ستريس
عذراء منف
            
         يا مَنْ عَوَاطِفُهَا تفيضُ حَنَانَا
               
               غَذِّي القُلُوبُ وَرَجِّعي الأَلْحَانَا
               
            يا رَبَّةَ الصَّوْتِ الشَّجِيِّ حَنِينُهُ
               
               رَنَّاتُ صَوْتِكَ تَبْعَثُ الأَشْجَانَا
               
            شيَّدْتِ صَرْحًا للزَّمانِ مُقَدَّسًا
               
               مَغْنَي الأَوَائلِ فارْفَعي الْبُنْيَانَا
               
            بَسَمَتْ أَغَارِيدُ الأَغَانِي عِنْدَمَا
               
               صَدَحَ الهَزَارُ فجدِّدِي الأَزْمَانَا
               
            جَذَبَتْ عَوَاطِفُكِ القُلُوبَ فأَقْبَلَتْ
               
               فَرْحَى تُحَيِّ الفنِّ وَالوُجْدَانَا
               
            فإِذا شَدَوْتِ صَرَفْتِ عن أَلمِ الهوَى
               
               قلبًا أَسِيرًا حائرًا وَلْهَانَا
               
            وَمَنَعْتِ عَنْ مُضْنَى الْغَرَامِ عَذَابَهُ
               
               وَكأَنَّ خَفْقَ فُؤَادِهِ ما كَانَا
               
            وَإذَا بَسَمْتِ بَعَثْتِ أَحْلَامَ المُنَى
               
               وَبَدَا السُّرُورُ فَبَدَّدَ الأَحْزَانَا
               
            وَإذا خَطَرْتِ مَلَأْتِ أَنْفَاسَ الصَّبَا
               
               صِيبًا وَأَخْجَلَ قَدُّكِ الْأَغْصانَا
               
            وَإذا نَظَرْتِ تَكَشَّفَتْ لُغَةُ الهَوَى
               
               عن سحرٍ مَعْنًى أَذْهَلَ الأذْهَانَا
               
            لُغَةٌ تفهَّمَتِ العَوَاطِفُ سِرَّهَا
               
               أُمُّ اللُّغَاتِ فَصَاحَةً وَبَيَانَا
               
            شَفَتَاكِ يُحْيي المَيْتَ دُرُّ حَدِيثِهَا
               
               وَتُبَدِّلُ الْخَوْفَ الشَّدِيدَ أَمَانَا
               
            عَصْمَاءُ حَصَّنَهَا الْعَفَافَ وَزَادَهَا
               
               عِزُّ الْحِجَابِ صِيانَةً وَجَنَانَا
               
            حُسْنٌ تَمَنَّعَ عن مطامعِ عَاشِقٍ
               
               دَنِفٍ تَشَبَّبَ ساهِرًا نَشْوَانَا
               
            خَدٌّ تُقَبّلُهُ النَّسَائمُ وَحْدَهَا
               
               يَسْبِي البُدُورَ ويفتِنُ الإِنْسَانَا
               
            سهَرْت سُيُوفُ اللَّحْظِ تَحْرُسُ وَرْدَهُ
               
               وَإِذا غَفَتْ تَسْتَنْجِدُ الأجْفَانَا
               
            ومقبَّلٌ عَذْبٌ شَهِيٌّ وِرْدُهُ
               
               تَخِذَ الْوُصُولَ المُسْتَحِيلَ مَكانَا
               
            وَجْهٌ حَبَاهُ الْحُسْنُ أَجْمَلَ صُورَةٍ
               
               جَعَلَتْهُ بَدْرًا ساحِرًا فَتَّانَا
               
            يا مُنْتَهَى الآمالِ قَلْبي لم يَعُدْ
               
               من سُقْمِهِ يتحمَّلُ الكِتْمانَا
               
            وَالدَّمْعُ لَمْ يَتْرُكْ جُفُونِيَ لَحْظَةً
               
               لَيْلِي نَهَارِي باكيًا حَيْرَانَا
               
            فَإِلَامَ وَجْدِي وَالسُّهَادُ وَلَوْعَتِي
               
               وَإِلَامَ أَلْقَى في هَوَاكِ هَوَانَا
               
            هذا فُؤادِي بِعْتُهُ لَكِ رَاضِيًا
               
               وَصلًا حكمتِ عَلَيْهِ أَمْ هِجْرَانَا
               
            فإذا مَنَحْتِ لهُ الْحَيَاةَ فإِنَّنِي
               
               صبٌّ وَإِلَّا فَامْنَحِي الْغُفْرَانَا