نشيد الأنشاد

١

(أرض سندسية … شولميت بين عنزاتها …)

شولميت (لنفسها الحالمة) :
اسقِني قُبلات فمك؛
فحبُّك أشهى من الخمر،
وعطرك طيِّب الشذا،
واسمك مِلءَ الفضاء عطر،
لهذا فتنتَ العذارى.
اجذبني وراءك ولْنجرِ،
ولْندخُلْ قصر الملك،
ولْنفرحْ، ولْنبتَهجْ،
ولأحتفل بحُبِّك يا حبيبي
أكثر من احتفالي بالخمر.
أنا سمراء، لكني جميلة
يا بنات أورشليم،
إني كخيام «قيدار»،
ومقاصير «سليمان».
لا تنظُرْن إلى سُمرتي،
فالشمسُ قد لوَّحَتني.
غضب عليَّ بَنُو أمي.
وجعلوا مني حارسة الكروم،
فتركتُ كرمي.
آهِ يا مَن يهواه قلبي،
خبِّرني: أين ترعى؟
وأين تُقيل نعجاتك؟
ولماذا أنا كالضالة عند قُطعان رفاقك؟!
سليمان (يأتي من خلفها تتبعه نعجاته) :
يا أجملَ نساء الأرض،
اقتفي آثارَ نعجاتي،
ودَعِي عنزاتكِ ترعى
قُربَ منازل الرُّعاة.
يا حبيبتي، إنكِ مثل فَرَس
في مَركباتِ فرعون.
خدَّاكِ جميلان
بين عقود الجمان،
وعنقك جميل
بين أسماط اللؤلؤ.
سوف نصنعُ لكِ
قلائدَ من ذهب
موشَّاةً أطرافُها بالفِضَّة.
شولميت (وهي تسير إلى جانبه) :
أنتَ لي يا حبيبي
طاقة من زهر المُرِّ،
أضعها بين ثدْيَي.
أنتَ لي يا حبيبي
عنقود من كروم «عين جدي».

(يجلسان على العشب.)

سليمان (يرنو إليها) :
ما أجملَكِ، يا حبيبتي، ما أجملَك!
عيناكِ حمامتان.
شولميت (تنظر إلى العشب) :
ما أجملَكَ، يا حبيبي، ما أجملَك!
سَريرُنا العُشبُ الأخضر.
سليمان (ينظر إلى الأشجار) :
دعائم سقفنا الأَرز،
وزخارف بيتنا السَّرْو.
شولميت (في دلال) :
أنا نرجس «شارون»،
أنا سوسنة الوديان!
سليمان :
أنتِ، يا حبيبتي، بين النساء
كالسَّوسَنة بين الأشواك.
شولميت :
أنتَ، يا حبيبي، بين الرجال
كشجرة التفاح بين الأدغال.
اشتهيتُ الرُّقاد في ظِلِّه،
وملأ فمي بحُلو ثمره.
أدخِلْني بيت الخمر يا حبيبي،
وانشُر فوقي عَلَم الحب.
أنعِشُوني بالزَّبيب وغذُّوني بالتفاح؛
فإني من الحُبِّ مريضة.
آهِ يا حبيبي، ضَعْ شِمالَكَ تحت رأسي،
ودَعْ يمينَكَ تُعانقني.

(تنعس.)

سليمان (يتركها وينهض سائرًا بين الأشجار، هامسًا) :
أستحلفُكُنَّ، يا بنات أورشليم،
بغزال المروج وأيل الحقول،
ألَّا تُوقِظنَ حبيبتي
حتى تشاء …

٢

(هائمة في الخلاء كالحالمة …)

شولميت (ترهف السمع) :
هذا صوتُ حبيبي؛
ها هو ذا، إنه آتٍ.
إنه يقفز بين الجبال،
إنه يطفر بين التلال،
إنه يشبه غزال المروج
وأيل الحقول.
ها هو ذا خلف حائطنا
يصيح قائلًا:
«انهضي، يا حبيبتي، وأقبلي،
قومي، يا جميلتي، وتعالَي؛
فالشتاء قد أدبَر،
وانقطع المطر،
وزيَّنَت وجهَ الأرض الزهورُ،
وأوان الغناء قد أقبل،
وسُمع فوق ربوعنا سجعُ اليمامة،
وأخرجت شجرة التين ثمارَها،
وتضوَّع الجوُّ بأريج الكروم.
«انهضي، يا حبيبتي، وتعالَي يا جميلتي.
مَن ذا يحبسكِ في مُنعطف الصخور يا حمامتي؟
مَن ذا يُخفيكِ في ستر الأعالي؟
دعيني أرى وجهك،
دعيني أسمع صوتك؛
فصوتك عذب، ووجهك جميل.
هلُمِّي نقنص الثعالب؛
تلك الثعالب الصغيرة التي تُفسد الكروم؛
فكرومنا قد أورقَت!»
أنا لحبيبي وحبيبي لي،
إنه يرعى غنَمَه بين السَّوسَن.
آهِ! قبل أن يولِّي النهار
وتزول الظلال، عُد إليَّ يا حبيبي؛
في خفَّة غزال المروج وأيل الحقول،
فوق تلك الجبال
التي فرَّقَت بينكَ وبيني
لقد بحثتُ في فراشي الليالي الطوال
عمَّن يهواه قلبي،
فما وجدتُ إليه السبيل.
لقد نهضتُ أطوفُ بالمدينة والأسواق؛
أبحثُ عمَّن يهواه قلبي،
فما وجدتُ إليه السبيل.
ثم قابلتُ عَسَسَ المدينة وسألتُهم:
«أرأيتُم مَن يهواه قلبي؟»
فما كدتُ أغادرهم وأمضي
حتى وجدتُ مَن يهواه قلبي،
فطوَّقتُه بذراعي ولم أُفلتْه مني،
حتى ذهبتُ به إلى بيت أمي،
وأدخلتُه الحجرة التي فيها حبَلَت بي.

(يأتي سليمان من بعيد في تخته وعسكره.)

سليمان (همسًا للنساء وهو يشقُّ بينهُنَّ طريقه) :
أستحلفُكُنَّ، يا بنات أورشليم،
بغزال المروج وأيل الحقول
ألَّا تُوقِظنَ حبيبتي حتى تشاء!
النساء (ينظرن إلى شولميت المُقبلة من بعيد) :
مَن هذه الصاعدة من البرِّية
كأنها عمودٌ من دخان،
مُعطَّرة بالمُرِّ واللبان،
وكل ما عند التجار من بخور؟!
القوم (ينادي بعضُهم بعضًا) :
هلُمُّوا انظروا إلى تخت سليمان؛
يحفُّ حوله ستُّون جبارًا،
مُتقلِّدين السيوف، مُهيَّئين للقتال.
انظروا إلى تخت سليمان،
المصنوع من خشب لبنان،
أعمدته الفِضَّة، ومسنده الذهب، ومقعده الأُرجوان،
وطنافسه نسَجَ زخارفَها الحبُّ
بأيدي بنات أورشليم!
ألا فاخرُجنَ يا بنات أورشليم
وانظرنَ إلى الملك سليمان.
في تاجه الذي توَّجَته به أمُّه.
يومَ عرسه، يومَ امتلأ قلبُه بالفرح!

(شولميت تُقبِل وهي تَجري.)

سليمان (لشولميت وهي بين يدَيه) :
ما أجملَكِ، يا حبيبتي، ما أجملَك!
عيناكِ حمامتان هادئتان تحت نقابك،
وشَعرك قطيعٌ من العنزات.
رابض على جبل «جِلعاد»،
وأسنانكِ قطيع من النعجات.
مجزوزة بيضاء، قد خرجَت من الماء
كلها مُتئِمٌ، وليس فيها عقيم،
وشفتاكِ خيطٌ قِرمزي،
وفمُكِ كوبٌ سِحري،
وخدُّكِ تحت نقابكِ شطر رُمَّانة،
وعنقك برج داود المُشيَّد للسلاح،
قد عُلِّق عليه ألف تُرس،
كلها أتراس الجبابرة.
وثدياكِ أيلانِ بل توأمان
من بطن غزالة
يرعيانِ بين السَّوسَن.
يا حبيبتي، قبل أن يولِّي النهار
وتزول الظلال،
هلُمِّي إلى جبل المُرِّ وتلِّ البخور.
ما أكمل جمالك يا عروسي!
ما فيكِ عيبٌ ولا نُقصان.
هلُمِّي معًا نذهب من لبنان،
انظري من رأس «أمانة»
وقمة «شنير» و«حرمون»
إلى غابة الفهود وعَرين الأُسُود.
إنكِ تَسْبِينَ قلبي يا عروسي وأختي؛
تَسْبِينَ قلبي بنظرةٍ من نظراتك،
وقلادةٍ من قلائدِ نَحرك.
ما أحلى سِحرَ حُبِّكِ يا عروسي وأختي!
إن حُبَّكِ أشهى من الخمر،
وشذاكِ أطيبُ من كلِّ عطر.
شفتاكِ تقطرانِ العسلَ يا عروسي،
وتحت لسانكِ عسلٌ ولَبَن.
ثيابُكِ يتضوَّع منها أريج
مثل أريج لبنان.
أنتِ جنَّةٌ مغلقةٌ يا عروسي،
أنتِ عينٌ مُقفلة،
أنتِ ينبوعٌ مختوم،
أنتِ نافورةٌ انبثقَ ماؤها
على صورة فردوس
غُرِس فيه الرمَّان،
وتدلَّت العناقيد،
ورقصَت الزهورُ والرياحين
من مُرٍّ وعودٍ وناردين
وكل شجر يُجعَل منه البخور.
هُبِّي يا ريح الشمال،
أَقبِلي يا رِيحَ الجنوب،
أرسلي فوق جنَّتي أنفاسَك
ليفوحَ منها العبير.
شولميت :
فلْيدخُلْ حبيبي جنَّتَه،
ولْيَطعَمْ منها شهيَّ الثمار.
سليمان (يعانقها ويُقبِّلها) :
ها أنا ذا أدخُلُ جنَّتي يا أختي العروس،
وأقطفُ منها زهرات المُرِّ والطِّيب،
وأَطعَمُ الشَّهد والعَسَل،
وأشربُ الخمر واللبن.
أيها الرفاق، كلوا واشربُوا،
ومن الحبِّ اسكروا!

٣

(شولميت حزينة بين النساء …)

شولميت (كالحالمة) :
كنتُ نائمة، لكن قلبي يقظان،
فسمعتُ صوتَ حبيبي يقرعُ أذني:
«افتحي لي يا أختي، يا حبيبتي، يا حمامتي؛
فإن شَعري قد كلَّلَه الندى،
ووجهي قد بلَّلَه طلُّ الليل!»
لقد كنتُ خلعتُ قميصي،
فنهضتُ أرتديه.
لقد كنتُ غسلتُ قدَمَي،
فقمتُ أطأ بهما التراب.
ومدَّ حبيبي من الكوَّة يدَه،
فتحركَت إليه جوانحي،
ونشطتُ إلى الباب أفتح لحبيبي،
ويدايَ بعبير المُرِّ تفوحان،
وأصابعي بعطر المُرِّ
تخضب مقبض الباب.
فتحتُ لحبيبي، لكن حبيبي
كان قد مضى وغاب؛
فكادَت تذهبُ بذهابه نفسي.
بحثتُ عنه فما وجدتُ إليه السبيل،
ناديتُه فما أجاب.
وصادَفَني العَسَس
وأنا طائفةٌ بالمدينة حَيرَى؛
فضربوني وجرحوني.
وقابلَني حَرَسُ الأسوار؛
فجذبوا عني إزاري.
آهِ! أستحلِفُكُنَّ يا بنات أورشليم،
إذا وجدتُنَّ حبيبي،
أن تُخبرْنَه أني
من الحُبِّ مريضة!
النساء :
بِمَ يفضل حبيبُك الناس
أيتها الجميلةُ بين النساء؟
بِمَ يفوقُ حبيبُك غيرَه من الناس
حتى تستحلفينا هكذا؟
شولميت :
حبيبي كالفِضَّة الممزوجة بالذهب.
إنه يُميَّز من بين عشرة آلاف.
رأسُه ذهبٌ إبريز،
وخصلاتُه طائرةٌ حالكةٌ كأنها غُراب،
وعيناه حمامتانِ على حافة جدول
يغتسلانِ في اللبن.
وخدَّاه خميلةٌ من الطِّيب،
وشفتاه سوسنٌ يقطر منه العَسَل،
ويداه طَوقانِ من ذهبٍ مُرصَّعانِ بالزَّبَرجَد،
وبَدَنُه عاجٌ مصقولٌ مُغطًّى باليواقيت،
وساقاه عمودانِ من الرخام الأبيض
قائمانِ على قاعدتَين من ذهبٍ إبريز.
إنه جميلٌ مثل لبنان،
إنه جليلٌ مثل الأَرز.
فمُه هو الحلاوة،
وكلُّ شيءٍ فيه هو السِّحر.
هذا هو حبيبي،
هذا هو خليلي،
يا بنات أورشليم!
النساء :
أين ذهبَ حبيبُكِ
أيتها الجميلةُ بين النساء؟
أي البقاع قصدَ حبيبُك
فنبحث عنه معك؟
شولميت :
حبيبي قد هبطَ فردوسه
بين خمائل الطِّيب
ليرعى قطيعَه ويجمعَ السَّوسَن.
أنا لحبيبي وحبيبي لي،
إنه يرعى قطيعَه بين السَّوسَن.

٤

(سليمان في رجاله يحفُّ حولهم الناس …)

سليمان (مخاطبًا لنفسه كالحالم) :
أنتِ حسناء، يا حبيبتي، مثل «ترتزا»!
أنتِ جميلةٌ مثل أورشليم،
أنتِ رهيبةٌ مثل جحافلَ ذاتِ أعلام.
حوِّلي عينيكِ عني؛
فلقد ألقَتَا الاضطرابَ في قلبي.
إن شَعركِ قطيعُ العنزات
الرابضُ على جبل جِلعاد،
وأسنانُكِ قطيعُ النعجات
الخارجةِ من الماء؛
كلُّها مُتئِمٌ وليس فيها عقيم،
وخدُّكِ شطر رمَّانةٍ تحت نقابك.
من بين ستِّين مَلِكةً وثمانين حظية،
من بين عذارى لا يُحصيهنَّ عَد،
هي وحدها حمامتي،
هي وحدها الكاملة،
هي فريدةُ أمِّها،
الأثيرةُ عند التي أَرَتْها نُورَ النهار.
أبصَرَتها العذارى فغَبَطنها،
ورَأَتها المَلِكاتُ والخطايا فمَدَحنها!
القوم (ملتفتين) :
مَن هذه المُشرقةُ كأنها الفجر،
الرائعةُ كأنها القمر،
الطاهرةُ كأنها الشمس،
الرهيبةُ كأنها الجحافل ذاتُ الأعلام؟!
شولميت (لنفسها وهي تمرُّ عن بُعد) :
لقد هبطتُ حديقةَ الجوز
لأشاهد خُضرةَ الوادي،
وأرى هل أَورقَ الكرْمُ،
وهل نوَّر الرمَّانُ!
لكنْ … لستُ أدري.
إن الشوقَ لَيَدفعُني ويُحرِّكني
كأني مَركبةٌ من مَركباتِ قَومي.

(تهبط الوادي مسرعة.)

القوم (ينادون) :
يا شولميت، عُودي!
عُودي يا شولميت!
عُودي نُشاهدك!
سليمان (للناس) :
ما لكم تنظرون إلى شولميت
كأنها رقصٌ بديع؟!

(يترك الناس ويَلحق بها.)

٥

(سليمان وشولميت جالسان بين الشجر …)

سليمان :
ما أجملَ قدمَيكِ في نَعلَيك
يا بنتَ الأمير!
دوائرُ فخذَيكِ قلائد
صاغَتها يدُ صَنَّاعٍ حاذق،
سُرَّتُكِ كأسٌ مُستديرة
لايُعْوِزُها الخمرُ المُعطَّر،
بطنُكِ عجينُ حِنطَةٍ
قد أُحيطَ بالسَّوسَن،
ثدياكِ أيلانِ بل توأمان
من بطن غزالة،
عنقُكِ برجٌ من عاج،
عيناكِ مثل بحيرات «حَشْبون»
القريبةِ من باب «بثِّ رَبِيم»،
أنفُكِ مثل بُرج لبنان
الشامخِ تجاه دمشق،
رأسُكِ قائمٌ كأنه الكرمل،
شَعرُكِ كأنه الأُرجوان
قد شَدَّت خصلاتُه وثاقَ ملك!
ما أجملَكِ يا حبيبتي
ما أحلاكِ بين اللذات!
أنتِ نخلةٌ وثدياكِ العناقيد.
لقد حدَّثَتني نفسي
أن أصعدَ النخلةَ وأُمسِكَ بالسَّعَف.
فلْيكُن ثدياكِ مثل عناقيد الكَرْم،
وعطرُ أنفاسِكِ مثل رائحة التفاح،
وفمُكِ مثل أطيب الخمر.
شولميت :
يسيلُ سائغًا من أجل حبيبي،
ويقطر صافيًا بين شفتَيه.
أنا لحبيبي، وحبيبي لي.
تعالَ يا حبيبي نخرج إلى الحقول،
ونبيت في القرى،
ونذهب مع الفجر إلى الكروم
لنرى هل أَورقَ الكرمُ،
وتفتَّحَ الزهرُ، ونوَّر الرمَّانُ!
هناك أَهَبُكَ حُبِّي.
لقد نشر اللُّفَّاحُ عبيره،
وتجمَّعَت بأبوابنا أشهى الثمار؛
من كلِّ فصلٍ قطفتُها،
ولكَ يا حبيبي ادَّخرتُها.
آهِ، لَيتكَ لي أخٌ،
راضعٌ من ثديَي أمي،
فأُقبِّلكَ أمام الناس ولا يُخزونني!
ليتني أذهبُ بكَ إلى بيت أمي،
وهناك تُعلِّمني …
وهناك أسقيكَ خمرًا ممزوجةً بسُلاف رُمَّاني!
ضَعْ شِمالَكَ تحت رأسي،
ودَعْ يمينَكَ تعانقني!

(تنعس.)

سليمان (هامسًا لمَن في طريقه من نساء) :
أستحلِفُكُنَّ يا بنات أورشليم،
ألَّا تُوقِظنَ حبيبتي حتى تشاء!

٦

(نساء مجتمعات ينظرن إلى شولميت وسليمان وهما يمرَّان من بعيد …)

النساء :
مَن هذه الصاعدةُ من البرِّية
مُتكئةً على ذراع حبيبها؟

(سليمان وشولميت يُقبِلان فتذهب النساء.)

سليمان (لشولميت) :
لقد أيقظتكِ تحت شجرة التفاح؛
هناك حيث وضعَتكِ أمُّك.
لقد وَلدَتكِ أمُّكِ هناك،
وأَرَتكِ نُورَ النهار.
شولميت (ملتصقة بصدر سليمان) :
اجعلْني خاتمًا تطبع به فؤادَك،
واجعلْني خاتمًا على ذراعك؛
فالحبُّ قويٌّ كالموت،
والغَيرةُ مُخيفةٌ كالجحيم،
ذات لظًى كلهيب النيران،
سعير من لَدُن الديَّان.
إن السيول الجارفات
لا تستطيع أن تُطفئَ الحب،
والأنهار المتدفقات
لا تستطيع أن تغمُر الحب،
وكل ثروة تبذل في سبيل الحبِّ زَرِية!
سليمان :
لنا أختٌ صغيرة
لم يَنهَد بعدُ ثدياها،
ما عسى نصنع لأختنا يومَ تُخطَب؟
لو أنها سورٌ
لبَنَينا عليه بُرج فِضَّة،
ولو أنها بابٌ
لدعمناه بألواح أَرز.
شولميت :
أنا سورٌ وثديايَ بُرجان؛
فكنتُ في عين حبيبي كمَن وجد السلام.
كان لسليمان كرْمٌ في «بعل هامون»،
عهد به إلى الحرَّاس؛
كل حارس يؤدِّي عن ثمره ألْفًا من الفِضَّة.
أمَّا كرْمي أنا فأحرسه بنفسي،
ولكَ أنتَ يا سليمان الألْفُ من الفِضَّة.

(فِتيان يُقبِلون خلفهما.)

سليمان (همسًا) :
يا مَن تسكنين الفراديس،
إن الرفاق يُرهفون الآذان
لسماع صوتك.
شولميت (همسًا) :
اهربْ، يا حبيبي، اهربْ
في خفَّةِ أيل الحقول وغزال المروج
فوق الجبال ذات الأريج.

(يحاولان الهرب تتبعهما نظراتُ الفِتيان والفَتيات في رقصة أخيرة.)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤