حرف العين

  • عاوج الطربوش: عوج الطربوش، كناية عن التكبر والدلال، ومثله تبختر في المشي.
  • عاوز للجمل ناقة: يحكون أن مديرًا في ناحية كان له جمل، فكان يذهب الجمل إلى الغيطان يأكل منها ما شاء، حتى تضرر الناس، فاجتمعوا ليذهبوا إلى المدير يشكونه جمله، فذهب عشرون رجلًا، وكلما خطوا خطوة نقص رجل، حتى إذا وصلوا إلى باب المدير التفت رجل فلم يجد معه أحدًا، فشخط فيه المدير، ماذا تريد، فقال: عاوز للجمل ناقة: أي إنه لما وجد الناس انفضوا من حوله لم يستطع أن يشكو الجمل، فانقلب منافقًا، فبدل أن يشكو الجمل طلب له ناقة.
  • عايش كمالة عدد: تعبير يعني لا فائدة كثيرة منه، كل ما فيه أنه يعد بواحد.
  • عبده وألمظ: شخصيتان كبيرتان ملأتا مصر بهجة وسرورًا، يدعيان عادة في أيام الأفراح، مثل زواج وختان وشفاء من مرض ونحو ذلك، ويدعى عبده للرجال وألمظ للنساء، وكثير من الفنانين يولع بهما فينتقلون من أقصى القاهرة إلى أقصاها؛ من المنشية إلى العباسية، ومن السيدة زينب إلى الجمالية.

    وقد شاهدت حفلة من حفلات عبده بمناسبة زواج أسرة متوسطة، وتفصيل ما شاهدت أنه نُصب صوان وأُتي بكراسي كثيرة صففت فيه، وأُحضرت دكتان عاليتان متقابلتان للآلاتية جلس عليهما عبده وصحبه، هذا بالقانون، وهذا بالعود، وهذا بالدف، وهذا بالناي إلخ، ثم بدءوا في الغناء حوالي الساعة العاشرة مساء بعد أن أكلوا كثيرًا وشربوا الخمر كثيرًا، وبدأ بتقسيمات قانون وعود إلخ، ثم بدأ عبده الحامولي يغني «يا ليل» بطبقات مختلفة، ثم بعد أن يغنيها يوقع القانونجي على القانون بالنغمة التي قال بها يا ليل، ثم يبدأ في غناء الأدوار مثل دور «الله يصون دولة حسنك على الدوام»، وإذا انتهى الدور جلس للاستراحة فتبودلت النكات.

    وقد يستمرون كذلك إلى الفجر أو إلى طلوع الشمس، وهناك بائعو لب يسمون المطيباتية، وظيفتهم أن يقولوا لعبده «الله يا سيدي» ونحو ذلك، وربما كانت لهم وظيفة أخرى، وهي أن يكونوا رسلًا بين الآلاتية والسامعات في طلب أدوار خاصة أو رسالات الغرام.

    والناس عند كل نغمة يصرخون بقولهم آه، والله، أو يدعون بالبقاء وعدم الحرمان منهم.

    أما ألمظ فتغني بدورها للحريم، وقد تزوجت أخيرًا بعبده؛ فمغن مشهور تزوج بمغنية مشهورة، وكانت جميلة بعض الشيء، وتكاد حواجبها تكون مقرونة، وهي تغني أغاني نسائية مثل: «أشكي لمين غيرك حبك، أنا العليل وأنت الطبيب، اسمح وداويني بقربك، واصنع جميل إياك أطيب» ومثل: «حبيبي هجرني، شوفوه، لي يا ناس، أترجاك تعمل معروف، غرامك علمني النوح، يا حبيب القلب شوف، مع طيفك أرسلت الروح، أترجاك تعمل معروف.»

    ويُحكى أن اللورد كرومر لما ترجم له حبيبي هجرني شوفوه لي يا ناس، قال: «حتى الحبيب يترجى الناس بأنهم يشوفوه له، ولا يتحركش هو هكذا المصري.»

    وأحيانًا تغني ألمظ بعض الطقاطيق مثل لازم أهشه، دا العصفور، تنكش لي عشه، دا العصفور، دا ابن الأكابر … دا العصفور، ع العشق صابر … دا العصفور، طار وعلّى، وعلّى وطار، نزل على بيت العطار، وكبش ملبس ودّاني، ولوز مقشر وعطاني، لازم أهشه … دا العصفور.

    وإذا كان يعمل كل هذا فلِمَ هشه؟ وفي أثناء غنائها يكون حولها أيضًا موسيقى من طبل وغيره، وأمامها رقص ونحوه؛ وفي الحق أنهما ملآ القاهرة بهجة وسرورًا، وكانا ذوي مروءة، فكثيرًا ما حكي عنهما أنهما تبرعا بحفلات مجانية للفقراء، وقد ماتت ألمظ قبله فبكاها كثيرًا، ثم مات بعدها فبكاهما الناس.

  • العجائز: اشتهرت العجائز في مصر بأنهن أهل دهاء وتجارب؛ فمن دهاء بعضهن ما يصلن به بين الرجل والمرأة، واختراع الحيل المناسبة؛ وهن مشهورات أيضًا بالوصفات البلدية أخذنها عن التجارب وعمن قبلهن.

    والمصريون يقولون في أمثالهم: «زي عجائز الفرح، أكل ونقورة»، والنقورة: الانتقاد؛ أي إنهن يأكلن وينتقدن، ولا أدري من العجوز الذي سمي الحي باسمها، فقالوا: حي العجوزة، ومن باب الغريب أنها محظوظة، فغلب اسمها على كل من بالحي من الأعيان والوجهاء، حتى المسجد الذي به سُمي مسجد العجوزة، وكثيرًا ما يكون للعجائز شر كثير، وهن يدخلن البيوت ويؤثرن بحيلهن على الزوجات ليغضبن على أزواجهن، وخصوصًا إذا كانت العجائز حموات.

  • عدية ياسين: من المعروف أن يس سورة في القرآن، فالناس يعتقدون فيها أنها إذا قُرئت مرارًا استوجبت الرحمة للميت، وأزالت الغم عن الحي، ويسمون قراءتها مرارًا؛ أي نحو مائة مرة، بالعدية، فيجمعون الفقهاء في مكان في البيت أو في سيدنا الحسين أو السيدة زينب ويكلفونهم بقراءة سورة يس عدة مرات، يسمونها العدِّية، ويطلبون منهم أن يهبوها لمن شاءوا من حي أو ميت، وقد تستخدم أيضًا في الشر، فيقول بعضهم لبعض إذا ظلمه: سأقر عليك عدِّية يس، ويزعمون أنها مجربة في الخير والشر، ولما مرضت بعيني ذهب صديق لي إلى سيدنا الحسين وطلب من بعض الفقهاء أن يقرءوا لي عدية يس على ذمة شفاء العين.
  • العزاء: للمصريين عادات كثيرة في العزاء؛ من ذلك أن النساء إذا وصلن إلى بيت الميت صحن كثيرًا ولطمن كثيرًا وخبطن بالكفوف وقرعن الصدور؛ وذلك ليظهرن لأهل الميت شدة حزنهن. ومنهن من تلطم وجهها بشدة، حتى يجري الدم من خدودها.

    وقد جرت العادة إذا مات أحد من مشاهير العلم أن يؤذن على المآذن في غير أوقات الآذان، فيعلم المصريون بموت عظيم من العظماء، فيتساءلون عنه ويهرعون إلى حضور جنازته.

    ويوضع الميت في خشبة ويسير المشيعون وراءه لدفنه حتى يوارى في قبره، ويقيم أهل الميت صوانًا كبيرًا للرجال يتلى فيه القرآن، من العصر إلى ما بعد العشاء، وتجتمع النساء في بيت الميت؛ وإذا كان الميت عزيزًا أحضر أهل الميت الندابات داهنات وجوهن بالنيلة، وفي كل يوم جمعة يذهب أهل الميت إلى مقبرته ومعهم الخوص والفاكهة والفطير أو «الشريك» وهكذا إلى يوم الأربعين.

    وقد شاهدت فيما مضى شيئًا قد بطل الآن، وهو أن يسير أمام الميت جمل أو أكثر يحمل على جانبه صناديق مملوءة بالفطير والشريك يسمونها «كفارة» يوزع راكب الجمل ما فيها على طول الطريق، ثم تسير طائفة من العساكر، ثم أرباب الطرق المختلفة، ثم غلمان الكتاتيب، وقد بطلت أكثر هذه العادات. وعند ختام الفقيه كل سورة يخرج بعض المشيعين، وإذ ذاك يقف أقارب الميت يتلقون بأيديهم العزاء من المعزين، وهم يقولون: عظم الله أجركم فيردون عليهم: غفر الله ذنبكم.

  • العشبة: اعتاد بعض المصريين، وخصوصًا النساء، أن يستعملوا العشبة دوريًّا كل عام، وهي نبات يُغلى بالماء يزعمون أنه يقوي الجسم، وإذا استعملته المرأة امتنعت عن أنواع من الطعام لا تتفق معها وأكلت ما يناسبها.

    وإذا استعملت العشبة في أيامها عبرت عن هذا بأنها دخلت في العشبة.

  • عشنا وشفنا: تعبير يعني طال عمرنا حتى رأينا العجب.
  • عضمة خشنة: يسمون الرجل الذي لا يمكن اللعب عليه ولا أخذ شيء منه عضمة خشنة، كقول العرب القدماء: «إن لحمه مر.»
  • عفريت الليل: هو لقب يطلق على واحد من جماعة النوبيين عهد إليهم بإضاءة الشوارع بعد المغرب، وهم يلبسون لباسًا خاصًّا أشبه بلبس السواس، وفي يدهم عصا طويلة ركبت عليها حديدة، فيفتحون بها فانوس النور أو يطفئونه، فإذا فتحوه أشعلوه، وإذا أطفئوه انطفأ، ومن عادتهم أن يجروا سريعًا في الشوارع ليؤدوا عملهم في سرعة، ولذلك قالوا: «عفريت الليل بسبع رجلين.»
  • عقبال أمالته: يقولونها عندما يرون رجلًا أو امرأة في سعادة ما، ويسمون السعادة أملًا، وعقبال أصلها العاقبة لي.
  • عقله منويشي: أي مختل، وقريب منها قولهم، عقله ترللي.
  • العقم: العقم داء يهتم المصريون كثيرًا بأمره؛ والمرأة العقيم لا تُحَب من زوجها، ولا ينظر إليها نظرة الولود، ولذلك يشغل العقم بال الرجال والنساء على السواء، وتداويه بعض العجائز بأدوية مختلفة، وقد يضطر بعض النساء إلى الذهاب إلى أماكن مختلفة كالمغاوري في القاهرة، أو إلى بعض المقابر المهجورة، وقد تلد المرأة بسبب ذلك، ولكن مع الأسف لتساهلها في عرضها مع من لا خلاق لهم لا من سر المكان، وإنما من سر السكان، وهناك بعض النساء تتداوين بالأحجبة أو البخور من أجل هذا العقم، ويداوين العقم أحيانًا بالمرور على القتيل، ولذلك ترى كثيرًا من النساء العقيمات يذهبن إلى المستشفيات إذا علمن وجود قتيل بها لتخطيته.
  • العقيق: حجر أحمر داكن يختمون به، ويعتقدون أنه يجلب الخير والسعادة ويبعد الشقاء، وكانوا من قبل يتختمون به للظرافة ولحمرته شبهوا به العين المريضة إذا احمر بياضها احمرارًا كثيرًا فيقولون: صارت عينه زي العقيق.
  • العلاقة بين المسلمين والأقباط: ظلت العلاقة بين المسلمين والأقباط حسنة في الجملة، إلا في فترات ساءت فيها العلاقات لأسباب عرضية، نكل فيها المسلمون بالأقباط أو الأقباط بالمسلمين، وذلك كما فعل بعض الولاة المسلمين في التنكيل بالقبط عصبية منهم، أو كما فعل بعض الصرافين الأقباط بالفلاحين المسلمين، ولكنها على العموم كانت هفوات قليلة، ثم تعود الأمور إلى مجراها؛ إلى أن جاء عهد الاحتلال الإنجليزي فجروا في مصر وفي الهند وغيرهما على سياسة «فرق تسد» فحاولوا إيجاد ثغرة بين المسلمين والأقباط وخصوصًا في عهد السير غورست، فوجد متعصبون من هؤلاء ومتعصبون من هؤلاء، وكان من نتائج هذا وذاك أن عقد الأقباط مؤتمرًا لهم في أسيوط نددوا فيه بالمسلمين، وشادوا بذكر القبط ومحاسنهم وكفايتهم، وأجابهم المسلمون بعقد مؤتمر آخر في مصر الجديدة، برياسة رجل مصر الكبير مصطفى باشا رياض؛ وكان انعقاد هذا المؤتمر في غرة مايو سنة ١٩١١، وسموه المؤتمر المصري، وخطب فيه وجهاء المسلمين، كالشيخ علي يوسف وكان موضوع خطبته «التعليم في مصر وحظ المسلمين والأقباط منه»، والشيخ عبد العزيز جاويش في: «الربا في الإسلام»، وطلعت حرب قد خطب خطبة دعا فيها إلى إنشاء بنك مصر، وكذلك فعلوا على العموم في الإشادة بالمسلمين وتفضيلهم على الأقباط في العلم والذكاء الكفاية.

    ولما ثارت الحرب العالمية أراد بعضهم أن يثير الفتنة بين المسلمين والأقباط من جديد فحاول الإنجليز أن يثيروا الأقلية على الأكثرية، فكان الرد عليهم تعانق الصليب والهلال رمزًا لاتحاد المسلمين والأقباط، وفعلوا في تحقيق ذلك أفعالًا كثيرة، سدوا بها هذه الفجوة.

    ولما تألف الوفد المصري، للمطالبة بالاستقلال، كان من أعضائه مسلمون وأقباط؛ وارتفع صوت العقلاء يقضون على نزعة التعصب هذه، ويدعون إلى الألفة والاتحاد منعًا لدخول المحتلين من منفذ ولو ضيق، ليوسعوا شقة الخلاف، ومع هذا لم يزل الخلاف تمامًا، بل لا يزال هناك متعصبون من هؤلاء وهؤلاء، حتى ليكاد بعض المصالح يكون وقفًا على طائفة دون أخرى، كالأقباط في السكك الحديدية والمسلمين في قلم قضايا الحكومة ونحو ذلك، ونرجو أن يرتقي الرأي العام على مر الزمن فيزول هذا التعصب، ويكون الدين لله، وإذا كان الأمل أن تسود الإنسانية على القومية، فأولى أن تسود القومية على العنصرية.

  • علشان: يستعملونها كثيرًا لمعنى لأن، ومن أغانيهم علشان بحبك تدلع.
  • علمناه الشحاتة سبقنا ع الأبواب: تقال لمن علم الإنسان شيئًا، فسبق معلمه كمن تعلم من إنسان علمًا، وتصدر فيه حتى علم المعلم.
  • على السكين: تقال في بيع البطيخ والشمام؛ أي إن البائع ضامن لحمار البطيخ وحلاوة الشمام، وهو نداء غريب كان يجب أن نخلص منه من زمن بعيد، وذلك بإعدام السيئ وإبقاء الصالح كما فعلت الأمم الأخرى، فليس عندهم هذا النداء.
  • على سنجة عشرة: تستعمل في من يتزين أو تزينت على آخر طرز، فيقولون جاءت على سنجة عشرة، ولا أدري أصل معناها.
  • على عينك يا تاجر: تعبير يقال للشيء يعطى جهارًا من غير دس ولا تخبئة، فهو يعطيه الشيء على عينه؛ أي جهرة.
  • علي كاكا: هو شخصية غريبة تدل على ولوع المصريين بعلاقاتهم الجنسية، فهي شخصية رجل يلبس الحذاء ويلبس في وسطه حزامًا يتدلى منه قطعة على شكل الآلة الجنسية في أضخم أنواعها، وكان هذا المنظر يثير ضحك النساء والرجال على العموم ضحكًا بالغًا، وكانوا يصنعون منه نماذج من الحلوى في الموالد، وكان هناك نوع من الحلوى عبارة عن سكر مجفف فيه شربات، ويسمونه أيضًا شربات، ويدور البائع في الشوارع والحارات ويقول: «العروسة من الشربات، والعريس من الشربات، الحمة من الشربات، علي كاكا من الشربات.»
  • علي لوز: كان الأطفال في العيد يعقدون السكر ويصبونه في صوان صغيرة ويضعون عليه اللوز المقشر وينادون عليه «علي لوز» ولا أدري لم سموه علي، إلا أن يكون أثرًا من آثار التشيع، أيام كان التشيع منتشرًا في العهد الفاطمي؛ ولذلك كثيرًا ما تنسب الأشياء لعلي، كعلي لوز، وعند المطر يقولون: يا فرج علي، وعامل أبو علي، وأم علي، وعلي عليوه، وعلي يا علي يا بتاع الزيت، إلى غير ذلك مما لم يحضرني الآن، وقد يستعمله الأطفال جلبًا للعيدية فأقارب الطفل يأخذون من حلاوته هذه قطعة صغيرة تسمى «الملوق» ويدفعون له عيديته.

    وكان هناك من يتاجر بها في الأعياد فيصنع صواني كبيرة مملوءة بعلي لوز.

  • «الشيخ» علي يوسف: هو صاحب جريدة المؤيد، وكانت الجريدة إسلامية واسعة الانتشار والنفوذ، وكان الشيخ علي يوسف رجلًا ماكرًا ماهرًا بليغًا مقربًا من الخديو عباس. (انظر حادثتان).
  • عليه العوض ومنه العوض: تعبير يقال عند ضياع شيء، فهو يطلب العوض من الله، وأحيانًا تقال في شيء جيد يباع؛ أي إن ثمنه لا يفي به، كالذي ينادي على خيار طيب، فيقول: العوض على الله.
  • العمامة: العمامة في مصر شال خفيف يلف على الطربوش بعد تكويره، وهي أنواع: منها البيضاء، والسوداء، والخضراء، والحمراء؛ فالبيضاء هي اللبس العادي للمصريين والخضراء للأشراف من نسل علي، والسوداء لباس الأقباط والصوفية السعديين، والحمراء لباس بعض الصوفية من الطريقة البيومية؛ وكانت العمامة لباس أكثر المصريين، والمسلمين، فألغاها مصطفى كمال إلا على رجال الدين، وألزمهم بلبس القبعة.

    والمصريون باختيارهم غير أن كثيرًا منهم يلبس البدلة والطربوش بدل الجبة والقفطان، حتى طلبة الأزهر ودار العلوم.

    والسبب في ذلك أن العمامة غير محترمة في القاهرة الاحترام الكافي، وقد قلت مرة إن صاحب الطربوش موضع ثقة إلى أن يأتي بعمل يفقدها، أما صاحب العمامة فلا يوثق به إلا أن يأتي بعمل يمنحه الثقة.

    وقد كنت فيما مضى ألبس العمامة، فلقيت من لبسها أذى كثيرًا، مثل أني أردت أن أدخل مع صديق لي مطربش لوكاندة سميراميس، فمنعت منها لعمتي، وأجيز المطربش، ولما رأى ذلك امتنع أيضًا من الدخول، ومنها أني أردت أن أنزل لوكاندة في الإسكندرية للمبيت، فقيل لي: إنها كلها مشغولة، فلما جاء بعدي مطربش وجدت الغرفة، وإذا أردت الركوب في الترام في الدرجة الأولى قيل لي: إنها الدرجة الأولى، كأن المعمم محرم عليه أن يركبها، وهكذا من المصاعب، حتى اضطررت إلى تغيير لبسي.

    ومن أقوال الخليعات: «إوعي العمة توقف حالك»، ومن العمائم نوع ملفوف لفًّا محكمًا كعمائم الأقباط ويسمونها مقلة.

  • العمدة: هو رئيس البلدة أو القرية، وهو معزز في قومه، وإن كان ذليلًا أمام المعاون والمأمور، وبعض العمد يظلم الأهالي كثيرًا بفرض ضرائب مالية عليهم، وشراء المواد الغذائية كالبط والأوز بأرخص الأثمان، وأخذهم النساء بالقوة خادمات في بيوتهم، واستخدام الفلاحين وحيواناتهم في زراعتهم وغير ذلك.

    والفلاح يرعب إذا ناداه، ويحتكم إليه إذا تعدى عليه أحد، فهو في المسائل الجزئية يقوم مقام القاضي، ويجري مجراه على صورة أصغر شيخ البلد، وأبناء العمد والمشايخ يعتزون كثيرًا بآبائهم، فمن لم يحترمهم احترامًا زائدًا ضربوه وأهانوه.

    ويعفى أولاد العمد من القرعة، والناس يسمون كل من كان وجيهًا في لبسه ظاهرًا عليه الفلاحة عمدة، فيقولون: أوعى يا عمدة، واتفضل يا عمدة!

  • عمر الشقي بقي: يزعمون أن الموت يسرع للأخيار، أما الأشقياء فعمرهم طويل، ربما كان السبب أن الرجل المسن الحسن الأخلاق الطيب يكاد لا يشعر به الناس لحياته الهادئة، أما الشقي فكل ساعة يشعرك بوجوده بما ينغص عليك، فعمره ولو قصر مملوء بالأحداث فيكون طويلًا.
  • العمل داه جليطة: تعبير يعني أن مقرف وفي غير محله.
  • عمل على عندي: تعبير يعني أتى بأمور ضدي، يعاندني فيها، ويستخدمونها كثيرًا في الجناس، فيقولون، تعال عندي، ولا تعملش على عندي، والأولى بمعنى معي، والثانية ضدي.
  • عمل معاه شغل البليباه: تعبير يعني مكر عليه، وضحك على ذقنه.
  • عملها زعلة: أي تصنع الغضب.
  • عمودا جامع عمرو: هما عمودان في مسجد عمرو بمصر القديمة، أو بعبارة أخرى الفسطاط، يعتقد العامة أن من كان صالحًا استطاع أن يمر بينهما ولو سمينا، ومن كان فاسقًا لم يستطع ذلك ولو كان نحيفًا.

    وقد حدثت منهما مضار بسببهما اضطرت الحكومة إلى تسويرهما.

  • العمى يا بدر: تعبير يقال لمن يعثر مثلًا في شيء ظاهر.
  • عنده عكوسات: تعبير يعني عليه جن بتعاكسه.
  • عنزة السيدة نفيسة: حدث سنة ١١٧٣ﻫ أن خدمة السيدة نفيسة أظهروا عنزًا، وكبيرهم إذ ذاك الشيخ عبد اللطيف، وزعموا أن هذه العنز خلصت بعض الأسارى المسلمين من الأسر، وزعم الناس أن السيدة نفيسة أوصت عليها الشيخ عبد اللطيف من القبر، وأنها تارة تكون فوق المنبر، وتارة أخرى بالضريح … إلخ، وتسامع الناس بذلك وأقبلوا من كل فج عليها رجالًا ونساء، وقدموا إليها النذور والهدايا، وزعم الشيخ أنها لا تأكل إلا قلب اللوز والفستق، ولا تشرب إلا ماء الورد والسكر المكرر، فانهالت عليه هذه الأشياء، وعمل الناس لها كثيرًا من قلائد الذهب وأطواق الذهب، وصار الأمراء والأعيان يرسلون الشيء الكثير من ذلك، وفتن الناس بها، وأرسل الأمير عبد الله كتخده للشيخ يلتمس منه حضوره بالعنز ليتبرك بها هو وحريمه، فركب الشيخ بغلته والعنز في حجره وأمامه الطبول والبيارق وجموع الناس، فلما وصل إلى البيت دخل بها على الأمير في مجلسه، ومعه كثير من الأمراء فتبرك بها وأرسلها إلى الحريم، وكان قد أمرهم بذبحها وطهيها، فأعدت مع الأكل، وجلسوا يأكون والأمير يسأل الشيخ عن طعم لحمها فيقول لذيذ، والأمراء يتغامزون ويتضاحكون، فلما أكلوا وشربوا القهوة طلب الشيخ العنز فأخبر بذبحها فأسقط في يده وبهت، ووبخه الأمير وبكته وأمر أن يعمم الشيخ بجلدها، وأن يذهب به كما جاء بالطبول والزمور، وفي ذلك قال الشاعر:
    ومن أعجب الأشياء تيس أراد أن
    يضل الورى في حبها منه بالعنز
    فعاجلها من نور الله قلبه
    بذبح وأضحى الشيخ من أجلها مخزي
  • العواطف: يتميز المصريون بحدة عواطفهم في مآتمهم وأفراحهم، وأنهم تتحكم فيهم عواطفهم أكثر مما يحكمهم عقلهم، ففي المآتم يهيجون حزنًا، وقد يلطمون، وقد يصبغون وجوههم وأيديهم بالنيلة، ويأتون بالمعددة تهيجهم، ثم الخروج إلى القرافة والاحتفال الشديد بها، والمظاهر المتعددة فيها، ثم نصب الخمسان في أيام الخميس، وفي الأربعين، وفي كل موسم وعيد، مما لا ينتهي، على حين أنك ترى الأوروبي فلا تشعر أنه قد مات له ميت.

    وفي الأفراح تقام الولائم يستدعى تخت المغنين، والمغنيات، وتمد الموائد إلى زفة العروس، وحفلة السبوع والصباحية إلى غير ذلك.

    وقد يسبب هذا التغالي في المآتم والأفراح الفقر والبؤس، ويتحملونها في صبر.

    ومن مظاهر شدة العواطف الاسترسال في الضحك، والاسترسال في البكاء، والتأوه بصوت عال عند سماع مغن أو مغنية، والصوات والزغاريد، حتى لتظهر هذه الحدة في استعمال الشطة في المأكولات، وفي الإعجاب بالممثلين والممثلات، وفي التخريب في المظاهرات، وفي الميل إلى الألوان الصارخة في الملبوسات وغير ذلك.

    وأكثر ما يكون ذلك في النساء، فهن يقدرن كلام الناس فيهن أكثر مما يقدرن الحجة المنطقية ويتأثرن بالخبر السار أو المحزن أكثر مما يتأثر الرجال، وتظهر حدة عواطفهم في الأغاني والأشعار، فهي مملوءة حزنًا وضنى على الهجران، ومرحًا وسرورًا للوصال، وربما كان هياج العواطف أكبر سبب للتخريف، فالعواطف إذا هاجت التمست كل سبيل للوصول إلى الغرض.

  • عوج بن عنق: اسم مشهور دائر على ألسنة العوام، يقولون في وصف من كان طويلًا: «أطول من عوج بن عنق»، ولهم في وصفه خرافات غريبة، منها أنه كان يمد يده إلى قاع البحر المالح فيأخذ منه السمك الكبير، ثم يمد يده إلى الشمس فتنضج السمكة من حرارة الشمس.

    وقالوا: إنه كان في زمن الطوفان، فكان يمشي في الماء بجانب سفينة نوح، وقالوا: إنه مرض ذات مرة ونام، فكانت القوافل تمر عليه فيقول لها: إن بلغتم رجلي فانظروا ما الذي يخربشني فيها، وقالوا: إنه كان في زمن موسى فأراد موسى أن يضربه، فاضطر إلى أن يرتفع عن الأرض أربعين ذراعًا، وله عصا طولها أربعون ذراعًا أيضًا، وغير ذلك من الأساطير.

    وكلمة عوج عبرانية، معناها طويل العنق، وقالوا: إنه اسم لملك كان جبارًا، أطول من المعتاد، وقد انهزم في موقعة دموية، واقتسم بنو إسرائيل ملكه.

    وقال الشاعر:

    ليس حبيب قده دونه السمر الرقاق
    أعور الدجال يمشي خلف عوج بن عناق

    وقد اضطر الشعر إلى أن يحور عنق إلى عناق، وقد كانت أخبار هذا الرجل من الإسرائيليات التي دخلت في تفسير القرآن.

  • العونة: العونة السخرة، كأنهم يتعاونون في عمل الشيء، كالعونة في المحافظة على الجسور وتطهير الترع، وكانت هي الأخرى سببًا في ظلم الفلاحين من العمد ومشايخ البلاد، والفلاح يعمل في هذه العونة أو السخرة من غير أجر، وأحيانًا تكون العونة لمصلحة عامة، ولكن في مزرعة غني أو كبير، فمن عليه العونة يخرج في الصباح ومعه أيضًا أكله وبهائمه للعمل فيما كلف به، وطريقتها أن ينادي الخفير في الصباح: «العونة يا فلاحين، العونة يا بطالين …» فيخرجون ويوجههم الخفير إلى حيث يعملون، وفي بعض البلاد تفرض العونة على البيوت، ويقال على البيت الفلاني رجل، وعلى البيت الفلاني رجلان، والأسرة التي في البيت حرة في اختيار من يشتغل، وأحيانًا يستخفي من عليه العونة، ويخرج من البلد أحيانًا في زي امرأة أو يختفي في الفرن … وأكثر ما تكون العونة في بلاد الوسية؛ أي البلاد التي فيها أراضي الملاك الكبار من تفاتيش وعزب وغيرها، والعونة كانت من أكبر مصائب الفلاحين، وتتهددهم دائمًا بالظلم والقسوة، وكلما كان الفلاح عديم الملك أو قليل الزرع كان أكثر عرضة للعونة، وهو دائمًا خائف مرتعب أحيانًا من حضور ميعاد المال ومن الكاشف ومن الصراف وغير ذلك، ولذلك قال بعضهم:
    هم الفلاحة حيرني
    كل ساعة في نقصان
    ما أنفك من هم الوجبة
    لما ييجي مال السلطان

    (انظر سخرة، وانظر أيضًا وجبة).

  • عهد: العهد في اصطلاح الصوفية الميثاق الذي يأخذه الشيخ على المريد؛ فيقول للمريد إنه أخذ العهد، وللشيخ إنه أعطى العهد للمريد، وهو علامة على الدخول في طريقة من الطرق الصوفية كالبيومية، والسعدية، وبعد العهد يترقى المريد إلى مرتبات مختلفة حتى يصير قطبًا.

    وبعد أخذ العهد يأخذ عن الشيخ الأوراد، ويسير في الحياة وفقًا لما يأمره به الشيخ، وإذا أخذ عهدًا على طريقة عد من العيب أن يأخذ عهدًا على طريقة أخرى؛ كمن كان شافعيًّا لا يصلح له أن ينتقل إلى الحنفية وهكذا.

    وقد أخذت هذه الطريقة الأحزاب السياسية فمن انتسب إلى حزب لا يصح أن ينتسب إلى حزب آخر معه.

  • العيش: اسم يطلقونه على الخبز وهم يجلونه كثيرًا، فإذا رأى أحدهم قطعة من الخبز نحاها بجانب الحائط، وربما قبلها قبل ذلك؛ ولا يستحلون أن يدوسوا عليه، ويكنون بالعيش والملح عن شدة الروابط، فيقولون أكلت معه عيش وملح، وإذا لم تنفع الصداقة قالوا: «يخونه العيش والملح.»
  • عيشني النهارده وموتني بكره: تعبير يعني أنقذني اليوم وليكن غدًا ما يكون.
  • عيطت من كل عين حفان: تعبير يعني بكت بكاء كثيرًا، حتى إن دموعها تملأ حفنة اليد.
  • العين: العين إذا رفت فإنهم يتشاءمون بهذا إذا حصلت من إحدى العينين، ويتفاءلون إذا حصلت من الأخرى؛ ومن ذلك الأغنية المشهورة اليوم: «عيني بترف يا حبة عيني»، ويقولون إذا رفت عينه: اللهم اجعله خيرًا، ومن ذلك أيضًا خدر الرِّجل، فهم يزعمون أن الرِّجل إذا نملت، دل ذلك على أن صاحبها سيسير سيرًا طويلًا.

    وتطلق العين أولًا على الحسد، فيقولون للمحسود: «أصابته عين»، ويعتقدون أن بعض الناس في عينه قدرة على الحسد تؤذي من أصابته، ويداوون ذلك بالتعاويذ والبخور والأحجبة، ويقولون في أمثالهم: عين الحسود فيها عود، وكلمة العين تستعمل في الغناء كثيرًا، فيقولون: يا ليل يا عين، وينوعون نغمتها أنواعًا كثيرة. (انظر حسد وأحجبة وبخور).

  • عين الصيرة: هي عين مالحة مرة بالقرب من الإمام الشافعي، يعتقد المصريون أن من اغتسل فيها شفي من الأمراض، ببركة الإمام.

    والحقيقة أن العين ذابت فيها بعض مواد كيميائية، من المواد التي مرت عليها فجعلتها صالحة لشفاء بعض الأمراض، وخصوصًا الجلدية، وخصوصًا أيضًا طينتها التي تركزت فيها هذه المواد، فإنهم عادة يأخذون هذه الطينة ويضعونها على العضو الذي أصيب بالآفة فيمتص كثيرًا من السوائل الضارة فيبرأ المريض.

  • عينك ما شافِت إلا النور: دعاء لمن يخاطب، بأن عينه لا تقع إلا على ما يسرها.
  • العين ما تعلاش على الحاجب: تقال في الرجل يتواضع ويتكلم بكلام يدل على أنه أصغر ممن أمامه وأحقر، فيقول له: العين ما تعلاش على الحاجب؛ أي إن الذي يكلمه حاجب، وهو عين، فهو أرفع.
  • العينة بينة: تعبير يعني نموذج الشيء يدل على ما تحته.
  • عينه شيش بيش: تعبير يعني أنه لا يرى إلا قليلًا.
  • عينه مبظظة: تعبير يعني جاحظة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤