الفصل الثامن

سألَ هال عن اسم الفتاة التي التقى بها للتوِّ، فأخبرته أنَّ اسمها ماري بيرك. قالت: «أعرف أنه لم يمُرَّ على وجودك هنا مدة طويلة، وإلا لكنتَ سمعت عن «ماري الصَّهباء». وهو اسم أطلقوه عليَّ بسبب شعري.»

أجابَ: «لم يمضِ على وجودي هنا مدةٌ طويلة، ولكنني آمُلُ أن أبقى الآن … لأجْل هذا الشَّعر! هل يمكنني القدوم لرؤيتكِ في وقتٍ آخر يا آنسة بيرك؟»

لم تُجِب، بل ألقت نظرة خاطفة على المنزل الذي تعيش فيه. كان كوخًا غير مَطلي، مكوَّنًا من ثلاث غُرف، وبدا أكثر تهالُكًا من معظم الأكواخ الأخرى، ولم يكن مُحاطًا بأي شيء سوى الأوساخ والسُّخام، وما كان يومًا سياجًا خشبيًّا أصبح الآن مُتهدِّمًا، وباتَ يُستخدَم كحطبٍ لإشعال الفرن. كانت النوافذ مُتصدِّعة ومكسورة، وعلى السطح كانت هناك علامات تسرُّب رُقِّعَتْ ترقيعًا غير مُنَمَّق.

ثم بادر بسؤالها مجدَّدًا … كي لا يبدو أنه ينظر إلى منزلها بانتقادٍ شديدٍ: «هل يُمكنني القدوم؟»

قالت الفتاة، وهي تلتقط سلَّة الغسيل: «ربما يُمكنك ذلك.» تقدَّم إلى الأمام، وعرض أن يحمل السلَّة، لكنها لم تتركها له. قالت له وهي تمسك بها بقوة، وتنظر في عينَيه بتحدٍّ:

«يمكنكَ أن تأتي، لكنك لن تجدَه مكانًا مبهجًا يستحق الزيارة، يا سيد سميث. سيخبرك الجيران بذلك عمَّا قريب.»

قال: «لا أعتقد أنني أعرف أحدًا من جيرانكِ.»

كان ثمة تعاطفٌ في صوته، لكن التحدي في نظرتها لم يهدأ. حيث قالت: «سوف تسمع بالأمر يا سيد سميث، ولكنك ستسمع أيضًا أنني أعيشُ بعِزَّة ورأسي مرفوع. وهذا ليس سهلًا في نورث فالي.»

سألها: «ألا يُعجبكِ المكان؟» وكان مندهشًا من وَقْعِ هذا السؤال، الذي كان شديد التهذيب. بدا كما لو أنَّ سحابة عاصفة قد اجتاحت وجه الفتاة. «أنا أكرهه! إنه مكانٌ للخَوف والأشرار!»

تردَّد لحظة، ثم قال: «هلا أخبرتِني ماذا تقصدين بذلك عندما آتي مرة أخرى؟»

لكن «ماري الصهباء» عادت ساحرة وجذابة مرة أخرى. وقالت: «عندما تأتي يا سيد سميث، لن أستضيفَك بالمشكلات. سأُعاملك معاملة الأصدقاء، وسنخرج في نزهة لطيفة، إذا أردت.»

فكَّر هال في هذه الفتاة طوال الطريق بينما كان عائدًا إلى نُزُل «ريمينيتسكي» لتناول العشاء، ليس فقط في جمالها الذي يسُرُّ الناظرين، الذي لم يكن متوقَّعًا وسط هذا الخراب، ولكن أيضًا في شخصيتها التي حيَّرته … ذلك الألم الذي بدا دائمًا أنه يعتمِل تحت سطح أفكارها، والكبرياء الشديدة التي تُبديها مع أقل تعبير عن التعاطُف، وكيف كانت تتألَّق عندما كان يتحدَّث بلغة الاستعارة مهما كانت مُبتذَلة. كيف عرفت بكُتب الشعر؟ كان يريد أن يعرف المزيد عن هذه المعجزة من معجزات الطبيعة … هذه الوردة البرية التي تُزهِرُ على جانب الجبل القاحِل!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤