الفصل العاشر

شرع هال في سؤال كيتينج عن الفتاة التي تُشبه زهرة التفاح. وقال: «ربما يمكنني أن أُخمِّن مَن تكون. وماذا عن لون شعرها؟»

قال بيلي: «لون حلوى تُوفي دبس السكر عندما تسحبه. ولكنه هفهافٌ ورائع، مع مسحة كمسحة غبار النجوم. عيناها بُنِّيَّتان، ووجنتاها بلون الفراولة بالحليب.»

«أكان لديها صفَّان من الأسنان اللؤلؤية البيضاء، التي تُومِض في وجهك عندما تبتسم؟»

«لم تبتسم للأسف.»

«إذن هل حدَّقَتْ إليك بعينَيها البُنيتَين، الواسعتَين، والمليئتَين بالعجائب؟»

«نعم، كانت تُحدِّق … ولكن إلى واجهة الصيدلية.»

«هل كانت ترتدي قُبَّعة بيضاء من القش الناعم، تعلوها باقة من الزهور الخضراء والبيضاء، وترتدي فستانًا باللون الأخضر الزيتوني، وربما تضع على كتفَيها وشاحًا باللون الأبيض الكريمي؟»

صاحَ الصحفي: «يا إلهي، أعتقدُ أنك رأيتها!»

قال هال: «ربما. أو لعلِّي أصفُ الفتاة التي تظهر على غلاف إحدى مجلات هذه الأيام!» ابتسم، ولكنه قال عندما رأى فضول الآخر: «حقًّا، أعتقدُ أنني أعرف تلك الفتاة الشابَّة. إذا صرَّحتَ أن الآنسة جيسي آرثر كانت ضمن مجموعة ضيوف هاريجان، فلن تكون قد جازفتَ كثيرًا.»

قال الصحفي: «لا أستطيع المجازفة على الإطلاق. هل تعني ابنة روبرت آرثر؟»

قال هال: «الوريثة الشرعية للأعمال المصرفية لشركة آرثر وأولاده.»

«أعرفُ شكلها.»

«كيف ذلك؟»

«كنتُ أعمل في محل بقالة اعتادت أن تأتي إليه.»

«أين؟»

«بيترسون وشركاه، في ويسترن سيتي.»

«أوه! وكنتَ تبيع لها الحلوى.»

«التمر المَحشُو.»

«وهل كان قلبك الصغير دائمًا ما ينبض بقوة حتى إنك كنت لا تستطيع عَدَّ النقود؟»

«أعطيتُها باقيًا أكثر من المُستحَق عدة مرات!»

«ولعلك تساءلتَ عما إذا كانت فاضِلة بقدر ما هي جميلة! ويومًا كان يغمرك الأمل، وفي اليوم الذي يليه يملؤك التشاؤم والمرارة … حتى استسلمت لليأس في النهاية، وهربت للعمل في منجم للفحم!»

ضحكَا، وانضمَّ إليهما ماكيلار وإدستروم. ولكن نبرة كيتينج اتَّسمت بالجدية مرة أخرى. وصاحَ: «يجب أن أُغَطي ذلك الحدث! يجب أن أحصل على شيء حول الحادث من هذه المجموعة. فكِّر في الصدى الذي قد يُحدِثه خبرٌ كهذا!»

«ولكن كيف يتسنَّى لك ذلك؟»

«لا أعرف، كلُّ ما أعرفه هو أنني يجب أن أحاول. سأحوم حول القطار، وربما أستطيع أن آخذ حديثًا من أحد الحمَّالين.»

ضحك هال قائلًا: «حديثٌ صحفي مع حامل أمتعة ملِك الفحم! كيف تصِف شعورك إزاء تجهيزك لسرير المليونير الكبير!»

ردَّ الآخر: «كيف تصِف شعورك إزاء بيع التمر المحشو إلى ابنة مَصرفي!»

ولكن فجأة جاء دور هال ليصبح جادًّا. وقال: «اسمع يا سيد كيتينج، لمَ لا تدَعُني أُجري حديثًا صحفيًّا مع الشاب هاريجان؟»

«أنت؟»

«نعم! أنا الشخص المناسب … واحد من عُمَّال المناجم العاملين لديه! أساعدُه في جَني ما يكسبه من أموال، أليس كذلك؟ أنا مَن يَصلُح لإخباره بأمر نورث فالي.»

رأى هال الصحفيَّ يُحدِّق إليه وقد اعترته إثارةٌ مفاجئة؛ فواصلَ حديثه: «لقد ذهبتُ إلى المدَّعي العام للمقاطعة، وقاضي الصلح، وقاضي المقاطعة، والعُمدة، ورئيس الشرطة. والآن، ما المانع في ذهابي إلى صاحب الشركة؟»

صاحَ بيلي: «يا للهول! أعتقدُ أن لديك الجرأة لذلك!»

أجاب هال بهدوء: «أعتقد أنني سأفعل ذلك.»

هَبَّ الآخر ناهِضًا من كرسيه وهو يشعر بالبهجة الجامحة. وصاح: «أتحدَّاك!»

قال هال: «أنا جاهز.»

«هل تعني ذلك حقًّا؟»

«بالطبع أعنيه.»

«هل ستذهب إليه في هذا الزي؟»

«بالتأكيد. أحد عمَّال المناجم لديه!»

صاحَ الصحفيُّ: «ولكن لن ينجح الأمر. لن يُسمَح لك بالاقتراب منه إلا إذا كنت حسن المَلبس.»

«هل أنت متأكد من ذلك؟ ما أرتديه مناسب لأن يكون زيًّا لعامِل سكة حديدية. لنفترض أنه حدثت مشكلة في إحدى العربات … في السمكرة، على سبيل المثال؟»

«لكنك لا تستطيع أن تخدع سائق القطار أو الحمَّال.»

«ربما أستطيع. دعنا نحاول.»

سادَ بعضُ الصمت بينما كان كيتينج يفكِّر. قال: «الحقيقة هي أنه لا يهم إن نجح الأمرُ أم لا … محاولتُك في حَدِّ ذاتها خبرٌ صحفي. أحدُ عبيدِ ملك الفحم يناشِد ابنه! يرفض قلبُ البلوتوقراطية القاسي نداءَ العُمَّال!»

قال هال: «أجل، ولكنني أريدُ حقًّا الوصول إليه. أتُراه قد عاد إلى القطار؟»

«كانوا قد أوشكوا على ذلك عندما غادرتُ.»

«وأين القطار؟»

«قِيل لي إنه على بُعد مائتَين أو ثلاثمائة ياردة شرقي المحطة.»

كان ماكيلار وإدستروم يستمعان منبهرَين بهذه المحادثة الشائقة. قال الأول: «لا بد إذن أنه خلف منزلي مباشرة.»

أضافَ كيتينج: «إنه قطار قصير … أربع عربات فخمة للاستقبال، وعربة أمتعة. يَسهُل حتمًا التعرُّف عليه.»

تدخَّل الاسكتلندي العجوز مُعترِضًا. وقال: «قد تكون الصعوبة في الخروج من هذا المنزل. لا أعتقد أنهم ينوون السماح لك بمغادرة المنزل الليلة.»

صاحَ كيتينج: «حقًّا، هذا صحيح! نحن نتحدَّث كثيرًا … دعونا نبدأ العمل. هل يراقبون الباب الخلفي، أتظنون ذلك؟»

قال ماكيلار: «كانوا يُراقبونه طوال اليوم.»

قاطعه هال: «اسمعوا، لديَّ فكرة. إنهم لم يحاولوا اعتراضَ خروجِك يا سيد كيتينج، أليس كذلك؟»

«بلى، لم يفعلوا.»

«ولا أنت يا سيد ماكيلار؟»

قال الاسكتلندي: «بلى، لم يفعلوا.»

قال هال مقترحًا: «حسنًا، ماذا لو أقرضتَني عُكازَتيك؟»

حينذاك صاحَ كيتينج مبتهجًا. وقال: «نِعم الرأيُ!»

أضاف هال: «سآخذُ مِعطفَك وقبعتك. لقد شاهدتُ مِشيتَك، وأعتقدُ أنه يمكنني أن أُحاكيها. أما عن السيد كيتينج، فليس من السهل ألا يعرفوه.»

ضحك الآخر: «بيلي، الفتى السمين! هيا، دعونا نبدأ العمل!»

قال إدستروم، وصوتُه العجوز يرتجف حماسًا: «سأخرج من الباب الأمامي في اللحظة نفسها. ربما سيساعد ذلك في إبعادهم عن طريقنا.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤