الفصل الثاني عشر

تعيين محمود باشا خلفًا لعالي باشا

من أصعب الأمور على رجل عادي أن يخلف رجلًا عظيمًا اشتهر بسمو الأفكار، وتوقد الذهن، والدهاء السياسي في منصبه، وهكذا صعب على محمود باشا الذي ولاه السلطان عبد العزيز الصدارة العظمى خلفًا لذلك الوزير الخطير الذي هيهات أن يأتي الزمان بمثله في تركيا. وقد تبوأ محمود باشا منصة ذلك المنصب الرفيع، ولم ينظر إلى عواقبه ونتائجه؛ لأن فخامته كان من مذهب القائلين: «ومن بعدي الطوفان» لا هم له إلا ملء كيسه وزيادة ثروته، ومن ثم اكتساب ثقة السلطان ورضى حاشيته، ولم يكن يقدر لغيرهم قدرًا، بل لم يكن يهمه أحد ما دام السلطان الآمر المستبد. وكان حزب تركيا الفتاة يحرق الإرم لدى كل مظلمة، وعند كل قرض، وعلى الأخص لما شرع الصدر باضطهاد رجاله، فنفى منهم كثيرًا وعزل جميع المأمورين الذين اتهموا بالانتماء إلى الحرية والإصلاح، وبدأت زوبعة تلك الثورة بإلغاء الجرائد وتقييد الأقلام والضغط على الأفكار، وكان الكدر يتعاظم ويشتد، ولكنه كان كالنار كامنًا تحت الرماد.

هكذا كانت حالة تركيا في أواخر عهد السلطان عبد العزيز في صدارة محمود باشا، وكان سفير روسيا شديد التمسك به رغمًا عن مقاومة الوزراء له، فتمكن بدهائه من إقناع السلطان بأنه الوزير الوحيد في تركيا الذي يوافق بقاؤه حرصًا على تركيا وحفظًا لصوالحها. وكانت روسيا مشاهدة بأن كل سنة من صدارة محمود باشا تُنقص خمسين عامًا من عمر تلك الدولة التي طالما تمنَّت وحاولت ابتلاعها. وبعد أن كانت أحوال الدولة قد تحسنت في بداءة عهد السلطان عادت فسقطت، وانحط اسمها ومقامها في أوروبا، واضطرمت نيران الثورة في أنحائها، ولم يكن الصدر الأعظم المذكور معتمدًا على سفير روسيا في الأستانة فقط، بل على الحرم السلطاني أيضًا؛ لأنه كان متزوجًا من شقيقة السلطان عبد العزيز نفسه، وكانت كلما مرت الأيام تزداد الأحوال سوءًا، فصارت تركيا على شفيرها والسلطان محتجب لا يخرج من سرايه إلا كل جمعة للصلاة في جامع طلمه بغجه المحاذي لقصره، ويخرج في المساء فيختبئ في إحدى مقصورات بستانه يقتل الوقت، ويزيل السآمة بشرب العرق ومسامرة الندماء.

ففي مساء يوم الجمعة (٢٦ أبريل ١٨٧٦) طلب الصدر الأعظم من السلطان الدخول عليه، وكانت قد تغيرت سحنته كثيرًا واشتد سمنه وشاب مفرقه، واستولت عليه الكآبة وخامره سوء الظن والريبة بمن كان يقرب منه، فلما وجد محمود باشا مولاه على تلك الحالة من الضجر والقلق أخذ يحاول تسليته وترويح فؤاده، فيسرد على مسامعه النكات الظريفة والفكاهات اللطيفة، وهو يائس لا يلذ له شيءٌ، وكان السلطان مغرمًا في مشاهدة مقاتلة الديوك فصار يكرهها، وأخيرًا تجاسر الصدر الأعظم، فقال لمولاه مخاطبًا: أي مولاي لِمَ تسيء الظن إلى هذا الحد برعيتك؟ فقد أرسل إلي ناظر الشرطة هذا الصباح تقريره مبشرًا بأن الأمن في غاية ما يكون من الاستتباب والراحة شاملة جميع طبقات الرعية الداعية لك بالتأييد والنصر، ومع ذلك فإن جلالتك لا تخرج من القصر إلا نادرًا محتاطًا بالجنود محترسًا متحفظًا.

فأجابه السلطان: ومع ذلك ألا يوجد إلا هم لحماية سلطانهم عند الشدة؟

– لِمَ يا مولاي هذه الأفكار والهواجس؟ ألا تعلم أنك أعظم سلطان تنسم عرش آل عثمان …؟ روسيا عدوتنا اللدودة قد انقلبت تتزلف إلينا ودانت لنا صاغرة … هذه الأستانة قاعدة السلطنة صارت تضاهي أعظم عواصم أوروبا … ها أوروبا قد أصبحت بأجمعها تتزاحم لاكتساب رضانا، فهل تريد من مزيد يا مولاي؟

فانتصب السلطان واقفًا عند سماعه هذا الكلام، وقال: أنت خادم أمين يا محمود، وتريد أن تخفف قلقي واضطرابي، ولكن هل تخالني جاهلًا أن عدوي في بلادي نفسها، وأن حزب تركيا الفتاة يترقب وفاتي لتنصيب مراد ابن أخي؟

فقال الصدر بهيئة الساخر: ولكن يا مولاي أنت تقدر لهذا الحزب أهمية كبرى وهو لا يزال في مهد الطفولية، ولا بد أن ينتظر طويلًا إذا كانت هذه أمانيه وما دمت أنا في الصدارة، فسأستأصل شأفتهم إن شاء الله، وأجعلنهم عبرةً لمن اعتبر، فصمت السلطان عند هذا الكلام، وأظهر ارتياحه إليه، لكنه قام في الغرفة يتمشى ذهابًا وإيابًا كالأسد في عرينه، ثم قال: وليس هذا الحزب سبب قلقي واهتمامي الوحيد، فإن السلطانة وهواجسها شاغلة أفكاري، فإن قلبها يحدثها منذ أيام بدنو شرٍّ أو مصاب كبير قريب، فقال الصدر: ولكن يا مولاي أظن أن حملها هو السبب في هذه الأفكار والأوهام، وقد عرفت ذلك من زوجتي، فأجاب السلطان: لا يا محمود ليس الأمر كذلك، فأنا أعلم الناس بمهرى وطباعها، فهي ليست قط من النساء الجبناء اللائي يتطيرن من الحوادث والصدف ويتشاءمن من الأخبار ويصدقن خرافات العرافات، ولكن قد تسبب كل هذا القلق منذ وفاة عمتي السلطانة عليَّة، وكانت وفاتها لسوء الحظ فجأة، وفي الحرم عند مهرى، فإنها بينما كانت تضحك وتهزل كعادتها وإذا بها قطبت حاجبيها وحملقت بنظرها، ثم صاحت مذعورة، وقالت: إن جارية وأمها كانتا عندها، وقد توفيت الأولى بعد الأخرى بست عشرة سنة، وجاءت تختطف روحها، فخافت وانذعرت، وأخذت تستغيث وتصرخ، وخافت السلطانات الحاضرات، وظنن أنها قد مُست بعارض من الجنون، وبقيت عمتي المسكينة تصيح عائشة … إقبال … (وهما اسما جاريتيها) أرجوكما … ابعدا … لا تقربا … الدم … الدم … النطع … وغير ذلك من العبارات المتقطعة، وعيناها جاحظتان، وقد انتفش شعرها وضاع صوابها، وكلما اقترب منها أحد صاحت لا لا ابعد … خنقوني … قتلوني … فقد فتحوا قبري، ثم نظرت إلى مهرى أخيرًا، وحملقت فيها بنظرها، وصاحت بها …

الحذر يا مهرى، إن دورك قريب … فأغمي على مهرى عند سماعها هذا الكلام، ولبثت عمتي المسكينة على تلك الحالة، وهي تتمرغ على الأرض، وسلمت روحها قائلة: قد اختطفها عزرائيل.

فتأثر الصدر عند سماعه هذه الحادثة، وقال: حقًّا إن تلك ميتة غريبة. فقال السلطان: وتراكض الأطباء من كل جانب، فوجدوا جثة بلا روح، وحكموا أن سبب الوفاة انفجار شرايين القلب عقب نوبة عصبية هائلة … وقد مر يا محمود على تلك الحادثة ثلاثة أشهر ولا تزال مرسومة لحد الآن في مخيلة مهرى تتمثلها آناء الليل وأطراف النهار، وهي لا تجسر على النوم في الليل، وقد تولاها السهاد، ولا تتجرأ على البقاء وحدها في غرفة النهار، فرغَّبت إليها أن تذهب أين شاءت لتبديل الهواء، فلم ترضَ، وجوابها الوحيد أن خطرًا يتهددني، وأنها لا تريد أن تفارقني، فقال الصدر: ولا شك أن جلالتك قد تأثرت من تلك الحادثة الغريبة، ولكن يُخشى من عدوى تلك الأفكار والوساوس إلى عظمتك.

فقال السلطان: بلى وأنا أخشى ذلك أيضًا، وهذا سبب قلقي وعلة اضطرابي.

قال الصدر: إذن أرى من الحكمة الابتعاد عن الحرم، فهذا خير علاجٍ، فأجاب السلطان متنهدًا: وهذا هو السبب في كدري، فإني أشرب هذا الشراب المحرَّم تبديدًا لتلك الأفكار السوداء …

بينما هما كذلك، وإذا بأحد الحجاب استأذن بالدخول على السلطان لعرض غرض مهم، فأذن له السلطان في الحال وقد قلق، وإذا هو حسن بك شقيق مهرى قد دخل على السلطان أصفر الوجه غير مرتب الثياب، فسأله السلطان بلهفة: ما وراءك يا حسن؟ أأصاب مهرى شر؟

وارتجف الصدر عند رؤية حسن بك داخلًا على تلك الحالة، فقال: أعوذ بالله خبر الشراكسة. فأجاب: حسن لا يا مولاي، ليت على مهرى كان قلقي فهو على راحة جلالتك … إني يا مولاي قادم من إستانبول … حيث يتآمرون على جلالتك. فالتفت السلطان إلى الصدر، وقال له: أرأيت … وسمعت …؟ فأجاب الصدر مقاطعًا حسن بك: ولكن هذا بعيد بك أفندي إن لم يكن مستحيلًا. فصاح حسن بك: كيف هو بعيد ومستحيلٌ، وأنا أقول لك: إني قادم منها، وقد حضرت ساعة المؤامرة من بدئها إلى آخرها، وأنا أرتجف حنقًا وغيظًا، وقد أنهكني التعب. فقال له السلطان: اجلس واسترح قليلًا وقل ما تشاء. فقال: أعداؤك يا مولاي لا يحصون، وهم يتآمرون عليك في المجالس الخصوصية والمحافل الماسونية والجوامع …

فصاح السلطان مذعورًا … في الجوامع؟! نعم في الجوامع، أجاب حسن بك. فاعترض الصدر قائلًا: لا صحة لهذا القول، فإن لي جواسيس بين الماسون والمأمورين والسفطاء وهم أمناءٌ، ولا تخفى عليهم خافية، فقال حسن بك: ربما أن جواسيسك هم أيضًا جواسيس تركيا الفتاة، وإنما يقبضون منك رواتبهم.

فقال الصدر: فإذن أنت يا بك تشك بصدق عبوديتي أمام جلالته. فانتهره السلطان قائلًا: دعه يا محمود يتكلم …

فقال حسن: أستأذن من جلالتك بأن أعرض التفاصيل على المسامع العالية؛ لأنها واجبة جلاءً للحادثة، وأرجو فخامة الصدر ألا يشك بصدق عرضي. فقال له السلطان: قل ما تريد. فشرع حسن يقص ما رأى، فقال: مولاي مررت هذا المساء بجامع شاه زاده باشى، فعرجت للصلاة، فوجدته مكتظًّا بألوف من المصلين، وقد تجمع أكثرهم حول الميضأة يتوضئون، فانتظرت ريثما جاءت نوبتي، على أنني فيما كنت منتظرًا رأيت إمامًا يتقدم متظاهرًا بتفقد المياه فيقترب من البعض فيلمس أكتافهم بخفة، وكان يجيبه الكثيرون برفع أيديهم اليسرى إلى جبهتهم دون أن يلتفتوا إليه، فلم أعبأ لأول وهلة بتلك الإشارة، ولكني لما شاهدتها تكررت، قلت في نفسي تلك إشارة التعارف، فلا بد لي من الوقوف على دخيلة المسألة فتقدمت للوضوء، وإذا بالإمام المذكور تقدم إليَّ ولمس كتفي بحجة افتقاد الماء، فأعطيت الإشارة فتقدم حينئذ إلى أذني، وهمس قائلًا هذه الكلمات الثلاث: «الليلة بعد الصلاة»، وابتعد معيدًا تلك الإشارة ومكررًا تلك العبارة. فدخلت الجامع وقد غص بالمصلين وأنا قلق مما سيكون، على أن الأنوار كانت لحسن الحظ ضعيفة، وقد خفت أن يعرفني أحد فنكست طربوشي على عيني، وانزويت جانبًا دفعًا لكل ريبة، ولما فرغت الصلاة خرج البعض وبقي الأكثر، وللحال أقفلت أبواب الجامع، وشرع الأئمة والمشايخ والسفطاء يتفاوضون همسًا بما لم أسمعه، وأخذ يرقى المنبر كل بعد الآخر، وعوضًا عن الاستشهاد بالآيات القرآنية كانوا يحثون الناس على المناداة بالحرية وإطلاق الجرائد من قيود المراقبة الصارمة وتحطيم سلاسل العبودية قائلين: يجب على السلطان أن يخضع لإرادة الشعب، وأن يعجل بإجابته إلى مطالبه حفظًا للدولة وصونًا للملة والأمة كي تعود المملكة إلى مركزها القديم وتلحق بالدول الأوروبية العزيزة، وقالوا: إن ولاياتنا متسعة الأطراف ممتدة إلى جميع جهات القارات الثلاث: آسيا وأفريقيا وأوروبا، وأرضنا أخصب أرض الله وأغناها، نملك خمسة أبحر ونسود ثلاثين أمة مختلفة … ولكن لِمَ نحن في مؤخرة الشعوب؟ ولِمَ ماليتنا في عجز ومقامنا في انحطاط …؟ كل هذا لأن اليد القابضة على زمام المملكة لم تحسن إدارتها.

هذه يا مولاي قحة منهم لم يسبقهم إليها أحد، فقد دفعهم الجنون حتى إلى التطاول على أمير المؤمنين وخليفة رسول رب العالمين … أما أنا فكنت أحرق الإرم غيظًا، ولكنني كنت عاجزًا عن الدفاع والانتقام من أولئك الخطباء الفجَّار، وكان يزداد غيظي خصوصًا لما كنت أرى السامعين يقابلونهم بمزيد الاستحسان، وقد انتهت تلك الجلسة التي تمكنت فيها من معرفة جميع أعداء جلالتك، وهم ليسوا بقلائل، وقد استلفت نظري خصوصًا واحدٌ امتاز عن الجميع بحدة لهجته وشدة عداوته. فقال الصدر: وما اسمه؟ فتردد حسن في الجواب، ثم قال: لا يمكنني إباحة اسمه الآن، ولكن إذا قبضت على المؤتمرين كان هو في طليعتهم.

وكان السلطان غائصًا في بحار التأملات، فلم يفهم سؤال الصدر ولا جواب حسن، فلما صمت حسن بك انتبه السلطان فقال: وهل هذا كل ما رأيت؟ فأجاب: نعم، ثم بعد أن فرغ الجميع من الكلام، فُتحت الأبواب، فخرجت مسرعًا، وفكرت أولًا في الذهاب إلى نظارة الشرطة، ولكني عدت فعدلت، وقلت الأولى أن أعرض المسألة على مسامع جلالتك رأسًا.

فالتفت السلطان إلى الصدر، وقال له ساخرًا: أرأيت هذا الأمن العظيم؟ ها هم يتجاسرون على ذمي وثلبي في قلب بلادي وداخل عاصمتي، فكيف يفعلون في الخارج؟ فحار الصدر في الجواب وتلجلج لسانه رعبًا، ثم قال: مولاي أخذت على نفسي مسئولية ما يحدث في المملكة، وتعهدت لجلالتك بدفع كل شر تخشاه من أعدائك ما دمت في الصدارة العظمى، وعليه أتعهد لجلالتك الآن أنه لا يأتي الغد إلا وقد تشتت أولئك الشبان في أقاصي البلاد؛ فإني أرى في ثورة الهرسك حجة سديدة لإبعادهم، فسأنظم من هؤلاء الأحرار جيشًا، وأدفعهم إلى ساحة الحرب، حيث يتجرعون كأس حتفهم لا محالة فدية عن وطنهم، وهكذا نتخلص من شرهم. فوافق السلطان على هذا الرأي، فقال حسن بك: يا مولاي إذا أمهل الانتقام أخطأ الغرض. فأجاب الصدر: دم الشباب يغلي في صدر حسن بك، وهو يجهل ولا شك المثل العربي القائل: من تأنى نال ما تمنى. فقال السلطان: اليوم خمر وغدًا أمر. ثم أمر بترقية حسن بك إلى رتبة ياور أول لكبير أنجاله يوسف عز الدين أفندي، وأنعم عليه بالوسام المجيدي جزاء اجتهاده، ثم فكر قليلًا وهز رأسه قائلًا: بدأت مخاوف مهرى تتحقق. وقلق السلطان جدًّا لما شاهد أحد ياوري وزير الحرب قادمًا بسرعة نحو السراي، كأنه ناقل خبرًا خطيرًا، وقبل أن يستأذن الياور بالدخول أمر هو بذلك فدخل للحال، ولما عرفه حسن بك أنه صلاح الدين انتفض لمرآه، واحتجب وراء الستار كي لا يقع نظره عليه، وقال في نفسه: لا بد من خبر شؤم وإلا لما نقله صلاح الدين بك. فقال السلطان: ما وراءك …؟ فانحنى صلاح الدين إلى الأرض تعظيمًا، وقال: لدي هذه الرسالة البرقية من درويش باشا. ثم قدمها للصدر وهذا رفعها إلى السلطان، فلم يقع نظره عليها حتى تقطب حاجباه وأكمد وجهه، وبقي صلاح الدين رابط الجأش تقدح عيناه شررًا حقدًا وانتقامًا، ثم أشار إليه السلطان بالانصراف، فقفل راجعًا حتى غاب عن الأنظار، فتقدم حسن حينئذ وتلا الرسالة، وإذا هي من قومندان الجيش من ساحة الحرب، وهذه صورتها:

موستار ١٥ أفريل ٧٦ (محرمانه خصوصى)

احتاطت بي جيوش الثورة، فاضطررت أن أعود القهقرى بعد أن خسرت ستمائة جندي وثمانية مدافع، أما خسارة الأعداء فقليلة، عجِّلوا بإمدادي بالمال والزاد …

درويش
فصاح الصدر فرحًا: إن درويش باشا يطلب نجدة فحبًّا وكرامة، وسأنفذ له غدًا نخبة رجال تركيا الفتاة؛ لأرى هل يحسنون عقد المؤامرات … ونشرت الجرائد المحلية هذه الرسالة، وعُلقت على جدران المدينة بعد أن حوَّرت قليلًا كما سيرى القارئ، فصارت هكذا:

موستار في ١٥ أفريل

دحرت الثوار فعادوا بالفشل بعد خسائر جسيمة، واستشهد من رجالنا ستة بعد أن غنمنا زادًا وافرًا وذخيرة كثيرة.

درويش

فطار السُّذج لهذا الخبر فرحًا وسرورًا، وصاحوا ليحيا السلطان، أما الذين كانوا يعرفون حقائق الأمور فأخذوا يتساءلون قائلين: «تلك أعجوبة آخر زمان كلما ظفرنا في معركة هبطت أوراقنا المالية.» فقال البعض: هذا يسمونه في تركيا نشر الأخبار الحقيقية …

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤