تقديم

هذا كتاب خفيف على العقل والقلب والمعدة معًا .. توخَّيت فيه البساطة التامة والفكرة الواضحة والتعليق المناسب في مختلف جوانب الكتاب وموضوعاته المتعددة.

وأجمل، بل أقْيَم، ما في هذا الكتاب أن كل فكرة فيه لم يسبقني إليها أحد، فهي كلها جديدة وفي الصميم.

والكتاب على طراز «قالوا» لأنيس منصور، الكاتب الصحفي اللامع .. بل على طراز «ساعات» للمرحوم كامل الشناوي .. ولكن الكتاب لا يُقلِّدهما، بل ولا يُعتبر شبهًا لهما إلا من حيث أنهم قالوا ما قالوه أو ما قاله غيرهم من الناس. أما أنا فأقول أقوالي التي هي أشبَهُ بالأنغام في كلماتٍ أو بالكلمات في أنغام.

وجدير بالذكر أن كتابة هذا اللون من الأدب تُكلِّف صاحبها جهدًا لا قِبَل للقارئ به إلا إذا دخل التجربة بنفسه.

ومجموعة الحِكَم أو الأقوال أو قُل العبارات المُعبرة التي يتضمَّنها هذا الكتاب محاولة قد تتبعُها محاولات أخرى، أرجو أن تتفق والذوق العام.

والأقوال بصفة عامةٍ لونٌ مطلوب في كل العصور، ولا سيما في عصرنا هذا الذي تكاد الحكمة فيه تنضب تمامًا.

ولقد حاولتُ في هذه المرة أن أترك الأقوال على سجيتها بلا تبويب أو ترتيب؛ فأنا أنشرها كما كتبتُها وكما تبادرت إلى ذهني وعقلي. ومع ذلك فالأقوال لا تخلو من الترتيب إلى حدٍّ كبير.

وقد تعجب حين أُصارحك بأنني لستُ راضيًا تمامًا عن كل ما كتبتُ في هذه المحاولة الأولى، ومع ذلك فإني أترك الحُكم النهائي للقارئ العزيز فلعلَّه لا يرى ما أراه تمامًا.

والغريب أن جميع كلمات هذا الكتاب كُتبت في مقهًى بسيط بحي كالاماكي بأثينا في اليونان .. ولقد ساعدني هدوء المكان وبُعدي عن الأحبَّاء والأصدقاء وصفاء البال والبلبال .. لقد ساعدني كل هذا على إنجاز هذه الأقوال في مدةٍ وجيزة جدًّا .. وهذا فضل كبير من عند الله عز وجل.

بهذا الكتاب ما يزيد على ألفَي فكرةٍ كان للحُب فيها أكبر نصيب؛ ذلك لأن الكلام في الحب لا ينتهي بحالٍ ما، وهو دائمًا كلام محبوب مرغوب .. وكل الذي أرجوه هو أن أكون قد أضفتُ جديدًا إلى هذا الموضوع اللطيف الشيق.

أما كلماتي عن «المرأة» فقد تُثير غضبَها وسخطها عليَّ، وهناك فئات أخرى قد يُغضبها كتابي هذا بما حواه من كلماتٍ قاسية؛ كفئة الراقصات مثلًا.

وأقوالي ترتبط بالواقع ارتباطًا وثيقًا ومعظمها مُستمَدٌّ من واقع التجارب التي مررتُ بها شخصيًّا في حياتي أو التي أعلم أن غيري من الناس قد مرُّوا بها واعتركوها وذاقوا حلاوتها أو مرارتها.

هذا ما عنَّ لي أن أُقدِّم به كتابي هذا من الأقوال الحكيمة .. ولا أحسب أننا سوف نلتقي مرةً ثانية مع هذا اللون من الأدب إلا بعد فوات بضع سنين يتزوَّد فيها الفكر والقلب بالجديد والغريب من التجارب والعِبَر التي بدونها يستحيل على المرء أن يجد القول السديد إلا بشقِّ الأنفُس.

والله وليُّ التوفيق.
أمين سلامة
كُتِبت هذه المقدمة
بحي كالاماكي بأثينا
أغسطس ١٩٧٦م

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤