الفصل السابع

لم ينظر هال خلفه، بل توجَّه إلى متجر الشركة. كُتِبَ على اللافتة فوق الباب «شركة نورث فالي التجارية»، وكان بالداخل امرأةٌ صِربيَّة تُشير إلى ما تريد شراءَه، وفتاتان صغيرتان من ليتوانيا تُشاهدان رطلًا من السكر وهو يُوزَن. مشى هال نحو الشخص الذي كان يزِن البضائع، كان رجلًا في منتصف العمر ذا شارب أصفر ملطَّخٍ بعصارة التَّبغ. قال: «صباح الخير أيها القاضي.»

ردَّ سيلاس آدامز، قاضي الصُّلح في مدينة نورث فالي بقوله: «هاه!»

قال هال: «ما رأيك في الانتخابات، أيها القاضي؟»

قال الآخر: «لا أفكِّر في الأمر. فأنا مشغول بوزن السكر.»

«هل سيُصوِّت أحد هنا لصالح ماكدوجال؟»

«من الأفضل ألَّا يخبروني إذا كانوا سيفعلون ذلك!»

ابتسم هال، وقال: «ماذا؟ في هذه الجمهورية الأمريكية الحُرَّة؟»

«في هذا الجزء من الجمهورية الأمريكية الحُرَّة، يتمتَّع المرءُ بحرية استخراج الفَحم، ولكن ليس بالتصويت لصالح شخصٍ بغيضٍ مثل ماكدوجال.» ثم بعد أن غلَّف «قاضي الصلح» السكر، أخذَ قضمة طازجة من علكة التبغ التي في حوزته، واستدار إلى هال. وسأله: «ماذا ستأخذ؟»

اشترى هال نصفَ رطل من الخوخ المجفَّف، كي يتمكَّن من إيجاد سبب للتلكؤ وقضاء الوقت في الحديث إلى القاضي. بينما كان طلبه يُعبَّأ، جلسَ إلى طاولة البيع. وقال: «كما تعلم، كنت أعمل في محل بقالة.»

«أحقًّا؟ أين؟»

«بيترسون وشركاه، في أمريكان سيتي.» قال هال هذا كثيرًا إلى درجة أنه بدأ في تصديقه.

«هل يدفعون جيدًا هناك؟»

«نعم، جيدًا جدًّا.» ثم عندما أدرك هال أنه ليس لديه أي فكرة عما يُعَدُّ راتبًا جيدًا في مجال البقالة، أضافَ سريعًا: «أُصيبَ مِعصَمي إصابةً بالغة!»

قال الآخر: «أحقًّا؟»

لم يُظهِر الكثيرَ من الأُلفة، لكن هال أصرَّ رافضًا التصديقَ بأنَّ أي شخص في متجر ريفي كان سيُفوِّت فرصةً للمناقشة في السياسة، حتى لو كان مع مساعِد عامل منجَم. قال: «أخبرني، ما خطبُ ماكدوجال بالضبط؟»

«خطبُه أنَّ الشركة ضده.» نظر بحِدَّة إلى عامل المنجم الشاب. وقال بصوتٍ هادر: «هل تهتم بالسياسة؟» غير أن عينَي عامل المنجم الشاب البُنِّية المبهجة لم تُظهِر إلا التقدير للرد السابق، وهو ما أغرى «قاضي الصلح» لذكر رذائل عضو الكونجرس المحتمَل. وهكذا بدأت المحادثة، وسرعان ما انضمَّ إليها آخرون في المتجر … «بوب» جونسون، محاسب ومدير مكتب البريد، و«جيك» بريدوفيتش، اليهودي الجاليكي الذي كان عضوًا في مجلس إدارة المدرسة المحلية، وكان يعرف أسماءَ مواد البقالة الأساسية بخمس عشرة لغة.

استمعَ هال إلى عرضٍ لجرائم المعارضة السياسية في مقاطعة بيدرو. لقد جاءَ مرشحُهم ماكدوجال إلى الولاية بصفته «مُقامرًا يَدَّعي امتلاكَ المال»، لكنه الآن أصبح يتجوَّل ويُلقي الخُطب في الكنائس، ويتحدَّث عن الشعور الأخلاقي للمجتمع. قال سي آدامز: «ويتعهَّد هو ورئيسُ المنطقة برعاية ثلاث عائلاتٍ في بيدرو!»

غامرَ هال، قائلًا: «حسنًا، إذا كان ما أسمعُه صحيحًا، فإن المرشَّح الجمهوري ليس قِديسًا كما يدَّعي. يقولون إنه كان في حالة سُكر في المؤتمر …»

قال «قاضي الصلح»: «ربما يكون الأمر كذلك، لكننا لا ندعم حظر التصويت، ولا ندعم تصويت العُمَّال … لا نحاول إثارة الحثالة في معسكرات الفحم هذه، بوعدهم بأجورٍ عالية وساعات عمل قصيرة. ألا يعلم أنه لا يستطيع أن يحقق لهم ذلك؟ لكنه يعتقد أنه سوف يذهب إلى واشنطن ويتركنا هنا لنتعامل مع الفوضى التي أثارها!»

قال بوب جونسون: «لا تقلق … لن يذهب إلى واشنطن.»

وافقَ الاثنان الآخران، وغامر هال مجدَّدًا قائلًا: «يقول إنكم تملئُون صناديق الاقتراع بالأصوات المزوَّرة.»

«ما ظنُّك فيما يفعله جمهورُه في المدن؟ علينا أن نتصدى لهم، أليس كذلك؟»

قال هال بسذاجة: «أوه، فهمت. أنتم تملئُونها بمزيدٍ من الأصوات المزيَّفة!»

«أحيانًا نملأ الصناديق، وأحيانًا نملأ بطون الناخبين.» صدرت ضحكة تقديرٍ مكتومة من الآخرين، وقاد ذلك «قاضي الصلح» إلى أن يتذكَّر أمرًا. فقال: «قبل عامَين، كنت موظفًا في الانتخابات في شيريدان، ولاحظنا أنهم كانوا سيتقدَّمون علينا … لقد سيطروا على الولاية بأكملها. قال ألف ريموند: «أقسم إننا سوف نريهم خدعة لا تخطر لهم على بالٍ من مقاطعات الفحم! ولن يكون هناك مجالٌ لإعادة فرز الأصوات أيضًا!» وبالفعل، أوقفنا رصد نتائجنا حتى انضمَّ الباقون للإدلاء بأصواتهم، وعندما حقَّقنا عددَ الأصوات التي كنا في حاجة إليها، سجَّلناها. وهكذا سَوَّينا الأمر.»

علَّق هال: «تبدو هذه طريقة بسيطة. سيتعيَّن عليهم النهوض مبكرًا للتغلُّب على ألف.»

قال سِي بقناعة ورضًا بوصفه أحد مَن شاركوا في هذا الأمر: «بالطبع، إنهم يطلقون على هذه المقاطعة اسم «إمبراطورية ريموند».»

قال هال: «لا بد أنه أمرٌ سهل … أن تكون رئيس الشرطة، وأن تُعيِّن عددًا كبيرًا جدًّا من النواب حسبما يريدون في معسكرات الفحم هذه!»

قال الآخر، موافقًا: «نعم. وهناك أيضًا تجارته في مجال بيع المشروبات الكحولية بالجملة. إذا كنت تريد الحصول على ترخيص في مقاطعة بيدرو، فليس عليك أن تصوِّت لصالح ألف فحسب، بل أن تدفع فواتيرك في الوقت المحدَّد!»

علَّق هال: «لا بد أن الأمر سيعود عليه بثروة طائلة!» وبدا القاضي، ومدير مكتب البريد، ووكيل المدرسة مثل أطفال يستمعون إلى قصة مأدبة فخمة. «بالطبع!»

أضاف هال: «أعتقد أن إدارة السياسة في هذه المقاطعة تتطلَّب أموالًا.»

«حسنًا، لا يساهم ألف بأي أموالٍ، بالطبع! فهذه وظيفة الشركة.»

هذا ما قاله قاضي الصلح، وأضاف وكيلُ المدرسة: «العُملة في هذه المعسكرات هي الجِعَة.»

ضحك هال، وقال: «أوه، أرى ذلك! تشتري الشركات جِعَةَ ألف، وتستخدمها في حصد الأصوات لصالحه!»

قال مديرُ البريد: «أمرٌ مؤكَّد!»

في هذه اللحظة، صادف أنه مدَّ يده إلى جيبه ليُخرِج سيجارًا، ولاحظ هال درعًا فضيًّا على صدريَّته. سأله: «أتلك شارة النائب؟» ثم التفت ليتفحَّص زيَّ وكيل المدرسة. «أين شارتُك؟»

قال جيك مبتسمًا: «سأحصلُ على شارتي عندما تأتي الانتخابات.»

«وماذا عن شارتك أيها القاضي؟»

قال سيلاس باعتزازٍ: «أنا قاضي صلح أيها الشاب.»

انحنى هال ولاحظ انتفاخًا جهة الورك الأيمن لوكيل المدرسة، فمدَّ يده نحوه. حرَّك الآخرُ يده عفويًّا إلى المكان.

التفت هال إلى مدير مكتب البريد. وسأل: «أين مسدسُك؟»

ابتسم بوب قائلًا: «مسدسي تحت طاولة البيع.»

«وماذا عن مسدسك أيها القاضي؟»

قال القاضي: «مسدسي في المكتب.»

التقط هال أنفاسه. قال: «مَرحى! يا له من فخٍّ فولاذي مُحكَم!» تمكَّن من الاحتفاظ بالضحكة على وجهه، ولكن في داخله كان يشعر بمشاعر أخرى غير مشاعر التسلية. لقد كان يخسر «نشوة عدم الاكتراث اللطيفة الأولى»، تلك النشوة التي رافقته وهو ينطلق للركض مع الأرانب البرية وكلاب الصيد في نورث فالي!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤