الفصل العشرون

لقاءٌ ممتع

استيقظ تافرنيك بعد بضع ساعاتٍ وهو يشعر بالحيرة كأنه فقدَ هُويَّتَه، وأخذَ حياةَ رجل آخر، وحَلَّ محلَّه. منذ يوم وصولِه الأول إلى لندن، وهو شابٌّ ريفي خام، حتى الليلة التي تحدَّث فيها إلى بياتريس على سطح فندق بلينهايم هاوس، لم يحدث له أيُّ شيء يمكن وصفُه بأنه مغامرة. ولم يشعر قط بأنه يفتقد ذلك؛ لم يكن حتى منغمسًا في قراءة الكتب الخيالية. بدا له ما حدث الليلة الماضية، وهو جالسٌ في سريره في ضوء شمس الصباح البارد، شيئًا عجيبًا لا يمكن تصوُّره. لم يكن من الممكن حقًّا أن يكون أولئك الأشخاص — الذين يحظَوْن بالتربية الجيدة وحُسن المظهر — قد فكَّروا بجِديَّة في أمرٍ بهذه الفداحة يبدو أنه ينتمي إلى العصور البائدةِ من التاريخ، أو أن يكون تافرنيك نفسُه، قد اقتحم جدارًا وهو أعزلُ من السلاح وسيطرَ على الموقف! جلسَ هناك يُفكِّر بثبات. كان الأمر لا يُصدَّق، لكنه كان حقيقةً واقعة! كان لا يزال يعتريه بعضُ الشك الخافتِ حول ما إذا كانوا سيتمادَون حقًّا إلى هذه الدرجة القُصوى. استخفَّ بريتشارد نفسُه بالأمر برُمته، وبعد ذلك تعاملَ معه على أنه مزحة كبيرة. أما تافرنيك، فظلَّ مرتابًا عندما تذكَّر هذه المجموعةَ الصغيرة كما رآها لأول مرة.

بالتدريج، بدأت سِماته الشخصية تُعاود الظهور مرة أخرى. فبدأ يتساءل كيف سيؤثر تصرفُه على مصالحه التِّجارية. لقد استعدى في الغالب أختَ بياتريس الرائعة الجمال، تلك المرأة التي شغَلتْ أفكاره تمامًا خلال الأيام القليلة الماضية، والمرأة أيضًا، التي كانت ستمنحُه المالَ الذي من خلاله كان سيضع قدمَيه على الدرجة الأولى من السلَّم. لقد قرَّر أن هذا شيءٌ يجب تسويته على الفور. يجب أن يراها ويعرف بالضبط الوضعَ الذي ستَئول إليه الأمور، وما إذا كانت ستُلغي الصفقة أم لا. كان التفكير في أي نوع من أنواع المعارك والحركة محفِّزًا. نهضَ من فراشه وارتدى ثيابَه وتناولَ فطوره وانطلقَ في رحلته.

بعد الساعة الحاديةَ عشرة بقليل، قدَّم نفسه في ميلان كورت وسألَ عن السيدة وينهام جاردنر. انتظر عدةَ دقائق في ترقُّب وتوتر، ثم قيل له إنها ليست في المنزل. وبخيبةِ أمل ليست بالقليلة، ألحَّ من أجل الحصول على أخبارٍ عنها. اعتقد حارسُ العقار أنها نزلتْ إلى الريف، وإذا كان الأمر كذلك، فقد كان موعد رجوعها غيرَ مؤكَّد. كان تافرنيك الآن مرتبكًا للغاية.

أصرَّ قائلًا: «أريد أن أرسل لها برقية. من فضلك اعرِف مِن خادمتها العنوانَ الذي أوجِّه إليه البرقية.»

نظر إليه حارسُ العقار، الذي كان شخصًا راجحَ العقل، نظرةً ودودة.

وقال موضِّحًا: «نحن لا نعطي عناوين، يا سيدي، ما لم يكن ذلك بِناءً على رغبة عملائنا. إذا تركتَ برقية هنا، فسأرسلها إلى شقة السيدة جاردنر لتوصيلها إليها.»

كتبَ تافرنيك برقيةً سريعة، متوسِّلًا خبرَ عودتها، وأضافَ عُنوانه وغادرَ المكان. ثم تجوَّل بلا هدفٍ في الشوارع. بدا هذا الصباح راكدًا خامدًا، بعد أحداثِ الإثارة التي سادت الليلةَ السابقة ولا تزال تستعرُ في دمه. ومع ذلك، فقد تمالكَ نفسه بصعوبة، واستدعى مسَّاحًا شابًّا كان قد تعاقدَ معه لمساعدته، وقضى بقية اليوم في الخارج على التل. ركَّز أفكاره بحزم على عمله حتى حان وقتُ الشفَق. ثم سارعَ إلى المنزل لمواجهةِ خيبة الأمل التي كان يتوقَّعُها بنسبةٍ كبيرة. لم يكن ثمة برقيةٌ له! تناولَ عشاءَه وجلسَ طاويًا ذراعَيه أمام صدره، ناظرًا إلى الشارع. لم تردْ حتى الآن برقيةٌ من أجله! عاوده القلق مرة أخرى. بعدما تجاوزَت الساعة العاشرة بمدةٍ وجيزة، أصبح الأمر لا يُطاق. وجدَ نفسه يتوق إلى رفقة، ولم تكن الوحدة في غرفته الصغيرة منذ رحيل بياتريس قطُّ شيئًا حقيقيًّا مثلما هي الآن. تحمَّلها لأطول مدةٍ ممكنة، ثم أمسكَ بقبعته وعصاه، ووجَّه وجهه نحو الشرق، ومشى بقوة، وهو ينظر إلى الساعة من آنٍ لآخر.

بعد بِضع دقائق من الساعة الحادية عشرة، وجدَ نفسه مرةً أخرى في ذلك الطريق المظلم خلف المسرح. كان المصباح فوق باب المسرح يتذبذبُ بالطريقة غير المؤكَّدة نفسِها، وكانت السيارات نفسُها موجودة، وكان الحشدُ نفسُه من الشباب موجودًا، باستثناء أنهم كانوا يزدادون كلَّ ليلة. هذه المرة كان لديه بضعُ دقائق فقط للانتظار. كانت بياتريس مِن أوائلِ مَنْ خرجوا. عند رؤيتها، أدركَ فجأة أنه ليس لديه، رغم كل شيء، أيُّ عذر للمجيء، وأنها من المحتمل أن تستجوبَه بشأن إليزابيث، وأنها ستتمكَّن في الغالب من تخمين سرِّ عذابه. تراجعَ قليلًا، لكنه كان قد تأخَّر لحظة؛ لأنها رأته. ببضع كلماتِ تبريرٍ للآخرين الذين كانت تتحدث معهم، التقطتْ تنورتَها وعبَرَت الشارع الموحل بسرعة. لم يكن لدى تافرنيك وقتٌ للهروب. ظلَّ هناك حتى أتت، لكنَّ وجنتَيه كانتا متوهجتَين، وراوَده شعورٌ مربك بأن وجوده، وأن لقاءهما على هذا النحو، كان مصدرَ إحراج لكليهما.

صاحت: «عزيزي ليونارد، لماذا تختبئ هناك؟»

أجابَ ببساطة: «لا أعرف.»

فضحكت.

وقالت: «تبدو كما لو كنت لا تريد رؤيتي. إذا كنتَ لا تريد رؤيتي، فلماذا أتيت إلى هنا؟»

ردَّ قائلًا: «أعتقد أنني كنتُ أرغب في رؤيتك. على أي حال، كنت وحيدًا. كنت أرغب في التحدُّث إلى شخصٍ ما. مشيتُ طوال الطريق إلى هنا من تشيلسي.»

تساءلت: «هل لديك ما تقوله لي؟»

فاعترفَ قائلًا: «كان هناك شيءٌ ما. ظننتُ أنه ربما يجب أن تعرفي. تناولتُ العشاء مع والدكِ الليلة الماضية. وتحدَّثنا عنكِ.»

جفلتْ كأنه ضربَها؛ وفجأةً استحالَ وجهُها شاحبًا وقلقًا.

وسألت: «أأنت جادٌّ يا ليونارد؟ والدي؟»

فأومأ برأسه.

وقال: «أنا آسفٌ. ما كان يجب أن أفاجئكِ بهذه الطريقة. نسيتُ أنكِ … أنكِ لم ترَيه منذ مدة.»

«كيف قابلتَه؟»

أجابَ: «مصادفةً. كنتُ أجلس وحدي في الشرفة في إيمانو، وأرادَ طاولتي لأنه كان بإمكانه رؤيتُكِ منها؛ ولذا تشارَكْناها، ثم بدأنا نتحدث. وكنتُ أعرف مَنْ هو بالطبع؛ فقد رأيتُه في غرفةِ أختكِ. وأخبرني أنه حجزَ الطاولة كلَّ ليلة في هذا الأسبوع.»

نظرتْ عبر الطريق.

وقالت: «لا يمكنني الخروجُ مع هؤلاء الناس الآن. انتظرني هنا.»

عادت إلى أصدقائها وتحدَّثَت إليهم دقيقةً أو دقيقتَين. كان بإمكان تافرنيك سَماع صوت جرير المحتجِّ وضحكة بياتريس الرقيقة. من الواضح أنهم كانوا يحاولون عبثًا إقناعَها بتغيير رأيها. وسرعان ما عادت إليه مرة أخرى.

فقال مترددًا: «أنا آسفٌ. أخشى أنني أفسدتُ لكِ أمسيتكِ.»

فأجابت وهي تتأبَّط ذراعه: «لا تكن أحمقَ من فضلك. هل تعتقد أن والدي سيكون في الشرفة في إيمانو الليلة؟»

أومأ تافرنيك برأسه.

«قال لي ذلك.»

قرَّرَت: «سوف نذهب ونجلس هناك. إنه يعرف أين يجدني الآن لذلك لا يهم. وأنا أودُّ أن أراه.»

سارا معًا. على الرغم من أنها كان يبدو عليها الشرودُ والضيقُ بوضوح، فإن تافرنيك شعرَ مرةً أخرى بهذا الشعور بالرفقة الممتعة الذي كان حضورها يجلبُه دائمًا.

بدأتْ حديثها قائلة: «هناك شيءٌ آخرُ يجب أن أسألك عنه. أريدُ معرفة ما إذا كنتَ قد رأيت بريتشارد مؤخرًا.»

أجابَ تافرنيك: «كنت معه الليلة الماضية.»

فارتجفَت.

«أكان يطرح أسئلة؟»

طمأنَها تافرنيك قائلًا: «ليست بخصوصكِ. إنه مهتمٌّ بأختكِ.»

أومأت بياتريس، ولكنها لم تبدُ مرتاحة. كان تافرنيك يستطيع رؤية نظرةِ الخوف القديمة تعود لتكسوَ وجهها.

قال بندم: «أنا آسفٌ يا بياتريس. يبدو أنني الآن أحملُ إليكِ دائمًا ذكرياتٍ عن الأشخاص الذين يُرعبكِ أن تسمعي أخبارهم.»

هزَّت رأسها.

وصرَّحَت: «هذا ليس خطأَك يا ليونارد، كلُّ ما في الأمر أنه من الغريب أن تختلط معهم بأيِّ شكل من الأشكال، أليس كذلك؟ أفترضُ أنك يومًا ما ستكتشف كلَّ شيءٍ عني. ربما ستأسفُ وقتها لأنك حتى سمَّيتَ نفسك بأخي.»

أجابَ بغِلظة: «لا تكوني حمقاء.»

ربتَت على يده.

سألت: «هل صفقتُك تسير على ما يرام؟»

أجابَ: «آمُلُ أن أجمعَ المال هذا الأسبوع. إذا حصلتُ عليه، فسأصير ميسور الحال في غضون سنة، وغنيًّا في غضون خمس سنوات.»

قالت مستفسرة: «أهناك مجردُ شك في حصولك عليه، إذن؟»

اعترفَ: «مجرد شك. لديَّ محامٍ يبذل قُصارى جهده للحصول على قرض، لكنني لم أجتمع به منذ يومين. ثم لديَّ أيضًا صديقٌ وعَدني بذلك، وهو صديقٌ لست متأكدًا تمامًا مما إذا كان بإمكاني الاعتماد عليه.»

انعطفا إلى شارع ستراند.

فقالت راجيةً: «أخبِرني عن والدي يا ليونارد.»

تردَّد؛ إذ كان من الصعب أن يعرف بالضبط كيف يتحدَّث عن البروفيسور.

ثم تابعَت حديثها: «ربما إذا كنتَ قد تحدَّثت إليه، فسيُساعدك ذلك على فهم إحدى الصعوبات التي كان عليَّ مواجهتها في الحياة.»

قال تافرنيك مترددًا: «أتصوَّر أنه شخصٌ ضعيفٌ بعضَ الشيء.»

ردَّت: «جدًّا. تركَته والدتي تحت مسئوليتي، لكنني لا أستطيع العناية به.»

قال: «أختكِ …»

أومأت برأسها.

«أختي لها تأثيرٌ أكبرُ من تأثيري عليه. إنها تُيسر عليه الحياة.»

وصلا إلى المطعم وشقَّا طريقهما إلى الطابق العلوي. وجلسَ تافرنيك إلى الطاولة نفسِها، ومرةً أخرى احتجَّ رئيسُ الندل.

فقال تافرنيك: «إذا عادَ السيدُ النبيل مرةً أخرى الليلة، فستجد أنه سيكون سعيدًا جدًّا بتناول العشاء معنا.»

ثم جاءَ البروفيسور. ودخلَ بدخلته المسرحية المعتادة، حاملًا قبعتَه العريضة الحوافِّ في يده ومُلوِّحًا بعصاه ذات الطرَف الفِضي. عندما رأى تافرنيك وبياتريس، توقَّف فجأةً. ثم مدَّ كِلتا يدَيه، فأخذتهما بياتريس على الفور. كانت الدموع تنهمرُ من عينَيه، وتنسابُ على وجنتَيه. وجلسَ بتثاقلٍ على الكرسي الذي كان تافرنيك يُمسكه له.

وصاحَ قائلًا: «بياتريس، عجبًا، هذا مؤثرٌ للغاية! لقد أتيتِ إلى هنا لتناول العشاء مع والدكِ العجوز. هل تثقين بي إذن؟»

أجابت وهي لا تزال ممسكةً بيديه: «بالتأكيد. إذا وشيتَ بي لإليزابيث، فستكون النهاية. في المرة القادمة، لن تعثروا عليَّ أبدًا.»

أكَّد لها: «لقد عرَفتُ مكانَ وجودكِ بالضبط منذ عدة أيام. ولم أنبِسْ به إطلاقًا. أنتِ في أمان.» وأضافَ متنهدًا: «كانت وجباتي هنا أوقاتًا حزينة. أما الليلة، فسنكون مبتهجين. بعض السُّمَّان، على ما أعتقد، السُّمَّان وبعض الشمبانيا من أجلكِ يا عزيزتي. أنتِ تحتاجين إليها. أوه، هذه هي السعادة الحقيقية!»

قالت، بعد أن أملى على النادل طلبًا مطوَّلًا إلى حَدٍّ ما: «أنت تعرف السيد تافرنيك يا أبي.»

اعترفَ البروفيسور بتفضُّل: «التقيتُ السيد تافرنيك هنا أمسِ، وتحدثتُ إليه.»

قالت بياتريس: «السيد تافرنيك كان لطيفًا جدًّا معي في وقت كنت أحتاج فيه إلى المساعدة.»

فأمسكَ البروفيسور بيدَي تافرنيك.

وقال: «ما دُمتَ قد أحسنتَ إلى طفلتي، فقد أحسنتَ إليَّ أنا.» ثم التفت آمِرًا النادل: «أيها النادل، ثلاثة أكواب من الكوكتيل على الفور. يجب أن أشرب نخبك يا سيد تافرنيك … يجب أن أشرب نخبك على الفور.»

مالَ تافرنيك إلى الأمام نحو بياتريس.

واقترحَ: «أتساءل عما إذا كنتِ تُفضلين البقاء بمفردكِ مع أبيكِ.»

هزَّت رأسها.

وأجابت: «أنت تعرف الكثير، ولا يبدو أن الأمر مهمٌّ حقًّا. قل لي، يا أبي، كيف تقضي وقتك؟»

قال البروفيسور: «يجب أن أعترف، يا عزيزتي، ليس لديَّ الكثير لأفعله. أختك إليزابيث كريمةٌ للغاية.»

تراجعَت بياتريس في كرسيِّها للخلف، كما لو كانت قد تلقَّت ضربة.

وصاحت: «أبي، اسمع! أنت تعيش على هذا المال! ألا يبدو لك فظيعًا؟ أوه، كيف يمكنك أن تفعل ذلك!»

نظر البروفيسور إلى ابنته وقد ارتسم على وجهه تعبيرُ المفاجأة المَشُوب بالألم.

وأوضحَ: «عزيزتي، كانت أختك إليزابيث دائمًا هي مصدرَ المال في العائلة. إنها واسعةُ الحيلة وأنا أثق بها. وليس من حقي أن أستفسرَ عن مصدر وسائل الراحة التي توفِّرها لي. أشعر أنني أستحقُّ الحصول عليها؛ ولذا أقبلها.»

استطردَت قائلة: «لكن يا أبي، ألا يمكنك أن ترى … ألا تعرف أنه ماله … مال وينهام؟»

قال البروفيسور بحِدَّة: «إنها ليست مسألةً يُمكننا مناقشتها أمام الغرباء يا طفلتي. يومًا ما سنتحدَّث عنها، أنا وأنت.»

فسألت بصوتٍ خافت: «هل سَمِعَ عنه أحدٌ؟»

تجهَّم البروفيسور.

وقال بتوتر: «إنه شابٌّ حادُّ المزاج يا عزيزتي، شابٌّ حاد المزاج حقًّا. أفهمتني إليزابيث أنه كان مجردَ شجار عادي ورحلَ بعده.»

شحبَ لونُ بياتريس وابيضَّت شفتاها.

وتمتمت: «شجارٌ عادي!»

جلسَت ساكنةً تمامًا. فوجدَ تافرنيك نفسَه يُراقبها دون وعي. كانت في عينَيها أشياءُ أخافتْه. بدا الأمر كما لو أنها كانت تُطل من هذا المطعم المبهج الصغير، بأضوائه وموسيقاه وأجوائه المريحة، إلى مكانٍ بعيد من العالم، مكانٍ آخرَ مختلفٍ تمامًا. كانت تُعايش شيئًا يُجمِّد قلبها، شيئًا مرعبًا. رأى تافرنيك هذه الأشياءَ في وجهها وتحدَّثَت عيناه بلا رحمة.

همستَ وهي تميل نحوه: «أبي، هل تصدِّق ما قلته لي للتو؟»

جاء دور البروفيسور في الانزعاج هذه المرة. إلا أنه أخفى شعوره بالإحراج، بإظهار الانزعاج.

وأجابَ بحدة: «هذا سؤالٌ غير لائق على الإطلاق يا بياتريس.» ثم أضاف بلطفٍ أكثر: «أوه، الكوكتيل! صديقي الشاب تافرنيك، سأشرب نخب تعارُفِنا! أنت إنجليزي، مثلما أرى، بريطانيٌّ حقيقي. في يومٍ من الأيام يجب أن تزورَ بلدنا العظيم … لعل ابنتي أخبرتك، بالطبع، أننا أمريكيُّون. بلدٌ عظيم يا سيدي … أعظم بلد عشت فيه … متَّسع للتنفُّس، ومتسعٌ للنمو، ومتسع لشابٍّ صغير مثلِك كي يزرعَ طموحاته ويُشاهدها تزدهر أمام عينيه. نخب تعارفنا يا سيد تافرنيك، ولعلنا نلتقي يومًا ما في الولايات المتحدة!»

شربَ تافرنيك أول كوكتيل في حياته ومسحَ الدموع من عينَيه. وجدَ البروفيسور الأمانَ في المحادثة.

تابع: «كما تعلم، أنا رجلُ علم. علم الفِراسة يُسعدني. والرجال والنساء الذين ألتقي بهم يُمثِّلون لي أنواعًا مختلفةً من الإنسانية، كلها مثيرةٌ للاهتمام، وكلها جذابةٌ لحُبِّي الخاص لعلم النفس. أنت، يا عزيزي السيد تافرنيك، إذا جاز لي أن أكون شخصيًّا للغاية، تُمثل لي، وأنت جالسٌ هناك، النموذج الأوَّلي الدقيق للرجل الإنجليزي الشابِّ العامل. أنت، وَفقًا لحُكمي، مجتهد، دوجماتي، مدقِّق، مثابر، كادح، مُصرٌّ على أن تكون ناجحًا وفقًا لنِطاق طموحاتك وطبيعتها. في هذا البلد لن تتطوَّر أبدًا. أما في بلدي يا سيدي، فسوف نصنع منك عملاقًا. سوف نُعلِّمك ألَّا ترضى بالقليل، ونرفع يدك التي أبقيتها إلى جانبك، ونشير بإصبعك إلى السماء.» وأضافَ وهو يستدير فجأة: «أيها النادل، إذا لم يكن السمَّان جاهزًا بعد، فسوف أتناول كوكتيلًا آخَر من هذه الكوكتيلات الممتازة.»

كان تافرنيك مُحرَجًا. رأى أن بياتريس تتوق للتحدث إلى والدها؛ ورأى أيضًا أن والدها كان مصرًّا على عدم الحديث معها. ومع ذلك، بتنهيدةٍ قصيرة، استسلمَت إلى ما هو حتمي.

وتابعَ البروفيسور: «لقد حاضَرتُ يا سيدي في معظم مدنِ الولايات المتحدة، عن الجنس البشري. ميول كلِّ وحدة من الجنس البشري هي دراستي المتخصِّصة. عندما أتحدث إليك عن علم فِراسة الدماغ، يا سيدي، فأنت تبتسم، وربما تفكِّر في رجلٍ يجلس في غرفة خلفية ويأخذ شلنك ليتحسَّس النتوءات في رأسك. أنا لستُ مِن هذه الرتبة من رجال العلم يا سيدي. لديَّ دبلوماتٌ مِن كل جامعة جديرةٍ بالذكر. أنا أمزج العلوم التي تتعامل مع الجنس البشري. أعرفُ شيئًا عنها جميعًا. قراءة الشخصية بالنسبة إليَّ هي شغفٌ وعلمٌ في آنٍ واحد. اتركني وحدي مع رجلٍ أو امرأة لمدة خمسِ دقائق، وارسم لي خريطة حياته، وسوف أضعُ العلامات التي سيتنقَّل هذا الشخص عبرها، ولن يفوتني أيٌّ منها.»

سألت بياتريس: «أنت لا تقوم بأي عمل هنا يا أبي، أليس كذلك؟»

أجابَ وفي صوته نبرةٌ خافتة من الألم: «إطلاقًا يا عزيزتي. بدا أن أختكِ إليزابيث لم تكن ترغب في ذلك. تحركاتها غير محدَّدة على الإطلاق وهي تحبُّ أن أكون متاحًا باستمرار.» ثم استأنفَ وهو يلتفتُ نحو تافرنيك: «ابنتي إليزابيث هي شابةٌ جميلة جدًّا، تُرِكَتْ في عُهدتي في ظلِّ ظروف خاصة. لذلك أشعر أنه مِن واجبي أن أكون دائمًا متاحًا لها.»

مرةً أخرى كان هناك وميضٌ من تلك النظرة الغريبة في وجه الفتاة. ومالت إلى الأمام، لكن والدها أحجمَ عن أن ينظر إلى عينَيها.

قالت متلعثمة: «هل يمكنني طرح سؤال أو سؤالَين شخصيَّين؟ تذكَّر أنني لم أرَ أو أسمع شيئًا من أيٍّ منكما منذ سبعة أشهر.»

قال البروفيسور: «بالطبع يا عزيزتي. يُسعدني أن أقول إن أختكِ بخير. وأنا نفسي كما ترَينني. لقد قضينا وقتًا ممتعًا والتقينا ببعض الأصدقاء القدامى من الجانب الآخر من المحيط. مشكلتنا الكبرى هي أننا فقدناكِ مؤقتًا.»

«إليزابيث لا تُخمِّن …»

قاطعها البروفيسور: «طفلتي، لقد كنتُ مخلصًا لكِ. وإذا علمَت إليزابيث أنه كان بإمكاني إخبارُها في أي لحظة بمكان وجودكِ بالضبط، فأعتقدُ أنها ستكون غاضبةً مني أكثر من أي وقتٍ مضى في حياتها» ثم أضافَ: «وأنت تعلمين يا عزيزتي عندما تغضب إليزابيث، فالأمور لا تسير على ما يُرام وتتحوَّل للأسوأ. لكنني كنت أخرس. لم أتحدَّث، ولا أنوي التحدُّث.» ثم استدركَ البروفيسور: «إلا أنكِ يجب ألَّا تظني يا بياتريس أنني بسبب إذعاني لأهوائكِ في هذا الأمر، فإنني أدرك أيَّ سبب كافٍ يجعلكِ تنأَيْن بنفسك طواعيةً عن أولئك الذين يتمتعون بحقِّ وامتياز الاعتناء بك. يُسعدني أن أرى أنكِ قادرةٌ على أن تشقِّي طريقكِ في العالم. لقد حضرتُ مسرح أطلس، ويُسعدني أن أرى أنكِ لم تفقدي أيَّ شيءٍ من مهاراتكِ القديمة في الغناء والرقص. أنتِ تتمتعين بشعبية كبيرة مُستحَقَّة هناك. وليس لديَّ شك في أنكِ قريبًا، سوف تطمحين إلى أدوار أكثرَ أهمية.» وتابعَ البروفيسور، وهو ينتهي من كوب الكوكتيل الثاني: «ومع ذلك، يا طفلتي العزيزة، لا أرى أيَّ سبب يجعل رغبتكِ الجديرة بالثناء في البقاء مستقلةً تتعارض مع العيش تحت سقف أختكِ وفي حمايتي. أنا متأكِّد من أن السيد تافرنيك هنا، بفطرته البريطانية، سيتفق معي في أنه ليس من الجيد أن تعيش سيدةٌ شابة … ابنتي، يا سيدي … التي تتمتع بمفاتنَ شخصية كبيرة، إذا جاز لي أن أقول ذلك، بمفردها أو تحت رعاية هؤلاء الشابات الأخريات في المسرح.»

قال تافرنيك: «أعتقد أن ابنتك لا بد تمتلكُ أسبابًا وجيهة جدًّا لتفضيل العيش بمفردها.»

أكَّد له البروفيسور: «خياليَّة، يا سيدي العزيز … خياليَّة تمامًا. السُّمَّان أخيرًا! والشمبانيا! الآن هذا جَمْعٌ صغير ممتع حقًّا. أشربُ نخب تَكراره. هذا حقًّا متعة بالنسبة إليَّ.» وقال مختتِمًا قبل أن يضع كأسَه الفارغة بامتنان: «بياتريس، لكِ حبي! سيد تافرنيك، لك أطيبُ تحياتي واحترامي! الكأس الوحيدة المتبقية، يا سيدي.»

قال تافرنيك: «بالعودة إلى ما قلته للتو، أنا أتفقُ معك تمامًا في مسألة عيش بياتريس بمفردها. وأنا أتوق جدًّا إلى أن تتزوجني.»

وضعَ البروفيسور سكينه وشوكته. بدا على مظهره تصنُّع التفكير العميق.

وأعلنَ: «سيدي، هذا في الواقع تصريحٌ غايةٌ في الأهمية. هل أعتبر ذلك عَرضًا جادًّا لطلب يد ابنتي؟»

مالت بياتريس ووضعت أصابعها على أصابعه.

وقالت: «أبي، لا يهمُّ من فضلك. أنا لستُ على استعداد للزواج من السيد تافرنيك.»

جالَ البروفيسور بنظره من أحدهما إلى الآخر وسعلَ.

وتساءل: «هل موارد السيد تافرنيك كافيةٌ لتمكينه من الإقدام على الزواج؟»

أجابَ تافرنيك: «ليس لديَّ أي نقود على الإطلاق لأتحدَّث عنها. هذا حقًّا ليس مُهمًّا. سأحصل في القريب العاجل على كل ما تستطيع ابنتك إنفاقَه.»

فأعلن البروفيسور: «أنا أتفق مع ابنتي يا سيدي. يمكننا أن نترك هذا الموضوع حتى يحينَ الوقت الذي تُحسِّن فيه وضعَك. لذلك سنرفضه … نرفضه على الفور. وسوف نتكلم …»

قاطعَته بياتريس: «أبي، دعنا نتحدَّث عنك. ألا تعتقد أنك ستكون أكثر رضًا وسعادةً إذا حاولت الترتيب للقليل … القليل من العروض أو المحاضرات هنا، كما كنت تنوي في البداية؟ أعلم أنك لا بد تجد الفراغ التام عبئًا عليك.»

ربما كان من قبيل المصادفة أن عينَيها كانتا مثبتتَين على الكأس التي كان البروفيسور يرفعها إلى شفتَيه. فوضعها على الفور.

وقال بنبرةٍ منخفضة: «طفلتي، أنا أفهمك.»

أصرَّت قائلة: «لا، لا، لم أقصد ذلك، لكنك دائمًا أفضلُ عندما تعمل.» وتابعت بحزنٍ قليلًا: «رجلٌ مثلك، ينبغي ألَّا يُضيِّع مواهبه.»

فتنهد.

واعترفَ: «ربما أنتِ على حق، يا طفلتي. سأذهب وأرى وكلائي غدًا.» وتابعَ: «لقد رفضتُ حتى الآن كلَّ العروض. لقد شعرتُ أن إليزابيث، رعاية إليزابيث في وضعها الخاص، تتطلب اهتمامي الكامل. ربما أنتِ على حق. ربما بالغتُ في تقدير ضرورةِ أن أكون دائمًا طوعَ بَنانها.» واختتم حديثه قائلًا: «إليزابيث امرأةٌ ذكية جدًّا، ذكية جدًّا في الواقع.»

سألت بياتريس: «أين هي الآن يا أبي؟»

قال البروفيسور: «لقد سافرَت بالسيارة إلى الريف في وقتٍ مبكر من صباح اليوم مع بعض الأصدقاء.» وأوضحَ منتحيًا قليلًا عن تافرنيك: «لقد ذهبوا إلى حفلة الليلة الماضية مع والتر كريس، مراسل صحيفة «نيويورك جازيت» في لندن. وعادوا جميعًا إلى المنزل في وقتٍ متأخر جدًّا، كما فهمت، وشكَت إليزابيث من صداع هذا الصباح. وأنا شخصيًّا يؤسفني أن أقول إنني لم أكن مستيقظًا عندما غادَروا.»

مالت بياتريس مقتربةً للغاية من والدها.

وسألت: «هل رأيتَ أيَّ أثر للرجل الذي يُدعَى بريتشارد؟»

أصبح البروفيسور فجأةً متوترًا. ووضعَ كأسه، فسكبَ نصفَ محتوياتها. واختلسَ نظرة سريعة إلى تافرنيك.

وصاحَ قائلًا: «يا طفلتي، يجب أن تُفكِّري في أعصابي! أنتِ تعرفين جيدًا جدًّا أن الإشارة المفاجئة إلى أي شخص أكرهه بشدةٍ تُعَدُّ أمرًا مؤذيًا بالنسبة إليَّ. أنا مندهشٌ منكِ يا بياتريس. فأنتِ تُظهِرين عدم مراعاة جديرة باللوم لضَعفي.»

قالت هامسة: «أنا آسفة يا أبي، لكن هل هو هنا؟»

اعترفَ البروفيسور: «نعم.» وأضافَ وقد اعترَت وجهَه الشاحبَ نظرةُ خوف: «بيني وبينك إنه يُفسد راحةَ بالي بالكامل. إن وجوده الدائم يُفسد متعتي بوسائلِ الراحة التي تستطيع إليزابيث توفيرها لي. نادرًا ما يتكلم، ومع ذلك يبدو دائمًا أنه يُراقب. أنا لا أثق به يا بياتريس. أنا قادرٌ على الحكم على الرجال وأقول لكِ إنني لا أثق به.»

قالت بياتريس بنبرةٍ منخفضة: «أتمنى أن ترحل إليزابيث بعيدًا. بالطبع، ليس لديَّ الحق … في قول هذه الأشياء. ربما لم يحدث شيءٌ خطير على الإطلاق. ومع ذلك … مع ذلك، من أجلها، لا أعتقد أنها يجب أن تبقى هنا في لندن في ظل وجود بريتشارد بالقرب منها.»

رفعَ البروفيسور كأسَه بأصابع مرتعشة.

وقال: «إليزابيث تعرف ما هو الأفضل، أنا متأكِّد من أن إليزابيث تعرف ما هو الأفضل، لكنني أيضًا بدأتُ أتمنى لو أنها رحلَت بعيدًا. الليلة الماضية التقينا به عند والتر كريس.»

مرةً أخرى، استدار بعصبيةٍ نحو تافرنيك، الذي كان ينظر إلى وسط المطعم بوجهٍ خالٍ من التعبيرات.

«حاولنا إقناعَه بالرحيل. إنه حقًّا في موقفٍ خطيرٍ هنا. أقسمَ جيمي بوست أنه لن يُرسَل إلى نيويورك، وهناك واحدٌ أو اثنان آخران … فريقٌ يائس للغاية. حاولنا الليلةَ الماضية التفكير مع بريتشارد.»

همست: «ألم يُجدِ ذلك نفعًا؟»

أجابَ البروفيسور بنبرةٍ جافة: «لم يُجْدِ على الإطلاق. ربما، لو لم نُقاطَع، لكنا أقنعناه.»

فقالت راجية: «أخبرني عما حدث.»

هزَّ البروفيسور رأسَه. واستمرَّ تافرنيك في إظهار عدم اهتمامه بمحادثتهما.

اختتم البروفيسور حديثه قائلًا: «ليس لكِ أن تعرفي شيئًا يا عزيزتي. لقد اخترت بحكمةٍ شديدة أن تبتعدي عن كل هذه الأمور. وإليزابيث تتمتَّع بشجاعةٍ رائعة. أمَّا أنا، فيؤسفني أن أقول إن أعصابي لم تعد كما كانت من قبل. أيها النادل، سآخذ كأسًا كبيرةً من مشروب البراندي المُعتَّق.»

أُحضِرَ البراندي، لكن بدا أن البروفيسور تُطارده الذكريات ولم يستعِدْ روحه المعنوية المرتفعة بالكامل. ولم يستردَّ أسلوبه السابق جزئيًّا إلا بعد انخفاض الإضاءة ودفع تافرنيك للفاتورة.

قال وهم يقفون معًا: «طفلتي العزيزة، لا أستطيع أن أخبركِ مدى استمتاعي بهذا اللقاء القصير.»

أراحت أصابعها على كتفَيه ونظرَت إلى وجهه.

وقالت مناشدةً إياه: «أبي، تعالَ إليَّ. أستطيع الاعتناءَ بك، إذا لم تُمانع لمدةٍ قصيرة أن تكون فقيرًا. سوف تحصل على كل راتبي باستثناء ما يكفي فقط لملابسي، ويمكنني أن أرتديَ أيَّ شيء. سوف أحاول جاهدةً أن أقدِّم لك كلَّ وسائل الراحة.»

نظر إليها بنوع من الكرامة الجريحة.

وأجابَ: «طفلتي، يجب ألَّا تتحدَّثي معي هكذا. إذا لم أكن أشعر أن واجبي يُحتِّم عليَّ البقاءَ مع إليزابيث، كنت سأصرُّ على مجيئكِ إليَّ، وفي ظل تلك الظروف، سأكون أنا المسئولَ عن إعالتكِ، وليس أنتِ. لكن في الوقت الحاليِّ لا يمكنني تركُ أختكِ الكبرى تمامًا. إنها في حاجةٍ إليَّ.»

ابتعدَت بياتريس قليلًا بحزن. ونزلَ الثلاثة الدرَج.

قال البروفيسور: «سأترك صديقنا الشاب، السيد تافرنيك، ليُرافقَكِ إلى منزلكِ. أما أنا فسوف أتصل لمعرفةِ ما إذا كانت إليزابيث قد عادت. إذا لم تكن قد عادت بعد، فسوف أقضي ساعةً أو ساعتَين، على ما أعتقد، مع أصدقائي في نادي بلو روم. بياتريس، لقد سعدتُ بلقائكِ، سعدتُ سعادةً أتمنى أن تتكرَّر قريبًا.»

أخذَ كِلتا يديها. وابتسمَت له محاولةً إبداءَ السعادة.

وقالت: «ليلة سعيدة يا أبي!»

أضافَ البروفيسور وهو يأخذ يدَ تافرنيك ويحتفظ بها في يده دقيقة، بينما ينظر بتأثُّر إلى وجهه: «ولك أيضًا يا سيدي، ليلة سعيدة! لن أتحدَّث كثيرًا، ولكنني سأقول هذا: لقد أحببتُ كلَّ ما رأيتُه منك. عمت مساءً!»

استدار ومشى بعيدًا. راقبه كلٌّ من بياتريس وتافرنيك حتى اختفى. ثم، بتنهيدة، التقطت تنورتها بيدها اليمنى، وأخذَت ذراع تافرنيك.

قالت: «هل تمانع في السير إلى المنزل؟ أشعر بصداع.»

نظر تافرنيك لحظةً في شوقٍ عبر الشارع نحو ميلان كورت. إلا أن يدَ بياتريس أحكمت الشَّدَّ على ذراعه أكثر.

قالت بصراحة: «سأجعلك تصطحبني في كل خطوة على الطريق، حتى تتمكَّنَ من تحقيق أقصى استفادةٍ منه. وبعد ذلك …»

قاطعها قائلًا: «ماذا عن بعد ذلك؟»

تابعَت بحسم: «بعد ذلك، ستذهب إلى المنزل على الفور!»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤