حرف الشين

  • شال: هو أنواع كثيرة: منها الشال الكشميري نسبة إلى كشمير، ويستعمل الشال الكشميري في مناسبات كثيرة، كلفّ خشبة الميت، وتغطية العروس عند دخولها إلى بيت زوجها، ويلبسه بعض العلماء للتدفئة في الشتاء، ويهدى للمأذون إذا عقد عقدًا لقوم أغنياء، والأمراء والأغنياء يحتفظون بصندوق مملوء بهذه الشيلان للإهداء منها في المناسبات.

    وهناك شيلان أخرى غير كشميرية، فشال من نسج رفيع يتعمم به، وشال من قطن أو صوف تلفه المرأة على رأسها أو تضعه على كتفها في الشتاء، وقد يلبسه الرجال في الأرياف.

    ويتغزل الصعايدة في المرأة تلبس الشال، ومن أغنياتهم المشهورة هذه الأيام، «يا أم شال أحمر قطيفة يا أم شال»، ويسمون بعض الشيلان الشال الغاباني، وأصله ياباني، وهو مشجر كالشال الكشمير، ولكنه أرخص منه.

  • شالوه شيلة بيلة: تعبير يعني شالوه تماما من يده ومن رجليه.
  • شبشب: (انظر حب).
  • الشبك: عود خشب طويل، ركب في آخره قطعة من الخشب القوي مجوفة كالبلوط ونحوه يوضع فيها الدخان، وقد كان منتشرًا في مصر، وكثيرًا ما كنا نرى الأغنياء يخرجون ووراءهم الخادم يحمل الشبك ليستعمله سيده إذا جلس في الدكان أو في البيت، ويبلغ طول الشبك نحو متر، ويتفنن فيه أصحابه، فقد يغطى بالحرير الذي تحليه سلوك ذهبية.

    ويكون فمه عادة عند الأغنياء من الكهرمان وقد يرصع بالأحجار الكريمة، وكان يحترف كثير من الفقراء حرفة تسليك الشبك، فيسمى محترفو هذه الحرفة «المسلكاتية» فكنت تراهم في الطريق يحملون مقطفًا أو وعاء فيه سلوك ممتدة، ومن هذا القبيل الشيشة أو النرجيلة، وكان يقضي المصريون في شربه أوقاتًا طويلة.

    وقد أطلق على مصلح الشبك للأغنياء الشبكشي، وهي نسبة تركية، ولا يزال إلى اليوم عائلات كثيرة تسمي بالشبكشية.

  • شجرة العذراء: هي شجرة عتيقة في جهة المطرية، يحج إليها المسلمون والنصارى على السواء، ويتبركون بها ويدعون الدعوات لاعتقادهم في استجابتها عندها.
  • الشحاذون: ينتشر الشحاذون في مصر انتشارًا كبيرًا على أشكال وأنواع، فمنهم من يتجول في الشوارع والحارات، ومنهم من يقف على أبواب الأولياء والمساجد، ومنهم من يترقب غفلة الناس فيأخذ النذور وليس عملهم إلا نوعًا من الشحاذة، فيدعون دعوات دينية تدعو إلى الكرم والإحسان، وقد يستخدمون وسائل موسيقية كالضرب بالدف، والتغني بمدح النبي ، ومنهم في العصر الحديث من يتخذ حرفًا شكلية لا قيمة لها كالوقوف أمام السيارات، وعند الخروج من الملاهي ونحو ذلك، وكان مقتضى جوّ مصر وإمكان الاكتفاء بقليل من المأكولات ومقتضى ثروة البلاد أن يكون الشحاذون أقل من هذا، ولكن كثيرًا منهم اتخذها حرفة، وهم يكثرون عادة عندما يستطيعون أن يستفزوا عواطف المسلمين للإحسان كأوقات زكاة الفطر ورمضان والعيد الكبير وغير ذلك، ومنهم من يدخل المساكن ويستجدي، ويتصنع الفقر والبؤس إما بالعرج أو بالعمى أو بآفة نزلت به كالجرب والبرص أو بحادث نزل به كقطع يده ورجله ونحو ذلك.

    وكلما جهدت الحكومة أن تمنعهم بالتقنين بمنع الشحاذة وجمعهم في الملاجئ ذهبت أعمالها في هذا السبيل أدراج الرياح وعاد الشحاذون كما كانوا.

    وهناك شحاذة أخرى أرقى من هذه وهي الرجاوات لتعيين نسيب أو قريب في الحكومة أو نقله من مكان بعيد إلى القاهرة.

    وهناك أنواع أخرى كالذين ينتظرون ترقية شخص فيكتبون له القصائد في التهنئة أو المديح، ومن ينتظرون مؤلفًا يخرج كتابًا فيرجون في إهدائه لهم، ومرة طلب إليَّ أحدهم أن أهديه كتابي فجر الإسلام وادعى أن حراميًّا سطا عليه وأرسل إليَّ زجلًا يقول فيه:

    طبق في البيت ولا خلى
    طبق في البيت ولا حلى

    ويعتذر بذلك عن عدم قدرته على شراء الكتاب، ومثل ذلك الموظفون في المكتبات العامة، فلا يسمعون بمؤلف إلا ويطلبون منه إهداء كتبه كأن المؤلف ألفها للإهداء … إلى غير ذلك.

    واشتهر شحاذو السيدة زينب والسيد البدوي بالإلحاح في الطلب، فيقولون إذا رأوا ملحًّا «زي شحاتين السيدة، أو شحاتين السيد»، وبعض الشحاذين يظهرون الفقر ويلبسون الأخلاق البالية مع أنهم قد يكونون جمعوا من شحاذتهم أموالًا طائلة، ثم هم لا يكفون عنها كأنها حرفة شريفة، والعادة أن يسأل السائل بألفاظ كثيرة مثل أعطني حسنة لله، فيجيب الآخر بالعطاء أو يقول له: الله يحنن عليك. وعلى الله. إذا أراد أن يصرفه، ومما يجري من حكايات الشحاذين أن أحدهم يقول: إنها حرفة مربحة، فهو يستطيع أن يسأل ألفي شخص فهب أن ألفًا وستمائة قال: على الله، فيبقى أربعمائة يعطيه كل رجل قرش تعريفة، فتصير مائتي قرش.

    وقد جرت العادة أن بعض المحسنين يحسن بالطعام واللباس خصوصًا في رمضان، وبعضهم كان يحسن بالمليم، فلما فقد المليم قيمته صار أقل ما يحسن به القرش، وأصبح الشحاذ يأنف أن يأخذ مليمًا أو مليمين، وينسبون إلى الأتراك أنهم قد يقعون في الفقر ويسألون في عظمة وغطرسة، ومن الأمثال الشائعة أنهم يقولون: حسنة وأنا سيدك.

    ويحكون أن تركيًّا افتقر فأتى بإبريقين ليشرب منهما المارة ويعطونه إحسانًا، فكان كلما تقدم أحد من إناء ليشرب منه زجره وأمره بالشرب من الآخر، إظهارًا لعظمته وسيطرته.

    ومن هذا الباب الشحاذة بالقرآن أو القصائد النبوية، فكثيرًا ما تجد في الشوارع رجالًا وفتيات يقرءون القرآن للشحاذة، وكثيرًا ما تجد في الحارات رجالًا ينشدون القصائد النبوية ومعهم الدف يضربون عليه للسؤال.

  • شد دي جريت دي: يقولها الحاوي في لعبة معروفة، يشد بها الخيط من ناحية فتذهب من الناحية الأخرى، ويستعملونها كذلك كناية عن أن شيئًا حصل، فذهب غيره.
  • شرا العبد ولا تربيته: كانت تقال أيام كان الرقيق منتشرًا؛ أي شراءه كبيرًا خير من تربيته وهو صغير إلى أن يكبر، وهكذا تقال على سبيل المجاز في أشياء أخرى، يقولها مثلًا الرجل يشتري عمارة بدل أن يبنيها لما فيها من التعب وهكذا.
  • الشربات: من المعتاد أن يقدم «الشربات» في المناسبات المفرحة وهم يصنعونه من أشياء كثيرة من الماء مذابًا فيه السكر مع ماء الورد أو ماء زهر البرتقال أو عصير البرتقال أو الليمون … إلخ، ويستعمل المصريون خصوصًا بعد الأكل (الخشاف) وهو ماء محلى بالسكر وضع عليه الزبيب والصنوبر والتين والبلح والعنب.

    وقد يباع هذا الشربات في الطرقات كما يباع أيضًا الخروب والعرقسوس وهم عادة يقدمونه في الأفراح ككتب الكتاب ويسمون بائعه الشربتلي، وفي المدن دكاكين كثيرة يباع فيها الشربات، وأحيانًا يسقونه وفاء لنذر كمريض نذر أهله إن شفي أن يسقوا الشربات، وقد غزته أخيرًا الكولا والببسي كولا، ويقولون: دمه شربات أو كلامه شربات إذا كان خفيف الروح.

  • شِربت المرّ: تعبير يعني لقيت العذاب، ومن أغنياتهم أنا شربت المرّ، وأحيانًا يقولون: أنا أسقيه المرّ من كيعانه.
  • الشركة في البهائم: اعتاد الفلاحون أن يشتركوا على الجاموس والبقر والعجول، وقد يشاركهم الحضريون في ذلك، فإذا فعلوا فقد اعتادوا أن يكون للفلاح الذي يطعم البهيمة لبنها وعملها في نظير إطعامه لها، فإذا ولدت مولودًا فهذا المولود مناصفة بينهما، وكثيرًا ما يحدث النزاع بسبب هذه المشاركة خصوصًا إذا مات البهيم.
  • الشركس: نوع من الترك وقد حكموا مصر مدة ١٣٩ سنة، وأولهم برقوق ويليه فرج وربما نسبت إليه الفرجية، وقد عرفوا بالجمال والقوة وقد أورثوا أخلاقهم لبعض المصريين، وكثير من العلائلات الشركسية كانت تسكن مصر، وبقي الحكم في أيديهم إلى أن أخذه منهم السلطان سليم العثماني، وكان يجلب إلى مصر كثير من الشركسيات الجميلات، يسترققن ويبعن في الأسواق للأمراء والأغنياء.

    وفي الحكم العثماني كان منهم جنود كثيرون يسمون الشراكسة، ومن غريب أمر هؤلاء الجنود أنهم انقسموا قسمين: قسم يقال له: الفقارية، وقسم يقال له: القاسمية وبينهما عداء، كما انقسم الفلاحون والعربان إلى سعدية وحرامية.

    وقد كانت الفقارية مشهورة بالغنى والكرم، والقاسمية بالغنى والبخل، واختص الفقارية باللون الأبيض، فمراكبهم وأوانيهم وكل شيء يستعملونه أبيض بعكس القاسمية فقد تميزوا باللون الأحمر فبيرقهم أحمر وأوانيهم ومفروشاتهم حمراء، واشتد النزاع بين السعدية والحرامية، وكثر الخراب بسببهم، وهكذا انحلت الأمة المصرية من قديم.

    وقد ورثنا عنهم إلى الآن نوعًا من الإدام يسمى الشركسية، وهو طعام عماده الرز والفراخ، ولا يزال إلى اليوم عائلات كثيرة في مصر من أصل شركسي، يتميزون ببياض الوجه وحمرته وطابع خاص بهم، ونظافة في بيوتهم وغير ذلك.

  • شرُمْ بُرُم حالي غلبان: كثيرًا ما يقولها الأدباتية، وربما كانت حالي غلبان تفسيرًا لشرم برم.
  • الشَّعر: الشعر معروف، ولكنهم يعتقدون أن كل جزء من الإنسان كقص الشعر والأظافر والختان يجب أن يحفظ وإلا كان عرضه لأن تأخذه امرأة فتعطيه لرجل يسحره؛ لأن من يريد أن يسحر غيره كان من خير وسائله أن يحضر له خصلة من الشعر أو الأظافر.
  • الشِّعر: للشعر المصري طبيعة خاصة تشيع في الرجز وفي الأغاني، وفي النكت، وهذه الخصائص هي:
    • (١) خفة الروح وحسن الذوق.
    • (٢) العناية غالبًا بالجناس اللفظي.
    • (٣) استعمال التعبيرات المصرية، مثل للحيطان آذان ونحو ذلك.
    • (٤) الذوبان في الحب من بكاء على القطيعة، وغزل في العيون والقدود وبكاء على أيام الوصال، وحزن على المشيب ونحو ذلك.
    • (٥) تسلط النغمة الحزينة على النغمة المفرحة.

    وهذه الخصائص الخمس تجدها في الشعر كما تجدها في الزجل وكما تجدها في الأغاني، ويظهر أن توالي الظلم عليهم وانغماسهم في التهتك واللذائذ ورقة ذوقهم طبعتهم بهذا الطابع الذي لا نظير له، ومن الأدلة على ذلك أن قرأت مرة قصيدة لطيفة، فأعجبت بها ورأيت فيها الطابع المصري فقلت: لا بد أن تكون هذه مصرية حقًّا، ونسوق الآن بعض هذا الشعر المصري للدلالة على ما نقول:

    أصبحت أفقر من يروح ويغتدي
    ما في يدي من فاقة إلا يدي
    في منزل لم يحو غيري قاعدا
    فإذا رقدت رقدت غير ممدد
    لم يبق فيه سوى رسوم حصيرة
    ومخدة كانت لأم المهتدي
    ملقى على طراحة في حشوها
    قمل كمثل السمسم المتبدد
    والفار يركض كالخيول تسابقت
    من كل جرداء الأديم وأجرد
    هذا ولي ثوب تراه مرقعا
    من كل لون مثل ريش الهدهد

    ومثل:

    دعوتني للعرس يا سيدي
    فكدت أن أحضر من أمسي
    وها أنا الليلة في داركم
    فالكلب ما يهرب من عرس

    ومثل قول الآخر:

    جمعك ابن الكثيب والغُصُن
    فرق بين الجفون والوسن
    يا فتنة ما وقيت صرعتها
    مع حذري دائمًا من الفتن
    باللفظ واللحظ كما ترى أبدًا
    تسخر بي دائمًا لتسخرني

    ومثل:

    أرى شعرة بيضاء في الخد نابته
    لها لوعة في صفحة الصدر ثابتة
    ومن شؤمها أني إذا رمت نتفها
    نتفت سواها وهي تضحك شامتة

    (انظر البهاء زهير وابن دانيال).

  • الشعور الوطني: نذكره لأنه ظاهرة من ظواهر الأمة الاجتماعية وأصبح عاملًا مؤثرًا في حياتها، ولم يكن موجودًا إلا في الأيام الأخيرة بعد الاحتكاك بالأجنبي وتقليده، فلما هاجم الفرنسيون مصر لم يكن الشعور الوطني ظاهرًا وإنما كان الموجود الشعور الديني، فلذلك أراد الفرنسيون أن يضحكوا على عقول المصريين، بدعوى دخول بعضهم في الإسلام كعبد الله منو، وربما ادعى نابليون نفسه ذلك.

    ولكن لم تجز الحيلة على المصريين، فظلوا في عدائهم للفرنسيين بحكم مخالفتهم لهم في الدين.

    وهذا هو الذي يفسر طاعتهم للترك وسكوتهم عن مظالمهم لاتفاقهم مع الأتراك في الدين.

    ويظهر أيضًا الشعور في كل حركاتهم، وسكناتهم، وحتى عرابي «باشا» نفسه استغل هذا الشعور الديني في ثورته، فكان يستعين على نجاحها بحمل العلماء على قراءة البخاري، وحمل الدراويش على إقامة الأذكار، واستغل الشعب بيضة ولدتها فرخة في طنطا زعموا أنها مكتوب عليها: (نصر من الله وفتح قريب)، وبالمدافع الخشبية الثلاثة، وهي مدفع السيد البدوي، ومدفع سيدي عبد العال، ومدفع سيدي إبراهيم الدسوقي، ولكن يظهر أن الشعور القومي ظهر إذ ذاك، فحركة عرابي نفسه في بدئها كانت مطالبة بمساواة الضباط والجنود المصريين بأمثالهم من الشراكسة، وهذه نزعة مصرية لا إسلامية، ولكن يؤخذ على الثورة أنها كانت مصحوبة بغرور الزعماء، بل إن هذا الشعور كان من قبل ذلك، فيؤثر عن مراد بك عند مهاجمة الفرنسيين أنه قال: «إنهم إذا جاءوا مزقت شملهم.»، وكذلك كان عرابي يستخف بالإنجليز، ولذلك لم يحصّن البلاد التحصين الكافي.

    وشيء آخر وهو عدم فهم المصريين للألاعيب السياسية، والدسائس الخفية، مثل إرشاء بعض المصريين بالأموال للتفريق بينهم ونحو ذلك.

    وعلى العموم، فقد كان الذين يساعدون عرابي وطنية يحصرون على الأصابع، ولما كسروا واحتل البلاد الإنجليز، ظهر المقت والغضب، ولكن كان يلطفهما الإيمان بالقضاء والقدر، وأن الله سلط الإنجليز علينا لظلمنا وعصياننا، ولما جاء مصطفى كامل كان من مزيته تقطير الشعور الوطني إلى الشعب بعد أن كانت نزعة الوطنية أرستقراطية، وذلك بجريدته وخطبه، فاشتد إقبال الناس عليهما وتأثرهم بهما.

    وكثر أيضًا اتصال الشبان بالأوروبيين عن طريق البعثات وقراءتهم الكتب الأجنبية في الوطنية، ورؤيتهم مشاعرهم وأعمالهم، ولذلك لما مات مصطفى كامل نبض له قلب مصر لأول مرة، كما قال قاسم بك أمين.

    ومع ذلك ظل الشعور الديني يغلب الشعور الوطني بدليل أنه لما نادى أحمد لطفي السيد في الجريدة بالدعوة إلى المصرية لا العثمانية ولا غيرها، كره الناس قوله وشنعوا عليه، ثم لما جاء سعد «باشا» زغلول كان من أثره إيصال الشعور إلى الفلاحين إذ كان نابعًا من أنفسهم، وكان خطيبًا مفوهًا، وطالب بتوقيع توكيل من الفلاحين أيضًا فاجتمعت البلاد كلها حوله.

    وشيء آخر ينسب إليه، وهو فهمه وتفهيمه ألاعيب سياسة الاستعمار وسد الباب في وجهها، فإذا أرادوا أن يفرقوا بين مسلم وقبط جعل في الوفد أقباطًا يوقعون معه عرائضه، ودعا إلى تعانق المسلم والقبطي.

    وإذا أرادوا الإغراء بالمال والسلطة أبى عليهم ذلك.

    وشيء ثالث كان له الفضل فيه وهو عدم الخوف من التهديد، فقد كان المصريون قبله يخافون أشد الخوف، وكان إرسال إنجلترا مركبًا حربيًّا واحدًا كافيًا في حل كل إشكال، فهدد هو بالنفي إلى سيشل، فقبل عن رضا واطمئنان، وأصبح الأسطول لا يكفي في الإقناع.

    وتسرب الشعور الوطني بفضله وفضل السيدة زوجته إلى النساء، كما حدث في مظاهرة السيدات، وأخيرًا زاد الشعور القومي من كثرة المظالم، فقد فشت الرشوة والنهب والسلب، والفساد من كل نوع، فلما قام الجيش بتغيير هذا النظام انضم الشعب إليهم وأيدهم، ولو لم يكن الشعور القومي قويًّا ما نجحوا.

    وقد كان لي صديق كلما شكوت له كثرة الفساد، قال: دعه، فإن شعور المصريين لا يظهر إلا بكثرة الفساد.

    ومن الغريب أن الشعور يتنبه لأشياء دون أخرى، فالفلاح مثلًا يتنبه وعيه إذا اعتُدِي عليه في ماله وحريته، والناس يتنبهون لاغتصاب مالهم، ولا يتنبه شعورهم كثيرًا ضد الرشوة.

    وينقصه عدم الغرور أيضًا وحاجته إلى الوعي الزائد، وتقدير الشخص بعمله لا بحزبه، والإكثار من العمل لا القول، وغير ذلك، والزمان كفيل بهذا كله إن شاء الله.

    وفي حرب القنال الأخيرة مُثُل رائعة على ما نقول، أكثر الله من أمثالها.

  • شغله يجنن: تعبير يعني أن عمله فاق الحدّ إلى درجة أنه يكاد يجن من رآه أو سمعه، فمثلًا يقولون دا ضربه على البيانو يجنن.
  • شفاعة لله، كرامة لله: تعبير يقال عند الاستعانة برجل والاستشفاع به.
  • شكّه مقلب: أي أوقعه، والمقلب ما يقلب الشخص على وجهه أو على ظهره، وهو أيضًا المكيدة التي تكاد للشخص، ولو معنويًّا، واشتهر في مصر بعض الرجال بتدبير المكايد.
  • شقانق ومقانق: ينطقونها بالهمزة، يقول الرجل لآخر، أو المرأة لأخرى: إذا ورتني وريتك شقانق ومقانق؛ أي أشياء طريفة.
  • شمَّت الناس فيّ: تعبير يعني جعلهم يفرحون فيَّ.
  • الشمس: هي من المعبودات القديمة، وكانوا يقيمون لها شعائر العبادة ويسمونها (رع) وقد بقيت بقايا من عبادها، من أغاني الفلاحين ويطلقون على الشمس فيها (البهيّة) ولا يزال عندنا من بقايا هذا أن الطفل أو الطفلة إذا خلعت سنًّا من أسنانه أو أسنانها قذف بها في الشمس وقال:

    «يا شمس يا شموسه، خدي سنّ الحمار وهاتي سن العروسة»، وفي بعض أغاني الصباح تمجيد الشمس مثل: «الشمس طلعت، نامت وصحيت» إلخ …

  • الشمع: يستعملونه للإضاءة، وإذا أرادوا كثرة الإضاءة أكثروا من الشمع، وأحيانًا يصنع شمع كبير يغيب زمنًا طويلًا، ويستعملونه أيضًا في فوانيس رمضان، ويعلقون شمعة على رأس الطفل المولود حديثًا، ويحتفلون عادة في عيد الميلاد فيستحضرون شمعًا بعدد سني المحتفل به وهي عادة إفرنجية، وتضاء به مقامات المشايخ وتضاء به المصابيح في زفة العريس.
  • شمّع الفتلة: تعبير يعني ذهب بحيلة، يروون أن ملكًا أخبر عن نصاب فناداه وقال له: انصب عليَّ فقال له: أعطني عشرين قرشًا لأشتري عدّة النصب فأعطاها له، فحضر ومعه فتلة طويلة وقال للملك: أمسك بهذا الطرف، حتى أشمع الفتلة، فأمسك الملك فتلة، وصار النصاب يشمع الفتلة حتى غاب، فقالوا في الشخص الذي يغيب بحيلة: شمع الفتلة.
  • الشهور القبطية: كثيرًا ما يستعمل الناس وخصوصًا الفلاحين الشهور القبطية بدل الشهور العربية والإفرنجية؛ لأنها ثابتة تتبع الشمس، فيمكن أن يرتبوا عليها مزارعهم ومحاصيلهم وصيفهم وشتاءهم، وقد اعتادوا أن يضعوا لكل شهر خاصة تخصه، ويتذاكرونها بمناسبة، فيقولون (توت) الكتكوت يأكل ويموت، دليل على أنه في هذا الشهر تصاب فيه الكتاكيت بالأمراض وهو يساوي أكتوبر، (بابه) ادخل واقفل البوابة؛ لأن الحب خزن في البيت فيخشى عليه من اللصوص، وهو يساوي نوفمبر، (هاتور) أبو الذهب المنثور، ويعنون بالذهب حبوب الذرة التي نضجت، وهو يساوي ديسمبر (كياك) صباحك مساك، تقوم من فرشك تحضر عشاك، دليل على أن فيه يكون النهار أقصر ما يكون وهو يساوي يناير، (طوبة) تصير الصبية كركوبة، كركوبة؛ أي عجوزة، دليل على شدة البرد، حتى إن الصبية القوية تكون بردانة كسلانة كأنها امرأة عجوز: وهو يساوي فبراير.

    (أمشير) يقول للزرع سير سير؛ لأن في أمشير يسخن بطن الأرض ويبتدئ الزرع في النمو، وهو يساوي مارس.

    (برمهات) روح الغيط وهات، دليل على أن الزرع يكون نضج، والمحصول استوفى، وهو يساوي أبريل.

    (برمودة) دقوا الشعير بالعمودة، ولا يبقى في الغيط ولا عودة؛ لأن المحصول انتهى وطاب واستحق أن يدق، وهو يساوي مايو.

    (بشنس) إكنس البيت كنس، لنفاد المحصول المخزون، واستقبال المحصول الجديد، وهو يساوي يونيو.

    (بئونة) يسمون بئونة بئونة الحجر؛ أي إنها من شدة حرّها تؤثر في الحجر، وهو يساوي يوليو.

    (أبيب) يقولون أحيانًا من يأكل الملوخية في أبيب يجيب لبطنه طبيب؛ لأن عودها يكون صغيرًا، وقد يختلط بعيدان أخرى ضارة، وأحيانًا يقولون أبيب، طباخ العنب والتين؛ إذ يظهران أول ما يظهران فيه، وهو يساوي أغسطس.

    (مسرى) في مسرى تجري كل ترعة عسرة، من كثرة الفيضان وهو يساوي سبتمبر، ويسمون ليلة ١١ طوبة ليلة الغطاس وهم يتوقعون فيها مطرًا ولو خفيفًا، فإذا لم تمطر السماء غضبوا، ويقولون: غطست يا نصراني صيفت يا مسلم بعد أربعين، ويسمون الرياح الشديدة التي تكون في أواخر طوبة زفة أمشير.

  • الشيء دا بريمو: تعبير يعني من أحسن صنف، فيقولون طباخ بريمو، وسواق بريمو، وأكلة بريمو.
  • الشيء دا طلع شيطاني: أي من غير وسائل.
  • الشيب والشباب: يبكي الشعراء كثيرًا شبابهم؛ لأن النساء لا يقبلنهم بشيبهم، وملئ الغزل المصري بهذا مما يدل على حياة الغزل عند المصريين وكره النساء للمشيب، ولذلك أبكى الشيب شبابهم؛ لأنه هو الذي كان يرضي النساء.

    ومن الحوادث الكثيرة في مصر أن يتزوج الشيخ في سن الستين أو السبعين زوجة شابة، وكثيرًا ما يكون هذا سببًا في خروج المرأة واستغفالها الرجل مع الإكثار من صبّه للمال بين يديها، ولكن كيف يغني المال عن قوة الشباب.

    ومن الأغنيات المشهورة:

    تجوزوني للشايب ليه
    هو أنا وحشة والا إيه

    ومن الأمثال المشهورة «أبرد من الشايب عند الصبايا» و«أبرد من الشيب إلى الغواني»، ويقولون للشيخ إذا تصابي وزل: «شايب وعايب»، ومن الأغاني:

    عمي يا شايب ما بحبكش
    دقنك البيضة شكشكت وشي

    ويقولون عن الشايب: «رجله والقبر» ويقولون لمن أسنّ كثيرًا «طلعتله الأسنان الخضر»، ويظهر أنه إذا كبر جدًّا وسقطت أسنانه أكل على لثته فتجمدت فظنوها أسنانًا وقالوا: إنها خضر، بمعنى اللينة؛ لأن كل لين يقولون عنه أخضر، فالثوب إذا لم يتم جفافه قيل له: أخضر، ويقولون في الأرض إذا رشّت ولم تجف: إنها خضراء، وهكذا … وربما حدث في التاريخ شواذ من رجال أسنوا فنبتت لهم أسنان جديدة تشبه أسنان الطفل.

    ويقول أبو العلاء المعري:

    إذا ما أسنّ الشيخ أقصاه آله
    وجار عليه النجل والعبد والعرس
    وأكثر قولًا ولا صواب لمثله
    على فضله أن لا يحس له جرس
    يسبح كيما يغفر الله ذنبه
    رويدك في عهد الصبا ملئ الطرس
    فأصبح عن الغانيات مبغضا
    كأن خزه خزي وعنبره كرس
  • الشيشة: كانوا يستعملونها كثيرًا هي والشبك حتى قد يخصصون لها بعض الخدم، فيضعون الماء في إناء زجاجي أو بلوري، ثم يركبون فيه أنبوبة طويلة لينة، ويضعون حجرًا من الفخار يملئونه فحمًا وعليه نوع من الدخان يقال له: (التمباك)، والرجال البلديون يستعملون (الجوزة) بدل الشيشة، وهي عبارة عن غابتين بينهما جوزة أو ما يشابهها مملوءة ماء.

    ومن التمباك نوعان مشهوران: تمباك يسمونه حمي، نسبة إلى حماة، وهو محرف عن حموي، وتمباك عجمي.

  • شيك: تعبير يعني لبس ثيابًا أنيقة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤