بطرس باشا غالي

لعلك إن طلبت مثلًا أعلى بين بلاد العالم لشعب وديع هادئ لا ترى خيرًا من مصر محققة لهذا المثل، ثم لعلك إن طلبت مثلًا أعلى لشعب طموح لا تفتأ أحشاؤه تضطرب بأسباب الثورة على الحاضر تطلعًا إلى الكمال وإلى العظمة والمجد؛ لا ترى خيرًا من شعب مصر محققًا لهذا المثل، فقلَّ أن عرفت مصر وسائل العنف في السعي إلى أغراضها، ولم يقع أن ذلت مصر واستكانت ويئست من تحقيق هذه الأغراض، ولهذا الظاهر من التناقض في صورة الحياة المصرية أثر كبير في قدر رجال مصر والآخذين بها لتحقيق مطامعها، فهي أبدًا في نضال مع أمم غيرها تريد قهرها وإذلالها، وهي أبدًا لا تذل لقاهر وإن كانت ظروفها وكان تاريخها قد ألجأها إلى ستر ثورتها الدائمة تحت ظاهر من الهدوء والسكينة؛ ولذلك كان حتمًا بحكم هذه الظروف أن ينشأ فيها الرجل المحرك للعواطف يستنهضها وللهمم يحفزها، ولنشاط الجماهير يدفعه إلى الغاية السامية التي تطمع مصر بحق فيها، وأن ينشأ إلى جانب هذا الرجل رجل آخر هو السياسي الذي يعمل لتلافي الاصطدام بين اندفاعات الشعب وبين القوى الغالبة في مصر اصطدامًا عجز الكل حتى اليوم عن تقدير نتائجه: أهو ينتهي إلى تحطيم قوة الغالبين وقيام مصر إلى جانبهم قوية اليد كما أنها قوية النفس؟ أم هو ينتهي إلى تحطيم أمل النفس المصرية في بلوغ المكانة التي تطمع فيها؟ وإذا تحطم أمل أمة فترت أجيالًا بعد أجيال عن بعثه واستعادته، حتى يكون ظرف جديد يعين على هذا البعث ويدفع إلى نفس الأمة الأمل حارًّا قويًّا ينبض به قلبها ثم يتدفق ثورة قوية تخلع النير وتحطم القيود.

وكان هذان الرجلان — رجل الدعوة إلى المثل الأعلى ورجل السياسة والسلم — خصمين في أكثر الظروف، وكانت الجماهير بطبيعتها نصيرة أبدًا للمثل الأعلى لأنه غذاؤها في الحياة بل هو ذاته حياتها، أما السياسي الذي يزن القوى ويفاضلها ويعمل للوصول إلى خير ما يمكن أن تصل إليه بلاده فالحوادث اللاحقة هي التي تحكم عليه أو له، ولقد كان بطرس باشا غالي سياسيًّا، وكان من أكثر المصريين اتصالًا بحوادث عصره من ناحيتها السياسية، فلنجعل للحوادث وحدها الحكم عليه، ولتكن كلمة التاريخ كلمة حق وإنصاف.

•••

ولد بطرس غالي بالقاهرة في ١٢ مايو سنة ١٨٤٦ وتلقى دراسته الأولى في مدرسة حارة السقايين التي أنشأها الأنبا كيرلس الرابع الملقب عند الأقباط بأبي الإصلاح، وبعد ثماني سنوات أمضاها في هذه المدرسة انتقل إلى مدرسة مصطفى فاضل باشا، وكان له من الصلة بها أن والده غالي بك نيروز كان يشتغل في دائرة مصطفى فاضل، فلما تخرج منها اشتغل مدرسًا بمدرسة حارة السقايين وظل مع ذلك يتلقى علوم الترجمة في مدرسة الترجمة التي أنشأها المرحوم رفاعة باشا.

وكان في أثناء دراسته مثلًا للذكاء ولقوة الذاكرة المنقطعة النظير، كان يكفيه أن يقرأ ما يُدرَّس له مرتين أو ثلاث مرات ليستظهره استظهارًا تامًّا، ويسرت له قوة ذاكرته العلم باللغات المختلفة، فقد أتقن العربية والفرنسية والتركية والفارسية، وهاتان اللغتان الأخيرتان أتقنهما على أحد تجار خان الخليلي، إذ كان يتلقى عليه مقابل دفع (شبرقته) له، ثم إنه تعلم اللغة القبطية بعد الثلاثين من سنه لمناسبة تدل — إلى جانب قوة الذاكرة — على قوة في الإرادة امتاز بها، ذلك أنه سافر إلى إنجلترا فقابله أحد العلماء العارفين باللغة القبطية، ولما علم أنه قبطي كلمه بها فلم يجبه، ولكنه لم يلبث بعد أن عاد إلى مصر أن أكب على دراستها، فلم تمضِ ستة أشهر حتى كتب لصاحبه العالم الإنجليزي خطابًا بها.

وأعانه في الحياة إلى جانب ذكائه وقوة ذاكرته ومضاء إرادته صحة متينة كان يدل عليها طول قامته وعضله المفتول، كما كان بريق عينيه بريقًا عجيبًا يدل على ذكائه وحيلته؛ لذلك لم يكد يتخطى أوليات الشباب حتى عرفه أولو الأمر يومئذٍ وعهدوا إليه بأعمال ذات خطر ومسئولية، فقد دخل في مسابقة حين كان مدرسًا بمدرسة حارة السقايين انتقل بها إلى وظيفة كاتب بمجلس تجار الإسكندرية الذي حلت المحكمة المختلطة بعد ذلك محله، وجعل يرتقي من وظيفته هذه حتى صار رئيس كتاب المجلس الذي حكم سنة ١٨٧٣ في قضية ضد مصلحة أحد المحسوبين على إسماعيل باشا المفتش، وإذ كان مجلس التجار تابعًا لنظارة الداخلية؛ فقد أوصل المفتش الأمر إلى ناظرها شريف باشا وأبلغه أن بطرس غالي كان صاحب اليد في إصدار ذلك الحكم الجائر، فدعا الناظر بطرس إليه فأعجبته مناقشته كما أعجب بمعرفته للغات؛ ولذلك نقله من عمله وعينه رئيسًا لكتاب نظارة الحقانية التي كلف شريف بإنشائها استعدادًا لتطبيق نظام الإصلاح القضائي الجديد.

وكانت سنة ١٨٧٤ سنة نشاط كبير في الحقانية بسبب التحضير لإنشاء المحاكم المختلطة، وكان المغفور له محمد قدري باشا مشتغلًا بترجمة قوانين هذه المحاكم إلى اللغة العربية، فانضم إليه بطرس وعني وإياه بتعريب التشريع الذي ما يزال أكثره ساريًا في مصر إلى الوقت الحاضر.

وأتاح له الاشتغال في التحضير للمحاكم المختلطة التعرف إلى رئيس النظار نوبار باشا، فكان اتصاله به ذا أثر كبير في تكوينه السياسي، وما فتئ هذا الاتصال بينهما وثيقًا مستمرًّا داعيًا إلى ثقة نوبار بباشكاتب الحقانية، حتى كان هو أول من اختاره ليكون ناظرًا للخارجية في وزارته التي ألفها سنة ١٨٩٥ بعد أن اختاره رياض باشا قبل ذلك ومنذ سنة ١٨٩٣ ليكون ناظرًا للمالية.

ويرجع اختيار رياض باشا إياه لوزارة المالية إلى سبب خاص، ذلك أنه لما انتهت الحكومة المصرية من إنشاء المحاكم المختلطة في سنة ١٨٧٥ كانت على أبواب الضائقة المالية التي جرتها إليها الاستدانة الفادحة منذ أول حكم إسماعيل باشا في سنة ١٨٦٣، ففي سنة ١٨٧٦ صدر القانون بتأليف صندوق الدين وبتعيين المراقبين الماليين، لكن هذا القانون لم يخفف من وطأة الديون شيئًا ولم يرفع من الضغط على دافعي الضرائب وإرهاقهم بأقسى وسائل الإرهاق وأبعدها عن كل معاني الإنسانية، ثم استيلاء صندوق الدين على كل ما كان يحصل، حتى اضطرت الحكومة إلى عدم دفع مرتبات الموظفين بما جعل أحد الإنجليز الموظفين فيها يومئذٍ يكتب في مذكراته أنه قضى يومين لم يدخل فمه فيهما طعام لإعوازه إلى كل ما يسد به رمقه، وإذا كان الدائنون الأجانب مع ذلك مصرين على اقتضاء مصر كل تعهدات ولي نعمتها، فقد انتهوا إلى الاتفاق على تشكيل لجنة للفحص ثم لتصفية ديون مصر، وعين رياض باشا نائبًا عن الحكومة المصرية في اللجنة المذكورة وعين بطرس بك غالي السكرتير العام لنظارة الحقانية مساعدًا له، ثم عين رياض رئيسًا للجنة، وعهد إلى بطرس بالنيابة عن الحكومة، وفي ذلك الظرف الدقيق اضطر إلى أن يدرس من مباحث اللجنة ومن الشئون المالية ما مكنه من أن يضع تقريرًا عن نظام الضرائب في مصر كان بعد ذلك مرجعًا ينقل عنه وحجة يعتمد عليها.

ولما انتهت الحوادث التي تلت تقرير لجنة المالية إلى إقصاء إسماعيل باشا عن العرش فخلفه توفيق فيه كانت الحكومة قد بدأت تفكر في إلغاء المجالس القضائية القديمة وفي إنشاء نظام قضائي جديد هو النظام القائم الآن، وإذ كان بطرس ممن عملوا في التشريع للقضاء المختلط فكان طبيعيًّا أن يكون على رأس الذين يعملون للتشريع للقضاء الأهلي؛ لذلك عين في سنة ١٨٨١ وكيلًا للحقانية وألقي عليه عبء تنفيذ النظام القضائي الجديد.

وإلى يومئذٍ كانت مناصب الحكم في أعمال الدولة لا يليها إلا المسلمون، فأما الأقباط فكانوا يلون وظائف إنجاز أعمال الحكومة، فكانت المناصب الكتابية وما إليها مفتوحة وحدها أمامهم، فأما القضاء وإدارة الأعمال فكانت وقفًا على أبناء الأغلبية الدينية في البلاد، ويسير تفسير هذا التقسيم في ذلك الظرف الذي كان الحكم فيه للأتراك والذي كان الحاكم فيه تابعًا لدولة الخلافة الإسلامية، على أن بطرس غالي رأى في ذلك منافاة لروح الزمن، وبخاصة في عصر بدأت مصر تنقل فيه النظم الأوربية بإنشاء المحاكم المختلطة وبخضوع المصريين لقضاء جماعة لا يختلفون عنهم في الدين فقط، بل في الجنسية وفي اللغة أيضًا؛ لهذا عين حين وجوده في الحقانية عددًا من الأقباط في وظائف القضاء، ولعل هذا التصرف وما إليه من مثله هو ما دعا جماعة من الذين خاصموه في أثناء حياته لاتهامه بالتحيز لأهل طائفته.

وبقي في وكالة الحقانية حتى عين ناظرًا للمالية في سنة ١٨٩٣، على أن أحوال مصر السياسية تغيرت في هذه الفترة تغيرًا كبيرًا كان لبطرس بك غالي رأي فيه معروف، ذلك أنه لما حدثت الثورة العرابية وانتهت إلى تدخل الإنجليز وهزيمة العرابيين في التل الكبير وتشاورهم في الأمر كان من رأي بطرس أن يلتمسوا عفو الخديو وأن يركنوا إليه، وقد أوفده القوم يومئذٍ بعريضة إلى الخديو توفيق فيها هذا المعنى، ومع أنه لم يظهر له عمل مباشر في الثورة، مما يدل على أنه لم يكن من المطمئنين إليها، فإن التجاء العرابيين إليه يدل على أنه كان موضع عناية الخديو توفيق وعطفه كما يدل من جهة أخرى على أن ذكاءه وفطنته السياسية كانا موضع تقدير الذين التجأوا إليه ورأوا فيه خير واسطة للتفاهم بينهم وبين الحاكم الذي ثاروا عليه.

وحياة بطرس باشا كانت كلها بعد ذلك حياة وساطة سياسية لم تكن الحاجة إليها ماسة أيام حكم توفيق لما كان بينه وبين الإنجليز من تمام التفاهم، ولكنها كانت ضرورية وكانت منتجة أيام حكم الخديو عباس الذي كان يثق به ويطمئن إليه في حل الخلاف الكثير الحدوث بينه وبين لورد كرومر قنصل إنجلترا العام في مصر.

ولعل الحوادث التي مرت بمصر وشهدها بطرس باشا قبل أن يصل إلى منصب الوزارة كانت ذات أثر كبير في توجيه سياسته وزيرًا، فقد حضر نائبًا عن الحكومة المصرية في لجنة التصفية ووقف على ميول الأجانب وعلى أطماعهم، ثم رأى جهود إسماعيل للوقوف في وجه تدخلهم باسم مصلحة الدائنين تنتهي إلى إقصائه عن العرش، ثم إنه حضر وشهد تطورات الثورة العرابية وما آلت إليه من تشتيت الثوار والحكم على زعمائهم بالإعدام واستبدال ذلك الحكم بالنفي، وكان بعد ذلك على اتصال بالمؤتمرات والمحادثات التي حصلت بقصد جلاء الجيوش الإنجليزية عن مصر، وما كان من وعود الإنجليز في ذلك وتدخلهم برغم هذه الوعود في الشئون المصرية ووضعهم يدهم على الإدارة المصرية، ثم كانت بعد ذلك حادثة فرمان الخديو عباس ووقوف إنجلترا في وجه تركيا باسم الدفاع عن حقوق مصر، كما كانت حادثة الحدود واعتذار الخديو عباس برغم اعتزازه بملكه الشاب للقائد كتشنر.

وبطرس باشا كان على ذكائه وقوة إرادته وسعة حيلته رجل سلم وعمل مطمئن؛ مما جعله بعيدًا عن الحركة العرابية إلى أن جاء دور السلم والوساطة، كما كان من طائفة الأقلية الدينية في وقت كانت النعرة الدينية فيه متغلبة على كل نعرة أخرى، أضف إلى هذا كله اتصاله بنوبار وتكوين عقله تكوينًا سياسيًّا لا تكوين زعامة شعبية مقصور غرضها على الدعوة للمثل الأعلى، هذه الظروف كلها تفسر لك سياسته من بعد ارتقائه إلى منصب وزارة المالية في سنة ١٨٩٣ وانتقاله إلى وزارة الخارجية بعد ذلك وبقائه فيها حتى مع تقلده رياسة الوزارة في سنة ١٩٠٨ برغم ما جرت به سنة الوزارات المصرية من تقلد رئيس الوزراء لوزارة الداخلية.

وتشهد ظروف تقلده الوزارة بأنه كان — برغم ما قدمنا من ميله للسلم وللحيلة — موضع ثقة الخديو الشاب عباس؛ فلقد كانت أول وزارة اختير بطرس لها وزارة فخري باشا التي أحلها عباس محل وزارة مصطفى فهمي في سنة ١٨٩٣ برغم لورد كرومر، والتي لم تبق لذلك في مناصب الحكم غير يوم واحد، ثم إنه حل بعد ذلك محل ثقته أن رأى فيه خير وسيط يحل المشكلات التي كانت كثيرة الحدوث بينه وبين لورد كرومر، على أن عمله في وزارة المالية وفي وزارة الخارجية ظل عمل موظف أمين كفء حريص على بقاء المساواة في المعاملة بين المصريين جميعًا من غير تمييز بينهم بسبب الجنس أو الدين من غير أن يبرز ليكون محلًّا لحكم التاريخ، حتى كانت سنة ١٨٩٩ إذ وقع مع إنجلترا في ١٩ يناير اتفاقية السودان التي كانت بعض ما حاربه به خصومه في حياته وبعض ما اتخذه قاتله إبراهيم ناصف الورداني حجة له في إقدامه على ارتكاب جريمة القتل السياسي، والتي ما تزال موضع حنق المصريين عليها ونظر كثيرين منهم لها على أنها عمل من أعمال خيانة الوطن.

وقد نعجب إذ نرى بطرس غالي ولم يكن في سنة ١٨٩٩ إلا ناظرًا للخارجية متضامنًا مع سائر زملائه النظار في سياسة الدولة العامة يحمل وحده وزر هذه الاتفاقية، فإخلاء السودان في سنة ١٨٨٤ بأمر إنجلترا واستعادة فتحه بعد ذلك بأمر إنجلترا أيضًا لم يكن من عمل نظارة الخارجية وحدها، بل كان من عمل مجلس النظار كله، وقد كان بطرس وزيرًا للمالية في سنة ١٨٩٣ مع فخري ثم مع رياض باشا الذي ألف الوزارة حلًّا للإشكال بين الخديو ولورد كرومر، ثم انتقل وزيرًا للخارجية لما شكَّل نوبار الوزارة في سنة ١٨٩٤، وظل في منصبه بعد استقالة نوبار وحين شكل مصطفى باشا فهمي الوزارة من جديد، وفي هذه الأثناء كانت الأعمال لاستعادة السودان جارية حتى سقطت الخرطوم وأم درمان وتمت استعادة السودان في سنة ١٨٩٨، فهل يسأل وزير الخارجية وحده إذا هو وقَّع بعد ذلك اتفاقًا باسم حكومته؟!

كان خصومه يقولون: ولكنه المسئول الأول والمباشر، فهو الذي وقع باسمه وبيده، ثم إنه فضلًا عن ذلك كان أكثر من كل الوزراء الذين معه مسئولية لأنه كان أقواهم وأذكاهم وأقدرهم، بل لعله هو الذي أقنعهم بالقبول، وماذا تريد من مصطفى فهمي والذين كانوا معه وهم كانوا مثل الاستماتة والضعف، لقد كان بطرس هو العنصر القوي الوحيد فيهم، فهو لذلك مسئول دونهم، ثم لنقل الحق أيضًا: إن بطرس قبطيٌّ وكان للأقباط زعيمًا، والأقباط كانوا يومئذٍ وفي نظر دعاة الحركة الوطنية المصرية متهمين بممالأة الإنجليز على بلادهم، فبطرس إذًا قد وقع اتفاقية السودان ممالأة للإنجليز وتفريطًا في حقوق بلاده.

كذلك كان يقول خصوم بطرس، وكذلك ما يزال البعض يحسب، ولو في دخيلة نفسه، حرصًا على وحدة الأمة المقدسة في الأيام الحاضرة، لكنَّ للتاريخ حكمًا آخر تجب المجاهرة به إحقاقًا للحق، فمصر يوم اتفاقية السودان كانت تابعة لتركيا وكانت لا تستطيع أن تمضي اتفاقًا تنقص به من سلطتها أو سيادتها على أي جزء من الأجزاء التابعة لها، أو التي كانت تابعة لها وعادت إليها، وقد أبلغت الحكومة المصرية حكومة الباب العالي أن إنجلترا تريد أن تتفق مع مصر اتفاقًا مقصورًا على إدارة السودان؛ لتتمكن بذلك من إلغاء الامتيازات الأجنبية فيه، ولتستطيع بما تبيحه لها الشركة في الإدارة أن تسهر على أملاكها الأفريقية من غير أن يضر ذلك حقوق مصر في السودان باعتباره ولاية منها تابعة لحكم الخديو، وبالرغم من تكرار الكتابة في هذا الأمر إلى الحكومة التركية فإنها لم تحرك ساكنًا ولم تشر بنصيحة ولم تظهر مجرد استعدادها لتعضيد مصر إذا هي وقفت بإزاء إنجلترا موقفًا خاصًّا، وعلى ذلك ألفت مصر نفسها وحيدة بإزاء إنجلترا مضطرة أن تحل معها هذه العقدة بعد أن كانت فرنسا قد ضربت قبيل ذلك في حادثة فاشودة بما قطع كل رجاء في مداخلتها كما انقطع الرجاء في مداخلة غيرها من الدول، مع هذا لم يُخرِج اتفاق يناير سنة ١٨٩٩ السودان من ولاية صاحب عرش مصر ولم يجعل إنجلترا شريكة فيه، بل هو اتفاق مقصور على إدارة السودان بنصه وبتفسير لورد كرومر وغير لورد كرومر من كُتَّاب الإنجليز وساستهم إياه وبتنفيذه في المدة التي تلت عقده، فقد كان حاكم السودان العام — برغم أنه حاكم عسكري في بلاد خاضعة للحكم العرفي — لا ينفذ أمرًا ولا ينشر قانونًا إلا بعد أن يبعث به إلى مجلس النظار في القاهرة، وبعد أن يرد المجلس إليه الأمر أو القانون أو الإرادة السنية كما هي أو منقحة بما تراه الوزارة المصرية، فإذا كان قد حدث بعد ذلك أن استفادت السلطة الإنجليزية من ضعف الوزارات التي وليت الحكم في مصر وأن مدت ادعاءاتها إلى أكثر مما يبيحه اتفاق سنة ١٨٩٩، فليس الذي وقع الاتفاق المذكور في الظروف التي أشرنا إليها مسئولًا عن شيء منها.

هذا هو حكم التاريخ، وهو الحق في أمر اتفاقية السودان وموقف بطرس باشا غالي منها، على أن ما تلاها من نشاط الحركة الوطنية بزعامة المغفور له مصطفى باشا كامل ومن طعنها على المعاهدة واتخاذها ذريعة للهجوم والمقاومة؛ جعل الوزارة المصرية أشد ميلًا للتفاهم مع الإنجليز تفاهمًا يخفف من حدة هذه الحركة إن كان ذلك مستطاعًا، ويقف في وجه طغيانها على النظام وعلى الأمن إذا خشي منها عليهما، ويعطي لاتفاقية السودان معنى غير معناها الأول يخول إنجلترا فيه سلطانًا لم يقصد الاتفاق تخويلها إياه.

وكانت الحركة الوطنية في ذلك الحين متجهة إلى الاستفادة من خلاف الدول، معتمدة على ما يمكن أن يكون لتدخل فرنسا من قيمة في تحرير مصر، وبرغم فشل مرشان عند فاشودة وانسحابه وتضعضع سلطان فرنسا لهذا السبب، فقد ظلت أنظار مصطفى كامل ورجال الحزب الوطني متجهة صوب باريس حتى سنة ١٩٠٤ حين عقد الاتفاق الودي الذي التزمت به فرنسا ألا تعترض إنجلترا في مصر، فلما تم هذا الاتفاق شعر المصريون جميعًا بازدياد مركز إنجلترا في مصر قوة، وكان النظار المصريون المتصلون بالسلطة الإنجليزية في مصر بسبب مراكزهم أكثر من غيرهم شعورًا بهذه القوة، بل إيمانًا بها واستعدادًا لتقديم القرابين لتهدئة ثوائر غضبها.

وفي هذه الظروف بلغ سلطان إنجلترا في مصر أوج قوته، فلم يكن أمر ما — بالغة ما بلغت تفاهته — يُبرَم أو يُنقَض من غير إقرارهم عن طريق موظفيهم الذين احتلوا كل مناصب الدولة الرئيسية والذين كانت لهم الكلمة النافذة على الموظفين المصريين مهما يكن منصب الموظف الإنجليزي صغيرًا ومنصب الموظف المصري كبيرًا، كان تلغراف جرانفل — الذي يقرر أن مشورة إنجلترا واجبة الاتباع في مصر — لا يقف عند ما تبديه الدولة المحتلة عن طريق عميدها من رأي، بل يمتد إلى المستشار الإنجليزي وإلى مفتش الداخلية وإلى ملاحظ الطرق وإلى كل إنجليزي أيًّا كانت مكانته، وبإزاء هذا السلطان الإنجليزي النافذ في مصر كانت الحركة الوطنية المصرية تنمو وتقوى، وكانت الثورة النفسية لشعب مصر الوادع الذي لا يقبل مذلة ولا خضوعًا قد ملأت النفوس حتى كادت تفيض عنها، وكمظهر لهذا التنافر بين السلطة الحاكمة من ناحية والشعب المصري من ناحية أخرى، وقعت حادثة دنشواي باصطدام جماعة من الضباط الإنجليز الذين كانوا يصيدون الحمام في أثناء ذهابهم من القاهرة على الإسكندرية مع أهل قرية دنشواي في يونيو سنة ١٩٠٦ اصطدامًا انتهى إلى موت الكابتن بول الإنجليزي، وإلى تأليف المحكمة المخصوصة برئاسة بطرس باشا غالي الذي كان وزيرًا للحقانية بالنيابة لغياب وزير الحقانية بالإجازة، وإلى صدور وتنفيذ ذلك الحكم الجائر الذي يعتبر مثلًا من أمثلة البربرية والوحشية في أشد عصور الإنسانية ظلامًا، والذي أعدم بموجبه أربعة وجلد ثمانية أمام أنظار أهل دنشواي المفجوعين في أهلهم وعائليهم، عدا الذين زجوا منهم في غيابات السجون.

وكانت رياسة بطرس باشا للمحكمة المخصوصة التي أصدرت الحكم مما أخذ به وليم عليه، ولكن دون لومه ومؤاخذته على اتفاقية السودان، ويقول المدافعون عن بطرس باشا في هذه المسألة: إن حكم دنشواي كان حكمًا سياسيًّا أملته السلطة الإنجليزية التي أمرت بإرسال المشانق قبل أن يصدر، إذ أرادت أن تضرب بكل صرامة وحزم، وإنه كان صادرًا من أغلبية إنجليزية لأعضاء المحكمة، فلم يكن للأقلية الموجودة فيها — بحكم القانون — بُدٌّ من إقراره وتوقيعه، وبطرس باشا كان رئيسًا للمحكمة المخصوصة بحكم القانون الذي ألقى بهذه الرئاسة إلى ناظر الحقانية، فكان لا مفر له من الخضوع لرأي أغلبية الهيئة التي يرأسها والتي أصدرت ذلك الحكم الجائر.

وهذا الدفاع على ظاهره من الوجاهة لا ينهض حجة لتبرير عمل بطرس باشا إلا إذا كان هو معتقدًا عدالة الحكم الذي أصدره وإنسانية تنفيذه مما لا يصدق على رجل كان له من عواطف الخير والإنسانية ما كان لبطرس، ذلك بأن الرجل الذي يجلس رئيسًا لهيئة قضائية يعهد إليها بتطبيق العدل يجب ألا يخضع لصوت غير صوت الضمير ولاعتبار غير اعتبار العدل المجرد من كل هوى، فأما أن كانت المحكمة المخصوصة ليست هيئة قضائية وكانت صورة هزلية لعدل لا وجود له وإنما تملي السياسة أحكامه، فكان حريًّا برجل له ما كان لبطرس من دهاء ومقدرة أن يصل من تخفيف الجور إلى أقل حدوده وألا يرضى هذا التنفيذ الذي بعث إلى قلب الإنسانية جمعاء رعشة اشمئزاز وتقزز واستفز في نفسها أشد المقت لعمل لا يمكن أن يكون من الإنسانية المهذبة ولا من الإنسانية المتوحشة في شيء.

وكان حكم دنشواي خاتمة سيئة لحياة سياسي ماهر هو لورد كرومر، فعلى أثر صدوره وتنفيذه بدأت مكانة إنجلترا — كأُمَّة مدنية ونظام — تتزعزع في نفوس المصريين على اختلاف طبقاتهم، وبعد أن كانت الوكالة البريطانية معتبرة ملجأ العدالة في مصر، وكانت ألوف العرائض والشكاوى ترفع إليها طلبًا للنصفة من ظلم الحكام بل من حيف القضاء؛ تراجع المتظلمون مذعورين أن فتحت أشباح المشانق والمشنوقين والمجالد والمجلودين عيونهم على منظر بشع يتردد الإنسان في التحديق به، بل يولِّي منه فرارًا ويمتلئ منه رعبًا؛ لذلك لم تطق الوزارة الإنجليزية أن تؤيد عميدها في مصر فاضطر إلى الاستقالة في مارس سنة ١٩٠٧ كما اضطرت الحكومة البريطانية إلى الموافقة على العفو — بفضل جهاد مصطفى كامل — عن مسجوني الدنشويين.

وخلف السير الدون غورست لورد كرومر كعميد لإنجلترا في مصر، وأراد أن يسلك فيها سياسة أخرى هي التقرب إلى الخديو الذي كان مؤيدًا حتى يومئذٍ لمصطفى كامل وللحركة الوطنية، وربما خيل إلى السير غورست يومئذٍ أن الخديو كان قديرًا على توجيه حركة مصطفى كامل وجهة أخرى ما دام هو الذي خلق هذه الحركة وغذاها، متناسيًا أن الزعيم الشعبي مرتبط دائمًا بالمبادئ والمثل العليا التي نادى بها ولو اعتقد عدم إمكان تنفيذها، أو لعله قصد بسياسة الاتفاق مع الخديو إلى ما حدث بعدها من انفصال الحزب الوطني عن عباس الثاني ووقوفه منه موقف العداوة الصريحة في بعض الظروف، على كل حال فقد خلقت سياسة غورست في مصر جوًّا جديدًا ووجهت الأنظار إلى نواحٍ لم تكن تتجه إليها طويلًا من قبل.

ومما اتجهت إليه الأنظار يومئذٍ اتجاهًا خاصًّا المطالبة بالدستور وتقرير سيادة الأمة، فقد تألف حزب الأمة وجعلت «الجريدة» — وعلى رأسها الأستاذ لطفي بك السيد — يدعون إلى الدستور بكل ما لديهم من قوة، ويدللون على فساد نظام مجلس الشورى فسادًا بينًا، وإذ كان حزب الأمة يعبر عن الرأي المعتدل في مصر فلم يكن في مقدور الحكومة ألا تستمع له في هذا الشأن، لكن وزارة مصطفى فهمي كانت قد سلخت في دست الأحكام ثلاث عشرة سنة منفذة لسياسة خاصة لا تتفق مع السياسة الجديدة التي جاء بها السير غورست ولا تتفق مع تطور المطامع المصرية؛ لذلك استقالت في سنة ١٩٠٨ وعهد الخديو إلى بطرس باشا بتشكيل الوزارة الجديدة فشكلها، وكانت فاتحة أعماله فيها أن قررت الحكومة علنية جلسات مجلس الشورى وحضور الوزارة المجلس لمناقشة أعماله وللإجابة عَمَّا يوجه إليها من الأسئلة، وأن عينت البرنس حسين كامل (السلطان حسين) رئيسًا للمجلس زيادة لهيبته واحترامه، لكن هذه الخطوة الأولى كانت دون ما تطلب الأمة بمراحل، فلم تخفف لذلك من المطالبة بالدستور بل زادتها قوة واندفاعًا، وإذ كان بطرس يميل إلى تحقيق هذا المطلب فقد سعى سعيه لدى معتمد إنجلترا كي يضع نظامًا يقرب مصر من الحكم الذاتي.

وكان السير غورست لما يصل أمام الرأي العام البريطاني إلى شيء من مثل مكانة لورد كرومر؛ لذلك رأى أن حركة الصحافة حركة عنيفة في مصر قد تحول بينه وبين موافقة الحكومة البريطانية على طلب الحكومة المصرية، كما رأى أن حالة الأمن ليست كذلك مما يؤيده عند وزارة خارجيته؛ لذلك طلب أن يبعث قانون الصحافة الذي سن في سنة ١٨٨٢ مبيحًا للإدارة حق إنذار الصحف وتعطيلها، وأن يوضع قانون النفي الإداري لإرهاب الجناة، والظاهر أن حرص بطرس باشا على تحقيق خطوة جديدة في سبيل الحكم الذاتي كان شديدًا، وكثيرًا ما يلجأ السياسي الشديد الحرص على تحقيق غاية معينة يراها ذات خطر في حياة أمته إلى قبول أشياء لا يقبلها غيره ما دام يعتقدها أشياء مؤقتة قليلًا ضررها إلى جانب الغاية العظيمة المرجوة؛ لذلك لجأ بطرس بإزاء رفض زميليه سعد زغلول ومحمد سعيد لطلب المعتمد البريطاني بعث قانون الصحافة وإصدار قانون النفي الإداري إلى وساطة الخديو عندهما، فأوفد سموه من رجاله من أقنعوهما، فصدر القانونان في سنة ١٩٠٩ فأحدث صدورهما في البلاد دويًّا هائلًا ووقفت الصحافة ووقف الرأي العام يندبان الحرية المضاعة بغير ثمن إلا إرضاء المطامع الإنجليزية في حرصها على قهر مصر وإذلالها.

وامتدت هذه الضجة إلى تناول مسألة كانت تُتَنَاوَل الوقت بعد الوقت في الصحف، ولكنها تُنُوولت هذه المرة بحدة لم يسبق لها نظير؛ ذلك أن الصحافة القبطية في مصر كانت تدافع دائمًا عن بطرس باشا وكانت تتهم الصحافة الإسلامية بالتعصب الديني في مهاجمتها إياه، وكانت النعرة الدينية قوية في ذلك الحين كما قدمنا؛ لذلك كانت العصبية الدينية تدفع الكُتَّاب إلى حدود غير معقولة ولكن لها نظائرها حتى في أشد الأمم تحضرًا، وأقرب هذه النظائر ما لا يزال يبدو الوقت بعد الوقت في صحافة الأمم المسيحية خاصًّا باليهود، وكانت بعض الصحف الإسلامية من جانبها لا تني عن مجاراة الصحف القبطية في هذا المضمار وسبقها، على أن ما وقفنا عليه من مصادر مختلفة أكثرها إسلامي يقنعنا بأن بطرس باشا لم يكن متعصبًا لأبناء طائفته تعصب عداوة لأغلبية البلاد الدينية، يؤيد ذلك أنه لما أنشأ الجمعية الخيرية القبطية في سنة ١٨٨١ كان من بين الخطباء يوم افتتاحها الأستاذ الشيخ محمد عبده والشيخ محمد النجار وعبد الله نديم وغيرهم، وأنه كان بعد ذلك عظيم الوفاء لكثير من أصدقائه المسلمين متصل البر بكثير من العائلات الإسلامية.

من ذلك أنه كان أول من ذهب إلى المغفور له الشيخ سليم البشري على أثر إقالة الخديو إياه من مشيخة الأزهر يسأله ما يستطيع أن يقدمه له من خدمة، وكان كثيرًا ما يقضي حاجات أفراد من المسلمين من غير أن تكون له بهم كبير معرفة، كما كان يصلهم صلة أبناء طائفته، على أن بره بأبناء طائفته أمر طبيعي، وخير ما سمعنا عنه في هذا أنه كان يتوافى للأقباط جميعًا كما كان يتوافى لأفراد من المسلمين، وأنه هو الذي صنع الطائفة القبطية فرفعها من مستواها الضعيف الذي كانت فيه إلى مستوى أسمى منه بكثير، فالجمعيات القبطية والمدارس القبطية والمنشآت الخيرية القبطية يرجع الفضل في أكثرها له هو أكثر مما يرجع لأي شخص آخر، كما يرجع الفضل له في فتح أبواب الوظائف العامة للأقباط أسوة بالمسلمين.

واستمر يتابع — بالاتفاق مع المعتمد الإنجليزي — وضع النظام الجديد للهيئة النيابية المصرية، وقبل أن يتمه كي يصدر القانون به طلبت شركة قناة السويس من الحكومة المصرية مد امتيازها أربعين سنة أخرى بعد سنة ١٩٦٩، وكانت الحكومة المصرية يومئذٍ مستعدة لقبول الطلب، لكن حركة الرأي العام المصري في هذا الشأن كانت قوية اضطر أولو الأمر معها أن يعرضوا المشروع على الجمعية العمومية المصرية وأن يعدوا بأن يكون رأيها فيه قطعيًّا، وفي أثناء نظر هذا المشروع بالجمعية وفي فرصة هياج الرأي العام وتوتر أعصابه، فكر إبراهيم ناصف الورداني في قتل بطرس معتبرًا إياه خائنًا لوطنه بسبب توقيعه اتفاقية السودان ورياسته محكمة دنشواي، روت «الجريدة» الصادرة في ٢١ فبراير سنة ١٩١٠ وصفًا للحادث ما نصه: «بقي — الباشا — كذلك حتى كان يوم أمس نزل كعادته في جماعة من الموظفين، وعند باب نظارة الحقانية صافحهم وانصرف ومعه النائب العمومي، فما كاد يضع رجله على سلم عربته حتى أصابه الرصاص المتعاقب من غدارة شاب لعب الشباب برأسه وتصور ما تصور وتجسمت في نفسه الخيالات، فلم ترُعْه هيبة الوزير ولا وقار الشيخ ولا خوف العقاب … أصابه الرصاص في العنق والكتف والبطن فخرَّ صريعًا، فحمل إلى أودة ناظر الحقانية ثم إلى مستشفى الدكتور ملتون، وهناك زاره سمو الخديو وجميع الوزراء والسير غورست والأمراء وأعيان الأمة وكلهم يرجون له الشفاء العاجل، فلما كانت الساعة السادسة عملت له عملية جراحية لإخراج الرصاصة الباقية، ولكن كانت — مع الأسف — قد نسفت الأمعاء ونفذت في صدر المعدة.»

وقضى — رحمه الله — في الساعة الثامنة والربع من صبيحة يوم ٢١ فبراير سنة ١٩١٠ ودفن في اليوم التالي في مشهد مهيب، واليوم ترقد رفاته في كنيسته القائمة على جانب شارع الملكة نازلي الذي كان من قبل شارع عباس.١

•••

هذه حياة بطرس غالي، والقارئ يرى كيف كانت حياة سياسي عظيم ومحسن كبير، ولئن كان قد أخطأ التقدير في بعض مواقفه فهو لم يقصد يومًا إلى غير خدمة بلاده؛ ولذلك كانت آخر كلمة فاه بها حين احتضاره «يعلم الله أني ما أردت غير الخير لبلادي.» وكانت كلمة حق.

هوامش

(١) شارع رمسيس الآن.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤