الفصل العشرون

بعد وقتٍ قصيرٍ من تناولهما وجبة العشاء، وصل أفرادُ اللجنة المختطَفة، منهَكين جسديًّا ونفسيًّا. سألوا عن يوهان هارتمان، وأُرسِلوا إلى الغرفة بالطابق العلوي، في مشهدٍ مؤلمٍ. ثمانية رجال وامرأة غامروا بعملٍ بطولي وأصبحوا ضحايا لجريمة، لم يكن من السهل إقناعهم برؤية جهودهم وتضحياتهم تُلقَى في مَكبٍّ للنفايات، ولم يخجلوا من التعبير عن آرائهم في أولئك الذين يخونونهم.

صاح تيم رافيرتي: «كنت تحاول إخراجنا! حسبما أتذكر، فقد ذهبت إلى والدي لمساعدتك … وعندما فعلنا ما طلبت هنا، تخليت عنا!»

قال مويلان: «لم نطلب منكم قطُّ تنظيم إضراب.»

«لا، هذا ليس صحيحًا. لقد طلبتم منا دفع المستحقات، حتى تتمكَّنوا أنتم من الحصول على الرواتب الكبيرة.»

أجاب القائد الشاب برباطة جأش: «رواتبنا ليست كبيرة. سوف تكتشف ذلك إذا تحققت من الأمر.»

«حسنًا، أيًّا ما كانت، فهي مستمرة، بينما توقفت رواتبنا. أصبحنا في الشارع، وانتهى أمرنا. انظر إلى حالنا … وأغلبنا لديه عائلات أيضًا! لديَّ أمٌّ عجوز والعديد من الإخوة والأخوات، وأبي العجوز قد انتهى أمره ولا يستطيع العمل بعد الآن. إلامَ سينتهي بنا الحال في رأيك؟»

«سنساعدُك قليلًا يا رافيرتي …»

صاح تيم: «تبًّا لك! لا أريد مساعدتك! عندما أحتاج إلى صدقة، فسأذهب إلى المقاطعة. إنهم مجموعة أخرى من النصابين، لكنهم لا يتظاهرون بأنهم أصدقاء للعُمال.»

كان هذا ما قاله توم أولسون لهال في البداية … العُمال في حيرة، لا يعرفون بمَن يثقون، ويشكُّون في أكثر الأشخاص رغبة في مساعدتهم. قال: «تيم، لا فائدة من الحديث بتلك الطريقة. علينا أن نتحلَّى بالصبر …»

توجَّه الصبي بحديثه إلى هال. وقال: «ماذا تعرف عن هذا الأمر؟ الأمر كله مزحة في نظرك. يمكنك أن تغادر وتنسى كل شيء متى أردت. لديك المال، يقولون لي ذلك!»

لم يشعر هال بأي استياء من حديثه؛ فهذا ما قاله له ضميره. لكنه أجاب: «الأمر ليس بهذه السهولة عليَّ يا تيم. هناك أمور أخرى تُشعِر المرء بالمعاناة إلى جانب افتقاره إلى المال …»

قال تيم ساخرًا: «ستُعاني كثيرًا … مع أهلك الأغنياء!»

وسُمِعت همهمة احتجاجٍ من أعضاء اللجنة الآخرين.

تدخَّل مويلان، قائلًا: «ويحك يا رافيرتي! لا يمكننا فعل شيء يا رجل … نحن عاجزون مثلك تمامًا!»

«إذن تقول إنكم عاجزون … لكنكم حتى لم تحاولوا!»

«نحاول؟ هل تريد منَّا أن ندعم إضرابًا نعلم أنه لا فرصة أمامه لأن يُكلَّل بالنجاح؟ ربما تطلب منَّا أيضًا أن نستلقي على الأرض ونترك عربة فحم تدهسنا. لا توجد فرصة أمامنا للنجاح يا رجل! صدقني لا يمكننا أن ننجح! لن نخرج بشيء من هذا إلا القضاء على تنظيمنا!»

أصبح مويلان متحمسًا فجأة. كان قد شهد عشرات الإضرابات التي فشلت في هذه المقاطعة، وعشرات الشباب المضرِبين الذين أصبحوا بلا مأوى، والذين علَّقوا خيبة أملهم عليه شاعرين بالحزن والمرارة. «قد ندعمك بأموالنا، كما تقول … قد نستمر في ذلك، حتى والشركة تدير المنجم بهؤلاء الأنذال. لكن إلامَ سيئُول بنا الأمر في النهاية يا رافيرتي؟ لقد رأيتُ العديد من الاتحادات تنهار … على الرغم من أنني لست كبيرًا في السن! لو كان لدينا مصرف، لكنا دعمنا جميع عمال المناجم في البلاد، ولما احتاجوا إلى العمل مرة أخرى قطُّ حتى يحصلوا على حقوقهم. لكن هذا المال الذي ننفقه هو المال الذي يكسبه عمال المناجم الآخرون … الآن، في حفر المناجم، يا رافيرتي، مثلك أنت وأبيك العجوز. إنهم يعطوننا هذا المال ويقولون: «استخدموه لبناء الاتحاد. استخدموه لمساعدة الرجال الذين ليس لهم تنظيمٌ نقابي … اشملوهم برعايتكم كي لا يخفضوا أجورنا ويتسبَّبوا في إلحاق الضرر بنا. ولكن لا تُضيِّعوه بالله عليكم؛ فإن علينا أن نعمل جاهدين لاكتسابه، وإذا لم نرَ النتائج، فلن تحصلوا على المزيد منا.» ألا ترى كيف يسير الأمر يا رجل؟ وكيف أنه يثقل كاهلنا أكثر من الخوف من فقد رواتبنا الهزيلة … حتى لو كنت لا توافق على تصديق أي شيء جيد عنا؟ لا داعي لأن تتحدث معي كما لو كنت ابن بيتر هاريجان. لقد كنت لجَّامًا عندما كنت في العاشرة من عمري، ولم يمر وقت طويل على تركي العمل في المناجم حتى أنسى هذا الشعور. أؤكد لك أن الشيء الذي يُبقيني مستيقظًا في الليل ليس الخوف من عدم حصولي على قوت يومي؛ لأنني اهتممت بعض الشيء بتعليمي، عن طريق الدراسة ليلًا، وأعلم أنه يمكنني دائمًا أن أكسب ما أحتاج إليه، ولكن ما يُذهِب النوم عن عيني هو تساؤلي عما إذا كنت أنفق أموال عمال المناجم بأفضل طريقة، عما إذا لم أتمكَّن من تقليل بعض بؤسهم بعدم قيامي بهذا الأمر أو ذاك. عندما أخذت قطار النوم ليلة أمس للقدوم إلى هنا، فهذا ما كنت أفكر فيه يا تيم رافيرتي … كنت طوال الوقت أستمع إلى صوت اهتزاز القطار … الآن سأرى المزيد من المعاناة، سأرى بعض الرجال الطيبين ينقلبون ضدنا؛ لأنهم لا يستطيعون أن يفهموا لماذا نحصل على الرواتب بينما يُطرَدون هم من عملهم. كيف سأُفهِمهم أنني أعمل من أجلهم … أعمل بأقصى جهد لديَّ … وأنني يجب ألا أُلام على ما حلَّ بهم؟»

قطع واكوب هنا حديثه. وقال: «لا فائدة من مواصلة الحديث. أرى أننا عاجزون. لن نزعجك يا مويلان.»

صاح مويلان: «أنتم تزعجونني حقًّا ما لم تدعموا الحركة!»

ضحك الآخر بمرارة. وقال: «لن تعرف أبدًا ما أفعله. لديَّ طريق أمامي … وأنت تعرف ذلك!»

«حسنًا، أينما ذهبت، فلن يتغير الوضع؛ إما أن تكافح من أجل الاتحاد، وإما ستصبح عبئًا علينا تحمُّله.»

التفتَ القائد الشاب إليهم من عضوٍ إلى آخر في اللجنة يترجَّاهم ألا يُشعرهم هذا الفشل بالمرارة، بل أن يحوِّلوه إلى مصلحتهم، وأن يستمروا في العمل على بناء التضامن بين عمال المناجم. يجب أن يبذُل كلُّ فرد تضحياته، أن يدفع نصيبه في ضريبة الأمر وتبعاته. وكان الشيء المهم أن كل رجل طُرد من عمله ينبغي أن يكون شرارة للعمل النقابي، أن يحمل شعلة الثورة إلى بُقعة جديدة في البلاد. ذلك كي يؤدي كلٌّ دورَه، وعندئذٍ لن يجد السادة أمامهم مكانًا يرسلون إليه هؤلاء «الأنذال».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤