 24 (30), 3083–3086.
  • Ficini, J., Guingant, A. and d’Angelo, J. (1979) A Stereoselective Synthesis of (+/-) dihydroantirhine. J. Am. Chem. Soc., 101 (5), 1318–1319.
  • Ficini, J., Lumbroso-Bader N. and Depezay J. C. (1968-1969) Éléments de Chimie Physique. I. Structure de la Matière et Cinétique Chimique; II. Thermodynamique. Équilibres Chimiques, Hermann, Paris.
  • Ficini, J., Piau, F. and Genet, J. p. (1980) A novel synthesis of (+/-)-trans-chrysanthemic acid. Tetrahedron Lett., 21 (33), 3183–3186.
  • Genet, J. p. and Ficini J. (1979) Cycloaddition des ynamines avec le butadiène catalysé par le fer (0): Synthèse de cyclohexadiènamines-1,4 et de cyclohexènones β,γ et α,β insaturées. Tetrahedron Lett., 20 (17), 1499–1502.
  • Selected papers of Ficini among the most recently cited:
  • Stork, G. and Ficini, J. (1961) Intramolecular cyclization of unsaturated diazoketones. J. Am. Chem. Soc., 83 (22), 4678.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤