دلال

لقد هاجني وَجْدٌ بمن زارها بُعْدُ
فياليتني بعدٌ وياليتها وَجْدُ
وَهَبْتُ الهوَى قلبي البرئَ ولم أكُنْ
أُفكرُ أَنَّ القلب يُحْرِقُهُ الصَدُّ
وأوْدَعْتُه من خَالَفَتْ شِرْعَةَ الهوى
وطَبْعُ الغوانِي لا يدومُ لها عَهْدُ
مُحالٌ تُوَفّي عَهْدَهَا وتصونُه
ولو خَبَّأَتُهُ بين أنيابها الأُسْدُ
تزول الجبالُ الراسياتُ لمكرِها
وكم ذابَ من إغرائها الحَجَرُ الصَّلْدُ
فإِنْ حَقَدَتْ لم يَبْقَ في قلبها رِضًا
وإنْ رَضِيَتْ لم يُقْصَ عن قلبِهَا الحِقْدُ
وإن عَشِقَتْ كانت أَشَدَّ صبابةً
من الوَالهِ الساعِي إلى حَتْفِهِ السُّهْدُ
كذلك أخلاقُ القيانِ فلا تَكُنْ
صَرِيعَ الغوانِي فالمنيَّةُ والكَيْدُ
لقد فَتَنَتْ لُبِّي وقلبي وناظِري
مهاةٌ سبانِي في محاسِنِهَا القَدُّ
إِذَا خَطَرَتْ في الرَّوْضِ أيْنَعَ زهرُهُ
وإن لَعِبَتْ في الماءِ خَالَطه الشَّهْدُ
وإن بسمتْ رَقَّ النسيمُ ونَوَّرَتْ
ثغورُ زهورِ الرَّوْضِ وَابْتَسَمَ الوردُ
وإِنْ عَبَسَتْ أجْرَى السَّحَابُ دموعَه
وزاد وميضُ البرقِ واشتبكَ الرَّعْدُ
شَكَوْتُ لها حبِّي ومُرَّ صبابتي
فتاهت بعينيْهَا وقد خَجِلَ الخَدُّ
فعاهدتُهَا أنِّي أَدُومُ على الوَفَا
إذا هِيَ وفَّتْ ثم طابَ لها العَهْدُ
وقد تَمَّ عهدُ الحبِّ بيني وبينها
وسَرعان ما جارَتْ وغيَّرها البُعْدُ
على أَنَّ حُبَّا أَشْغَلَ القلبَ في الصِّبى
يزيد على مَرّ الزمان ويَشْتَدُّ
ألا قاتل اللهُ الغرامَ فإنه
عذابٌ، كؤوسُ الموتِ في فَمِهِ شَهْدُ
بَعُدتُ عن الغِيد الغوانِي تعفُّفًا
لذلك قامت بالتهاني لِيَ الأُسْدُ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤