الفصل الثاني

الحرب

حياة الدول كحياة الأفراد، فكما أنه يحق للناس أن يقتلوا في حال الدفاع الطبيعي يحق للدول أن تحارب حفظًا لنفسها.

ويحق لي أن أقتل عن دفاع طبيعي؛ وذلك لأن حياتي لي كما أن حياة الذي يهجم عليَّ هي له، والدولة، كذلك، تحارب؛ لأن بقاءها حق ككل بقاء آخر.

ولا يستلزم حق الدفاع الطبيعي بين الأهلين ضرورة الهجوم مطلقًا، وليس للأهلين غير الالتجاء إلى المحاكم بدلًا من الهجوم، وهم لا يستطيعون ممارسة حق هذا الدفاع، إذن، في غير الأحوال العابرة التي يهلك فيها إذا ما انتظر عون القوانين، غير أن حق الدفاع الطبيعي بين المجتمعات يقتضي ضرورة الهجوم أحيانًا، وذلك عندما ترى أمة أن السلم الطويلة تجعل أمة أخرى في حال تقضي معه عليها فيكون الهجوم في هذا الحين وسيلة وحيدة لمنع هذا الإبادة.

ومن ثم يحق للمجتمعات الصغيرة في الغالب أن تحارب المجتمعات الكبيرة؛ وذلك لأنها تكون غالبًا، في حال تخشى معه أن تباد.

إذن، يشتق حق الحرب من الضرورة والعدل الصارم، وإذا كان من يوجهون ضمير الأمراء أو آراؤهم لا يقفون عند هذا الحد، ضاع كل شيء، وعندما يستند إلى مبادئ مرادية للمجد واللياقة والمنفعة تغمر الأرض سيول من الدماء.

ولا يُحدث عن مجد الأمير على الخصوص، فمجده يقوم على زهوه، وهذا هوى، لا حق شرعي.

نعم، قد يؤدي صيت سلطته إلى زيادة قوى دولته، غير أن شهرة عدله تزيد هذه القوى مع ذلك.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤