القسم الرابع

ومن الأوهام في المعاني ما لا يرجع لسبب من الأسباب المتقدمة، فلا يصح عدُّه من أحد أقسامها؛ كأن يصنع الشاعر لفظة في موضع لا تصلح له، لا لجهله بالشيء كما تقدم بل لسهو أو خطأ في تقديره، أو أن يسيء في التعبير إساءة تحيل المعنى وتفسده، إن لم تعكس الغرض المقصود منه، أو أن يأتي بكلام غير متلائم الأجزاء، أو فاسد التقسيم أو التشبيه، أو غير ذلك مما يشبهه ويجري مجراه، وكثيرًا ما تنشأ هذه الأوهام من التساهل، إما لثقة الشاعر بقدرته وبمكانة شعره في النفوس، أو لكلال يلحق طبعه في بعض الأحيان، فيلقي بالكلام على عواهنه في البيت والبيتين من القصيدة، ثم تمنعه تلك الثقة أو الضجر أو ضيق الوقت من إعادة النظر فيما قال.

فمن ذلك قول النابغة الذبياني:

ماضي الجنان أخي صبر إذا نزلت
حرب يُوائل منها كل تنبال

يوائل: يطلب الموئل، وهو الملجأ، والتنبال: القصير أو الجبان، وذِكْرُه هنا مفسد لمعنى البيت، قال أبو هلال: «ليس القصير بأولى بطلب الموئل من الطويل، وإن جعل التنبال الجبان فهو أبعد من الصواب؛ لأن الجبان خائف وَجِلٌ اشتدت الحرب أم سكنت.» ومثله في الموشح للمرزباني باختلاف في العبارة.

وقال النابغة أيضًا يصف ناقته:١
تحيد عن أَسْتَنٍ سود أسافله
مشي الإماء الغوادي تحمل الحُزَما

الأستن (بوزن أحمر): شجر إذا نظر الناظر إليه من بُعد شبهه بشخوص الناس، كذا في اللسان، وقال الأعلم الشنتمري في شرح الديوان: «شبه الأستن في سواد أسافله وطوله بإماء سود يحملن الحُزَم، وأوقع التشبيه في اللفظ على المشي؛ لأنه السبب في ظهور أسافلهن وتبيُّن سوادهن، وإنما خص اللواتي تحمل الحزم؛ لأنهن إذا كانت عليهن الحزم مددن أيديهن فكان أطول لهن.» وفي شرح الوزير أبي بكر البطليوسي: «شبه سواد أسافل هذا الشجر وما فوق ذلك من فروعه اليابسة بإماء سود على رءوسهن حطب؛ لأن لون هذا الشجر إذا كان أسفله أسود وأعلاه يابس الأغصان فكأنه حطب على رءوس إماء سود.» والذي عِيب عليه في هذا البيت من فساد المعنى قوله: «الغوادي» لأنَّ الإماء تحمل الحطب بالعشي وهن روائح، وأما إذا غَدَوْنَ إلى الصحراء فإنهن مخفَّات، قالوا: والجيِّد قول التغلبي:

تظل بها رُبْد النعام كأنها
إماء تُزَجَّى بالعشيِّ حواطب

وقد شبه النعام بالإماء الحواطب؛ لأن النعامة إذا خفضت عنقها ومشت كانت أشبه شيء بماشٍ وعلى ظهره حِمل، وقال أبو هلال في بيت النابغة: «وقد روي: مثل الإماء، وإذا صحت الرواية سلم المعنى.»

قلنا: لم يظهر لنا وجه سلامة المعنى على هذه الرواية؛ لأن أبا هلال لم يَعِبْ عليه قوله: «مشي الإماء»، بل عاب عليه كغيره قوله: «الغوادي»، وتغيير مشي بمثل لا يجعل تلك الإماء روائح حتى يسلم المعنى به، وإنما الذي ينتصر للنابغة يقول: أراد أن الإماء تغدو لتحمل الحطب رواحًا، وقال علي بن حمزة البصري في التنبيهات: «كان أبو عبيدة يقول: لم يقُلْه النابغة إلا عشاء تحمل الحُزَما.»

وقال النابغة أيضًا يصف ثورًا:

من وحش وجرة موشي أكارعه
طاوي المصير كسيف الصيقل الفرد

قال أبو هلال: أراد بالفرد أنه مسلول من غمده، فلم يَبِنْ بقوله الفرد عن سلة بيانًا واضحًا، والجيد قول الطرمَّاح وقد أخذه منه:

يبدو وتضمره البلاد كأنه
سيف على شرف يُسَلُّ ويُغمد

وهذا غاية في حسن الوصف، ومثله في طبقات الشعراء لابن قتيبة.

ومما خطَّئوا فيه النابغة أيضًا قوله:

ألكني يا عُيَيْن إليك قولًا
ستحمله الرواة إليك عني

ألكني: أي كن رسولي وبلِّغ ألوكتي؛ أي: رسالتي، وفسره أبو هلال بأرْسِلني، فقال منتقدًا البيت: «وليس من الصواب أن يقال أرسِلني إلى نفسك، ثم قال: ستحمله الرواة إليك عني.» وقال الآمدي: «قالوا: ألكني؛ أي كن لي رسولًا، فكيف يكون ألكني إليك عني؟ فاعتذر له الأصمعي، وقال: أهذا مما حملته الرواة عن النابغة؟ كأنه يدفع أن يكون قاله.»

قلنا: من فسره بأرسلني راعى اللفظ فقط، ومن فسره بكن رسولي راعى المعنى، ففي اللسان أن مقتضى لفظ: «ألكني إليها برسالة» أن يكون أرسِلني إليها برسالة، إلا أنه جاء على القلب؛ إذ المعنى: كن رسولي إليها بهذه الرسالة، فاللفظ يقضي بأنَّ المخاطَب مرسِل، والمتكلِّم مُرسَل، وهو في المعنى بعكس ذلك. انتهى ملخصًا.

والذي أنكره هؤلاء الأئمة أجازه صاحب اللسان، فقال: «وقد يكون المرسَل هو المرسَل إليه، وذلك كقولك: ألكني إليك السلام؛ أي كن رسولي إلى نفسك بالسلام، وعليه قول الشاعر.» ثم استشهد بالبيت٢ هذا فيما يتعلق بالصدر، وأما إنكارهم قوله بعد ذلك: «ستحمله الرواة إليك عني.» فإن رواية الديوان وشروحه التي بأيدينا: «سأهديه إليك إليك عني»، وفسره الأعلم بقوله: أي كُفَّ عني في أمر إخواني بني أسد، وكان عيينة بن حصن سامَ قوم النابغة أن ينقضوا حلف بني أسد فتوعده النابغة بالهجاء والحرب.

ومما عابوه على النابغة قوله:

فإنك كالليل الذي هو مدركي
وإن خِلْتُ أن المنتأى عنك واسع

فقال المعترضون: تشبيهه الإدراك بالليل يساويه إدراك النهار، فلم خصه دونه وإنما كان سبيله أن يأنى بما ليس له قسيم؟ هذا خلاصة ما قيل في البيت، والكلام فيه كثير حتى عده بعضهم في نقد الشعر من باب العبث، وهو أن يقصد الشاعر شيئًا من الأشياء ليس لذكره فائدة، وقال المعتذرون للنابغة: إنما خص الليل بالذكر؛ لأنه وصفه في حال سخطه فشبهه بالليل وهَوْلِه، وهي كلمة جامعة لمعانٍ كثيرة، وقيل: ذكر الليل لأنه أهول، ولأنه أول، ولأن أكثر أعمالهم كانت فيه لشدة حر بلدهم، فصار ذلك عندهم متعارفًا.

ومما خطئوه فيه قوله:

كأن حِجاج مقلتها قليب
من الشِّيقين حلَّق مستقاها

الحِجاج: العظم الذي ينبت عليه شعر الحاجب، والقليب: البئر، والشيقان: موضع، وحلَّق مستقاها: غار ماؤها، والحِجاج لا يوصف بأنه غائر كالقليب، وهذا مما لا يخفى على أحد.

ومن ذلك قول بعضهم:

ونطعنهم حيث الكُلَى بعد ضربهم
ببيض المواضي حيث ليِّ العمائم

أراد هذا الشاعر أن يذكر شجاعتهم ويصف بأسهم في قتال أعدائهم فأتى بما يدل على عكس ما أراد؛ لأنهم إذا ضربوهم بالسيوف مكان ليِّ العمائم: أي في رءوسهم ولم يموتوا، واحتاجوا بعد ذلك إلى طعنهم بالرماح في كلاهم، فقد فعلوا فعل الجبان الخائف غير المتمكن من قتل قرنه، وهذا مما لا يُفتخر به، وإنما الجيد قول بلعاء بن قيس:

غشيته وهو في جأواء باسلة
عضبًا أصاب سَواء الرأس فانفلقا
بضربة لم تكن مني مخالسة
ولا تعجلْتُها جُبنًا ولا فَرَقا

ومن فاسد التشبيه قول بشر بن أبي خازم:

وجر الرامسات بها ذيولًا
كأن شمالها بعد الدَّبُور
رماد بين أظآر ثلاث
كما وُشم النواشر بالنئور

والشمال والدبور لا تشبهان بالرماد، وإن كان أراد ما تخلَّف من فعل الشمال والدبور فقد أساء التعبير وقصَّر في بيان مراده.

ومن قبيله قوله أيضًا يصف سفينة:

أجالد صفهم ولقد أراني
على زوراء تسجد للرياح
إذا ركبت بصاحبها خليجًا
تذكَّر ما لديه من جُناح
ونحن على جوانبها قعود
نغض الطرف كالإبل القماح

وهو مما عابه عليه ابن قتيبة في طبقات الشعراء؛ لأن معنى غض طرفه: كسره وأطرق ولم يفتح عينيه، والإبل القماح: هي الرافعات رءوسها عن الماء ممتنعة من الشرب، فكيف يشبه المطرق بالرافع رأسه؟ ولكن من يراجع مادة «قمح» في اللسان لا يعدم للكلام مخرجًا.

ومن التشبيهات التي لم تقع موقعها قول ابن هَرْمة:

وإني وتركي ندى الأكرمين
وقد حي بكفي زنادًا شحاحا
كتاركة بيضها بالعراء
وملبسة بيض أخرى جناحا
وقول الفرزدق:٣
وإنك إن تهجو تميمًا وترتشي
سرابيل قيس أو سحوق العمائم٤
كمهريق ماء بالفلاة وغرَّه
سحاب أذاعته رياح السمائم

فإن بيت ابن هرمة الثاني يليق ببيت الفرزدق الأول، وبيت الفرزدق الثاني يليق ببيت ابن هرمة الأول، فلو كانا كذلك لكان كل واحد منهما قد شبه تشبيهًا واضحًا صحيحًا، فأمَّا والشعر وما هو عليه فإن التشبيه فيه بعيد، كذا في سر الفصاحة لابن سنان، وعزا صاحب الأغاني هذا النقد لأبي نُواس، فذكر أنه قال: «شاعران قالا بيتين وضعا التشبيه فيهما في غير موضعه، فلو أُخِذَ البيت الثاني من شعر أحدهما فجُعِلَ مع بيت الآخر، وأُخِذَ بيت ذاك فجُعِلَ مع هذا لصار متفقًا معنًى وتشبيهًا.» وقال بعد إيراد المقطوعتين: ولكن ابن هرمة قد تلافى ذلك بعد فقال:

وإنك إذْ أطعمتني منك بالرضا
وأيأستني من بعد ذلك بالغضب
كممكنة من ضرعها كفَّ حالب
ودافقة من بعد ذلك ما حلب

انتهى. يريد: أنه أتى هنا بتشبيه صحيح، لا أنه أصلح به تشبيهه الأول، فإن هذا غير ذاك.

ومما وهم فيه خُفاف بن نُدْبة قوله:

أبقى لها التعداءُ من عَتَداتها
ومتونها كخيوطة الكَتَّان
قال المرزباني: «العتدات:٥ القوائم، أراد أن قوائمها دقَّت حتى عادت كأنها خيوط، وأراد ضلوعها فقال متونها.»

ومثله قول ابن أحمر:

غادرني سهمه أعشى وغادره
سيف ابن أحمر يشكو الرأس والكبدا

قالوا: أراد غادرني سهمه أعور فلم يمكنه فقال أعشى، وكان ابن أحمر أعور؛ رماه رجل يقال له مخشي بسهم فذهبت عينه.

ومن الأوهام قول القائل:٦
يمشي بها كل موشى أكارعه
مشي الهرابذ حجوا بِيعة الزُّون

الهرابذة: المجوس، وهم قَوَمَة بيت النار، والزُّون: الصنم، قال أبو هلال: «الغلط في هذا البيت في ثلاثة مواضع؛ أحدها: أن الهرابذ المجوس لا النصارى، والثاني: أن البِيعة للنصارى لا للمجوس، والثالث: أن النصارى لا يعبدون الأصنام ولا المجوس.»

ومما عابه أبو هلال على ذي الرمة قوله:

نغار إذا ما الروع أبدى عن البرى
ونقري عبيط اللحم والماء جامس

فقال: «لا يقال ماء جامس، وإنما يقال: وَدَك جامس.» قلنا: هو تابع في ذلك للأصمعي، والجامس: الجامد، يريد أننا نقري في الشتاء، وبعض اللغويين يجيز الجموس في الماء.

وعاب عليه قوله أيضًا:

إذا انجابت الظلماء أضحت رءوسها
عليهن من جهد الكرى وهي ظُلَّع

فعده من عجائب الغلط، ونقل عن ابن فروة أنه قال: قلت لذي الرمة: ما علمت أحدًا من الناس أظلع الرءوس غيرك! فقال: أجل. انتهى.

قلنا: لأن المعروف في الظَّلَع أنه العرج والغمز في المشي، وهذا لا يكون في الرءوس.

وعاب على أبي ذؤيبٍ الهذليُّ قولَه:

فما برحت في الناس حتى تبينت
ثقيفًا بزيزاء الأشاء قبابها

الزِّيزاء: (بكسر الأول): الأَكَم، واحدتها: زيزاءة، والأشاء: النخل، قال أبو هلال: «يقول: ما زالت هذه الخمرة في الناس يحفظونها، حتى أتوا بها ثقيفًا. قال الأصمعي: وكيف تحمل الخمرة إلى ثقيف وعندهم العنب!» ومثله في طبقات الشعراء لابن قتيبة.

قلنا: الذي في شرح السكري لديوان أبي ذؤيب أن المعنى: حُمِلَت إلى عكاظ لِتُبَاع، وهي دار ثقيف»، وعليه فلا خطأ إلا أن يكون مراد الشاعر حُمِلَت إلى ثقيف نفسها كما فهم الأصمعي، وتبعه فيه أبو هلال وابن قتيبة.

ومما خطئوا فيه الشمَّاخَ قوله:

وأعددت للساقين والرجل والنسا
لجامًا وسرجًا فوق أعوج مختال

قال المرزباني: «وإنما يلجم الشدقان لا الساقان.»

قلنا: لم يقل الشمَّاخ ألجمت الساقين ولا يقوله أحد، وإنما قال: أعددت لهما لجامًا وسرجًا؛ أي ألجمت فرسي وأسرجته ليعدو ويحرك ساقيه إلا أنه لم يحسن التعبير.

ومما استُضْعِفَ من معاني الأعشى قوله:

فرميت غفلة عينه عن شاته
فأصبت حبة قلبها وطحالها

المراد بالشاة هنا: المرأة، قال المرزباني: «وقد عابه قوم بذلك؛ لأنهم رأوا ذكر القلب والفؤاد والكبد يتردد كثيرًا في الشعر عند ذكر الهوى والمحبة والشوق وما يجده المغرم في هذه الأعضاء من الحرارة والكرب، ولم يجدوا الطحال استُعمل في هذه الحال؛ إذ لا صنع له فيها، ولا هو مما يكتسب حرارة وحركة في حزن ولا عشق، ولا بردًا ولا سكونًا في فرح أو ظفر، فاستهجنوا ذكره.»

ومن التناقض قول المسيب بن عَلَس:

فتسلَّ حاجتها إذا هي أعرضت
بخميصة سُرُح اليدين وساع
وكأن قنطرة بموضع كُورها
ملساء بين غوامض الأنساع
وإذا أطفت بها أطفت بكلكل
نَبِض الفرائص مُجْفَر الأضلاع

فوصف الناقة بأنها خميصة؛ أي ضامرة، ثم شبهها بعد ذلك بالقنطرة، والقنطرة لا تكون إلا عظيمة، وأكد ذلك بقوله: «مجفر الأضلاع»، والمجفر: العظيم الجنين من كل شيء، فكيف تكون خميصة وهذه صفتها؟!

ومن التناقض قول الحطيئة في ثور وحشي:

حرج يلاوذ بالكناس كأنه
متطوِّف حتى الصباح يدور
حتى إذا ما الصبح شق عموده
وعلاه أسطع لا يرد منير
أوفى على عقد الكثيب كأنه
وسط القداح معقَّب مشهور
وحصى الكثيب بصفحتيه كأنه
خبث الحديد أطارهنَّ الكير

قالوا: زعم أنه بات يطوف حتى أصبح وأشرف على الكثيب، فمن أين صار الحصى بصفحتيه؟! وإنما يلتصق بهما إذا كان راقدًا.

ومنه قول عروة بن أُذَيْنَة:

نزلوا ثلاث منًى بمنزل غبطة
وهم على غرض لعمرك ما هم
متجاورين بغير دار إقامة
لو قد أجدَّ رحيلهم لم يندموا

قال أبو هلال: «فقال: لبثوا في دار غبطة، ثم قال: لو رحلوا لم يندموا.

ومثله قول جرير:

فلم أرَ دارًا مثلها دار غبطة
وملقًى إذا التفَّ الحجيج بمجمع
أقل مقيمًا راضيًا بمقامه
وأكثر جارًا ظاعنًا لم يودَّع

وهل يغتبط عاقل بمكان من لا يرضى به؟!» انتهى.

ومنه قول ابن نوفل:

لأعلاج ثمانية وشيخ
كبير السن ذي بصر ضرير

لأن الضرير إنما يستعمل في الأكثر للذي لا بصر له، فقوله في هذا الشيخ إنه ذو بصر وإنه ضرير تناقض، فكأنه يقول إن له بصرًا ولا بصر له، فهو بصير أعمى، كذا في الموشح للمرزباني، ونقد الشعر لقدامة.

قلنا: يطلق الضرير أيضًا على المريض المهزول، وعلى ذي الزَّمَانة إلا أن الأكثر استعماله لفاقد البصر كما قالا، ولا نظن الشاعر أراد غير الضعف وسوء الحال، ولكنه لما استعمله في غير ما يُستعمل فيه في الأكثر أتى بما يوهم الخطأ، والاحتراس من مثله أولى.

ومنه قول يزيد بن مالك:

أكفُّ الجهل عن حلماء قومي
وأعرض عن كلام الجاهلينا
إذا رجل تعرض مستخفًّا
لنا بالجهل أوشك أن يحينا

قال قدامة: «قد أوجب هذا الشاعر في البيت الأول لنفسه الحلم والإعراض عن الجهَّال، ونفى ذلك بعينه في البيت الثاني بتعديه في معاقبة الجاهل إلى أقصى العقوبات وهو القتل.»

ومما عدوه من التناقض قول زهير:

قف بالديار التي لم يعفها القدم
بلى وغيَّرها الأرواح والديم٧

فقالوا: نقض في عجُز هذا البيت ما قال في صدره؛ لأنه زعم أن الديار لم يعفها القدم، ثم انتبه من مرقده فقال: بلى، عفاها وغيرها أيضًا الأرواح والديم، وقال أبو عبيدة: أكذب نفسه فقال: لم يعفها، ثم رجع فقال: بلى، ومن يحتج له يقول: مراده أن بعضها عفا وبعضها لم يعفُ، وقيل: بل المراد أن الديار لم تعفُ في عينه من طريق محبته لها وشغفه بمن كان فيها.

ومثله قول امرئ القيس:

فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها
لما نسجتها من جنوب وشمأل

ثم قوله في بيت آخر:

وإن شفائي عبرة مَهراقة
فهل عند رسم دارس من معوَّل

ومن يذهب إلى عدم التناقض يقول: أراد لم يعفُ رسم حبها من قلبي، والأظهر قول بعضهم: أراد لم يقتصر سبب محوها على نسج الريحين، بل كان له أسباب منها هذا السبب، ومر السنين، وترادف الأمطار وغيرها.

وعد بعضهم من التناقض قوله في موضع:

فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة
كفاني ولم أطلب قليلٌ من المال
ولكنما أسعى لمجد مؤثل
وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي

وقوله في كلمة أخرى:

فتملأ بيتنا أقِطًا وسمنًا
وحسبك من غنًى شبعٌ وريُّ

لأنه وصف نفسه في موضع بسمو الهمة وقلة الرضا بدنيء المعيشة، وأطرى في موضع آخر القناعة، وأخبر عن اكتفاء الإنسان بشبعه وريِّه، وقد رد قدامة على هذا العائب، فقال: «أقول: إنه لو تصفَّح أولًا قول امرئ القيس حق تصفحه لم يجد معنًى ناقَضَ معنًى، فالمعنيان في الشعرين متفقان إلا أنه زاد في أحدهما زيادة لا تنقض ما في الآخر، وليس أحد ممنوعًا من الاتساع في المعاني التي لا تتناقض، وذلك أنه قال في أحد المعنيين:

فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة
كفاني ولم أطلب قليل من المال

وهذا موافق لقوله:

وحسبك من غنًى شبعٌ وريُّ

ولكن في المعنى الأول زيادة ليست بناقضة لشيء، وهو قوله: لكني لست أسعى لما يكفيني ولكن لمجد أؤثله، فالمعنيان اللذان ينبئان عن اكتفاء الإنسان باليسير متوافقان في الشعرين، والزيادة في الشعر الأول التي دل بها على بُعد همته ليست تنقض واحدًا منهما ولا تنسخه، وأرى أنَّ هذا العائب ظنَّ امرأ القيس قال في أحد الشعرين: إن القليل يكفيه، وفي الآخر: لا يكفيه، وقد ظهر بما قلنا أن هذا الشاعر لم يقُلْ شيئًا من ذلك ولا ذهب إليه، ومع ذلك فلو قاله وذهب إليه لم يكن عندي مخطئًا؛ من أجل أنه لم يكن في شرط شرطه يحتاج إلى ألَّا ينقض بعضه بعضًا، ولا في معنًى سلكه في كلمة واحدة أيضًا.»

ومن التناقض على طريق المضاف قول عبد الرحمن بن عبد الله القيسي:

فإني إذا ما الموت حلَّ بنفسها
يزال بنفسي قبل ذلك فأُقبر

قال قدامة: «جمع بين قبل وبعد، وهما من المضاف؛ لأنه لا قبل إلا لبعد، ولا بعد إلا لقبل؛ حيث قال: إنه إذا وقع الموت بها، وهذا القول كأنه شرط وضعه ليكون له جواب يأتي به، وجوابه قوله: يزال بنفسه قبل ذلك، وهذا شبيه بقول قائل: لو قال: إذا انكسرت الجرة، انكسر الكوز قبلها.» وقال أبو هلال: «هذا شبيه بقول قائل: إذا دخل زيد الدار دخل عمرو قبله.»

ومما أخذوه على الأعشى قوله:

شتَّان ما يومي على كورها
ويوم حيَّان أخي جابر

وكان حيان أشهر وأعلى ذكرًا من أخيه جابر، فلم يكن محتاجًا لأن يعرَّف به.

ومن غريب الوهم قول عدي بن زيد:

والمُشرفُ الهنديُّ٨ يُسقى به
أخضر مطموثًا بماء الخريص

المشرف: إناء كانوا يشربون فيه، والمطموث: الممسوس، والخريص: السحاب، ووجه الخطأ وصفه الخمر بالخضرة، وما وصفها بذلك أحد غيره، ولا كانت العرب تعرف هذا اللون للخمر.

ومن قبيله قول المرَّار:

وخالٌ على خديك يبدو كأنه
سنا البدر في دعجاء باد دجونها

فوصف الخال بالبياض، والوجه بالسواد، وهو خلاف المتعارف، اللهم إلا أن يكون حكى الواقع، ولو كان كذلك لما عابه عليه أئمة الأدب ونَقَدَةُ الشعر كالمرزباني وأبي هلال وقدامة وغيرهم.

ومما خطَّئوا فيه جريرًا قوله:

لمَّا تذكرت بالديرين أرقني
صوت الدجاج وقرع بالنواقيس٩

فقالوا: غلط مرتين، فإن الدجاج لا تصيح، وإنما تصيح الديوك، والأرق في أول الليل، والديوك تصيح عند الصباح.

قلنا: الدجاج تطلق على الديوك أيضًا، وإنما الوهم في الثاني، وقد تكلف له بعضهم وجهًا فقال: إنما أراد أرَّقني انتظار صوت الدجاج والنواقيس.

ومن عيوب المعاني أن ينسب الشيء إلى ما ليس منه، كما قال خالد بن صفوان:

فإن صورة راقتك فأخبر فربما
أمرَّ مذاق العود والعود أخضر

قال قدامة والمرزباني: «كأنه يومئ إلى أن سبيل العود الأخضر في الأكثر أن يكون عذبًا أو غير مُرٍّ، وهذا ليس بواجب؛ لأنه ليس العود الأخضر بطعم من الطعوم أولى منه بالآخر.»

ومن عيوب المعاني قول الحكم الخُضري:

كانت بنو غالب لأُمَّتها
كالغيث في كل ساعة يَكِفُ

وليس في المعهود أن يكون الغيث واكفًا في كل ساعة.

ومنها قول الحُطَيْئَة:

ومن يطلب مساعي آل لأي
تصعِّده الأمور إلى علاها

قال أبو هلال: «كان ينبغي أن يقول: من طلب مساعيهم عجز عنها وقصَّر دونها، فأما إذا تناهى إلى علاها فأيُّ فخرٍ لهم؟ فإن قيل إنه أراد به يلقى صعوبة، كما يلقى الصاعد من أسفل إلى علو، فالعيب أيضًا لازم له؛ لأنه لم يعبر عنه تعبيرًا مبينًا»، ونحوه في الموشح للمرزباني.

قلنا: البيت على القول الأول أشبه بالهجاء عنه بالمدح؛ لأنه أراد أن يعظم شأنهم، فصغره وحقَّره، وقد وقع الأخطل فيما يشبهه، فإنه أراد مدح سماك الأسدي، وكان قومه يلقبون بالقيون ويُعَيَّرون بذلك، فقال:

قد كنت أحسبه قينًا وأُنْبَؤُهُ
فاليوم طيَّر عن أثوابه الشَّرَرُ

أي فاليوم نفى ذلك عن نفسه وذهب عنه هذا اللقب، فنبَّه في مدحه له على شيء يُعَيَّرُ به، وكان له في دروب الممادح مُتَّسع، ويُرْوَى أنه لما أنشده سماكًا قال له: أردت أن تمدحني فهجوتني؛ كان الناس يقولون قولًا فحقَّقْتَه.

وأراد الأخطل أن يهجو سويد بن منجوف، فأتى بما يدلُّ على مدحه في قوله:

وما جذع سوء خرَّب السوس أصله
لما حمَّلته وائل بمطيق

فجعله لا يطيق ما حمَّلَتْهُ وائلٌ من أمورها، فأثبت له نباهة وسؤددًا، وجعله ممن تُعصب به الحاجات، وفي الأغاني أنه لما هجا سويدًا بهذا الشعر، قال له: يا أبا مالك، ما تحسن تهجو ولا تمدح، لقد أردت مدح الأسديَّ فهجوتَهُ، يعني قوله:

قد كنت أحسبه قينًا وأُنبَؤُه

وأردتَ هجائي فمدحتني، جعلت وائلًا حمَّلتني أمورها، وما طمعتُ في بني تغلب فضلًا عن بكر.

قلنا: وقد سبقه زهير إلى المدح بما يشبه الهجاء في بيت لم نرَ من تنبه لما فيه غير ابن شرف القيرواني، فقال عنه ما نصُّه: «وقال زهير، وهو من أطيب شعره وأملحه عند العامة، وكثير من الخاصة،١٠ فها هنا تَحَفَّظْ وتأَمَّل، ولا يَهُلْكَ ذلك منهم الحق أبلج، قال:
تراه إذا ما جئته متهللًا
كأنك تعطيه الذي أنت سائله

مدح به شريفًا أيَّ شريف، فجعل سروره بقاصده كسروره بمن يدفع شيئًا من عَرَض الدنيا إليه، وليس من صفات النفوس العازفة السامية والهمم الشريفة العالية إظهارُ السرور إلى أن تتهلل وجوههم وتسر نفوسهم بهبة الواهب، ولا شدة الابتهاج بعطية المعطي، بل ذلك عندهم سقوط همة، وصغر نفس.» إلى أن قال: «هذا نقض البناء، ومحض الهجاء، والفضلاء يفخرون بضدِّ هذا.»

(وعابوا) على الفرزدق قوله:

ومن يأمن الحجَّاج والطير تتقي
عقوبته إلا ضعيف العزائم

وزعموا أن الحجاج قال له: ما عملت شيئًا؛ إن الطير تتقي الصبي والثوب، وتنفر من الخشبة، ولا نَخَالُ الفرزدق أراد ذلك، وإنما مراده أن القريب والبعيد يتقيه، حتى الطائر في الجو، ولكنه قصَّرَ في البيان.

«ومن عيوب المعاني»: فساد التقسيم، وهو إما أن يكون بالتكرير، كقول هذيل الأشجعي:

فما برحَتْ تومي إليه بطرفها
وتومض أحيانًا إذا خصمها غَفَل

فإن تومي وتومض متساويان، فكأنه قال: ما برحت تومي إليه أحيانًا وتومي أحيانًا، وإما أن يكون بدخول أحد القسمين في الآخر، كقول القائل:

أبادر إهلاك مستهلك
لمالي أو عبث العابث

فإن عبث العابث داخل في إهلاك المستهلك.

ومثله قول أمية بن أبي الصلت:

لله نعمتنا تبارك ربنا
رب الأنام ورب من يتأبَّد

فمن يتأبد: أي يتوحش داخل في الأنام، ولا يجوز أن يكون أراد به الوحش؛ لأن من لا تقع على غير العاقل.

ومنه أن يكون القسمان مما يجوز دخول أحدهما في الآخر، كقول أبي عدي القرشي:

غير ما أن أكون نلت نوالًا
من نداها عفوًا ولا مهنيَّا

فإن العفو قد يكون مهنيًّا، والمهني قد يكون عفوًا، وهو مثل ما حكي أنَّ أَنْوَكَ سأل مرة، فقال: علقمة بن عبدة جاهليٌّ أو من بني تميم؟

ومثله قول عبد الله بن سليم الغامدي:

فهبطت غيثًا ما يفزعَّ وحشه
من بين سرب ناوئ وكنوس١١

فإن الناوئ؛ أي السمين، يجوز أن يكون كانسًا أو راتعًا، والكانس يجوز أن يكون سمينًا أو هزيلًا، وإما أن يكون بترك ما لا يحتمل الواجب تركه، كقول جرير في بني حنيفة:

صارت حنيفة أثلاثًا فثُلْثُهم
من العبيد وثلث من مواليها
قيل: إن هذا الشعر أُنشد في مجلس، ورجل من بني حنيفة حاضر فيه، فقيل له: من أيهم أنت؟ فقال من الثلث المُلْغَى ذكره.١٢ انتهى مُلَخَّصًا من نقد الشعر والموشح.

«ومن عيوب المعاني»: الإخلال، قال قدامة والمرزباني: «هو أن يترك من اللفظ ما يتم به المعنى؛ مثال ذلك قول عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود:

أعاذل عاجل ما أشتهي
أحب من الأكثر الرائث١٣

فإنما أراد أن يقول: عاجل ما أشتهي مع القِلَّة أحبُّ إليَّ من الأكثر المبطيء، فترك مع القلة وبه يتم المعنى.

ومثل ذلك قول عروة بن الورد:

عجبت لهم إذ يقتلون نفوسهم
ومقتلهم عند الوغى كان أعذرا

فإنما أراد أن يقول: عجبت لهم إذ يقتلون نفوسهم في السِّلْم، ومقتلهم عند الوغى أعذر، فترك في السلم.

ومن هذا الجنس قول الحارث بن حِلِّزة:

والعيش خير في ظلا
ل النوك ممن عاش كدَّا

فأراد أن يقول: والعيش خير في ظلال النوك من العيش بكدٍّ في ظلال العقل، فترك شيئًا كثيرًا، وعلى أنه لو قال ذلك لكان في الشعر خلل آخر؛ لأن الذي يظهر أنه أراده هو أن يقول: إن العيش الناعم في ظلال النوك خير من العيش الشاق في ظلال العقل، فأخلَّ بشيء كثير.

ومن هذا الجنس نوع آخر، وهو كما قال بعضهم:

لا يَرْمَضون إذا حرَّت مشافرهم
ولا ترى منهم في الطعن ميَّالا
ويفشلون إذا نادى ربيئهم
ألا اركبَنَّ فقد آنست أبطالا

الربيء: الطليعة، فأراد أن يقول: ولا يفشلون، فحذف «لا»، فعاد المعنى إلى الضد.» انتهى.

ومن اضطراب المعنى قول أبي دؤاد الإيادي:

لو أنها بذلت لذي سَقَمٍ
حَرَضَ الفؤاد مشارف القبضِ١٤
حسن الحديث لظل مكتئبًا
حرَّان من وجد بها مَض

قال أبو هلال: «وكان استواء المعنى أن يقول: لبرأ من سقمه.»

ومن الإحالة قول ابن مقبل:

أمَّا الأداة ففينا ضُمَّرٌ صُنُعٌ
جُرْدٌ عواجزُ بالألبَاد واللُّجُم
ونسج داود من بيض مضاعفة
من عهد عاد وبعد الحي من إرم
قال ابن رشيق: «فكيف يكون نسج داود من عهد عاد؟ اللهم إلا أن يريد فينا ضمَّر صنع من عهد عاد، فذلك له على سبيل المبالغة، مع أن الإحالة لم تفارقه، وكم بين قيس عيلان وبين عاد فضلًا عن بني العجلان!»١٥ انتهى، والصُّنُع من قولهم: صنع فرسَه، إذا أحسن القيام عليه، فهو فرس صنيع، والعواجر: التي تقمص، وجاء في اللسان عن البيت الأول: «رُويت بالحاء والجيم في اللجم، ومعناه: عليها ألبادها ولحمها، يصفها بالسمن وهي رافعة أذنابها من نشاطها.»

قلنا: والذي انتقده فيه ابن رشيق يصحُّ على القول الأول أن يجاب عنه بأنه أراد ما يشبه نسج داود في الجودة، فيستقيم به المعنى، وأما إنكاره في القول الثاني بقاء هذه الخيل من عهد عاد إلى زمن الشاعر، فلا ريب في أن ابن مقبل لم يُرِدْ بقاءها بأعيانها، وإنما أراد بقاء ما تناسل منها زمنًا بعد زمن، فليس فيه غير المبالغة.

ومن الخطأ قول بعضهم:

كأنه سِبطٌ من الأسباط

قال في اللسان نقلًا عن ابن سيده: إنه ظن السبط الرجل فغلط، وفي المزهر: «ظنَّ أنَّ السبط الرجل، وإنما السبط واحد الأسباط من بني يعقوب.»

ومثله قول الآخر:

تفض أم الهام والترائكا

قالوا: الترائك، بيض النعام، فظن الشاعر أن البيض كله ترائك.

قلنا: لم يخطئ الشاعر؛ فإن بيضة الحديد التي للرأس يقال لها أيضًا: تَرِيكة على التشبيه ببيضة النعامة.

ومِنْ وَضْعِ كلمةٍ مَوْضِعَ أخرى قول امرئ القيس:

إذا ما الثريا في السماء تعرضت
تَعَرض أثناء الوشاح المفصَّل

قالوا: غلط فذكر الثريا، وهو يريد الجوزاء؛ لأن الثريا لا تتعرض، وهو قول الجمحي، وقال بعضهم: تعرض الثريا أنها إذا بلغت كبد السماء أخذت في العرض ذاهبة ساعة، كما أن الوشاح يقع مائلًا إلى أحد شقي المتوشحة به.

ومما أدركه بعضهم على لبيد قوله:

نحن بني أم البنين الأربعة
ونحن خير عامر بن صَعْصَعَهْ١٦
أراد بأم البنين: جدته ليلى، وكانت ولدت أباه ربيعة بن مالك وأعمامَه: عامرًا ملاعب الأسنَّة، وطُفيلًا فارس قرزل،١٧ ومعاوية معوِّد الحكماء، وعبيدة الوضَّاح، فكانوا خمسة لا أربعة كما قال، ولهذا حمل بعضهم قوله أربعة على الضرورة الشعرية.

والأكثرون على أنه لم يخطئ؛ لأنه قال ذلك بعد موت أبيه، قال السهيليُّ: «وإنما قال أربعة؛ لأن أباه كان مات قبل ذلك، لا كما قال بعض الناس، وهو قول يُعزَى إلى الفرَّاء أنه قال: إنما قال أربعة ولم يقل خمسة من أجل القوافي، فيقال له: لا يجوز للشاعر أن يلحن لإقامة وزن الشعر، فكيف بأن يكذب لإقامة الوزن؟»

١  قال بعضهم: إنه في وصف ثور، ورواه «يحيد».
٢  روايته له:
ألكني يا عتيق إليك قولًا
ستهديه الرواة إليك عني
والظاهر أن لفظ: «عتيق» من تحريف النسَّاخ، والصواب: «عيين» لنص الأعلم في شرحه لديوان النابغة على أنه يخاطب عُيَينة بن حِصْن.
٣  كذا في الموشح وسر الفصاحة، وهو الصواب الموافق لما في النقائض، وجاء في الأغاني أن البيتين لجرير (٨ : ٤٦) من طبعة بولاق.
٤  رواية الأغاني: «بتأبين قيس.»
٥  كذا رُسمت الكلمة في نسخة الموشح التي عندنا، ولم نعثر عليها بهذا المعنى، فلتُحَقَّقْ.
٦  هو لجرير كما في اللسان، وروايته له:
يمشي بها البقر الموشى أكرعه
مشي الهرابذ تبغي بيعة الزون
٧  رواه المرزباني في الموشح: «حيِّ الديار.»
٨  في رواية: «المصقول» وفي أخرى: «المشمول» أي الطيب، وفي رواية: «مدامة صرفًا» بدل «أخضر مطموثًا» ولا خطأ على هذه الرواية، والأولى مروية في العقد والصناعتين وسر الفصاحة والموازنة.
٩  كذا روي في اللسان والموازنة والصناعتين وشرح ديوان جرير، ورواه ابن منقذ في كتاب البديع، والخاصي في درر الدقائق: «وما نزلت بها إلا وأرقني»، ونسباه للفرزدق، والصواب أنه لجرير.
١٠  في طبقات الشعراء لابن قتيبة أن عبد الملك بن مروان سأل قومًا من الشعراء عن أي بيت أمدح فاتفقوا على بيت زهير هذا.
١١  المراد بالغيث هنا: الكلأ.
١٢  للبيت وجه يدفع هذا الاعتراض ذكره البغدادي في خزانته فقال: «أراد جرير بالثلث المتروك أشرافهم، وترك الثالث عمدًا؛ لأنه في مقام الذم لا يثبت لهم أشرافًا صراحة.»
١٣  رواية قدامة في نقد الشعر:
أعادل عاجل مالي أحب
إليَّ من الأكثر الرائث
١٤  الحَرَض (بفتحتين): الذي أذابه الحزن والعشق، وهو مصدر وُصِف به.
١٥  بنو العجلان: رهط ابن مقبل، وفيهم يقول النجاشي:
إذا الله عادى أهل لؤم ورقة
فعاد بني العجلان رهط ابن مقبل
١٦  قوله: «بني» منصوب على الاختصاص، وبعضهم ينشده رفعًا.
١٧  قُرْزُل (بضم فسكون فضم): اسم فرسه.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤