الفصل الحادي والعشرون

كان هناك عضو واحد في هذه اللجنة راقبه هال بترقُّب كبير، وهو ماري بيرك. لم تقل كلمة واحدة؛ فبينما تَجادل الآخرون واعترضوا، جلست هي مطبقة شفتَيها وقابضة يدَيها. عرف هال مدى الغضب الذي أَشعَرها به هذا الفشل. نهضت وكافحت وتمنَّت، وكانت النتيجة مثلما قالت دائمًا … لا شيء! الآن رآها بعينَين كبيرتَين ومُسودَّتَين من الإرهاق ومثبتتَين على هذا القائد العمالي الشاب المتحمس. كان يعلم أن حربًا ما تدور حتمًا داخلها. هل ستترك كل شيء الآن؟ لقد كان اختبارًا لشخصيتها … كما كان اختبارًا لشخصياتهم جميعًا.

كان جيم مويلان يقول: «ما دُمنا أقوياء وشجعانًا بما فيه الكفاية، يمكننا استخدام هزائمنا لتعليم رجالنا وتوحيد جبهتهم. الآن، إذا تمكَّنَّا من جعل الرجال في نورث فالي يرون ما نفعله، فلن يعودوا مهزومين، لن يشعروا بالمرارة من الاتحاد، سوف يكون عليهم فحسب أن يعودوا وينتظروا. أليست هذه طريقة للتغلب على الرؤساء … والاحتفاظ بوظائفنا، والإبقاء على الاتحاد قائمًا، حتى نصل إلى جميع المعسكرات، ونتمكَّن من الإضراب والانتصار؟»

ساد بعض الصمت، ثم تحدثت ماري. وقالت: «ماذا تريد أن تقول للرجال؟» خلا صوتها من المشاعر، لكن قلب هال كان ينبض بقوة. سواء أكان لدى ماري أمل أم لا، فستبقى في الطابور مع بقية النمل!

أوضح يوهان هارتمان فكرته. سيُصدر منشورات مطبوعة بعدة لغات، ويوزعها سرًّا في المعسكر، ليطالب من خلالها العمال بالعودة إلى العمل. لكن، سرعان ما رفض جيري هذا الاقتراح. لن يصدق الناس المنشورات، وسوف يشتبهون في أن رؤسائهم هم مَن طبعوها. ألم يفعل الرؤساء ما هو أسوأ من ذلك، «تلفيق» رسالة من جو سميث لعرقلة حركة مراقِب الأوزان؟ الشيء الوحيد المفترض أن ينجح هو أن يدخل بعض أعضاء اللجنة إلى المعسكر، ومقابلة العمال وجهًا لوجه.

أصرَّ جيري: «ويجب أن يَتم ذلك بسرعة! لقد تلقَّوا إشعارًا للعمل في الصباح، وهؤلاء الذين لم يُطردوا. إنهم أفضل الرجال أيضًا … رجال نريد الإبقاء عليهم.»

تحدث أعضاءٌ آخرون في اللجنة، مُعرِبين عن موافقتهم على ذلك. قال روسيك السلافي، البطيء الفهم والكلام: «سيُصاب الرجال بالجنون إذا فقدوا وظائفهم، ولم ينجح الإضراب.» وقال زاماكيس اليوناني السريع والعصبي: «نقول: إضراب، علينا أن نقول: لا للإضراب.»

ماذا في إمكانهم أن يفعلوا الآن؟ هناك، في المقام الأول، صعوبة الخروج من الفندق، الذي يُراقبه «الجواسيس». اقترح هارتمان أنهم إذا خرجوا جميعًا معًا وتفرقوا، فلن يتمكَّن المحققون من تعقبهم جميعًا. وأولئك الذين سيتمكَّنون من الفرار ربما يستطيعون الوصول إلى نورث فالي بالاختباء في «العربات الفارغة» التي في طريقها إلى المنجم.

لكن مويلان أشار إلى أن الشركة ستتوقع ذلك، وقال روسيك الذي كان متشردًا ذات يومٍ: «إنهم بالطبع يفتشون عرباتهم. وسيُذِيقُوننا الويل أيضًا إذا أمسكوا بنا.»

أجل، كان من شأنها أن تكون مهمة خطيرة. تحدثت ماري مرة أخرى. وقالت: «ربما تستطيع امرأة أداء المهمة على نحوٍ أفضل.»

قال مينيتي: «لقد ضربوا امرأة من قبل.»

«أعلم، ولكن ربما تخدعهم امرأة. هناك بعض الأرامل الذين جاءوا إلى بيدرو لحضور الجنازات، وهُن يرتدين الأغطية التي تخفي وجوههن. يمكنني التظاهر بأنني واحدة منهن وأدخل إلى المعسكر.»

تبادل الرجال النظرات. يا لها من فكرة! تحوَّل العُبوس الذي كان ملازمًا لوجه تيم رافيرتي منذ تشاجره مع مويلان، إلى ابتسامة عريضة فجأة.

قال: «لقد رأيتُ السيدة زامبوني في الشارع. كانت ترتدي غطاء وجه أسود يكفي لإخفاء الكثير منا.»

وهنا تحدث هال للمرة الأولى منذ أن أسكته تيم رافيرتي. «هل يعرف أحد أين نجد السيدة زامبوني؟»

قال روسيك: «إنها تقيم مع صديقتي السيدة سوايكا.»

قال هال: «حسنًا، هناك شيء لا تعرفونه عن هذا الموقف. بعد أن طردوكم، ألقيت خطابًا آخر على العمال، وجعلتهم يقسمون إنهم سيُبقون الإضراب قائمًا. يجب أن أعود الآن وأتراجع عن كلامي. إذا كنَّا سنعتمد على غطاء الوجه ونحوه، فيمكن للرجال أن يتنكروا في هيئة النساء.»

كانوا يحدقون إليه. قال واكوب: «سوف يضربونك حتى الموت إذا أمسكوا بك!»

قال هال: «لا، لا أعتقد ذلك. على أي حال، الأمر متروك لي» … نظر إلى تيم رافيرتي … «لأنني الوحيد الذي لن يعاني من فشل إضرابنا.»

ساد بعض الصمت.

صاح تيم باندفاعٍ: «أنا آسف لأني قلت ذلك!»

أجاب هال: «لا بأس أيها الرجل العجوز. ما قلتُه صحيح، وأود أن أفعل شيئًا كي أريح ضميري.» نهض واقفًا وضحك. ثم قال: «سأتنكر في هيئة أرملة فاتنة! سأذهب واستمتع بحفل شاي مع صديقي جيف كوتون!»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤