حرف التاء

  • التار: التار بمعنى أخذ الثأر، وهو أمر شائع في قرى الأرياف وخصوصًا الصعيد، وهم يتربصون بمن عاداهم حتى ينتظروا الفرص ويقتلوه، ويقولون لمن تقاعس عن ثأره: «الأحسن تلبس برقع» ويقولون: «من لم يأخذ تاره، النار أولى به»، ويقولون لمن تجاوز عن التار: «التار ولا العار.»
  • التأكيد: للعوام أنواع من التأكيد منها إشارات ومنها ألفاظ، فمن الإشارات أن يحرك رأسه إلى الأمام مع تلفظ بمعنى التأكيد، ومن الألفاظ التكرار للتأكيد، فإذا سألت فلانًا هل سافر فلان؟ يقول: نعم سافر وسافر، ويقولون للشيء: هو حلو حلو أو حامض حامض، أو حلو قوي، وأنا أحبك كثير كثير، وذكر العدد فيقولون اللهم صل على محمد ألف مرة، ومائة ألف مرة، ويستعملون في التأكيد أيضًا الضغط على بعض الألفاظ عند النطق، أو بعض حروف اللفظ، ومن أنواع التأكيد أيضًا الحلف الكثير بالله والمشايخ، وعندهم أنهم إذا قالوا: والله (بكسر الهاء) كان أشد، ولذلك يقولون: والله بعقد الهاء، وقد يؤكدون المعنى أيضًا بالحلف بالطلاق مرة أو ثلاثًا، فما تشعر المرأة في بيتها إلا وقد طلقت بسبب خارج عنها، وكذلك يقولون في التأكيد: إن عملت هذا أحلق شنبي، أو أكون خارجًا عن ملة الإسلام، أو يحصل لي كذا أو نحو ذلك.
  • التبني: التبني اتخاذ المرأة أو الرجل غير ولده ولدًا، ولذلك طرق كثيرة: منها أن القابلة قد تمكر مكرًا غريبًا فتأخذ معها امرأة أخرى وتكون هذه المرأة حاملة سقطًا جديدًا ملفوفًا في ثوب، فإذا ولدت المرأة، وخصوصًا إذا كانت فقيرة، أخذت القابلة الولد وكتمت نفسه حتى لا يبكي، وأعطته في سرعة للمرأة التي معها وأخذت السقط ووضعته بدل الولد، وادعت أنها ولدت سقطًا، وباعت الولد الجديد لأسرة بثمن كبير، وهذه الأسرة تسميه باسمها وتربيه كابنها.

    وثمة عادة أخرى وهي تبنّي أولاد اللقطاء، يأخذونهم من ملجأ اللقطاء صغارًا ويربونهم ويسمونهم بأسمائهم، ويلقبوهم بألقابهم، فينشأون في البيت وهم لا يعلمون، وقد لا يعلم هذا السر أحد إلا الرجل وزوجته، وهم يخصونه بقسم كبير من ثروتهم.

  • التثاؤب والعطاس: يعتقدون أن التثاؤب من أعمال الشيطان، فإذا تثاءب أحد قال أستغفر الله، كأنه ارتكب جريمة، وإذا عطس قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وقال له من بجانبه يرحمك الله، فيرد العاطس: «غفر الله لي ولك» أو غفر الله ذنبك، وهم يتفاءلون بالعطاس، ويتشاءمون من التثاؤب، وبعضهم يستعمل حركة العطاس في النطق بالشهادة فيقول: أشهد.
  • التجارة: أكثر التجارة في مصر، خصوصًا في الأزمنة القديمة، كانت التجارة الداخلية، أما الخارجية ففي يد الأجانب وأحيانًا يشتغل المصريون في الأعمال الصغيرة للتجارة كبيع الأدوات الصغيرة، ويسمونها الخردوات، وأحيانًا كانوا يتاجرون في البقايا الصغيرة بعد أن يشتغل الأروام بالأعمال الكبيرة، فمثلًا يدور بحماره وعليه كيس ليشتري بقايا القطن، بعد أن يكون قد باع الفلاح المحصول للتجار الأجانب، وبعض المصريين كانوا يشاركون الأجانب في شراء المحاصيل الكبيرة ولهم أجرة القبانية والمخزنجية، وهم في الغالب مغبونون يضحك عليهم الأروام والأرمن لجهلهم بالعادات التجارية، ولجهلهم أيضًا بالحساب، خصوصًا إذا كان البائع فلاحًا جاهلًا، فإنهم يفرحون بالثمن العاجل ولو قليلًا، فكانت نتيجة هذا غنى الأروام وفقر الفلاحين.

    هذا إلى التلاعب في الأوزان، والغش بالقبان، فلهم أساليب كثيرة متنوعة في غش تلك الآلة، ومن أجل هذا عينت الحكومة قبانيين رسميين رحمة بالفلاحين، وكانوا أيضًا مصيبة على الفلاح في الغش والخداع، وأحيانًا يتفق هؤلاء القبانيون الرسميون مع التجار الأروام، ويغشون في حاصل جمع الأقطان الواردة كأنهم أخطأوا سهوًا.

    وكذلك في استخراج صافي القطن فهم في عمليات الطرح يتعمدون الخطأ، وكذلك تجارة الحبوب، فبعض التجار المصريين يشترونها ويخزنونها ويحافظون عليها حتى تتحسن سوقها.

    وكان أهم ساحل ترسو عليه السفن الآتية بالمحاصيل هو ساحل بولاق الذي حل محله فيما بعد روض الفرج.

    ومن التجارة المنتشرة القماش، من بفتة، وشيت وقد كانت غالبًا في يد الأرمن أو الأروام، وكذلك تجارة الدخان والصابون ويأتي الصابون في الغالب من يافا، وطرابلس، ونابلس، وأغلب وسطائه من السوريين.

    وأما البقالة فأغلبها في يد الأروام إلا ما كان منها وضيعًا هزيلًا، وقل أن ينجح فيها وطني؛ لأن مصادرها في الغالب من اليونان أو إيطاليا، ويحسنها أيضًا بعض السوريين، ويبيعون منها ما يتصل ببلادهم، أما بعض أنواع البقالة فقد كان للمصريين نصيب كبير فيه، كالتجارة في السمن والزيت والجبنة البلدية، وهم يتاجرون أيضًا في الأسماك والخزف والحلي والوراقة والخردوات والأحذية والأخشاب، والفحم والجزارة، والكتب العربية ونحو ذلك.

    وقد كان سمعة المصريين رديئة في التجارة من ناحيتين: الأولى المساومة في الأثمان، فقد يكون ثمن الشيء خمسة فيقول التاجر عشرين أو خمسين، والثانية سوء المعاملة خصوصًا مع الأجانب، فقد يستوردون سلعًا ويماطلون في دفع ثمنها، حتى كف بعض التجار الكبار عن معاملتهم، وقد تحسنت الحال في هذه الأيام بعض الشيء لمخالطتهم الأجانب وشربهم من مشربهم.

  • تحطه على الجرح يبرد: تعبير يستعمل في الرجل حسن الخلق، حسن المعاملة، لطيف الحديث، فيقولون دا فلان زي المرهم، تحطه على الجرح يبرد.
  • تحفجي: كلمة يطلقها العامة على بائع المعاجين والمنازيل، وهي مواد يدخل فيها الحشيش والأفيون، ويحمل على تعاطيها تخدير الأعصاب عند الاتصال بالنساء وكثيرًا ما تكون هذه الأشياء سببًا في فساد كثير من الرجال.
  • التحيات: في الحديث: «إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله، وليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمك الله، فإذا قال له: يرحمك الله، فليقل يهديكم الله ويصلح بالكم»، والمصريون يقولون لمن عطس: يرحمك الله، فيقول العاطس: غفر الله لنا ولكم، ويقولون لمن سار في جنازة: «شكر الله سعيكم» فيرد: «عظم الله أجركم» ويقولون لمن يتوضأ: «من بير زمزم» فيقول: «جمعًا»، ويقولون لمن حلق ذقنه عند الحلاق: «نعيمًا» فيرد عليه: «أنعم الله عليك»، ويقولون لمن عولج: «بالشفا»، فيرد: «شفاكم الله وعفاكم»، ويقولون للمريض: «أجر وعافية»، فيقول: «عافاكم الله»، ويقولون للحاج: «بعودة» فيقول: «أعادها الله عليكم بخير»، يقولون في العيد: «كل عام وأنتم بخير» فيرد عليه بمثل ذلك، ويقولون لصاحب الجنازة: «عظم الله أجركم؛ فيقول: غفر الله ذنبكم إلخ» …
  • تختروان: هو عبارة عن نوع من الأعمدة الخشبية مغطى بالقماش، يحمله بعيران، وهو عادة تركبه العروس يوم زفافها، للانتقال من بيتها إلى بيت عريسها، ويركب مع العروس في التختروان بعض صواحبها، وكان يستعمل قبلًا في السفر إلى الحج، وليس المحمل إلا صورة مصغرة منه.
  • التراجمة: واحدها ترجمان، وهم قوم أغلب ما يكونون من سكان الهرم، يصحبون السائحين ليروهم الآثار المصرية، ويحكوا عنها بعض تاريخها، ومنهم من يتكلم الإنجليزية، ومنهم من يتكلم الفرنسية، ومنهم من يتكلم الألمانية، وهكذا …

    وثقافتهم محدودة، فهم وإن كان لسانهم طلقًا، يتصفون بسرعة الكلام، وإن كان في كثير من الأحيان غير جار على قواعد اللغة، وكثيرًا ما نراهم على باب الفنادق التي يكثر بها السياح، وفي الأقصر وأسوان، وقد يتصلون بالسائحات اتصالًا غير شريف ومنهم من يتزوج منهن.

    وفي بعض القرى بجوار الأهرام تجد وجه أطفال يخرجون لأمهاتهم الأوروبيات فيكونون بيض البشرة، صفر الشعر، زرق العيون من جراء ذلك، ولما شعرت الحكومة بجهل هؤلاء التراجمة أنشأت مدرسة تثقف طلبتها بالتاريخ المصري القديم وما يلزمه من لغة هيروغليفية وغير ذلك.

  • تربية الأطفال: يتربى الأطفال في البيوت، ومن العادة الطبيعية أن يربي الطفل أول أمره أمه، وأبواه يفرحان به ويعتنيان به، ومن أجل ذلك نظر إلى المرأة العقيم نظرة سيئة، واعتقد أن الله غضب عليها.

    وإذا تزوج الرجل امرأتين، كانت الولود أحب إليه من العقيم غالبًا، وقد يكون من أسباب تعدد الزوجات عقم المرأة الأولى، وتربية الأم أبناءها ليست مبنية على أسس التربية، وإنما هي تربية حيثما اتفق، إن مرض عالجته بطب الركة وإن أراد الأكل أكلته وإن لم يكن وقته، والعادة أن تبالغ في تدليله، وأن تطيل رضاعته، ثم يعينها الأب حتى يذهب الطفل إلى المدرسة، فيقل عبؤهما؛ وتحمل المدرسة أكثر عبئه، وقد يبالغ بعض الناس في تدليل أولادهم، من ذلك أني شاهدت طفلًا وعمره خمس سنوات وبنتًا ترقص رقصًا غريبًا وعمرها تسع سنوات.

    وبعض الرجال من الطبقة الوضيعة يعلمون أبناءهم السب والقذف، ويسمحون لهم أن يضربوهم أو يشدوا ذقنهم أو يشتموهم، فيخرج الولد عديم التربية قليل الأدب.

    وفي الأسرات الكبيرة تحضر مربيات أجنبيات لتربية الولد، ويعلم الطفل آداب الاجتماع والمعاشرة.

    وفي البيوت المتدينة يعلم الأطفال الصلاة والصوم حتى ينشئوا على الدين.

    وفي الطبقات الوضيعة يعلمون الأولاد الحرفة والكسب قبل الأوان، فترى طفلًا في السادسة يبيع الصحف في الشوارع أو ينوب عن أبيه في التجارة في الدكان أو نحو ذلك.

    وكلما زاد العلم حسنت التربية.

  • التربيعة: وهي أيضًا تمثل الحياة القاهرية في قرونها الوسطى، فيباع فيها العنبر المحلول وعطر الورد، وعطر الزهر، وأمثال ذلك، والبائعون أيضًا يمثلون البائعين في القرون الوسطى، فقفطان من الشاهي من غير جبة، ومركوب وحزام في الوسط، وتجد على وجهة دكاكينهم زجاجات مختلفة الأشكال والألوان مما أعدوه للبيع، وطريقة بيعهم أيضًا بالممارسة كأهل القرون الوسطى.

    وربما كان هذا الحي من مبدأ المغربلين إلى سيدنا الحسين، مطبوعًا بالطابع الشرقي البحت، فمن أراد معرفة الناس قديمًا فليبحث عنهم في هذا الحي، فطائفة في الكحكيين والفحامين تبيع البلغ، وطائفة تبيع العقاقير المختلفة الواردة من الهند وغيره وطائفة تبيع الغوايش والحلقان … إلخ.

  • ترترة: قطعة صغيرة من المعدن مخروقة من الوسط خرقًا صغيرًا، يستعمل لتزيين ثياب المرأة إذ تضوي بالليل وتلمع، ويضرب مثلًا في ضيق العين، فيقال: عينه زي الترترة، ويوضع أيضًا على مناديل الرأس، ويكثر النساء من استعماله في زينة العروس، ومما قيل من الفوازير فيه «قد النص وعينه بتبص.»
  • ترمس: هو من النباتات التي تنبت في الأراضي الرملية، وهو قديم العهد في مصر، وينقع في الماء حتى يطرا، وتزول مرارته، وأكثر ما يستعملونه للتسلية بعد العصر، كلب البطيخ واللب الأبيض، ويستعمل أيضًا لغسل اليد كالصابون، ويدق ويدعك به الجسم مداواة للبثور التي تظهر في زمن فيضان النيل، وتُسمى حمو النيل، ومن أمثال العامة:
    الندل ميت وهو حي
    ما حد حاسب حسابه
    هو كالترمس الني
    حضوره يشبه غيابه

    وقد يسمى ابن البحر؛ لأنه ينقع فيه.

    واشتهرت إمبابة بالترمس، فكثيرا ما يقولون: الترمس الإمبابي، وينسبونه إلى سيدي الإمبابي، فيقولون في المناداة عليه: يا إمبابي مدد!

  • التسالي: اعتاد المصريون أن يتسلوا بأشياء صغيرة بين الأكلات، مثل قزقزة لب البطيخ، واللب الأبيض، وهو لب القرع الأسطمبولي، والفشار، وهو حبوب الذرة المشوية، والترمس، والفول المفيلي، والفستق، وأنواع النقل، وخصوصًا في ليالي رمضان كالجوز واللوز والبندق، ويسمونه فطرة، وكذلك يتسلون بكيزان الذرة، فتجد كثيرًا من الباعة، وأمامهم النار يشوون عليها كيزان الذرة ويبيعونها، وفي الأيام الأخيرة أصبح من التسالي أيضًا أبو فروة، يشوونه كما يشوون الذرة، ويشوونه في الأسواق كما يشوونه في البيوت، ومن التسالي أيضًا البطاطة، ومص قصب السكر.
  • تسخير الجان: للمصريين اعتقاد كبير في العفاريت والجن وقدرة بعض الناس على تسخيرهم لمصلحة من أراد، سواء في ذلك خواصها وعوامها، وأغنياؤها وفقراؤها، ومسلموها وأقباطها، ويرتزق كثير من الطوائف بهذه الدعوى، ويستغرب الزائر لدار الكتب من كثرة الكتب التي تحتويها في هذا الموضوع وكثرة استعارة هذا النوع للمطالعة، ومن غريب الأمر أنهم يعتقدون في الكتاب المخطوط أكثر مما يعتقدون في الكتاب المطبوع، والمكتوب حديثًا أقل بركة وفائدة من المكتوب قديمًا، ومن أشهر ما ألف في قواعد هذا الفن القصيدة المشهورة المعروفة بالجلجلوتية، ومنها:
    بدأت باسم الله روحي به اهتدت
    إلى كشف أسرار بباطنه انطوت
    وصليت في الثاني على خير خلقه
    محمد من أزاح الضلالة والغلت
    سألتك بالاسم المعظم قدره
    بآج أهوج جلجلوت هلهلت
    بصمام طمطام والنور والضيا
    بمهراش مهراش به النار أخمدت
    وصب على قلبي شآبيب رحمة
    بحكمة مولانا العظيم فانطفت
    فسبحانك اللهم يا خير بارئ
    ويا خير خلاق ويا خير من بعت
    ألا واحجبني من عدو وحاسد
    بحق شماخ أشمخ سلمة سمت
    ألا واحرسني يا ذا الجلال بكاف كن
    بنص حكيم قاطع السر أسبلت

    … إلخ.

    وهم يعتقدون في أن للحروف أسرارًا ويكتبونها صورًا مخالفة للحروف المألوفة ويسمونها حروفًا روحانية أو علوية نظير هذه العلوم التي في العالم السفلي، ويزعمون أن لكل حرف خدامًا يحافظون عليه، ويزعمون أن لكل يوم من أيام الأسبوع جنًّا تغلب عليه ويعرفها من هو أهل لها، ففي كل ساعة من ساعات الأيام برج مخصوص له السلطان ولكل برج مواليد تتأثر به سعادة أو شقاء، وهم يعملون الأحجبة على حساب هذه الطوالع، وهذه صورة حجاب من الأحجبة:

    «بسم الله الرحمن الرحيم»، شهد الله أنه لا إله إلا هو الآية، له معقبات من بين يديه ومن خلفه الآية، الله لا إله إلا هو الحي القيوم الآية، اللهم قنا سيئاتنا وسيئات أعمالنا وسيئات ما يمكرون، إنا نحن نزلنا الذكر وإنه له لحافظون ١١٥١١ عوج وأعوج ياعوج ماعوج. وهكذا كثير من أنواع الأحجبة لقضاء المصالح المختلفة، وعندهم لوح يُسمى لوح الحياة ولوح يُسمى لوح الممات على هذه الصورة.

    لوح الحياة:

    ١ ٢ ٣
    ٧ ٨ ٩
    ١٣ ١٤ ١٥
    ١٩ ٢٠ ٢١
    ٢٥ ٢٦ ٢٧

    لوح الممات:

    ٤ ٥ ٦
    ١٠ ١١ ١٢
    ١٦ ١٧ ١٨
    ٢٢ ٢٣ ٢٤
    ٢٨ ٢٩ ٣٠

    ولحساب المريض أو الغائب أو الحاجة تقضى أولًا:

    يحسب اسم الطالب واسم أمه بالجمل والحاجة ومن هي عندهم، ويزاد على الحاصل اسم اليوم المسئول فيه، ويضاف إلى المجموع ما مضى من الشهر العربي، ويسقط من المجموع ٣٠–٣٠ وما بقي ينظر فيه: هل هو من لوح الموت أو من لوح الحياة، فإن كان في لوح الحياة فهو خير، وإن كان في لوح الممات فهو شر، ولهم في ذلك حساب طويل.

    ومن أراد أن تخدمه الجن فإنه يصوم أربعين يومًا في خلوة لا يأكل إلا خبز الشعير والزبيب الأسود، ولا يأكل إلا كل أربع وعشرين ساعة، ثم يتلو العزائم ويستحضر بها الخدام، والخادم الأول عبد أسود في يده حجر أحمر، وعزيمته يا بنوح دردموخ أجيبوا بحق سمعاط شموع برهوت برهين أسحيم. تقرأ ألف مرة وكذلك بقية الخدام الأربعين، ومنهم من له قدرة على إخراج الصوت من بطنه يزعم أن ذلك من عمل الجان، ولهم في ذلك كتب مطبوعة في الصلوات والدعوات، واشتهرت بذلك المغاربة على الخصوص.

    وهم يعتقدون في خاتم سليمان وهو على هذا الشكل:

    وبواسطته تستخدم الجان، وهو الذي بواسطته استخدم سليمان الجن فحملت له البساط، وبنت له البلاد، وقطعت له الأحجار وفجرت له الأنهار والآبار، ومن الكتب المشهورة في هذا «السر الرباني في العلم الروحاني»، «شموس الأنوار وكنوز الأسفار»، «البهجة اللماعة في تسخير ملوك الجن في الوقت والساعة»، «والفتح الرحماني في العلم الروحاني» وهكذا.

    وكلما أوغل الناس في قراءة الكتب التي من هذا القبيل وسماع أحاديث العفاريت قلت عقولهم وزادت خيالاتهم وأوهامهم.

    روى لي بعض من أعرفه أن أباه كان لا يؤمن بالزار ولا رؤية الجن ولا شيء من ذلك، ولكنه جلس ليلة وانقسم الحاضرون إلى فريقين فريق يؤيد رؤية الجن وفريق ينكره ومنهم أبي، واشتد الجدل إلى الساعة الواحدة بعد نصف الليل، قال: «فلما قام أبي لينام صحا في الساعة الرابعة فوجد كأن أحدًا ينبهه فانتبه فرأى عفاريت كثيرة في أجسام صغيرة، ورأى من يكلمه ويحادثه فقام مذعورًا ونبه أهل بيته ليحيطوا به خوفًا مما رأى في النوم، وهذا من غير شك نتيجة لما كان من أحاديث قبل النوم، وهذا يدل على أن المخ إذا شغل بهذه الأشياء تراءت له وانعكست له صورة الأحاديث في نفسه.

    قال: «ولذلك عزم أبي على ألا تذكر سيرة العفاريت أمامه وخصوصًا قبل نومه حتى لا يشغل ذهنه بها.»

  • التسليم: إذا قابل مسلم مسلمًا فالتحية بينهما أن يبدأ أحدهما: السلام عليكم، ويرد الآخر: عليكم السلام، إما برفع اليد إلى الرأس أو بدونها، والعادة أن يبدأ في التسليم الراكب على الماشي والقائم على القاعد.

    وإذا كانا قبطيين أو أحدهما قبطيًّا فالتحية أن يقول أولهما: نهارك سعيد، أو ليلتك سعيدة في المساء، ويقول الآخر: نهارك سعيد مبارك، أو ليلتك سعيدة، وبين النساء عادة تقول إحداهما: صباح الخير، وتكون الإجابة: يسعد صباحك، وفي المساء مساء الخير، وتكون الإجابة مساء الخير عليك، أو يسعد مساك.

  • التسميم والتحريق: اعتاد الفلاحون إذا عادى بعضهم بعضًا أن يسمموا بهائم بعضهم بالزرنيخ، أو يحرقون محصوله بإشعال النار فيه، فيقابله الآخر بمثله أو يزيد، فيسمم أيضًا بهائمه أو يحرق زرعه، ويفضل أن يفعل ذلك على شكواه عند العمدة أو عند أحد كبير أو عند الحاكم، ولذلك لا يخلو يوم من أخبار في الجرائد عن تسميم أو تحريق أو تقليع.

    وفي السنة الماضية كان لي صديق ذو مقام كبير موظف في الحكومة وظيفة كبيرة أبى أن يؤجر للفلاحين أطيانه المزروعة موزًا، فجاءه الخبر في الصباح أنهم وجدوا زراعته مقلوعة، حتى الفسائل الصغيرة، فخسر بذلك آلاف الجنيهات.

  • تشارك بدوي، مين يحاسب لك، تشارك جندي، مين يرطن لك: وهو مثل لطيف يستدل منه على ما كان عند البدو من سوء فهم، ومن قلة معرفة، فإذا عاملته لم تقدر على محاسبته لغباءته، كما أن التركي لا يعرف العربية، فإذا عاملته تعبت في إفهامه، واحتجت إلى ترجمان يرطن بينك وبينه، وهو يدل على اعتزاز الأتراك بلغتهم وترفعهم عن تعلم اللغة العربية أو كما يقولون اللغة المصرية؛ لأنهم ينظرون إلى المصريين نظر احتقار.

    حكى لي صاحب تركي قال: تزوج شاب تركي من فتاة مصرية سنة ١٩١٠ أو ١٩١١، ودخل عليها في بيت أبيها المصري، ثم أخبر أهله ورجاهم في الانتقال هو وزوجته إليهم فرفضوا بعد مدة طويلة، وأخيرًا أفردت له أمه جناحًا من البيت فأخذ زوجته وأمها وأختها إلى بيته «مع الجهاز» قالت الأم: وفرشنا فرشنا، وبعد مدة طويلة جاءتنا امرأة شركسية عجوزة، ونظرت إلى العروس وأختها وإليَّ نظر استغراب كأنها لم تر طول حياتها مثل هذا المنظر، ثم تركتنا وخرجت ثم عادت هذه العجوز ومعها ابنتها، ووقفتا بلا سلام ولا تحية، ودعت العجوز ابنتها إلى أن تنظر إلى الزوجة وأقاربها كأنهن شيء عجيب ثم خرجتا، وعند الظهر جاءتنا جارية سوداء وفي يدها صينية وعليها طعام وخبز فوضعتها على المائدة وانصرفت، وكذلك فعلت وقت العشاء، وظل هذا الحال طويلًا، فلم تطق الزوجة ولا أمها هذه المعيشة، وخرجتا وعرفتا من الزوج أن ليس أحد في البيت يتكلم العربية.

  • التشبيهات: يستعمل المصريون كثيرًا التشبيهات، وأداة التشبيه عندهم كلمة «زي» فيقولون مثلًا أحمر زي البلح، أزرق زي النيلة، أبيض زي اللبن، أخضر زي البرسيم، أصفر زي الكركم، ويقولون في وصف الرجل: طويل زي المارد، طويل زي المادنة؛ قصير زي العقلة، رفيع زي السنارة، تخين زي البرميل، ثقيل زي الدستور، وهو حجر معروف؛ خفيف زي ريش النعام، حلو زي الشهد، مر زي العلقم، حادق زي المش، حراق زي الفلفل، شديد زي الحصان، حلو زي المملوك، حمول زي الجمل، يستحي زي البكر، تلم زي المزين، أحبه زي عيني، أكرهه زي الموت، زي اللي أنا اجوزت أمه، وشه زي القمر، وشه زي ليالي آخر الشهر.

    وقد يحذفون زي «كما يفعل العرف في الاستعارة، فيقولون: نهاره لبن، نهاره قشطة.»

  • التصغير: للعامة طريقة في التصغير والتلميح لا تعرفها العرب، فيقولون في نفيسه نفوسة، وفي زينب زنوبة، وفي خديجة خدوجة؛ وأحيانًا يقولون حبوب للحبيب، وشطورة؛ أي شاطرة، وأحيانا يستعملون صيغة المؤنث للمذكر فيقولون: حوشة في حوش؛ أي حوش صغير، كباية في كوب، وأحيانًا يضيفون كلمة حتة فيقولون: حتة عيل؛ أي عيل صغير، وحتة قماش؛ أي قطعة صغيرة، وحتة أرض؛ أي أرض صغيرة.
  • التصوف: التصوف كان في الأصل معناه لبس الصوف زهادة في الدنيا، ثم صار في أغلب الأحيان، إلا في القليل النادر، صناعة لكسب العيش.

    وتتطلب هذه الصناعة عمامة خضراء وسبحة طويلة غليظة، والتظاهر بذكر الله، ودعوى مخاطبة الأولياء والاتصال بهم عن طريق الروح، وقد ذمهم كثير من الناس ومن الشعراء.

    وقد انتقد الجبرتي أعمالهم، وكلما جاءت مناسبة شنع عليهم، فيقول مثلًا: «في سنة ١٢٥٠ في عمارة مسجد زين العابدين، على يد عثمان أغا قال: فعمره وزخرفه، ونادى على أهل الطرق الشيطانية المعروفين بأرباب المشايخ، وهم ينسبون أنفسهم للأحمدية والرفاعية والقادرية فاجتمعوا بأنواع الطبول والمزامر والبيارق والخرق الملونة، حتى ملأوا الأسواق، وساروا، ولهم صياح ونباح، وجلبة وصراخ، وهم يتجاوبون بالصلوات، والآيات يحرفونها، ونداء أشياخهم بأسمائهم كقولهم: يا هو يا هو، يا بدوي، يا دسوقي، يا بيومي، والأغا راكب معهم، والفقهاء المعممون؛ والطبول تضرب، والستر المصبوغ مركب على أعواد من الخشب وحوله الرجال والنساء والصبيان يتمسحون ويتبركون، ويرمون عليه الخرق والطرح لتحصيل البركة، ولم يزالوا سائرين على هذا النمط والخلائق يزدادون حتى وصلوا إلى ذلك المشهد.»

    وسمعت في زمننا أن شيخًا كبيرًا من مشايخ طرق الرفاعي أعطته وزارة الأوقاف أربعمائة جنيه ليصرفها على الاحتفال بمولد النبي ، فحجز عليه؛ لأن تاجرًا مشهورًا حجز عليه بدين له ثمن صناديق مشروبات روحية.

    هذه طائفة كبيرة من المتصوفين، ولسنا ننكر أن هناك طائفة قليلة صدقت نيتها، وزهدت في الدنيا، ولكنها لا تحب أن تعرف ولا تعلن عن نفسها بشيء من هذه الألاعيب، إنما قصروا علاقتهم على ربهم وأخلصوا له، وباشروا أمور الدنيا كما يباشرها رجال الدنيا، وقصروا تصوفهم على قلوبهم وقليل هم.

  • التعذيب: نذكر هنا أنواع التعذيب التي كان يستعملها الأتراك في عهد ولايتهم، فمنها الخازوق ولم أره، والشنق والضرب بالسيف، والصلب، والخنق، والضرب بالكرباج على الرجلين والظهر، وكان بعضهم يأمر بإذابة الملح ووضعه على مكان الضرب نكاية للمضروب.

    ومما يُروى أن تركيًّا اتهم أَمَةً له فأنكرت، فأمر بوضع الجمر على كفيها وعمل القهوة على الجمر حتى تعترف.

    وأحيانًا يضعون يد المتهم في الفلقة ويأمرون بضربها بالكرابيج، وأحيانًا يستمرون في ذلك حتى تقع أصابعه وكفوفه من الضرب، ومنهم من يضع بوقًا في فم المتهم ثم يأمر بسقاء ذي قربة فلا يزال يصب في البوق حتى تمتلئ بطنه ويقع، وبعضهم يغلي الماء ويصبه على المتهم، ومنهم من يقطع أذن المتهم أو أنفه أو يقلع عينه، ومنهم من يغلي «الزفت» ويصبه على رأس المتهم، ومنهم من يعري المتهم ويربطه بجذع شجرة طول ليلة شاتية، وبعضهم يستعمل التخشيب، وهي قطع ضخمة من الخشب يفصل بينهما، ويوضع المتهم بينهما ثم يطبقون القطعتين ويسمرونهما، وأكثرها تعذيبًا الضرب بالكرابيج كما يأمر الحاكم التركي، من خمسمائة زوج أو الألف، أو ألف وخمسمائة، اشتهرت في ذلك الكرابيج الزعر، وهي القصيرة المقطوعة الطرف، ويصفون الرجل بأن كرابيجه زعر.

    ومن ذلك الزخم الجلد، ومن المصريين من كانوا يقلدون الأتراك في هذه الأعمال ثم قضي عليهم، ومن التعذيب إركاب المتهم على حمار بالمقلوب؛ أي وجهه إلى وراء الحمار، وأمامه الطبل والمزمار، والأطفال تصفق وراه، ويوكل به من يلطشه، وهذا ما يسمونه «بالتجريس»، ومن ذلك ربطه بالحبال وجره إلى مخزن القاذورات بالمساجد، ونتف الذقن شعرة شعرة، والتعريض للشمس طول النهار في أيام الصيف.

  • التعصب: في بعض المصريين نوع من التعصب شديد، كالتعصب لقومه أو لبلده أو دينه، ومن عهد قريب كانت كل قرية تنقسم إلى حزبين: سعد وحرام، وبينهما حروب ومشاجرات، حتى كان الفريق لا يستطيع أن يسكن بجوار الفريق الآخر، فأحيانًا يفصل الحاكم بينهما بشارع، وأحيانا ببلدة قد صارت خرابًا من كثرة القتال.

    وقد تبرأ قسم حرام من هذه التسمية؛ لأنه لما سقطت دولتهم سمي كل لص حراميًّا، فكانوا يسمون في الشرقية النعامنة، ويحكى أن امرأة من النعامنة هؤلاء ذهبت إلى ساقية لتملأ جرتها، فأراد أحد السعديين أن يعتدي عليها فصرخت، فجاء النعامنة وتجمهروا على الرجل حتى قتلوه، وقام السعديون لأخذ الثأر وهكذا، وكان هناك تعصب آخر يشبه هذا، وهو التعصب لأبي زيد الهلالي وزغبة، وكان هناك محدثون يطوفون بالبلاد، منهم من يحفظ سيرة أبي زيد، ومنهم من يحفظ سيرة زغبة، وتنصب للمحدث نصبة وتتلى فيها الأشعار، فإذا انتصر أبو زيد في حروبه جمعت النقطة له ممن يتعصبون لأبي زيد، وأحيانًا يقع الفريقان في قتال من أجل تعصب كل فريق لصاحبه.

    ولما جاءت المدنية الحديثة تعصب كل فريق لحزبه مع العداء الشديد بين سعدي ووفدي وحر دستوري، من غير عداء بين المبادئ، وإنما هو تعصب بين الأشخاص من غير مهادنة ولا مسالمة …

    ولما جاءت الحرب الأولى وحارب الإنكليز والفرنسيون والأمريكيون من ناحية، والألمان والإيطاليون من ناحية أخرى، تعصب أكثر المصريين للألمان، وذلك لأن الأتراك المسلمين كانوا بجانب الألمان.

    والتاريخ من عهد هيرودوت إلى الكندي إلى الجبرتي يصف مصر بأنها بلد العجائب والغرائب.

  • التعميرة: التعميرة في لسان العامية عبارة عن غابتين ركبتا على جوزة من جوز الهند أو شبيهها، ثم يوضع على إحدى الغابتين قطعة من الفخار أو نحوه ملئت جمرًا ووضع على الجمر (تمباك) أو حشيش أو حسن كيف (انظر حسن كيف) فيأخذها الشارب ويتنفسها حتى تحترق المادة المذكورة في الجمر، وفي العادة خصوصًا في الحشيش يتبادل الحريفون الجوزة حتى تنتهي.

    وفي أمثالهم المشهورة «الكيف مناقلة»، ثم للحشيش على الخصوص محلات خاصة يسمى كل منها «غرزة» يكون فيها الحشيش والجوزات والنار وكل ما يتصل بها، وأكثرها للعامة وأشباهها، وهناك غرز أرستقراطية خاصة فرشت أحسن فرش، وهيئت أحسن تهيئة، يغشاها علية القوم الكييفون، وقد استترت عن الأعين بستار كثيف حتى لا يراها البوليس.

    ومما يلاحظ دائمًا أن هذه الجوزات تصحبها النكت البارعة والنوادر اللطيفة، لما اشتهر عن الحشيش من تجليته للذهن وتظريفه للحديث.

  • التغييرة: اصطلح أهل الأزهر على تسمية الملازم التي يستعيرونها من كتاب المطالعة ثم ردها «تغييرة» وأولاد البلد يسمون البلغة المستعملة أو المركوب المستعمل «تغييرة»، وبعض أولاد البلد اعتاد ألا يلبس إلا البلغة الجديدة فإذا مضت عليها أيام غيرها ببلغة أخرى جديدة.

    وهناك على العكس من ذلك من لا يلبس إلا «التغييرة»، وقد يدفع في ثمنها أكثر من الجديدة؛ لأنها وقد قدمت وعاشت دلت بذلك على متانتها وجودتها.

  • التفاؤل والتشاؤم: يكثر المصريون من التفاؤل والتشاؤم، فيتفاءلون مثلًا بالأسماء كسعد وبخيت، ويتفاءلون باللون الأخضر، ويقولون في دعائهم لمن سكن بيتًا جديدًا جعله الله عليك سلقًا أخضر، ويجتهدون في أن يدخلوا أول ما يدخلون بشيء أخضر، ويتشاءمون من الأسماء القبيحة مثل: «صعب»، ويتشاءمون من الإناء الفارغ ويطلقون عليه «ملآن» ويتشاءمون أيضًا من الكنس بعد الغروب ومن بيع الإبرة بعد العصر، ومن الأعور إذا اصطبح به، وهكذا … ويعتقدون أن التشاؤم في ثلاثة وإن لم يقتصروا عليها وهي مشهورة، كقولهم: أعتاب وأقدام ونواص، كما ذكرنا، ويقصدون بالأعتاب الدور، وبالأقدام الماشية، فحمار سعيد يجلب السعادة، وحمار شقي يجلب الشقاء، وكذلك الغنم، ويقصدون بالنواصي الخيل، وليس الأمر متعلقًا بالجمال والقبح، فقد يكون الشيء جميلًا وبخته سيئ، وقد يكون قبيحًا وبخته حسن، ويتفاءلون ويتشاءمون خصوصًا إذا رأوا القمر على وجه إنسان سعيد تفاءلوا أثناء الشهر، أما إن رأوه على وجه إنسان شقي شقوا به طول الشهر كذلك.

    والناس عندهم قسمان: وجوه سعيدة، ووجوه شقية؛ والأمثلة على ذلك كثيرة، يتشاءمون أيضًا من صوت البوم بعكس صوت الحمام أو اليمام، فالبوم إذا تغنى فذلك نذير الخراب، ويكرهون أيضًا صوت الطاووس، ولا نطيل في ذلك، فلهم في التفاؤل والتشاؤم أمور كثيرة.

  • تفضل الحاجة تقول نيني نيني لما ييجي الخايب يشتريني: تعبير يقال عن الشيء السيئ يبقى لا يُباع، حتى يأتي خائب فيشتريه …
  • تفضفض بما في ضميره: ومثله فضفض، تعبير يقال إنه عبر عما في ضميره.
  • التقريفة: يصاب الإنسان أحيانًا بميعان النفس، وميلها إلى القيء، وذلك قد يكون لتحرك العفونة أو من النظر إلى شيء مستقبح، فهم يعالجون ذلك بالليمون الحامض أو يعلقون شيئًا أصفر على رأسه يتدلى أمام عينيه، ونحو ذلك.
  • تلاوة القرآن: اشتهر أبناء مصر بحفظ القرآن، فيبدأ فقهاء الكتاتيب بعد تعليم القراءة والكتابة أن يحفظوا القرآن، في اللوح، فيحفظ الطفل ما في استطاعته طوال الأسبوع، ثم لسيدنا يوم يسمع فيه للطفل الماضي، ولا يزال كذلك حتى يتمه.

    وبعض الناس يتخذ تلاوة القرآن حرفة؛ فيقرأ في البيوت كل يوم جزءًا، ويقرأ على المقابر أيام الأعياد ويقرأ في المآتم، وبعضهم إذا ساءت حاله يقرأ في الشوارع، وخصوصًا العميان منهم، وكثيرًا ما ترى في الشوارع بعض الفتيات الكفيفات يقرأن القرآن.

    ويعتقد المصريون أن قراءة القرآن، من الفقهاء في البيوت أو في الدكاكين يجلب إليها البركة ويبعد الشياطين، والعلماء يلجأون إلى قراءة القرآن عند الحرب أو عند نزول كارثة بالبلد.

    وتجد في بعض المساجد والأضرحة طاولة عليها مصاحف القرآن، قد وقفت على من يريد أن يقرأ منها.

    ولما انتشر الراديو وكان من نظامه قراءة فقيه فيه في الصباح قلت عادة إحضار الفقهاء للقراءة في البيوت.

    وقد اعتاد الأغنياء والمتوسطون أن يحضروا في رمضان فقهاء يقرءون القرآن إلى السحور كل ليلة.

    وإذا مات ميت أحضر بعض النساء لقراءة القرآن على النساء صباحًا، وأحضر الفقهاء من الرجال لقراءته على الرجال عصرًا وبعد العشاء مدة ثلاث ليال، كما أن الميت قبل أن يدفن يستحضر بجانبه فقيه يقرأ عنده القرآن إلى أن يدفن.

    ومن أسباب حضور الفقيه أن النساء يمتنعن عن الولولة والعويل متى قرئ القرآن، ولذلك يستعان على صدهن عن الولولة والصراخ بإحضار الفقيه، والفقيه أيضًا يقرأ في المسجد كل يوم جمعة قبل صلاتها سورة الكهف، وفي الحفلات الكبيرة كثيرًا ما يدعى فقيه يقرأ قبل الخطبة عشرًا من القرآن، كما يقرأ في آخر الحفل، سواء كانت الحفلات حفلات فرح، أو تأبين، أو حفلات سياسية، وكان العميان يكاد يتحدد موقفهم ومستقبلهم بحفظ القرآن، وقراءته، وإذا منح القارئ صوتًا جميلًا كان ذلك باب رزق له كبيرًا، وقد اشتهر بعض الفقهاء بحسن الصوت فاستدعوا للمآتم والأفراح والقراءة في الراديو، فدر عليهم ذلك مالًا وفيرًا، وهم يستدعون أيضًا للقراءة في الأرياف للمناسبات.

    وقد اعتاد الفقهاء في المآتم والأفراح أن يقرءوا جزءًا من سورة البقرة عصرًا، وأن يقرءوا سورة يونس وهود ويوسف والرعد والحجر والنحل والإسراء بعد العشاء ويختموا بالسور القصار.

  • التمثيل: جاءت من الشام إلى الإسكندرية فرقة تمثيل عربية برياسة الشيخ خليل القباني، ومثلت بعض تمثليات منها رواية «نكران الجميل» و«هارون الرشيد»، وكان هذا التمثيل بدائيًّا، فلم يسمح بظهور النساء على المسرح، فكان إذا اضطر الممثل لتمثيل امرأة اختار شابًّا من الشبان ليمثل المرأة.

    وقد مثلت كذلك روايات كان قد عربها المرحوم محمد عثمان بك جلال من فولتير وغيره؛ وارتقى التمثيل ببناء الخديو إسماعيل الأوبرا، ودعوة فرقة إيطالية لتمثيل رواية وضعت لهذا الغرض، وهي التي تسمى «عايدة»، كما ارتقى فيما بعد على يد فرقة قومية، ومن التمثيليات ما اشتهر من تمثيليات ابن دانيال الموصلي قديمًا.

    فقد امتاز ابن دانيال بفن طريف وهو التمثيليات المسرحية، ومما يؤسف له أن مؤرخي الأدب العربي لم يعنوا بتأريخ هذا الفن مع أنه أصل من أصول الأدب، وكانت تمثيليات ابن دانيال تمثل على خيال الظل، وكانت تسلية للطبقات السفلى، ولكن لم يمنع هذا من عرضها على الكبراء، تنتقل إليهم ولا ينتقلون إليها فحكوا أن صلاح الدين كان يرى هذه التمثيليات ومعه وزيره القاضي الفاضل، وأن السلطان سليمان الأول كانت تمثل أمامه تمثيليات في خيال الظل، وكذلك الخديو توفيق.

    وشاع أن خيال الظل كان سائدًا منتشرًا في أيام المماليك، وروى الشيء الكثير عنه ابن إياس، وقد أخذ السلطان سليم أحد الممثلين لتمتيع ابنه به وهو الذي صار بعد ذلك سلطانًا وهو السلطان سليمان.

    وقد وجد الباحثون بعض هذه التمثليات في بعض قرى النيل الصغيرة.

    وكان ابن دانيال يؤلف تمثيلياته باللغة الفصيحة، ويميل إلى السجع، على نمط مقامات الحريري وهي مملوءة أيضًا بالأشعار والزجل.

    وقد أمضى بعض المستشرقين الألمان كالأستاذ جاكوب سنين طويلة في دراسة تمثيليات ابن دانيال، وقد عثر له على تمثيليات ثلاث: الأولى اسمها «طيف الخيال» وهي تصور الحالة السياسية والثقافية بمصر على عهد السلطان بيبرس، والثانية رواية «عجيب وغريب» وهي غير المعروفة بهذا الاسم في السوق، وهي تمثل سوقًا كبيرة يدخل الممثلون فيها واحدًا بعد واحد، يعرضون فيها بضائعهم، والثالثة اسمها «المتيم» وهي تصور عشق المتيم هذا لليتيم، وفيها تحريش الديوك بعضها على بعض للقتال، ونطاح الكباش والثيران، وعلى كل حال تشهد لابن دانيال بالفضل وسعة الخيال، والقدرة على الفكاهة.

    وفي التمثيلية الأولى يعرض المؤلف لعصره وما فيه من المفاسد، وأمر السلطان بإزالة الفساد، فصور ذلك ابن دانيال بقتل الشيطان، وفي هذه التمثيلية أيضًا إشارة إلى ما حدث في مصر من وصول الخليفة العباسي من بغداد وتنصيبه خليفة في مصر؛ إلى آخر ما هنالك من إشارات إلى حوادث حصلت في أيام الظاهر بيبرس، فابن دانيال يصور تصويرًا دقيقًا الحياة المصرية الشعبية في ذلك العصر، وهي ناحية أغفلها المؤرخون، وهو كما قلنا يُعنَى بالجمع، فيقول مثلًا: «إن الغريب مرحوم، والمرء يسعى والرزق مقسوم، والمفلس يجمع الدنانير، والصدقة بالحبة هينة على ذوي الأقدار فاركبوا غوارب الإلحاح، (يخاطب الشحاذين) والبسوا دروع الوجه الوقاح، وتعاموا مبصرين، وتطارشوا سامعين، واركبوا على جلودكم الجلود المسلوخة؛ واشربوا نقيع التين، لتصبح وجوهكم مصفرة، وبطونكم منفوخة … إلخ.»

    ولكن مع استعماله للغة الفصيحة لا يتحرج أحيانًا من ذكر كلمات شعبية، أما المتيم ففيها وصف للحب، وحيل المحبين، فيمثل شخصًا هيجه الغرام، بَكَى في انتخاب، ويقول:

    أهل الغرام تجمعوا
    وتوسلوا وتضرعوا
    موتوا تعيشوا في الهوى
    وتمزقوا وتقطعوا
    وخذوا حديث متيم
    عمن سواه أو دعوا
    صب سماء دموعه
    من صبها لا تقلع
    لم يبق إلا أضلع
    من سقمه تتقعقع
    وادي العقيق بجفنه
    والدمع منه ينبع

    ثم يقول: «أواه، أواه … وا حباه … وا قلبها …! المتيم مسكين … جرح من غير سكين …

    من أرسل ناظره … أتعب خاطره … والعاشق كل شيء يذكره … لمعان البرق يؤرقه … وإذا دنا الليل منه … يهرب النوم عنه … إلخ.»

    •••

    وعلى كل حال وجد واضعون للروايات قبل ابن دانيال وبعده، وما أحقها بالتاريخ، فإنها تضيف بابًا لطيفًا إلى أبواب الأدب المعروفة (انظر ابن دانيال).

  • تملا بنوره: تعبير يعني تمتع به وبمنظره.
  • تنبل: يطلقونه على البليد الكسلان، والكلمة فارسية، وقالوا: تنبل، واشتقوا منها فعلًا، فقالوا: تنبل الرجل؛ أي تبلد.
  • تنميل الرجل ورمش العين، وأكلان الكف: هي حوادث طبيعية، ولكن العقل الخرافي يجعلها علامة لأشياء، فإذا رمشت العين اليمني دل ذلك على خير يحدث، وإذا رمشت العين اليسري، دلت على الشر، وإذا أحس الإنسان بأكلان في كفه اليمنى زعم أنه سيسلم على أحد، وإذا أكلته يده اليسرى، دل على أنه سيقبض فلوسًا من أحد، وهكذا.
  • توريني حتاويك: ومثله توريني وحايدك، تعبير يعني الألاعيب التي تأتي بها تضحك بها على الناس.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤