الفصل التاسع عشر

تجوَّلا في الشارع، وعلَّقَ هال قائلًا: «تلك هي المرة الأولى التي أسمع فيها هنا عن الاتحادات النقابية.»

نظرت ماري حولها في توترٍ. وهمست: «صَه!»

«لكنني حسبتُكِ قلتِ إنكِ تتحدَّثين عنها!»

أجابت: «التحدُّث في منزل أحد الأصدقاء شيء، والتحدُّث في الخارج شيءٌ آخر. ما الفائدة من فقدانك لعملك؟»

أخفضَ صوتَه. وقال: «هل ترغبين جديًّا في أن يكون لديكم اتحاد نقابي هنا؟»

قالت: «جديًّا؟ ألم ترَ السيدَ رافيرتي … يا له من جبان؟ هذا هو حالهم! كلَّا، لقد فقدتُ أعصابي بعضَ الشيء فحسب. لقد فقدتُ رشدي بعضَ الشيء الليلة … شيءٌ ما حدثَ جعلني لا أتمالك نفسي.»

اعتقد هال أنها ستواصل حديثَها، ولكن من الواضح أنها غيَّرت رأيها.

وأخيرًا سأل: «ماذا حدث؟»

أجابت: «أوه، لن يفيد الحديث»، وسارا مسافة أبعد قليلًا صامتَين.

قال، وقد أحدثَ اللُّطفُ الذي خالج صوتَه أثره فيها: «أخبريني، هلا فعلتِ؟»

قالت: «أنتَ لا تعرف الكثير عن معسكرات الفحم يا جو سميث. لا يمكنك تخيُّل ما يعنيه أن تكون امرأة في مكان كهذا؟ وامرأة، حسبما يعتبرونها، حسنة المظهر!»

قال: «أوه، هذا هو الأمر إذن!» ولاذَ بالصمت مجددًا. ثم غامرَ بعد فترة بأن قال: «هل هناك مَن يُزعجكِ؟»

«بالطبع! هناك مَن يزعجنا دائمًا نحن مَعشَرَ النساء! دائمًا! لا يمرُّ يوم دون أن نسمع ما يزعجنا. الغمزات والوَكزات … في كل وجهة تقصدها.»

«مَن الذي يُزعجكِ؟»

«رؤساء العمل، والموظفون … أيُّ شخص يحظَى بفرصة للحياة الرغدة والعمل المرموق، ويعتقد أنه يستطيع تقديم المال للفتيات. يبدأ الأمر والفتاة لا تزال ترتدي التنانير القصيرة، وبعدها لا تنعم بالسلام أبدًا.»

«ألا يمكنكِ ردعهم؟»

«لقد ردعتُهم بعضَ الشيء، لكنهم الآن يلاحقون والدي العجوز.»

«ماذا؟»

«بالطبع! هل تفترض أنهم لم يُجرِّبوا ذلك؟ إنه مهوُوس بالخمر، ولا يشبع منه أبدًا!»

«وهل والدُكِ؟ …» لكن هال توقَّف. لم تكن لترغب في أن يسألها هذا السؤال!

لكنها رأت تردُّده. فقالت: «لقد كان رجلًا محترمًا ذات يوم. ولكنَّ الحياة هنا تُحيل الرجال إلى جُبناء. في كل ما تحتاج إليه، وفي كل مكان تتجه إليه … يجب أن تطلب خدماتٍ من أحد رؤساء العمل. المكان الذي تعمل فيه، أو العمل الميت الذي يراكمونه عليك، أو ربما تحتاج إلى المزيد من الرصيد لدى المتجر، أو ربما تحتاج إلى أن يأتيك الطبيب عندما تكون مريضًا. في هذه اللحظة التي أحدِّثُكَ فيها يوجد تسريبٌ في سقف منزلنا … إلى درجة أننا لا نستطيع العثور على مكانٍ جافٍّ لننام فيه عند هطول المطر.»

قال هال: «فهمت. مَن صاحب المنزل؟»

«لا يوجد هنا بالطبع إلا منازل الشركة.»

«مَن مِن المفترض أنْ يُصلحه؟»

«السيد كوسيجي، سمسار تأجير المنازل. لكننا يَئِسْنَا منه منذ فترة طويلة … إن كان ثمة ما يفعله، فهو أنه يرفع الإيجار. ذهبَ أبي اليوم إلى السيد كوتون. من المفترض أن يعتني بسلامة المكان، ولا يبدو أنه من الصحي أن يَبيتَ الناسُ مُبتَلِّين في أَسِرَّتِهم.»

سألَ هال، عندما توقَّفتْ مرة أخرى: «وماذا قال كوتون؟»

«حسنًا، ألا تعرف جيف كوتون … ألا يمكنك تخمين ما عساه أن يقوله؟ «لديك فتاة جميلة يا بيرك! لماذا لا تجعلها تُنصِتُ إلى صوت العقل؟» ثم ضحكَ، وأخبر أبي العجوز أنه من الأفضل أن يتعلَّم الفهم بالتلميح. من السيئ لرجلٍ عجوز أن ينام تحت المطر … ربما يُصاب بالتهاب رئوي.»

لم يعُد هال قادرًا على كبح سؤاله: «ماذا فعل والدُكِ؟»

قالت بسرعة: «لا أُريدك أن تُسيء الظن في والدي العجوز. لقد كان رجلًا مِغوارًا قبل أن يتمكَّن أوكالاهان منه. ولكنه الآن يعرف ما يمكن أن يفعله قائدُ المعسكر بعامِل منجم!»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤