الفصل الحادي عشر

عرضٌ مذهل

وقفَت إليزابيث ويدُها خلف ظهرها، متَّكئةً قليلًا على طاولة الكتابة. وقبضَ البروفيسور، بقبَّعته العريضة الحواف على أصابعه، وراحَ يذرع الغرفة الصغيرة بلا كللٍ ذَهابًا وإيابًا. لم تكن المناقشةُ ممتعةً تمامًا. كانت إليزابيث رابطةَ الجأش وجادَّة، أما والدها فكان عصبيًّا وثائرًا.

قال: «أنتِ مجنونة يا إليزابيث! ألا تفهمين، أم أنكِ لن تفهمي؟ إنني أقول لكِ إننا لا بد أن نرحل.»

هزَّت كتفَيها.

سألت: «إلى أين ستجرُّني؟ نحن بالتأكيد لا نستطيع العودة إلى نيويورك.»

التفتَ إليها بشراسة.

سألها: «وغلطة مَنْ أننا لا نستطيع العودة؟ لولاكِ أنتِ ولولا خُططُكِ المربكة، كنت سأستطيع أن أسير في برودواي الأسبوع المقبل.» وتمتم قائلًا: «إنها مدينة الله أيضًا. أتمنى لو لم نرَ هذَين الشابَّين قط.»

اعترفَت قائلة: «ربما كان ذلك مؤسِفًا، ومع ذلك كان علينا أن نفعل شيئًا. كنا مفلِسَين تمامًا، على الحديدة كما يقولون هنا.»

قال البروفيسور: «على أي حال، يجب أن نخرج من هذا.»

أجابت: «أبي العزيز، سأوافق على ذلك إن حدث وظهرت مدينة جديدة أو عالم جديد من قاع البحر، حيث يكون البروفسور فرانكلين غير معروف، وابنته الجميلة إليزابيث لم يُسمَع عنها قط، عندئذٍ يكون من الأفضل لنا أن نذهب إلى هناك. كما هو الحال …»

فقال: «هناك روما، أو بعض الأماكن الأصغر! لدينا المال لبعض الوقت. وربما يمكننا الحصول على مسوَّدة أخرى من وينهام.»

هزَّت رأسها. وقالت: «نحن هنا آمنون تمامًا كما في أي مكان آخر في القارة.»

مرةً أخرى ضربَ الطاولة. ثم ألقى يديه فوق رأسه بالغريزة الميلودرامية التي كانت دائمًا ما تجري بقوة في دمه.

وصاحَ: «هل تعتقدين أنني أحمق؟ هل تعتقدين أنني لا أعرف أنه لو لم يكن هناك شيءٌ يدور في عقلك، لَما فكَّرتِ في ذلك الموظف، هذا الوكيل العقاري البرجوازي، أكثر مما تفكرين في سجادة مسح الأحذية أمام الباب؟ هذا ما أشتكي منه دائمًا. أنتِ تستخدمينني كأداة. هناك دائمًا أشياءُ لا أفهمها. يأتي هذا الشاب هنا بحجة سواءٌ كان يعلم ذلك أم لا. وتتحدثين معه مدةَ ساعة في كل مرة.» وتابعَ، بصوتٍ قد بُحَّ فجأةً وهو يميل نحوها: «يجب ألَّا يكون هناك شيءٌ في حياتكِ لا أعرفه يا إليزابيث. ألا ترين أن الصداقات تمثِّل خطرًا عليكِ وعليَّ، وأن العلاقات الحميمة من أي نوع تشكِّل خطرًا هي الأخرى؟ وأنا أشارككِ الخطر؛ ولذا من حقي أن أشارككِ المعرفة. أظن أن هذا الشاب ليس لديه أموال. فما الفائدة التي ستعود علينا منه؟»

فأجابت: «أنت متسرع جدًّا يا والدي العزيز. دعني أؤكِّد لك أنه لا يوجد شيءٌ غامض على الإطلاق بشأن السيد تافرنيك. الحقيقة ببساطة هي أن هذا الشاب يجذبني بالأحرى.»

حدَّق البروفيسور في وجهها بذهول.

«يجذبكِ! هو!»

تمتمَت: «أنت لم تفهمني تمامًا قط يا والدي العزيز. لم تُقدِّر قطُّ تلك السِّمةَ في شخصيتي، ذلك التفضيل الغريب، إذا جاز لي القول، للشيء الجديد تمامًا. والآن أنا لم أقابل في حياتي كلِّها مثلَ هذا الشاب. إنه يرتدي ثيابَ شخصٍ عادي، كما وصفتَه، ولديه ملامحُ وكلام شخص عادي، ولكن هناك فَرقًا.»

قاطعها البروفيسور بغلظة: «فرقًا، حقًّا! وما هو هذا الفرق، أود أن أعرف؟»

هزَّت كتفَيها برقة.

وأوضحت: «إنه متبلِّد الحس دون أن يكون غبيًّا. إنه متمحورٌ حول نفسه. أبتسمُ له وينتظر بصبر حتى أنتهيَ لكي يتمكَّن من متابعةِ أعمالنا. لقد قلتُ له أشياءَ لطيفة جدًّا فحدَّق في وجهي دون أي تغييرٍ في تعبيرات وجهه، ودون أي متعة أو عاطفة من أي نوع.»

قال والدها: «أنتِ متكبرة جدًّا يا إليزابيث. لقد كنتِ مدلَّلة. هناك القليل من الناس في العالَم حتى أنتِ قد تفشلين في استمالتهم. لا شك أن هذا الشاب هو واحدٌ منهم.»

تنهَّدت برفق.

اعترَفَت قائلة: «يبدو الأمر فعلًا كما لو كنتَ على حق، لكننا سنرى. بالمناسبة، أليس من الأفضل أن تذهب؟ الدقائق الخمس أوشكت على الانتهاء.»

جاءَ إلى جانبها، وقبعتُه وقفازاته في يده، مستعدًّا للرحيل.

قال متوسِّلًا: «هَلا أخبرتِني بشرفكِ يا إليزابيث، أنه ليس هناك سببٌ آخرُ لاهتمامكِ؟ أنكِ لستِ متورطةً في أي خطط جديدة لا أعرف عنها شيئًا؟ الأوضاع سيئة بما فيه الكفاية. لا أستطيع أن أنام، ولا أستطيع أن أرتاح، لأنني أفكِّر في وضعنا. إذا اعتقدتُ أن لديك أيَّ خطط جديدة قيد التنفيذ …»

نفَضَت الرماد من سيجارتها ورمَقَته بنظرةٍ خاطفة.

قالت بتمعُّن: «إنه يعرف مكان بياتريس، ولا أستطيع إقناعه بإخباري. لا يوجد شيءٌ أبعد من ذلك … لا شيء على الإطلاق.»

عندما أُخبِرَت بقدوم تافرنيك، كانت إليزابيث لا تزال تدخِّن وتجلس في مقعدٍ وثير وهي تنظر إلى النار. شيءٌ في جِلستها، ووضعيةِ رأسها وهو يستقرُّ على أصابعها، ذكَّره فجأةً ببياتريس. ولم يُظهِر أيَّ عاطفة سوى توقفٍ مفاجئ في مشيته عبر الغرفة. ومع ذلك، حتى هذا كان ملحوظًا، في شخص أثار استياءها بأسلوبه الآلي.

قالت ببهجة: «صباح الخير يا صديقي! هل أحضرتَ لي القائمة الجديدة؟»

أجابَ تافرنيك: «للأسف لا يا سيدتي. لقد أتيتُ ببساطةٍ لأعلِنَ أنني غيرُ قادر على تقديم أي مساعدة إضافية لكِ في هذا الموضوع.»

نظرَت إليه دقيقةً دون تعليق.

وسألَت: «هل أنت جادٌّ يا سيد تافرنيك؟»

أجابَ: «نعم. الحقيقة هي أنني لستُ في وضعٍ يسمح لي بمساعدتكِ. لقد تركتُ العمل لدى شركة ميسرز داولينج، سبينس آند كمباني.»

سألت بهدوء: «بمحض إرادتك؟»

اعترفَ قائلًا: «لا، لقد فُصِلتُ. كنتُ سأُجبَر على ترك العمل بعد مدةٍ قصيرة للغاية، لكن السيد داولينج عجَّل بذلك.»

دعَته قائلة: «هَلا تجلس وتحدِّثني عن ذلك؟»

نظر إلى عينَيها مباشرة دون أن يجفل. كان لا يزال قادرًا على فعل ذلك!

قال: «لا يمكن أن يُثير هذا اهتمامَكِ.»

«وأختي؟ هل رأيتها؟»

أجابَ تافرنيك دون تردد: «نعم، رأيتُها.»

«هل لديك رسالة لي؟»

قال: «على الإطلاق.»

«إنها ترفض … أن تتصالح إذن؟»

«أخشى أنها ليس لديها مشاعرُ ودية تجاهكِ.»

«ألم تعطِك أيَّ سبب؟»

اعترفَ: «لا سببَ مباشر، ولكن موقفها … لا هوادة فيه.»

نهضت واندفعت نحوه. وأخذت بأصابعَ حازمةٍ ولكن رقيقة قبعتَه البالية وقفازاته المرتَّقة من يده. ووجَّهَته إيماءتُها نحو الأريكة.

تمتمَت: «لقد جعلَتك بياتريس تتحاملُ عليَّ. هذا ليس عدلًا.» وناشدته قائلة: «من فضلك تعالَ واجلس … مدةَ خمس دقائق. أريدك أن تخبرني لماذا تشاجرتَ مع ذلك الرجل الضئيل الغريب، السيد داولينج.»

احتجَّ قائلًا: «لكن يا سيدتي …»

صرَّحَت وهي تراقبه عن كثب: «إذا رفضت، فسوف أعتقد أن أختي كانت تخبرك قصصًا عني.»

ابتعدَ عنها تافرنيك قليلًا لكنه جلسَ على الأريكة التي أشارت إليها. شغَل أكبر قدرٍ ممكن من المساحة، وما أراحه أنها لم تُصرَّ على نيتها الأولى، التي كانت أن تجلس بجواره.

قال برَوية: «لم تخبرني أختُكِ بشيءٍ عنكِ على الإطلاق. وفي الوقت نفسه طلبَت مني ألا أعطيَكِ عُنوانها.»

قاطعَته: «سنتحدَّث عن ذلك في وقتٍ لاحق. في البداية، قل لي لماذا تركتَ مكانك.»

أخبرها بنبرة واقعية: «السيد داولينج اكتشفَ أنني كنت أقوم ببعض الأعمال لحسابي الخاص. لقد كان مُحقًّا تمامًا في أن يرفض. لم أعد إلى المكتب منذ أن اكتشفَ ذلك.»

سألت: «أيُّ نوع من الأعمال؟»

أوضحَ لها: «تعمل الشركةُ في مجال شراء الأراضي في المناطق غير المستثمَرة وبيعها لبناء العقارات. وقد كنتُ ناجحًا جدًّا حتى الآن في إيجاد مواقع لمشروعاتهم. ومنذ وقتٍ قصير، اكتشفتُ موقعًا جيدًا جدًّا لدرجة أنني استثمرتُ فيه كلَّ مدَّخَراتي الخاصة لشراء قطع أراضٍ معينة، ولديَّ خيار شراء لباقي الموقع. وقد اكتشف السيد داولينج ذلك وطردني.»

قالت: «ولكن هذا يبدو غير عادل بالمرة.»

أجابَ: «لا إطلاقًا. لو كنتُ في مكان السيد داولينج، لكنت فعلت الشيء نفسَه. كلُّ شخص يسعى لشقِّ طريقه في الحياة يجب أن يهتم بنفسه. بصراحة شديدة، ما فعلتُه كان خطأً. ومع ذلك، أتمنى لو كنت قد فعلته من قبل. يجب على المرء أن يفكِّر في نفسه أولًا.»

استفسرَت: «والآن؟ ماذا ستفعل الآن؟»

صرَّح قائلًا: «سأجد رأسماليًّا أو أكوِّن شركة لشراء باقي الموقع. وبعد ذلك، يجب أن ننظر في أمر البناء. ومع ذلك، لا داعي للتعجل في هذا الأمر. أولًا، يجب ضمان الموقع وشراؤه.»

«كم من المال يتطلب ذلك؟»

قال لها: «نحو اثني عشرَ ألف جنيه.»

تمتمت: «يبدو المبلغ صغيرًا جدًّا.»

فأوضحَ: «الحاجة إلى المال تأتي بعد ذلك. نريد أن نشتريَ ونخطِّط ونبني دون رهون عقارية. بمجرد أن نكون متأكِّدين من الموقع، يمكن للمرء أن يفكِّر في ذلك. خياري يمتد لمدة أسبوع فقط أو نحو ذلك.»

سألت: «هل تعتقد حقًّا أنها مغامرة جيدة؟»

أجابَ بشكل جاف: «أنا لا أعتقد في مثل هذه الأمور. أنا أعرف.»

رجعت للخلف في مقعدها، وهي تراقبُه عدة ثوانٍ … معجَبة به في واقع الأمر. كان الإيمان العميق البادي في كلماته يكاد يكون ملهمًا. كان يبدو غيرَ متأثر بحضورها، وغير مضطرب على الإطلاق، رغم معرفتها أنها امرأةٌ جميلة جدًّا، بصرف النظر عن غياب معرفته بجنسها وافتقاره إلى المكانة الاجتماعية. جلسَ هناك بأريحية كاملة. لم يبدُ له أن اهتمامها بشئونه أمرٌ غير مبرَّر. لم يكن مغرورًا أو عدوانيًّا بأي شكل من الأشكال. كانت ثقته الكاملة بالنفس تفتقر إلى أي دافع متشدِّد. لقد كان … هو نفسه، لا يتأثر بالوسط المحيط، مهما كان غير عادي.

استفسرَت بتمهُّل: «لماذا لا أكون مموِّلك؟»

سألها بشكٍّ: «هل لديكِ ما يصل إلى اثني عشر ألف جنيه تريدين استثمارها؟»

نهضت على قدمَيها وانتقلت إلى مكتبها. جلسَ ساكنًا تمامًا، يراقبها دون أي فضول واضح. فتحت الدرج وعادت إليه وفي يدها دفتر بنكي.

أمرته قائلة: «اجمع هذا، وأخبرني كم لديَّ.»

سحب قلمًا رصاصًا من جيبه وجمع الأرقام بسرعة.

وقال بهدوء: «إذا لم تكوني قد أعطيتِ أيَّ شيكات منذ إصداره، فلديكِ رصيدٌ دائن قدره ثلاثة عشر ألفًا ومائة وثمانية عشر جنيهًا وتسعة شلنات وأربعة بنسات. من الحماقة أن تحتفظي بكل هذا القدر من المال في حسابٍ جارٍ. أنت تخسرين بالتأكيد حوالي ثمانية جنيهاتٍ في الأسبوع.»

ابتسمَت.

واعترفَت قائلة: «أعتقد أن هذه حماقةٌ مني، لكن ليس لديَّ مَنْ ينصحني الآن. معرفة أبي بالمال لا تَزيد عن معرفة طفل به، ولقد حصلتُ للتو على مبلغ كبير جدًّا نقدًا. أودُّ فقط أن نستطيع أن نجعل بياتريس تشارك بعضًا من هذا المال يا سيد تافرنيك.»

لم تبدر منه أي ملاحظة. بدا وكأنه لم يسمع عن أختها قط. جاءت وجلست بجانبه مرة أخرى.

همست قائلة: «هل ستتَّخذُني شريكًا يا سيد تافرنيك؟»

ثم، في الواقع، خَفَتَ جمودُ ملامحه لحظة. كان مندهشًا بصراحة.

أخبرها قائلًا: «لا يمكنكِ أن تعني هذا. أنتِ لا تعرفين شيئًا عن قيمة الأرض، ولا تعرفين شيئًا عن المسألة برُمَّتها. هذا مستحيل تمامًا.»

قالت: «أنا أعرف ما قلتَه لي. أليس هذا كافيًا؟ أنت على يقين من أنها ستجني المال وقد أخبرتني للتو كم أنا حمقاء للاحتفاظ بالكثير من المال في البنك. حسنٌ جدًّا، إذن سأعطيك إياه لتستثمره لي. يجب أن تدفع لي قدرًا كبيرًا من الفائدة.»

احتجَّ قائلًا: «لكنكِ لا تعرفين شيئًا عني، ولا تعرفين شيئًا عن الأراضي.»

أجابت: «يجب على المرء أن يثقَ بشخصٍ ما. فلماذا لا أثق بك؟»

كان في حيرة من أمره. يبدو أن هذه المرأة لديها إجابةٌ لكل شيء. علاوةً على ذلك، عندما تجاوَز اندهاشَه من هذا الأمر، كانت بالطبع ضربةَ حظ رائعة بالنسبة إليه. ثم تدافعَت إلى ذهنه الأفكار، وهجٌ دفعه بقوة. هذا يعني أن يراها كثيرًا، ويعني أن يأتي هنا إلى شقتها، وربما يعني حتى أن تنظر إليه على أنه صديق. صرَّ على أسنانه بقوة. كانت هذه رعونة!

استفسر: «هل لديكِ أي فكرة عن الشروط؟»

ضحكَت بهدوء.

قالت: «صديقي العزيز، لماذا تسألني مثلَ هذا السؤال؟ أنت تعرف تمام المعرفة أنني لستُ مؤهَّلةً لمناقشة الشروط معك. اسمع. أنت منخرطٌ في صفقة تحتاج لتنفيذها إلى قرضٍ قيمتُه اثنا عشر ألف جنيه. اكتب ورقةً توضح فيها نصيبي من الأرباح، والفائدة التي سأحصل عليها من أموالي، واذكر تفاصيلَ الممتلكات. ثم سآخذها إلى المحامي الخاصِّ بي، إذا كنتَ مُصرًّا على ذلك، على الرغم من أنني على استعداد لِقَبول ما تعتبره عادلًا.»

أجابَ بتمعُّن: «يجب أن تأخذيها إلى محامٍ بالطبع. ومع ذلك، أستطيع أن أخبركِ الآن أنه من المحتمل أن ينصحكِ المحامي بعدم استثمار الأموال بهذه الطريقة.»

صرَّحَت: «لن يُحدِث هذا فرقًا على الإطلاق. المحامون يكرهون جميع الاستثمارات، كما أعلم، باستثناء قروضهم العقارية الرهيبة. لا يوجد سوى شرطَين يجب أن أضعهما.»

سأل: «ما هما؟»

«الأول أنه يجب ألَّا تقول كلمة من هذا لأختي.»

عبسَ تافرنيك.

وقال: «هذا صعبٌ بعضَ الشيء. فأختُكِ تعرف شيئًا عن الملكية وعن خططي.»

قالت إليزابيث: «لا داعي لأن تُخبرها باسم شريكك. أريد أن يكون هذا سرًّا بيننا تمامًا، بينك وبيني.»

وضعَت يدها على يده؛ فقبض على جانبَي مقعده. مرة أخرى كان مدركًا لهذا الإحساس المحيِّر وغير المفهوم.

سأل بصوت أجش: «ماذا عن الشرط الآخر؟»

«أن تأتي من حين لآخر وتخبرني كيف تسير الأمور.»

كرَّر كلامها: «آتي إلى هنا؟»

فأومأت برأسها.

«أرجوك! أنا وحيدةٌ للغاية. سأتطلع لزياراتك.»

نهضَ تافرنيك ببطء واقفًا على قدمَيه. ومدَّ يده … كانت أكثرَ خبرةً من أن تُحاول إبقاءه. ألقى خطابًا كان بالنسبة إليه جريئًا، ولكن بينما كان يفعل ذلك، نظر في عينَيها بصراحة لم تكن هي معتادةً عليها.

قال: «سآتي. كنتُ سأرغب في المجيء على أي حال.»

ثم استدار فجأة وغادر الغرفة. كان أول خطاب من نوعه يُلقيه في حياته.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤