الفصل التاسع عشر

استغرق الأمر من هال دقيقة أو نحو ذلك للتفكير في الوضع. قال أخيرًا: «يا سيد كوتون، أعرف كيف أتهجَّى الكلمات أفضل من ذلك. كما أن خَطَّ يدي أكثر انسيابية قليلًا.»

كان هناك أثر لابتسامة على شفتَي قائد المعسكر القاسيتَين. أجاب: «أعرف. لم تستعصِ عليَّ المقارنة بينهما.»

قال هال: «لديك قسم استخباراتٍ ماهِر!»

«قبل أن ينتهي الأمر أيها الشاب، ستكتشف أنَّ قسمنا القانوني على القدر نفسه من الكفاءة.»

قال هال: «حسنًا، يجب أن يكونا كذلك؛ لأنني لا أعرف كيف يمكنك الالتفاف على حقيقة أنني مراقب للأوزان، اختِرتُ وَفقًا للقانون، ومن قِبَل مجموعة من الرجال الذين يدعمونني.»

ردَّ كوتون: «إذا كان هذا هو ما تعتمد عليه، فلتنسَ الأمر. لم تعُد لديك مجموعة تدعمك بعد الآن.»

«أوه! هل تخلَّصتم منهم؟»

«لقد تخلَّصنا من زعماء العصابة.»

«مِمن؟»

«ذلك التَّيْس العجوز، سيكوريا، على سبيل المثال.»

«هل رحَّلتَه؟»

«أجل.»

«لقد رأيتُ بداية ذلك. أين أرسلته؟»

ابتسم قائد المعسكر: «تلك وظيفة قسم الاستخبارات الخاص بك!»

«ومَن غيره؟»

«ذهب جون إدستروم ليَدفن زوجته. إنها ليست المرة الأولى التي يسبِّب لنا فيها ذلك الواعظ العجوز الشاحب الوجه المتاعبَ، لكنها ستكون الأخيرة. ستجده في بيدرو … ربما في مأوى الفقراء.»

بادره هال بالإجابة: «كلَّا»، وهنا ظهرت نبرة ابتهاجٍ في صوته … «لا يجدُر به الذهابُ إلى مأوى الفقراء في الحال. لقد أرسلتُ إليه للتوِّ خمسةً وعشرين دولارًا.»

عبس قائد المعسكر. «حقًّا!» ثم، بعد صمتٍ مؤقَّت، قال: «لقد كان معك هذا المال بالفعل! حسبتُ أنَّ ذلك اليوناني الحقير قد أخذه!»

«كلَّا. كان خادمُك أمينًا. ولكن هكذا كنتُ أنا أيضًا. علمتُ أنَّ إدستروم كان يُبخَسُ وزنُه لسنواتٍ، ومن ثَم هو الشخص الوحيد الذي يحقُّ له الحصول على المال.»

لم تكن هذه حقيقة الأمر بالطبع؛ فقد كان المالُ لا يزال مدفونًا في كوخ إدستروم. لكن هال كان يعتزم أن يحصُل عامل المنجم العجوز على هذا المبلغ في نهاية المطاف، وفي الوقت نفسه كان يريد إبعادَ كوتون عن طريقه.

قال قائد المعسكر: «خدعة ذكية أيها الشاب! لكنك سوف تندم عليها قبل أن تُتمَّها. لا يزيدني هذا الأمر إلا إصرارًا على الزجِّ بكَ حيثما لا يمكنكَ أن تُسبِّب لنا أيَّ ضرر.»

«تقصد في السجن؟ أنت تفهم، بالطبع، أنَّ ذلك يعني محاكمة أمام هيئة مُحلفين. هل يمكنك أن تحمل هيئة المحلَّفين على فِعل ما تُريد؟»

«أخبروني أنكَ كنت مهتمًّا بالسياسة في مقاطعة بيدرو. ألم تطَّلِع على نظام هيئة المحلَّفين لدينا؟»

«كلَّا، لم أصل إلى هذا الحَدِّ.»

أخذ قائد المعسكر ينفث حلقاتٍ من الدخان مرة أخرى.

«حسنًا، هناك نحو ثلاثمائة رجل في قائمة المحلَّفين لدينا، ونحن نعرفهم جميعًا. ستجد نفسك في مواجهة مقصورة يجلس فيها جيك بريدوفيتش بصفته رئيس المحلَّفين، وثلاثة من موظفي الشركة، واثنان من عمَّال حانة ألف ريموند، وصاحب مزرعة برَهنٍ عقاري لدى بنك الشركة، وخمسة مكسيكيين ليس لديهم أدنى فكرة عما يدور حوله الأمر، ولكنهم على استعدادٍ أن يغرسوا سكينًا في ظهرك مقابل كأس من الويسكي. والمدَّعي العام هو سياسيٌّ يُسانِد عمَّال المناجم في خطاباته ويدعمنا قلبًا وقالبًا بأفعاله، بينما القاضي دينتون، من محكمة المقاطعة، فهو الشريك القانوني لدى فاجلمان، مستشارنا الرئيسي. هل فهمت الوضعَ الآن؟»

قال هال: «نعم. لقد سمعت عن «إمبراطورية ريموند»؛ وأنا مهتمٌّ أن أرى آلياتها. أنت تتحدَّث بصراحة تامة عن الأمر!»

أجاب قائد المعسكر: «حسنًا، أريدك أن تعرف ما أنتَ بصدده. نحن لم نبدأ هذه المعركة بعد، ونحن على استعدادٍ تام لإنهائها دون مشكلات. كلُّ ما نطلبه هو أن تعوِّضنا عن الضرر الذي سبَّبتَه لنا.»

«هل تعني ﺑ «تعويضكم» أنْ أُلحقَ العار بنفسي … أن أقول للرجال إنني خائن؟»

قال قائد المعسكر: «بالضبط.»

قال هال: «أعتقدُ أنه حريٌّ بي أن أجلسَ بينما أفكِّر في الأمر.» وأخذ كرسيًّا، ومدَّ ساقَيه، وجلس في وضعٍ مريحٍ للغاية. قال: «ذاك النَّضَد في الطابق العلوي صلبٌ للغاية»، وابتسمَ بسخرية إلى قائد المعسكر.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤