في الروح … في قطيتي الخاصة خلعت

في قطيتي الخاصة خلعت ملابسي كلها واستبدلتها بملابس البيت أو «غيار الغابة» كما نحن نُحِبُّ أن نسميها؛ جلباب من التيل الأبيض، حذاء من الإسفنج خفيف، وشال أسود حول العنق، ثم ذهبت للحمام وجدتُ الطشت مليئًا بالماء البارد؛ فغطست فيه وأخذت أدلك ظهري بتلذذ ووجدتني فجأة أغني:

وحيدًا تغني
وحيدًا تموت
وحيدًا صمدت
وحيدًا نجوت.

فجأة انتبهت، كنت كثيرًا ما أردد هذا الغناء، ولكنني فجأة كررت بغير لحن: وحيدًا تغني، وحيدًا تغني، وحيدًا تموت، وحيدًا نجوت.

حاولت أن أجعل لهذا الغناء معنى أفهمه أو أحاول تأويله، إنه غناء المختار المفضل في لحظاته الخاصة، سرحاته، وشروداته، أحسست أن هنالك معاني أخرى لم أك أُدركها قبل اللحظة، وحتى عندما أحسست بأكلان خفيف في العانة، لم أنتبه للجندب الصغير الذي اصطادته شعيراتها التي أصبحت غابة متشابكة، لكن عندما تحرك مرة أخرى خمشته بأناملي في رعب وذعر حقيقيين، ووجدتني ألوم نفسي، لقد أهملت: عيب … عيب …

استحممت.

ثم لاحظت أيضًا وأنا أجمع ملابسي الداخلية بأنَّ هنالك بقعة دماء باهتة على النايلون الذي أرتديه فابتسمت، لستُ أدري لماذا؟! لكن ربما لأنني تذكرت أنني امرأة، ولو لأول مرة أسأل نفسي: ماذا لو راودني المختار؟

وكنت أعرف — أو أقنع نفسي — بأني أعرف أنَّ هذا أكثر من المستحيل، ولكن ظلَّ السؤال قائمًا: ماذا لو؟

زجرت نفسي زجرًا شنيعًا … كيف لي أن أنحو هذا المنحى؟ كيف سمحت لسؤال مثل هذا؟

أن …

أعاد جندب الرغبة خربشاته في العانة، الجندب الصغير؛ كيف لجندب إثارة كل هذه الغرائز؟ حقيقة كنت أحتاج أحيانًا كثيرة حقيقية وأصيلة، كنتُ أحتاج لرجل، لكني كنتُ أتحايل على هذه الرَّغبة بالصلاة والتأمل، بالقراءة.

تغدينا، كان شعره أشيب، وعلى ذقنه شعيرات بيضاء، أمَّا شاربه فلا يزال بسواد الشباب، عيناه ذكيتان مُشعتان كأنهما شمعتان أبديتان تأخذان نورهما من نور الله، كان يرتدي جلبابًا من التيل الأبيض تحت الركبة، قليلًا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤