أشياء طفولية: الصور والمحادثات
كل صورة تحكي حكاية … شائقة مثل الحكايات التي كانت بيسي تقصُّها على أسماعنا أحيانًا في الأمسيات الشتوية … وبعدما تُحضِر طاولة الكي إلى المدفأة في غرفة الأطفال، كانت تأذن لنا بالجلوس عندها … وتُشبِع شوقنا (الطفولي) بفقرات عن الحب والمغامرات تقتبسها من الحكايات الخرافية وغيرها من القصائد الروائية …
ومع بيويك في حِجري، كنت أشعر وقتها أني سعيدة: سعيدة على الأقل بطريقتي الخاصة.
جين إير هي أول فتاة صغيرة — أو إن لم تكن الأولى فإنها الأشهر — تُخبرنا بقصتها في رواية ترويها بضمير المتكلم؛ وهي تبلغ من العمر عشر سنوات، وتهرب من تنمر قريبها، وتنتظر في هدوء في كوة مطلية باللون الأحمر، حيث تنهمك في قراءة كتاب مصوَّر للأطفال.
تسافر الصغيرة جين إير — المُتقدمة على أليس في بلاد العجائب في ترتيب الأبطال الأطفال في الفانتازيا، والبطلة في رواية زاخرة بالصور الزاهية والمشاهد البشعة والأهوال القاسية المقتبَسة من القصص الرومانسية والحكايات الخرافية — في خيالها، وهي تقرأ الكتاب، وهي تسلية ترفضها بشدة أسرتها بالتبني القاسية (كما يحدث في الحكايات الخرافية). لكن كتاب توماس بيويك «تاريخ الطيور البريطانية» القابع في حجرها، تمتزج صوره بذكرياتها عن مُربيتها الحبيبة بيسي، وهي تقص حكاياتها في أثناء قيامها بالكي، وهذا المزج جهرًا بين الطيور الحقيقية في الصور، والقصص المُتذكَّرة المرويَّة، يُبشر بمشهد حكي القصص، الذي أصبح النصيحة الشائعة للآباء في عصرنا الحاضر، وهو أن تقرأ للطفل الصغير، وبين يديكما كتاب مصوَّر مفتوح، تتشاركان النظر فيه.
هذا نموذج معهود للتربية الإيجابية، لكنه يتشكل من الأفكار الحداثية حول الأطفال، وقيمة القصص، وحقيقة التخيل.
لكن في سنة ١٨٥٥، عندما توفيت شارلوت برونتي، لم يكن معتادًا أن تُنشَر الحكايات الخرافية مع الصور. وتعود الطيور المنقوشة لتوماس بيويك، صاحب الزخارف الصغيرة الرعوية الساحرة، إلى مفاهيم التربية الإنسانية التنويرية، التي شجعت العقول الصغيرة على البحث في الظواهر الطبيعية بالتجربة، وفق العقل. كان جون لوك وجان جاك روسو يعارضان الخيال (فقد كان لدى الأطفال بالفطرة ما يكفيهم من الخيال)، لكنهما وافقا أتباع الحركة الرومانسية، الذين تأملوا الطبيعة أيضًا، ورأوا «عالمًا في حبة رمل / وجنةً في زهرة برية.»
ويؤدي الكتاب المصوَّر دورًا ديناميكيًّا جوهريًّا في تاريخ الحكاية الخرافية، فمنذ القرن التاسع عشر، تُنُوقلت القصص بشكل أساسي عَبر رواية القصص المرئية، مثل المسرح والشاشة والأدب. في بداية قصة «عَبر المرآة»، يتناول المؤلف بشكل محدد، أحد عيوب كتب الأطفال، عندما تشعر أليس بالضجر من أختها المنهمكة في قراءة كتاب. تريد أليس أن تعرف ما بداخل الكتاب، فتسترق النظر إليه، وتُحدِّث نفسها بنبرةٍ يشوبها تشكُّك قوي ساعدها في النجاة من محن أرض العجائب، وتقول: «ما فائدة كتاب خالٍ من الصور أو المحادثات؟»
وعندما أهدى لويس كارول رواية «عَبر المرآة» لأليس ليدل، تذكر ساعة العصرية الذهبية، حين ألَّف القصة لتسليتها وأشقائها:
ومع أن قلةً سيتفقون مع إطلاق مصطلح «الحكاية الخرافية» على كتب أليس المعاصرة، فإنها ابتدعت بنجاح منقطع النظير نوعًا جديدًا من الكتب، نوعًا سيؤدي دورًا مهمًّا في تاريخ تطور الحكاية السحرية أو العجائبية.
لم تذكر «ألف ليلة وليلة» ولا «بينتاميروني» لباسيلي، لا تصريحًا ولا ضمنيًّا، أنها تستهدف الأطفال، كما أن قصصها ماجنة وبذيئة، بما لا يتفق مع شروط برامج ما قبل التاسعة مساءً. في المقابل، ضمَّت «حكايات الزمن الماضي» لبيرو و«حكايات الأطفال والبيوت» للأخوين جريم الأطفال إلى جمهورها، لكن ليس حصريًّا. وفي الحقيقة، لم تستهدف أوائل الكتب القصصية الصغيرة القرَّاء الصغار، لكن منذ أوائل القرن التاسع عشر، شرع الكتاب وجامعو القصص والمحررون والذين يعيدون صياغة الكتب والناشرون في كتابة قصص تستهدف الصغار. كيف حصل هذا التحوُّل، من مسرحيات شكسبير ومجموعة الأخوين جريم القصصية إلى هذا التركيز في العصر الحديث على الحكايات الخرافية، كأداة ضرورية لكنها مُعقدة، لتطور الطفل؟

ولقد نبع رفض النقاد، مثل لوك وروسو، للحكايات الخرافية من المبادئ التنويرية والقيم العقلانية العامة؛ إذ جرت العادة على أن تستخدم المربيات والآباء البعبع لتخويف الأطفال وحثهم على الالتزام بالسلوك القويم، كما امتلأت القصص بالكائنات المُخيفة مثل الغيلان والساحرات والوحوش. واستُحضرت مواضيع خاطفي الأطفال، مثل رجل الرمل والساحرات، لتهديد الصغار. ولأن الصغار سريعو الانفعال والتأثر بحسب طبيعتهم، كانوا أكثر عرضة للكوابيس؛ لذا لا ينبغي للبالغين الإفراط في إثارة مشاعرهم. وفي هذا الصدد، كانت النساء هدفًا لهذه الانتقادات، ليس لانشغالهن بتربية الأطفال فحسب، وإنما لاعتبارهن عُرضةً أيضًا من الناحية الفكرية للخيالات الحمقاء. كما أثار الأصل المُتخيل الشعبي — والأجنبي — لكثير من الحكايات الخرافية، الاحتجاجات بين المتعلمين. على سبيل المثال، عندما ظهرت «ألف ليلة وليلة» لأول مرة باللغة الإنجليزية، انتقد لورد شافتسبري الحفاوة التي حظيت بها، قائلًا: «إنها (الحكايات الخرافية) تُثير فضولهم تجاه عِرقٍ غريب من السحرة ذوي البشرة السوداء، الذين قِيل عنهم منذ القِدَم إنهم يتسللون إلى البيوت، ويخطفون النساء الساذجات.»
ومن ثَمَّ، لاحظ المؤرخون الأدبيون وجود انقسام حاد بين الأدب الروائي الواقعي من ناحية، والفانتازيا من ناحية أخرى، وسلطوا الضوء على معارضة التربويين للحكاية الخرافية، إلا إذا عُولجت للحث على الفضيلة. وتزامن صعود الرواية الأخلاقية، والتمثيلات الطبيعية في الأدب الروائي، والالتزام بالخلفية الاجتماعية المعاصرة («السجلات التاريخية المُختلَقة» بحسب تعبير أودن)، مع الهبوط في شعبية أشكال الحكاية الرمزية، والفانتازيا. وحظي ما يدعوه لويس «واقعية التمثيل» بالإعجاب على حساب السحر والتعاويذ. لكن، دائمًا ما كان للحكايات الخرافية نقَّادها، حتى بين المنشغلين بكتابتها. على سبيل المثال، بادر بيرو بوصف حكاياته بأنها محض «ترهات»، وسخر القرَّاء الأوائل ﻟ «ألف ليلة وليلة»، ومن بينهم هاملتون أحد أكبر الكتَّاب المحاكين لأسلوبها، منها، ونعتوها بحكايات الزوجات العجائز. وكان للترهات مكانها الخاص بها، بحسب اعتقادهم، وهو الملعب وغرفة الأطفال؛ ويزعم ريتشارد دوكينز، أحد أحدث أولئك النقاد، أن التخلي عن الفانتازيا جزءٌ من عملية النضج.
لكن لم ولا ينجذب الأطفال لكتب تحوي تصويرًا عبقريًّا للآداب والأخلاق في المنتجع الصحي «بامب روم» في مدينة باث. وعلى العكس، لا تستلزم الحكاية الخرافية خبرة سابقة، كي يفهم الأطفال أحداثها، فيضحكون أو يرتعدون بعفوية. وفي بعض الأحيان، بل في كثير من الأحيان، يكون طفل بطل القصة، فيشعر القارئ الصغير بارتباط معه على الفور. وفي حين سُمِح للأطفال بالإيمان بالسحر والتحول، اضطر آباؤهم للتخلي عن هذه الأشياء الطفولية، ليؤمنوا بمعجزات «الكتاب المقدس» فحسب.
في المقابل، صوَّرت كارولين سامبتر في كتابها المذهل «الصحافة الفيكتورية والحكاية الخرافية»، هذا التباين التقليدي بطريقة استثنائية. نجدها تناقش كيف استخدمت وسائل الإعلام الصحفية الشعبية في القرن الثامن عشر «طريقة كتابة الحكايات الخرافية»، وبدأت الحكايات الخرافية تتسرب إلى الدوريات الجديدة، مثل «ألف ليلة وليلة»، التي نُشرت على هيئة سلاسل على مدار عدة أشهر، وتلقتها الجماهير العريضة بالحماسة والتقليد؛ بدأ الناشر الإنجليزي جون نيوبري في إعادة سرد الأساطير والحكايات الشعبية للقراء الصغار؛ ومن أحضان حركة الرومانسية، خطرت لماري جين كليرمونت، زوجة ويليام جودوين الثانية، وزوجة أب ماري شيلي، فكرة نشر الحكايات الخرافية الفرنسية للأطفال في محاولة لكسب بعض المال من أجل عائلتها.
لم يؤدِّ التصور الرومانسي للطفولة إلى انتصار الخيال فحسب، وإنما إلى الاعتقاد الذي يقول إن مَلَكة التخيُّل يختص بها الأطفال وحدهم — أفلتت شخصية بيتر بان (للمؤلف جيمس ماثيو بيري) ممَّا وصفه وردزورث ﺑ «ظلال السجن». ويتوق البالغون لاستعادة تلك الجنة — أرض الأولاد الضائعين — وأصبح استحضار ذلك العالم الثانوي حافزًا قويًّا على تأليف روايات خرافية جديدة. كانت هذه، في كثير من الأحيان، أحلام الأبطال الصغار الذين كانوا يرغبون في إصلاح ما فسد من عالم البالغين: و«أليس في بلاد العجائب» أفضل مثال على ذلك؛ إذ تنتقد حماقة البالغين، على غرار الفتى الصغير في حكاية «ملابس الإمبراطور الجديدة» للكاتب هانز كريستيان أندرسن. بعض الأطفال في الحكايات الخرافية الفيكتورية مثل التفاح الفاسد لكن أكثرهم يدعمون المُثل العُليا لعالم أفضل.
القراء الصغار: ركن القصة والسوق المتخصصة
في أولى الحكايات الخرافية المطبوعة، في الكتب القصصية الصغيرة، زُيِّنت القصص بنقوش بسيطة لكنها مُعبِّرة: جاك الضئيل بجانب رأس العملاق الضخم، وزوجة ذي اللحية الزرقاء تُجرُّ من شعرها، والأخوان الصغيران يركضان بسرعة في الخلفية. لكن تقنيات الطباعة سرعان ما جعلت الكتب التي تحتوي على صور من أروع وأنجح الإنجازات في القرن التاسع عشر، وبدأت الحكايات الخرافية تنتج عمدًا، لتجذب جمهور الأطفال. وساعد جو المرح والفكاهة، في معالجة مادة الحكاية الخرافية لتتناسب مع جمهور الأطفال الجديد. وتحولت الحكايات الخرافية إلى لغة كوميدية — «أقراص لمعالجة الحزن». ويجدر بنا الإشارة إلى أنه عندما تُرجمت حكايات الأخوين جريم ونُشرت بالإنجليزية للمرة الأولى، بواسطة إدجار تايلور في سنة ١٨٢٣، خلق الرسام جورج كروكشانك جوًّا من المرح الصاخب، أو التفاهة الغريبة المضحكة، على شاكلة أغاني الأطفال في قصة «المرأة العجوز وقطتها العجيبة». وتحتل رسوماته صدارة الكتب، وفيها تظهر صورة كوميدية لجدٍّ غارق في الضحك يقفز على قدميه، وجدة موقرة، أو الإوزة الأم تجمع صغارها المسحورين بحكاياتها حولها.

تدفقت القصص لتشكِّل نقطة تحوُّل جديدة في عالم السرد، تتجسَّد في كتبٍ صُمِّمت خصوصًا للأطفال، وزُيِّنت برسوم زاهية لتعزيز جاذبيتها. وقد حقق هذا النهج نجاحًا هائلًا، فلم يتبقَّ من كتب الحكاية الخرافية القديمة للأطفال سوى النذر اليسير — خاصة إذا كانت النسخ سليمة، لم يُشطب فيها وجه الشرير، أو تُمزَّق صورة الوحش. لكن الكتب الناجية من عبث الصغار، تقدم جوًّا من الفكاهة والألوان الزاهية: فالكتب المَطويَّة والكتب المُتدرِّجة والكتب التفاعلية، مثل المسارح المُصغَّرة والصور المُجسَّمة واللصاقات المنزلقة، تحيي الحبكات المعروفة بحسها الإبداعي الغزير. ومع تطوُّر الاختراعات العبقرية في تقنيات النسخ والطباعة، حدث تغير كبير في تاريخ الحكاية الخرافية.
في وقت لاحق، بعد أن حققت نسخة تايلور نجاحًا كبيرًا، ألَّف كروكشانك مجموعته الخاصة، لكتاب بعنوان «مكتبة الجنيات»، نُشر في ١٨٥٣–١٨٥٤، عالج فيه الحكايات الموجودة وأضاف إليها حكايات أخرى. كانت لوحة «جن لين» لويليام هوجرت راسخة في ذهن عائلة كروكشانك، وكان هو نفسه مناضلًا ضد استهلاك الكحول الذي أودى بحياة الكثيرين. وفي نسخته من حكاية «سندريلا»، جعل النافورات في العُرس تفيض بعصير الليمون بدلًا من الكحول.
وثارت ثائرة ديكنز فور أن رأى تنقيح صديقه للنص. ونهض للدفاع عن مصداقية الحكايات في تعبيرها عن الواقع في مقالة بعنوان: «التجني على الجنيات»، قائلًا:
كُتُب الأطفال (نفسها)، بحكم تحفيزها للخيال، ينبغي حِفظها. وكي تكون فائدتها تامة، لا بد من الحفاظ على مبالغتها في البساطة والنقاء والبراءة كما لو كانت حقيقة واقعية. ومَن يعدِّلها كي تتناسب مع آرائه، أيًّا كانت، مذنبٌ، في رأينا، متغطرسٌ ينسب لنفسه ما ليس له.
لكن لم يلقَ ديكنز آذانًا مُصغية، فبعد معالجة حكايات الأخوين جريم، تلتها حكايات خرافية أخرى كثيرة، وخضعت لنفس المعالجة، لتخفيف نغمتها القاسية. وأصبحت معتدلة النغمة بشكل لافت للنظر، ويبدو أن ديكنز، المناصر القوي للحكايات الخرافية الخالصة، لم يسمع عن «شجرة العرعر» أو حتى «بياض الثلج» حين أعلن:
يصعُب تخيل حجم اللطف والرحمة اللذين تسلَّلا إلينا من خلال هذه القنوات الرفيعة. فالصبر، واللباقة، والرحمة بالصغار وكبار السن، والرأفة بالحيوانات، ومحبة الطبيعة، والنفور من الطغيان والقوة الغاشمة — معانٍ جميلة كثيرة ترعرعت في قلب الطفل لأول مرة بمساعدة هذه الأداة المؤثرة.
وبدأ سنُّ أبطال وبطلات القصص الخرافية، يصغر شيئًا فشيئًا، مع القرَّاء الصغار. وسعى ديكنز وأندرسن لتحقيق الشهرة من خلال عرض القصص على الجمهور وإضافة الصور في كثير من الأحيان: كان ديكنز محاكيًا بارعًا واستخدم مصباحًا سحريًّا، في حين كان أندرسن عبقريًّا في تقطيع الورق على هيئة الشخصيات.
ويُعد هانز كريستيان أندرسن أحدَ أهم روَّاد الحكايات الخرافية الأصيلة في العصر الفيكتوري، حين أصبح هذا النوع من الفن تسليةً مناسبةً للأطفال. استلهم أندرسن الحكايات من عائلته؛ من أسفار أبيه (الذي كان يعمل صانعًا للأحذية)، وجدته الخيالية، وأمه التي كانت تغسل الملابس بالأجرة، وتحتل أدنى مرتبة في السُّلم الاجتماعي. لكنه لم يُعبِّر عن امتنانه لأفراد عائلته صراحةً؛ مثل ديكنز، وعلى العكس من الأخوين جريم، ذهب مذهب المؤلف الأصلي عن عمد، وعَدَّل مادته الأصلية وفصَّلها وزخرفها، فانتقل من الميلودراما إلى الفكاهة، واضعًا بصمته الخاصة التي لا تخطئها العين على عمله؛ فاستحقت قصصه العاطفية أو حتى الكئيبة مثل «الحورية الصغيرة» و«بائعة الكبريت الصغيرة»، ومغامراته الغريبة الشائقة مثل «صندوق القداحة» و«الظل» لقب الكلاسيكيات الأدبية.
وتطورت الكتابة الخرافية، التي صِيغَت وزُوِّدت بالرسومات بما يتناسب مع القرَّاء الصغار، فأصبحت وسيلة لنقل القيم الأخلاقية والتطلعات السياسية وحتى المعرفة العلمية. كما منحت كتَّاب العصر الفيكتوري والإدواردي وكتَّاب العصر الحديث فيما بعد طريقةً يُمكنهم من خلالها التعبير عن خبراتهم ومُثلهم العليا. وصارت الحكايات الخرافية جزءًا من مواد تعليم الأطفال، ومن القراءات المُوصَى بها للأطفال في مرحلة النمو؛ لأنها تُحفز القدرات العقلية على تخيل القصة ومتابعة أحداثها، بحكم نقلها للظروف الواقعية وتعليمها للأطفال كيفية التعامل مع التجارب الحياتية بحكمة، لا سيما عند الانتقال إلى مرحلة المراهقة. ومع هؤلاء الكتَّاب انطلق عصر ذهبي للكتابة للأطفال؛ ويعكس الازدهار الاستثنائي لذلك الفن من الأدب، لا سيما في بريطانيا، استعارة الكتَّاب عن قصد لسمات الحكاية الخرافية من حكايات بيرو، والأخوين جريم، و«ألف ليلة وليلة»؛ كما يُسخِّر إمكانات العجائب التي جعلها مؤلفو الحكاية الخرافية جزءًا جوهريًّا من المشهد الخيالي.
لكن، بعد حكايات الأخوين جريم بقرنَين من الزمان، لم تَعُد الحكايات الخرافية تسليةً بريئة.