الفصل الثاني

(«المندرة» الموجودة في فناء البيت الساكن فيه عبد الستار أفندي. شباك منها يطل على الفناء، وشباك على الشارع. في الصدر باب يؤدي إلى الفناء. خليفة واقف يكنس المندرة. الساعة الثالثة بعد الظهر.)

المشهد الأول

(خليفة – هانم (بعد قليل))
خليفة : ماهو غُلْب فوق الدماغ. يعني موش كفاية صريخ الست وخناق الأفندي لما كمان ابقى ملزوم بكنس وساخة الأرانب والوز والكلاب. طيب المندرة دي أنا باقفلها طول النهار، مين بس بيفتح الباب ويخلي الحيوانات دي تدخل هنا؟! (تدخل هانم.)
هانم : العوافي يا عم خليفة.
خليفة (بغضب) : مين اللي بلا قافية فتح المندرة وخلا الكلاب والأرانب والوز يدخلوا هنا يوسخوا الأرض؟
هانم : إخص عليك يا عم خليفة! بقى بدل ما ترد السلام تقوم تفتح حلقك وتغجَّر. هو أنا عملت لك حاجة؟ يعني زعلان قوي من الكلاب! اسكت اهو عمك فوكس عيَّان.
خليفة : عيان إيه وموش عيان إيه؟
هانم : مانتش خايف ليموت يا عم خليفة؟
خليفة : في ستين داهية.
هانم : في ستين داهية! مانتاش خايف ألا بعدين سيدك عفيفي ينتف دقنك؟
خليفة (سكوت) : يعني صحيح الكلب عيان؟
هانم : آه.
خليفة : بلاش وجع بطن بقى.
هانم : موش عيان قوي. بس مخستك شوية.
خليفة : إنتي بنت تحبي كتر الكلام الفارغ. أنا بدي اعرف مين اللي فتح الباب؟ لازم تكوني انتي.
هانم : لا، خيالي يا عم خليفة.
خليفة : سبحان الله! معناها بلا قافية بتهزري معايا ولَّا إيه! أنا ما اعرفش الكلام ده. أنا راجل كبير.
هانم : كبير في إيه يا عم خليفة؟ في السن ولَّا في المقام؟
خليفة : وبعدين بقى؟
هانم : والنبي يا عم خليفة إنت راجل طيب وذوق وابن ناس. بس موش عارفة ليه لما يطلع خلقك تقوم تنقلب سحنتك، وتبقى كدة أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
خليفة : إنتي حتسكتي ولَّا لأ؟
هانم : أسكت إزاي يا عم خليفة، وأنا كل ما أشوفك قلبي يدق زي رقاص الساعة.
خليفة (وقد سَرَّه الكلام) : طيب بلا قافية وقلبك بيدق ليه؟
هانم : سبحان الله يا عم خليفة! هو حد يشوف وشك الحلو ده ولا يدقش قلبه؟
خليفة : اسكتي يا بنت اسكتي. أستغفر الله العظيم. دنا لسة قايم من صلاة العصر.
هانم : يا سلام عليك يا عم خليفة لما تصلي! دنا والنبي لما اشوفك تصلي أقعد كدة في حالة عجيبة قوي. أبقى مبهوتة قوي. لما أشوف النور وهو بيفج من وشك تقولشي دايخة ولَّا شاربة شربة.
خليفة : يا سلام! دانتي يظهر إنك بنت صالحة قوي.
هانم : قوي قوي يا عم خليفة. اسكت! اسكت! اسكت. يا عم خليفة اسكت أحسن قلبي أهه حيدق، يدق، بيدق قوي. آه. آه يا قلبي بيدق قوي يا عم خليفة بيدق بيدق.
خليفة (يرمي المقشة) : وبعدين يعني! (يقترب منها ثم يرجع) لا. لا. أستغفر الله العظيم.
هانم : والنبي يا عم خليفة إنت حلو قوي، ويظهر إني واقعة فيك خالص. بيدق يا عم خليفة. بيدق قوي. بيدق بيدق.
خليفة : واقعة فيَّ!
هانم : مين اللي تشوفك ولا تقعشي فيك يا عم خليفة، وانت زي البدر ليلة اربعتاشر!
خليفة (يقترب منها) : صحيح؟
هانم : إلا قولي. لازم يا عم خليفة وقعوا فيك نسوان كتير؟
خليفة : كتير قوي قوي (مطرقًا متذكرًا).
هانم (ترفع يده) : احكي لي حكاية حصلت لك.
خليفة : دنا لما كنت صغير كان بلا قافية عليَّ جوز عيون ما كانوش على حد، وكانت خدودي حمر، حمر قوي يبز منها الدم، وكنت نحيف القوام، وكنت أحب النضافة، واد حندوء تمام.
هانم : بالطبع يا عم خليفة باين عليك، باين قوي. بس يعني ليه نزلت دقنك.
خليفة (يضع يده مرة أخرى على عنقها) : يعني بلا قافية دقني مش عجباكي؟
هانم : عجباني قوي. هات لما أبوسها.
خليفة : خدي يا اختي، خدي بوسيها.

(هانم بدل ما تبوسها تضرط فيها وتضحك.)

خليفة : إخص عليك، وانتي بنت قليلة الحيا. اطلعي من هنا، اطلعي.
هانم : آل عمل لي نفسه حلو أبو عنين زي خرم الإبرة، ووش زي قعر الحلة، وجسمه زي جسم العجل.
خليفة : اطلعي برة. برة. أما صحيح ما تختشيش.
هانم : أنا ما اختشيش؟! (تضحك ضحكة نسائية) يعني اللي بيختشي على عرضه يصح انه ينسى الصلا والصوم، ويقعد يحضن في بنت صغيرة زيي؟
خليفة : اطلعي برة لحسن أدق عضمك.
هانم (تضحك) : وقال كمان بدك أبوس دقنك اللي عاملالي زي المقشة الوسخة.
خليفة : اطلعي برة.

المشهد الثاني

(خليفة – هانم – جميلة)
جميلة : جرى إيه يا عم خليفة؟! زعلان ليه؟
هانم : عمك خليفة موش زعلان يا ستي. دا بس الحرارة زايدة عنده شوية.
خليفة : يا ست جميلة أترجاك تقولي للست الكبيرة إني ما اقدرشي أقعد في البيت ده ما دامت البنت القبيحة دي فيه. بقى يصح أنها تعمل فيَّ المغرز ده، وتقبح عليَّ والناس ماشية قدامنا في الشارع؟ هو انتي يا بنتي مانتش شايفاهم؟ (يشير إلى الشباك المطل على الشارع.)
جميلة : أيوة، ليه بس يا عم خليفة؟
خليفة : أهو كدة، يانا ياهيَّ.
جميلة : وليه بس ليه؟
هانم : موش تقول ليه! اعمل معروف هدي أخلاقك وقوم اتوضا وصلي العصر.
خليفة : وحياة النبي وسيدي الجرشاني …
هانم : ما تحلفش يا عم خليفة الحق عليَّ.
جميلة : جرى إيه يا هانم؟! إنتي دايمًا كدة تطلعي خلق عم خليفة! دا راجل قديم البيت ومربينا.
هانم : أيوة راجل عتيق خالص يا ستي.
خليفة : برضو كدة؟ بقى بلا قافية يصح إنها تقول الكلام دا قدامك يا ستي.
جميلة : اختشي يا هانم. روحي شوفي شغلك بلاش كتر كلام وحديت (يدق الباب) يوه! دا باب السكة بيخبط.
خليفة : ياللا اطلعوا فوق لحسن يكون حد من أصحاب أبوكي جه.
جميلة : ياللا يا هانم (يدق الباب).
خليفة : أيوة. أيوة سامع. استنى شوية (يخرج).
جميلة : يا ترى مين اللي جه؟
هانم : حد عارف؟! (تقترب من الشباك المطل على الفناء) يوه! دا الراجل خليفة لسة بيدور على المفتاح في جيوبه، ياللا بينا أحسن بعدين حد يشوفنا.

المشهد الثالث

(خليفة – بليغ)
خليفة (متقدِّمًا إلى الداخل) : اتفضل يا أفندي، اتفضل، آنست وشرفت.
بليغ : عبد الستار أفندي هنا؟
خليفة : كان هنا وخرج. حضرتك بلا قافية مين؟
بليغ : أنا اسمي محمد بليغ.
خليفة : هو انت سي بليغ. اجرن البيت نور. آنست وشرفت يا سي بليغ. اتفضل اقعد اتفضل.
بليغ : لكن الأفندي موش هنا!
خليفة : ده طلب إني أقولك لما تشرَّف إنك تستناه شوية أحسن هو خرج لمسألة ضروري قوي.
بليغ : بقى يعني أستناه؟
خليفة : دا بيتك ومطرحك. داحنا نشيلك على دماغنا يا سي بليغ. هو انا مش عارف ولَّا إيه؟ استنى لما اعملك القهوة.
بليغ (يجلس) : لا. لا. أنا يا عم لا اشرب قهوة ولا دخان.
خليفة : تمام. زي ما قال سيدي. دا مدح لي فيك كتير. موش حضرتك اللي عاوز تتأهل ببنته؟
بليغ : صدقت يا عم. أنا صحيح.
خليفة : إنت بلا قافية نمرة واحد، ولَّا نمرة اتنين؟
بليغ : ويعني إيه الكلام ده؟ هو فيه واحد تاني عاوز يجوز الست جميلة؟
خليفة : أمال! واحد بلا قافية بَأْف اسمه فرحات.
بليغ : إيه؟ فرحات صاحب عفيفي؟!
خليفة : آه. صاحبه يا سيدي. دا مدخَّل في دماغه موش عارف إزاي إنه واد جدع وابن ناس وآل عنده عشرين جنيه في الشهر.
بليغ : وانت تصدق الكلام ده يا عم …؟ من غير مؤاخذة إنت اسمك إيه؟
خليفة : بلا قافية محسوبك خليفة.
بليغ : بقى برضو انت تصدق الكلام دا يا عم خليفة؟
خليفة : ماهي المسألة دي اللي محيراني لأني مانيش عارف أبدًا السبب اللي مخلي عفيفي ماسك قوي في فرحات وعاوز يجوزه أخته.
بليغ : مانتش عارف ليه؟ عشان فرحات مفهِّم عفيفي إنه حيجوِّزه بنت واحد بيه غني خالص.
خليفة : طيب فرحات ده يعرف البهوات منين؟
بليغ : فرحات دا ما يعيش إلا على قفا البهوات.
خليفة : بقى يعني عامل ديل للبهوات؟ فهمت. يعني بلا قافية من الجماعة الصايعين اللي يخدموا أولاد الذوات في الأزبكية.
بليغ : تمام يا عم خليفة تمام.
خليفة : الحمار ده عاوز يجَّوز الست جميلة؟!
بليغ : شوف بس! موش عارف إزاي ضحك على دقن سيدك عفيفي، وفهِّمه إنه ما يجوِّزوش بنت البيه ده إلا إذا جوِّزه عفيفي أخته.
خليفة : ماهو ما تأخذنيش يعني لو قلت لك إن عفيفي بلا قافية مغفل شوية، ولا تأخذنيش كمان لو قلت لك إن العيلة كلها مغفلة.
بليغ : إزاي بقى يا عم خليفة؟
خليفة : دا اللي حاصل يا سي بليغ. اوعى تزعل. أنا بقول الحق. تلاقي عمك عبد الستار يرتعش من مراته، ويموت في جلده لو سمعها تصرخ ولَّا تزعل، وعمك عفيفي عامل لك برنس، برنس تمام. مربيلك شوية كلاب مانيش عارف مسوَّقهم منين، وداير فينا شتيمة وضرب وطحن. أما عمتك نفوسة أعوذ بالله منها — دي حماتك يا سي بليغ بلا قافية — زي وابور زلط وفسد. دي لما تركب على نفَس الواحد ما تسيبوش إلا بسيسة خالص.
بليغ : وبلغني قال إنها موش عاوزة تجوزني بنتها.
خليفة : طبعًا ماهي بلا قافية عاملة كومبانية مع ابنها وبنت المدعوقة الخدامة هانم على المسكين الغلبان عمك عبد الستار. تلاقيه مسكين، إن قال ابيض يقولوا اسود، وإن قال أيوة يقولوا لأ، وإن قال الشمال يقولوا اليمين، وداهيته إنه خوَّاف. خوَّاف قوي يا سي بليغ (ينسى موقفه، ويجلس بجوار بليغ واضعًا رجلًا على رجل) تعرف وحياة أبوك لو كنت أنا منه وتقوم مراتي كدة تزعق لي لكنت اسفخها كدة قلمين (يشير بيديه حركات عنيفة).
بليغ : حاسب يا عم خليفة حاسب.
خليفة : لا مؤاخذة يا سي بليغ دنا بلا قافية افتكرتك نفوسة، وتحسب يعني انها توكله ولا تشوفه أبدًا، دي تمشط الفرخة وطبق الرقاق وتسيب له … إيه … ما تسيبلوش إلا المرقة، وحياة راس أبوك. متغاظ، وعاوز أقوم أرمي الكاينة دي من الشباك. لكن أرجع اقول وانت مالك يا خليفة خليك في حالك.
بليغ : عندك حق يا عم خليفة عندك حق. ومين بقى تبقى هانم؟
خليفة : بلا قافية خدامة من اللي بتشوف كيف أسيادهم.
بليغ : بتشوف كيف مين يعني؟
خليفة : البرنس عفيفي (يسمع قرع الباب الخارجي).
بليغ : الباب بيخبط يا عم خليفة.
خليفة (يصرخ) : مين؟
فرحات (من الخارج) : افتح.
خليفة : عن إذنك يا سي بليغ (يخرج).

المشهد الرابع

(بليغ – جميلة)
بليغ : يا ترى مين اللي جه؟ يكونشي عبد الستار أفندي؟
جميلة (تكلمه من الشباك المطل على الفناء) : بليغ! بليغ!
بليغ : مين؟ جميلة؟ أهلًا بالقمر. أهلًا بست الكل.
جميلة : أنا جاية أقولك إني ما اجوزش غيرك أبدًا، ولو كانوا يشنقوني ما تخافشي يا بليغ. أنا قلبي وروحي معاك.
بليغ : تسلمي يا ستي تسلمي.
جميلة : وانت كمان تحافظ على الود.
بليغ : لحد ما اموت.
جميلة : بعد الشر. حد جَي (تنصرف عن الشباك، ثم يسمع صوت خليفة داخلًا مع فرحات).

المشهد الخامس

(بليغ – فرحات – خليفة)
خليفة (لفرحات) : اتفضل يا سيدي اتفضل. (لبليغ) حضرته فرحات أفندي الخطيب نمرة ٢. (لفرحات) وحضرته بليغ أفندي الخطيب نمرة ١.
بليغ : تشرفنا يا سيدي.
فرحات : تشرفنا. (لخليفة) وإمتى بقى يجي عبد الستار أفندي؟
خليفة : كمان شوية.
فرحات : وسي عفيفي بيه موش هنا؟
خليفة (بأنفة) : لا.
فرحات : والست الكبيرة؟
خليفة : ولا الست الكبيرة.
فرحات : أورايت all right.
خليفة : اتفضل اقعد لما اعمل لك القهوة. (عند الباب) اتوصى به يا سي بليغ.

المشهد السادس

(فرحات – بليغ)

(يمكثان دقيقة بلا كلام. ثم يقوم كل واحد منهما، ويتمشَّى في الغرفة مدة دقيقة، وهما ينظران لبعضهما.)

فرحات (بسماجة) : تجيش نتفق أحسن؟
بليغ : على إيه؟
فرحات : يعني مانتش عارف؟ مافيش داعي لأمور الأوانطة دي.
بليغ : أرجوك إنك تحاسب في الكلام.
فرحات : ما تزعلشي. إنت يظهر إنك أنس قوي. كمان ابن ناس.
بليغ : أنا يا سي فرحات موش متعود إني أسمع الكلام ده، فأرجوك للمرة الأخيرة إنك ما تكلمنيش باللهجة دي.
فرحات : أبدًا وحياة أبوك ما عنديش لهجة أبدًا، وموش فاهم يعني بتزعل ليه؟
بليغ : بلاش هزار. إنت جاي عشان تقابل عبد الستار أفندي موش عشان تقابلني.
فرحات : طيب خلاص انتهينا. (سكوت) يعني ليه بس؟ أنا والله العظيم ما احبِّلكش إلَّا الخير، وليه بقى تزعل وتتخانق؟ موش أحسن يعني نتفق. دا الصلح كويس. (لا يرد بليغ) بتسكت؟ بتسوقها يعني؟ طيب معلهش الله يسامحك. (سكوت) أيوة الله يسامحك. أنا موش فاهم بس إزاي ترفض الاتفاق.
بليغ : هي تجارة يا سي فرحات؟
فرحات : موش قصدي وحياة والدك. لكن شايف يعني …
بليغ : شايف إنك تسكت.
فرحات : طيب.

(يدخل خليفة بالقهوة.)

المشهد السابع

(فرحات – بليغ – خليفة)
خليفة (لفرحات) : اتفضل القهوة.
فرحات : لا والنبي ما يمكن أبدًا. سي بليغ قبله.
خليفة : لا، ماهو بلا قافية ما يشربهاش.
فرحات : إيه؟ إزاي يا سي بليغ؟ ما تشربشي قهوة صحيح؟!
بليغ : صحيح. يا عم خليفة أنا استنيت كتير، وعندي مشاوير بدي أعملها، ورايح ارجع بعد نص ساعة.
خليفة : ماهو لسة بدري يا سي بليغ.
بليغ : لا. معلهش. أنا جاي بعد نص ساعة (يخرج دون أن يسلِّم على فرحات).

المشهد الثامن

(خليفة – فرحات)
فرحات (ينتهي من شرب القهوة) : متشكر يا عم خليفة. يعني بليغ بيه خرج قوام!
خليفة : ويعني بلا قافية عاوزه يقعد يعمل إيه؟
فرحات : ويعني هو حرام لو قعد يآنسنا شوية؟
خليفة : لا. مافيهاش حرمانية. لكن ما دام لا السيد ولا الست ولا ابنهم هنا عاوزه يقعد يعمل إيه؟ بدك بلا قافية تتفلسف مع عمك خليفة؟
فرحات : معناها يعني إنك عاوز تقول لي بصنعة لطافة إني ما اقعدشي أنا راخر؟
خليفة : العفو يا سعادة البيه، العفو. ودا كلام؟ داحنا بنتكلم على بليغ أفندي موش على فرحات بيه.
فرحات : دي إهانة.
خليفة : معلهش يا فرحات بيه. امسحها فيا.
فرحات : أمسحها فيك؟ إنت يا راجل بتهزر معايا ولَّا إيه؟!
خليفة : أهزر معاك؟ معاك انت؟ اوعى تصدق الكلام ده. ما تصدقوش أبدًا يا فرحات بيه. ما تصدقش وحياة ابوك دا انت بِرِي جُود.
فرحات : والله ماني قاعد. استنى شوية. استنى أنا برضو راجع بعد نص ساعة عشان أقابل سيدك وستك وأسبِّب في طردك. في خراب بيتك.
خليفة : ولو كان بلا قافية ماليش بيت؟
فرحات : طيب استنى كمان نص ساعة (يخرج).

المشهد التاسع

(خليفة – ثم هانم)
خليفة : أيوة كدة ما كانشي ناقص إلا انت. كنت مستخبي لنا فين يا سي فرحات (هانم تدخل وهي مذعورة).
هانم : اسكت يا عم خليفة! اسكت يا عم خليفة! يا خراب بيتي وبيتك يا عم خليفة! يادي الداهية الجديدة يا عم خليفة!
خليفة : جرى إيه يا بنت؟
هانم (تلطم وجهَها) : يا مصيبتي ومصيبتك يا عم خليفة! يا ترقيع صداغي وصداغك يا عم خليفة!
خليفة : جرى إيه يا بنت؟ سِتك نفوسة حصل لها أمر الله؟
هانم (تلطم وجهَها وتشنشل) : يا ريت كان كدة يا عم خليفة! يا ريت كان كدة يا عم خليفة!
خليفة : سيدك عبد الستار راح لرحمة ربه؟
هانم : لا يا عم خليفة. يا ريت المصيبة كانت فيه يا عم خليفة.
خليفة : بلا قافية سيدك عفيفي دهسه أوتروبيل؟
هانم : يكون أحسن يا عم خليفة.
خليفة : يا بنت بلاش هلس بقى اطلعي برة. برة.
هانم (تسكت قليلًا، وتتكلم وهي تبكي بعد أن تجلس على الأرض) : اسكت يا عم خليفة اسكت. دي مصيبة كبيرة يا عم خليفة، بكرة تتخرق عيني وعينك يا عم خليفة. بكرة تتنتف دقنك، وتتبهدل عِمتك يا عم خليفة. عِمتك الشريفة، الشريفة قوي.
خليفة : بس موش تقولي!
هانم : اسكت (تبكي) فوكس مات.
خليفة (يصفرُّ وجهُه ويسقط على الكرسي) : فوكس مات! ونروح فين يا هانم؟! نروح فين؟! فوكس مات! الكلب الحلو ده!
هانم : قل لي يا عم خليفة نعمل إيه لما سيدك عفيفي يسمع؟ نعمل إيه؟ دا يطلَّع روحي وروحك.
خليفة (يتهدج صوته) : آه يطلَّع روحي وروحك. يا خسارتك يا فوكس! ياما كنت كلب كويس! اسمعي، تجيش نقول له إنه هرب؟
هانم (بحزن) : ما يصدقش يا عم خليفة. ما يصدقش أبدًا. بكرة وحياة راس أبوك وتربة أمك راح يخرب بيتك.
خليفة (يبكي) : هو انتي فاهمة إني باعيط على فوكس؟ أنا باعيط على خراب بيتك.
هانم : موش انت الباش أغا بتاع الكلاب، وسيدي مسمِّيك كدة؟!
خليفة : موش انتي الدادة بتاعتهم؟! موش مسميكي عفيفي كدة؟!
هانم : ونعمل إيه؟ دا كمان شوية يسمع ويبهدلنا، والكلب والنبي كان حلو.
خليفة (يبكي ويشنشل) : يادي الداهية السودا يا خليفة!
هانم (تبكي وتبتدئ في الشنشلة) : يادي الحوسة الكبيرة يا عم خليفة!
خليفة (يزداد في البكاء) : يا قطع عيشك يا خليفة!
هانم : ما بقاش فيه أمل يا عم خليفة.
خليفة : مافيش غير التربة يا خليفة.
هانم (تبتعد عنه وتضحك وهي تشنشل) : وضحكت عليك يا عم خليفة، والكلب عيان بس يا عم خليفة، وينعل أبوك يا عم خليفة. يابن الكلب يا عم خليفة.

(خليفة يجري وراءها رافعًا المقشة، فتحاوره في أنحاء الغرفة، وعند اقترابها من الباب يكون قد اقترب منها، وتسنح له فرصة فيهوي بالمقشة عليها، ولكنها تتوقاها بخفة فتنزل الضربة على رأس عبد الستار أفندي الذي يكون مندفعًا من الباب إلى الداخل حاملًا في يده ربطة فيها فواكه. أما هانم فتندفع إلى الخارج وتنتثر الفاكهة على الأرض.)

المشهد العاشر

(خليفة – عبد الستار)
عبد الستار : حاسب يا حمار حاسب.
خليفة : بلا قافية دنا بحسبك البنت هانم.
عبد الستار : وهو انت مصرح لك إنك تضرب هانم؟
خليفة : اسكت يا سيدي اسكت، ماهي لخبطت عقلي، وكركبت بطني وخلت حالتي عبرة قوي.
عبد الستار : إن شا الله تكون حتى نتفت دقنك، يصح إنك تضربها؟
خليفة : إيه؟ لحد كدة يعني؟
عبد الستار : وأكتر من كدة. امشي اطلع برة وريني عرض اكتافك. راجل ما تختشيش.
خليفة : دا بلا قافية مافيش حد في البيت يحبك غيري.
عبد الستار : قال يضرب هانم! اطلع برة.
خليفة : الله يسامحك يا سي عبد الستار. أديني طالع (يمشي ثم يقف) دا مافيش في البيت حد يحبك غيري. النهاية، أما أقول لحضرتك فيه اتنين جم سألوا عنك.
عبد الستار : مين ومين؟ لِم الفاكهة معايا.
خليفة : حاضر. (يجمعان الفاكهة المنتثرة على الأرض) بلا قافية واحد اسمه بليغ، والتاني اسمه فرحات.
عبد الستار : الاتنين جم سوا؟ إزاي بقى؟
خليفة : لا. كل واحد جه لواحده.
عبد الستار : طيب اعمل معروف سيبني واطلع.
خليفة : حاضر.
عبد الستار : اسمع. استنى. الست فوق؟
خليفة : لسة ما جاتشي من برة.
عبد الستار (يحتد) : لسة ما جاتشي من برة! ومين اللي قال لها تطلع؟ مين اللي أعطاها الإذن؟
خليفة : أنا عارف؟ أهي قالت إنها حتشتري حاجات من عند سمعان.
عبد الستار : هو معناها إني مانيش سيد البيت لما الست تطلع من غير إذني؟
خليفة : أنا عارف.
عبد الستار : إنت عارف؟! يعني إيه الكلام دا؟
خليفة : وحتزعل عليَّ ليه؟ هو أنا بلا قافية دخلت ولَّا خرجت.
عبد الستار : آل تطلع من غير إذني؟ والله عجايب! (يحتد جدًّا) دا شيء عمري ما سمعت به. إنت سمعت بحاجة زي دي يا خليفة؟
خليفة : في غير البيت ده؟ أبدًا.
عبد الستار : يعني قصدك إني ماليش سلطة في البيت ده؟ كلكم تفتكروا كدة. شيء جميل! وحضرتك كمان تظن إني ماليش سلطة في البيت ده؟ أما إنك راجل ما تختشيش.
خليفة : إنت بلا قافية حتطلع غُلبك عليَّ. ما تشَّطَّر ياخويا على مراتك. اسمع مني. دا انت ماحدش بيحبك في البيت ده غيري.
عبد الستار : أشَّطَّر على مراتي؟ دلوقت تشوف اللي راح أعمله فيها. راح أخزق عينها، بعد ما اخزق عينيك (يحتد جدًّا، ويسير في الغرفة ذهابًا وإيابًا) والله العظيم لانزل عليها بإيدي دول لما أطرشها الدم. معلوم لازم أكفر عيشتها. لازم أوريها الغُلب لازم.

المشهد الحادي عشر

(عبد الستار – خليفة – نفوسة)
نفوسة (داخلة) : مين دي ياخويا اللي حتطرشها الدم وتكفر عيشتها؟
عبد الستار (يهدأ ويبتسم) : إنتي جيتي؟ أهلًا وسهلًا، والنبي غيبتك يا نفوسة كانت طويلة. كنتي فين ياختي؟
نفوسة : قلي، قلي، مين قبله اللي عاوز توريها الغُلْب؟
عبد الستار : دي البنت هانم قعدت تغيظ خليفة وتضحك على دقنه، وقال هو كمان ما يختشيش يقعد يكلمها ويهزر معاها.
نفوسة : ودي إيه الموضة الجديدة دي يا سي خليفة.
خليفة : ماهو بلا قافية …
عبد الستار (مقاطعًا) : اطلع برة بلاش قلبة دماغ. ياللا حالًا.
نفوسة : برة، وروح شوف شغلك.
خليفة : ماهو …
عبد الستار (مقاطعًا) : برة …
نفوسة : ياللا (يخرج خليفة).

المشهد الثاني عشر

(عبد الستار – نفوسة)
نفوسة : هي بقى البنت هانم لقت الهزار بتعاها ما نفعش معاك قامت تجر شكل مع عم خليفة؟ هي البنت ياخويا جرى لها إيه؟ ما تحبش إلا العجايز؟
عبد الستار : والنبي يا حبيبتي دا الواد عفيفي حب بس يغيرك عليَّ.
نفوسة : بس بلا كدب. دنا قلبي مليان منك. معلوم مليان قوي. فيه كل دودة طول كدة.
عبد الستار : ويعني مصدقة صحيح إني بصبصت للبنت دي اللي زي السحلية؟
نفوسة : إنت فاهم يعني إنه في زماني ماحدش بصبص لي؟
عبد الستار : وبعدين في الكلام ده اللي يجعل الدم يفور في وش الجبان.
نفوسة : دنا كان يجرى ورايا يجي ميت جدع، وكنت أمشي في السكة كدة ولا اسألش عنهم.
عبد الستار : دا الكلام يتعدى الحدود.
نفوسة : حدود إيه وسخام الطين إيه؟! أظن إنت بس اللي فاهم نفسك حلو، والنبي أنا أحلى منك. دنا بقِّي خاتم سليمان، وبزازي اخفاق رمان، وعليَّ سيقان …
عبد الستار (مقاطعًا) : عارفهم يا نفوسة عارفهم. إخزي الشيطان وياللا نصطلح.
نفوسة : على إيه ياخويا؟!
عبد الستار (يبتسم ويهدأ) : دنا جيب لك برتقال عال العال.
نفوسة : إديه لهانم.
عبد الستار : والنبي البرتقال ده ما يقرمه إلا اسنانك اللي زي اللولي.
نفوسة : بلا كلام فارغ (تُبدِي الدلال).
عبد الستار : ولا يدوقوش إلا لسانك اللي كله شربات (لنفسه) اللي يستاهل القطع.
نفوسة (تُبدِي دلالًا أكثر) : يوه! يا سلام عليك يا عبد الستار!
عبد الستار : ولا تقشروش إلا صوابعك الحلوة المحنيَّة (لنفسه) اللي عاوزين الصاطور.
نفوسة : طيب دوقني كدة يا عبده.

(عبد الستار يقشر لها البرتقالة فتدخل جميلة.)

المشهد الثالث عشر

(عبد الستار – جميلة – نفوسة)
عبد الستار : أهلًا يا ست جميلة. (تقبِّل يده) تاكليش برتقال ياختي؟ دا برتقال عال العال. (لزوجته) خدي يا نفوسة. خدي يا ستي (يناولها البرتقالة) اقعدي يا جميلة اقعدي.
نفوسة (بعد أن تذوق البرتقال) : برتقال عال العال إيه وزفت الطين إيه؟ دا حادق قوي عمال يلسع في اللسان تقولشي عقربة.
عبد الستار : ده اللي كنت باظن إنه حلو قوي …
نفوسة (مقاطعة) : حلو إيه يا مدهول على عينك! تملي كدة ما تعرفش تعمل حاجة! حتى البرتقال ما تعرفش تشتريه. دا إيه ياخويا الغُلْب ده. دي الحاجة تقول نيني نيني لما يجي الردي يشتريني.
جميلة : معلهش يامَّا خدي واحدة تانية؟ يمكن تكون أحلى من الأولنية.
عبد الستار (يمد يده ببرتقالة أخرى لزوجته) : أيوة يمكن تكون أحلى من الأولنية.
نفوسة : نقي لي واحدة يا جميلة، أحسن إيد أبوكي ما بيسلمشي الواحد منها أبدًا.
جميلة : يا سلام يامَّا! طيب خدي (تعطيها برتقالة).
نفوسة (تبتدئ تقشر فيها) : إلَّا قولي لي يا جميلة. ما سمعتيش ياختي الخبر الجديد؟
جميلة : لا يامَّا.
عبد الستار : هو فيه خبر جديد يا نفوسة؟
نفوسة : بس اسكت إنت. هو انت دايمًا لسانك يدق.
عبد الستار : عندك حق، أديني سكت.
نفوسة (تكون قد ابتدأت في أكل البرتقالة) : أيوة كدة! البرتقالة دي حلوة، تسلم إيدك يا جميلة. ما سمعتيش الخبر الجديد ياختي؟
جميلة : لا يامَّا.
نفوسة : قال البنت هانم امتحنت أبوكي في الحب لقته سقط في البكالوريا، قامت اندارت على عمك خليفة.
عبد الستار : وبعدين بقى يا نفوسة! هُوَّ احنا مش اصطلحنا؟!

المشهد الرابع عشر

(عبد الستار – نفوسة – عفيفي – جميلة)
عفيفي (صارخًا من الخارج) : إزاي الكلب ده يعيى؟ إزاي؟ لازم أهملتوه، دا شيء فظيع. معلوم شيء فظيع.
عبد الستار : مين اللي بيزعق ده؟ يكونش عفيفي؟
عفيفي (من الخارج) : والله العظيم لانتف دقنك، وأبهدل عِمتك، واخبطك حتة علقة عمرك ما دقتها. قول إزاي الكلب ده عيي؟
خليفة (من الخارج) : ماهو بلا قافية عنده إمساك.
عبد الستار : نفوسة، اعملي معروف ياختي، دا الواد يظهر إن خلقه طالع ودلوقت يجي يزفت عيشتي وعيشتك. يا جميلة ياختي خليكي معانا ما تفوتينيش أحسن يظهر إن أخوكي متكهرب شوية.
جميلة : ما تخافشي يابا.
عفيفي (يدخل كئيبًا ثائرًا، ثم يُجِيل نظرةً سريعة في الحاضرين) : إزاي الكلب فوكس يعيى وانتم كلكم طيبين. أنا عارف السبب، عارفه. (لوالدته) حضرتك ما تحبيش كلابي وموش عاوزة حد يعيش في الدنيا إلا الأرانب بتوعك. (لأبيه) وحضرتك عامل صاحب أشغال. رايح فين؟ على الديوان. وجاي منين؟ من الديوان. ولا تسألشي أبدًا عن الكلاب. (لأخته) وحضرتك مانتيش سألة إلا عن جوازك. لأ آخد ده. لأ ما اخدش ده. أمَّا انكم ناس مافيش في قلبكم رحمة. الكلب يا ناس عنده إمساك.
نفوسة : عملتلوش حقنة يابني؟
عفيفي : حقنة إيه يا ولية! دنا اديته شربة.
عبد الستار : ملح إنجليزي ولَّا زيت خروع؟
عفيفي : هو ده يستحمل ملح إنجليزي ولَّا الزيت.
نفوسة : قلت لك يابني اعمل له حقنة.
عفيفي : لا يا ستي اديته شربة مانيزيا. أمَّا نشوف النتيجة. ربنا ياخد بيد فوكس ويشفيه.
نفوسة : يا رب تسمع منه يا رب.
عفيفي : دنا دخلت على مهلي عشان كنت خايف أقلق راحته، ولقيته مسكين مرمي على الأرض مافيش فيه نفس. والله العظيم حالته كانت تقطع القلب، وأنا كنت حاعيط.
نفوسة : يا حسرة قلبي عليك يا فوكس!
عفيفي : مسكين، ولما بقت تجيله نوبة المغص بقى يرفص يرفص ويصوصو ويعوي، تقولش كان بيستنجد بيَّ؟ وبقيت حاطت راسه الحلوة على دراعي، وقعدت أبص له وقعد يبص لي وهو يرفص. دا شيء مؤثر يا ناس، والله شيء مؤثر.
نفوسة : يا ريت المغص ده كان في بطني يا فوكس.
عبد الستار (لنفسه) : يا ريت.
عفيفي : اسكتي يامَّا اسكتي. دا الكلب بقت حالته عبرة. أنا خايف ليموت (يبكي).
نفوسة : يا حباية عيني من جوة يا فوكس. ما تزعلش يا عفوفة ما تزعلش ياخويا. بكرة ربنا ياخد بيده.
عفيفي : لا يا ستي دا الكلب حيموت. يا رب خد بيد مريضنا المحبوب الذي تخفق من أجله القلوب.
جميلة (بصوت منخفض لوالدها) : ايه الجنان ده!
عبد الستار : ماهو احنا يا بنتي محكوم علينا إننا نعيش في المرستان.

المشهد الخامس عشر

(الحاضرون – هانم)

(هانم داخلة وهي تزغرط.)

عفيفي : إيه اللي جرى؟

(هانم تزغرط.)

نفوسة : بتزغرطي ليه؟

(هانم تستمر في الزغرطة.)

عبد الستار : ماتقولي يا هانم جرى إيه؟
هانم : بشرى. بشرى. الشربة عملت مفعولها وفوكس قام يجري. عاوزة البشارة. عاوزة البشارة (تزغرط).

(نفوسة تزغرط.)

عفيفي : الحمد لله الذي أخد بيد مريضنا المحبوب.
عبد الستار : الذي تخفق من أجله القلوب.
نفوسة : والنبي يا هانم لاديكي البشارة بس استني لآخر الشهر.
عبد الستار (هادئًا) : وأنا كمان رايح أعمل ليلة بالتعاليق.
عفيفي : قولوا الحمد لله (يقولون الحمد لله).

المشهد السادس عشر

(الموجودون – خليفة)
خليفة : نمرة واحد جه.
عفيفي : نمرة واحد ده إيه؟
خليفة : بلا قافية الجدع اللي اسمه بليغ.
عبد الستار : قول له يتفضل.
عفيفي : يتفضل يعني إيه؟ يستحيل يعتب المندرة دي. (لنفسه) ابن الكلب عاوز يضيَّع عليَّ جوازة بنت البيه.
عبد الستار : باقولك يا خليفة قول له يتفضل. اخرجي يا جميلة.
عفيفي : يستحيل يدخل.
نفوسة : يستحيل ليه؟ بدي أقابله أسفخ له شوية. إنت خايف منه يا عفوفة؟ لازم نقابله.
عفيفي : صحيح، وفيها إيه؟ قول له يدخل يا خليفة. اخرجي يا جميلة.

(تخرج جميلة وهانم.)

المشهد السابع عشر

(عفيفي – نفوسة – عبد الستار – ثم بليغ)
نفوسة (تضع فوطة على رأسها) : أمَّا أشوف حيعمل إيه؟
عبد الستار : كل خير (يدخل بليغ ومعه خليفة، ثم يذهب خليفة) اتفضل يا سي بليغ.

(بليغ يسلم على عبد الستار وعفيفي، ثم يمد يده بالسلام لنفوسة فتقول له):

نفوسة : إنت يادلعدي مانتش شايف الفوطة على راسي؟ هو مين اللي كان قال لك إني بحب أسلم على الرجالة؟
بليغ : يا ستي ماكنتش عارف، وما جرَّأنيش على كدة إلا سماحك ليَّ بالدخول وانتي في الأودة.
عبد الستار : ما تطولشي معاها يا سي بليغ اتفضل أقعد (يجلسون).
نفوسة : ما يطولشي معايا! ما يطولشي معايا يعني إيه؟! هو أنا موش ست البيت ولَّا إيه؟
عفيفي : يمكن الأفندي ناسي دي.
بليغ : العفو يا سي عفيفي.
عبد الستار : ما تدققش يابني، واعرف إنك في بيت عبد الستار، فإذا كنت تسمع كام كلمة ما يصحش سماعها، معلهش استحمل عشان دقني دي.
بليغ : يا سيدي أنا أستحمل كل حاجة في سبيل راحتك، بس أنا شايف إني جيت في وقت يظهر إنه ماكنش يصح إني آجي فيه.
نفوسة : ما تطولشي يا سي بليغ. حضرتك جاي ليه؟
بليغ : جاي أشوف سي عبد الستار.
نفوسة : بس؟
عبد الستار : قلت لك ما تدققش إذا كنت عاوز تريح روحك. إنت عارف إن بنتي لسة ما بلغتش رشدها، واني انا أبوها اللي في إيده جوازها، وزيادة عن كدة البنت موش عاوزة تجَّوز الجدع التاني.
نفوسة : ومين قالك يا سي عبده إنها مش عاوزة تجَّوزه؟
عبد الستار : احترمي نفسك شوية يا نفوسة.
عفيفي : من امتى اتعلمت الشجاعة دي يا سي عبد الستار؟!
عبد الستار : اختشي يا واد أنا أبوك.
عفيفي : ما يهمنيش.
عبد الستار (لبليغ) : القصد إنك تفهم إنك في بيتك ومطرحك.
نفوسة (تصرخ) : بيته ومطرحه إيه يا راجل؟!
عبد الستار : اختشي يا ولية.
عفيفي (متقدِّمًا نحو أبيه) : إنت عاوز تقبح على أمي يا راجل إنت؟
بليغ (لنفسه) : دي المسألة بقت شديدة.
نفوسة : بيته إيه ومطرحه إيه يا راجل؟! إنت عاوز أطرده وأطردك وراه؟ إنت يا سي بليغ يعني عاوز إني انفتح لك، دنا أغسلك وأنشرك. افهم واعرف إني ما أدكش بنتي أبدًا.
عفيفي : سامع يا سي بليغ؟!
بليغ : مافيش غير إني أنسحب.
عبد الستار : اقعد يا بليغ وافهم واعرف إني صاحب الشأن، واني حجوِّزك بنتي غصبن عن عنين المرة القرشانة دي.
عفيفي : أما انت راجل ما تختشيش! تشتم أمي يا راجل؟!
نفوسة : تهيني يا مدهول؟! تهيني قدام الغُرب؟! والله العظيم ماني عتقاك.
عبد الستار : أهينك واهين ابنك كمان. أنا ماعدتش أخاف من حد (لنفسه) مانيش عارف القوة دي جات لي منين؟
بليغ : يا عبد الستار أفندي مافيش غير إني أنسحب، ونبقى نتقابل بعدين.
عبد الستار : ما كنتش أحب إنك تشوف الفصل ده يا سي بليغ. اعذرني يابني.
عفيفي : خلي الأعذار تتعمل برة. اتفضَّل يا سي بليغ من غير مطرود.
نفوسة : وسع يا سي بليغ. الله ما يبلغك اللي إنت عاوزه.
عبد الستار : موش عاوز أسمع حد منكم يتكلم. أنا هنا صاحب الأمر والنهي.
بليغ : معلهش يا عبد الستار أفندي. نبقى نتقابل مرَّة تانية.
عبد الستار (ذاهبًا معه للباب) : ده بيتك ومطرحك. اعرف إن ده بيتك ومطرحك.
بليغ : بس لحد هنا. لا والله خليك.
عبد الستار : يستحيل. لازم أوصلك لحد باب السكة. اعرف إن ده بيتك ومطرحك (يخرج معه).

المشهد الثامن عشر

(عفيفي – نفوسة – ثم عبد الستار)
عفيفي : أهو كدة راح واتقورت عينه.
نفوسة : في داهية.
عفيفي : لكن مانيش عارف القوة دي جت لَابُويا منين بعد ما كان يخاف مني ومنك زي الفار.
نفوسة : أنا عارفة جت له الشجاعة دي منين (يدخل عبد الستار).
عبد الستار : جات لي منين! جات لي من إني مانيش عاوز أرمي بنتي في إيد الغجري اللي عمال يضحك عليكم كلكم. ياما سيبت لكم كتير، لكن علشان بنتي أنا مستعد (لزوجته) أكسر عضمك (لابنه) وأفلق دماغك.
عفيفي : تفلق دماغي! طيب أما نشوف مين حيفلق دماغ التاني.

المشهد التاسع عشر

(الحاضرون – خليفة – ثم فرحات)
خليفة : بلا قافية نمرة ٢ جه.
عفيفي : فرحات بيه جه. أهلًا وسهلًا. قل له يتفضل.
نفوسة : أيوة قل له يتفضل.
عبد الستار : قل له يشرف، والله لأعمل معاه اللي عملتوه مع بليغ (يخرج خليفة).
نفوسة : تقدر والنبي؟ أخزق عنيك.
عفيفي : أهو وقتها يعرف مين اللي حيفلق دماغ التاني.
فرحات (داخلًا مع خليفة، ثم يخرج خليفة) : نهاركم سعيد. نهار زي القشطة واللبن الحليب.
عفيفي (يتقدم إليه عفيفي مسلمًا) : أهلًا وسهلًا بنسيبي العزيز (سرًّا) بس اوعى تنسى الجوازة بتاعتي.
فرحات : أبدًا دنا بفتكر فيها ليل ونهار.
نفوسة : أهلًا وسهلًا بجوز بنتي (يقبِّل فرحات يدها، ثم يمد يده لعبد الستار).
عبد الستار : حضرتك مانتش عارف إني ما عرفكش، وانه من قلة الأدب والذوق إن واحد يسلم على واحد ما يعرفوش.
فرحات : دنا في بيتك يا بطل.
نفوسة : ما تسألش فيه يا سي فرحات. حاكم سي عبد الستار شر برة وبعيد جاله النهارده اللي ما يسماش.
فرحات : إيه لا سمح الله؟
عفيفي : أصيب بالجنون.
عبد الستار : إذا كان الجنون معناه إني مانيش عاوز أقبلك في بيتي، ولا أشوف وشك، فاعرف يا سيدي إني مجنون، مجنون وابن مجنون كمان.
فرحات : جرى إيه يا سيدنا الأفندي لا سمح الله.
عبد الستار : جرى لي اللي بيجرى لكل أب شايف إن مراته وابنه عاوزين …
نفوسة (تنادي) : بنت يا هانم؟ هانم. هانم.
هانم (من الخارج ومن بعيد) : إيه؟
نفوسة : تعالي.
هانم : حاضر.
نفوسة (لعبد الستار) : برضو يا سي عبده لابسك الشيخ ريحان. صلي على النبي واهدى.
عبد الستار (لفرحات) : أظن يا سي فرحات إن مكوثك في بيتي طال قوي، وبدي أشوف عرض اكتافك.
فرحات : أنا موش عارف بس يا سي عبد الستار زعلان عليَّ ليه؟
عفيفي : ما تسمعش كلامه دا راجل مجنون.

المشهد العشرون

(الحاضرون – هانم)
نفوسة : إنتي جيتي يا هانم. تعالي أما أقول لك (تتقدم نحوها وتقول بصوت منخفض) اسمعي. اقطعي البطيخة اللي حضرتيها للعشا وحطيها في الطبق الكبير، واعملي تلات فناجيل قهوة، وخلي كل ده فوق. إحنا طالعين دلوقت، واطلعي في الدور الفوقاني عند الجيران واطلبي منهم الجونوغراف بتاعهم وحطيه في الفسحة.
هانم : والجونوغراف دا إيه يا ستي؟
نفوسة : مانتيش فاهمة يا بت. العدة اللي بتتحدت لوحدها.
هانم : آه! الفونوغراف. حاضر يا ستي.
نفوسة : ياللا قوام ياللا. (تخرج هانم) يا فرحات بيه اوعى تكون زعلان من الراجل ده. إنت في بيتك ومطرحك، والنبي أنا مانيش عارفة إزاي أقول لك إني منشرحة خالص بحضورك. شرفت بيتي يا جوز بنتي.
فرحات : وهو حد يزعل من حماه يا حماتي؟
عبد الستار : بقى بعد الكلام اللي قلته لك برضو عاوز تقعد. أما إنك واحد مافيش في وشك دم.
فرحات : لا لا لا. أنا ما اسمحش لك أبدًا إنك تقول كدة. دي إهانة.
عفيفي (يقول بشكل تمثيلي) : إهانة يستحق عليها الموت الأحمر (لعبد الستار) إزاي يا راجل تشتم البهوات؟
عبد الستار : قلت لك أنا ما اخافشي من حد. لازم الراجل ده يطلع برة.
عفيفي : وأنا بقولك إن البيه ده حيقعد هنا.
نفوسة : موش حيقعد هنا في المندرة دي. فشر. دا كمان حيطلع فوق في الدور الفوقاني يشرب القهوة، وياكل بطيخ ويسمع الجونوغراف. أما انت تقعد هنا في المندرة تهاتي لوحدك. اتفضل يا فرحات بيه اتفضل.
عفيفي : اتفضل يا نسيبي.
عبد الستار (يقف أمام الباب) : يستحيل يطلع فوق.
عفيفي : باقولك اوعى م السكة وسيب الباب.
عبد الستار : ما اوعاشي ولا اسيبشي. أما أشوف حتعمل فيَّ إيه؟
نفوسة : اوعى م السكة باقول لك. أحسن ما يصحش.
عبد الستار : يستحيل اوعى. يا ناس إنتوا نايمين ولَّا إيه؟ إنتو مافيش في قلبكم رحمة؟ دي بنتك يا نفوسة. دي ضناكي (لفرحات) إنت ناسي إنت مين؟ (لهما) تجوزوها إزاي يا ناس للراجل ده؟! (لفرحات) دانت الواحد … الواحد يخجل … دانت من الجماعة اللي ما يقولوش لهم السلام عليكم. ياخي روح غور. (لعفيفي) يا عفيفي دي أختك من لحمك ومن دمك، يا ناس اتقوا ربكم. أروح فين يا ناس؟! يا جماعة، ياهو، يا أهل الخير. (لفرحات) اطلع من بيتي يا راجل. إنت جاي تخرب عليَّ. (لعفيفي) موش أنا اللي مربيك يا عفيفي؟! موش أنا أبوك؟! إخص عليك. أما تربية شلق. أما مالكش أصل. إنت جيت لي منين يا واد؟ حدش سمع إن أم تجني على بنتها، وان أخ يدبح أخته (يشمر ويتهيأ للضرب) والله لوريكم، والله لاخزق عنيكم واعمل واسوي اللي لسة ما تعمل فيكم (بين كل كلمة وأخرى تقول له نفوسة إذا وجَّه لها الكلام):
نفوسة : حاتروح ولَّا لأ (تتقدم إليه، وهي ترتجف من الغيظ، ثم تمد يدها نحوه).
عبد الستار (يبتعد بأنفة من الباب) : أديني وعيت. موش اني ابتعدت من الباب عشان خايف منكم. أبدًا. اوعوا تصدقوا كدة. اتفضلوا اطلعوا. لكن حتشوفوا إيه اللي حيجرى لكم بعدين (يضحكون).
فرحات : ماكنتش أظنك جبان كدة يا حمايا!
عفيفي : موش قلت لك إنه مصاب بالجنون.
نفوسة : موش قلنا لك لابسه الشيخ ريحان (يخرجون).

المشهد الحادي والعشرون

(عبد الستار – ثم خليفة)
عبد الستار (منفردًا) : كدة يا عبد الستار تخاف منهم وتظهر الجبن! برضو إنت وعدت نفسك بكدة! وبعدين؟ ماهي البنت بنتي، وماحدش يقدر يجوِّزها غصب عني. لكن الخوف والجبن اللي ربنا بليك بيهم! يعني ليه يا ربي بس. أديك قدرتني على الخناق والزعيق. إمتى يا رب تقدرني على الضرب. يا رب. يا رب. بقى يا ربي مافيش حد في البيت ده يحبني.
خليفة (داخلًا) : موش قلت لك إن ماحدش يحبك في البيت ده غيري.
عبد الستار : خليفة. خليفة إنت جيت في وقتك يا خليفة. سمعت يا خليفة اللي قالوه؟! شفت يا خليفة اللي عملوه؟!
خليفة : ما تخافشي يا سيدي. اللي خلقك ما ينساكش.
عبد الستار : واعمل إيه يا خليفة؟
خليفة : اتكل على ربك، وبلا قافية عليَّ.
عبد الستار : صحيح أتكل عليك؟
خليفة : أنا معاك دايمًا على الحلوة والمرة.
عبد الستار : ما بقاش ليَّ غيرك يا خليفة. تعالى اما ابوسك يا خليفة.
خليفة : دا انت بلا قافية سيدي وتاج راسي (يتعانقان ويقولان بالتبادل):
عبد الستار : دا انت ابن البيت يا خليفة (يعانقه ويقبِّله).
خليفة : دا انت بلا قافية أبو الكل يا سيدي (يعانقه ويقبِّله).
عبد الستار : وانت إيدي اليمين يا خليفة (يعانقه ويقبِّله).
خليفة : وانت صعبان عليَّ يا سيدي (يعانقه ويقبِّله، وعند ذلك تكون الستار قد نزلت تمامًا).
(ستار)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤