تنبيه من المؤلف

يتطلب الوقوف على الأبواب الأربعة الأولى من هذا السفر١ أن يلاحظ أن ما أدعوه «فضيلة» في الجمهورية هو حب الوطن؛ أي: حب المساواة، وليس هذا فضيلة خلقية، ولا فضيلة نصرانية، مطلقًا، بل فضيلة سياسية، وهذا هو النابض٢ الذي يُحرك الحكومة الجمهورية، كما أن «الشرف» هو النابض الذي يُحرك الحكومة الملكية، ولذا سميت حب الوطن والمساواة بالفضيلة السياسية، وكانت لدي أفكار جديدة، فوجب أن أجد كلمات جديدة، أو أن أجعل للكلمات القديمة معاني جديدة، وذهب من لم يدرك هذا إلى أنني قلت أمورًا مخالفة للصواب مُنكِّدة في جميع بلاد العالم؛ وذلك لأن الأخلاق هي ما يُراد في جميع بلاد العالم.

ثم يجب أن ينتبه إلى وجود فرق كبير بين أن يقال: إن بعض الخصال أو تحول النفس أو الفضيلة ليس النابض الذي يحرك الحكومة، أو يقال بعدم وجود ذلك في الحكومة مطلقًا، وإذا قلت: إن هذا الدولاب أو هذه العجيلة المسننة، ليس النابض الذي يُحرك هذه الساعة فهل يستنبط من هذا خلو الساعة من ذلك؟

يبعد نفي الفضائل الخلقية والنصرانية عن الحكومة الملكية بعد نفي وجود الفضيلة السياسية عنها، والخلاصة هي أن الشرف موجود في الجمهورية وإن كانت الفضيلة السياسية نابضها، وأن الفضيلة السياسية موجودة في الملكية وإن كان الشرف نابضها.

ثم إن رجل الخير الذي تكلمت عنه في الفصل الخامس من الباب الثالث ليس رجل الخير النصراني، بل رجل الخير السياسي المتصف بالفضيلة السياسية التي حدثت عنها، وهذا هو الرجل الذي يحب قوانين بلده والذي يسير عن حب لقوانين بلده، وقد كشفت النقاب عن جميع هذه الأمور في هذه الطبعة ممعنًا في تحديد الأفكار، واضعًا كلمة «الفضيلة السياسية» في معظم المحال التي استعملتُ فيها كلمة «الفضيلة».

هوامش

(١) كان عنوان الطبعة الأولى لهذا الكتاب: «روح الشرائع أو الصلة التي يجب أن تكون بين القوانين ونظام كل حكومة والطبائع والإقليم والديانة والتجارة … إلخ» فأضاف المؤلف إلى ذلك: «مباحث جديدة عن القوانين الرومانية حول المواريث وعن القوانين الفرنسية والقوانين الإقطاعية».
(٢) النابض (Ressort): هو آلة الساعة التي تحرك دواليبها وتعرف بالزنبرك.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤