الفصل الحادي عشر

ملوك في أزمنة الأبطال لدى الأغارقة

لقد قام في أزمنة الأبطال لدى الأغارقة نوع من الملكية لم يدم،١ وكان أولئك الذين اخترعوا صنائع وقاتلوا في سبيل الشعب وجمعوا أناسًا مفرقين أو أعطوهم أرضين يفوزون بالمملكة في سبيل أنفسهم وينقلونها إلى أولادهم، وكانوا ملوكًا وكهنة وقضاة، وهذه هي إحدى الملكيات الخمس التي يحدثنا عنها أرسطو،٢ وهذه هي المملكة الوحيدة التي يمكن أن تثير فكرة النظام الملكي، غير أن رسم هذا النظام هو على النقيض من رسم ملكياتنا الحاضرة.
وكان توزيع السلطات الثلاث قائمًا هنالك على وجه تكون به السلطة الاشتراعية للشعب٣ والسلطة التنفيذية مع سلطة القضاء للملك، وذلك بدلًا من أن تكون سلطة التنفيذ والاشتراع، أو قسم من السلطة الاشتراعية، للأمير في الملكيات التي نعرفها، ولكن من غير أن يقوم الأمير بالقضاء.
وكان توزيع السلطات الثلاث في حكومة الملوك في أزمنة الأبطال سيئًا، وما كانت هذه الملكيات لتستطيع البقاء؛ وذلك لأن الشعب، منذ صار صاحب الاشتراع،٤ كان يستطيع القضاء على الملكية عند أقل هوى وذلك كما صنع في كل مكان.

ويكون أبدع ما في الاشتراع هو أن يعرف جيدًا وضع سلطة القضاء في محلها، وذلك لدى شعب حر صاحبٍ لحق السلطة الاشتراعية، وذلك لدى شعب محصور في مدينة حيث يصبح كل أمر ممقوت أدعى إلى المقت أيضًا، ولكن أسوأ ما تكون سلطة القضاء عليه هو أن تصبح قبضة صاحب السلطة التنفيذية، وذلك لما يُصبح الملك عليه من هول منذ تلك الساعة، ولكن بما أنه لم يكن صاحب الاشتراع في الوقت نفسه لم يستطع أن يدافع عن نفسه تجاه الاشتراع، وقد كان كثير السلطان، والسلطان لم يكن عنده كافيًا.

وكان من الأمور التي لم تكتشف بعد هو أن تعيين القضاة واجب الأمير الحقيقي، لا أن يقضي بنفسه، وسياسة عكس هذه جعلت حكومة الفرد أمرًا لا يطاق، فطرد جميع هؤلاء الملوك، ولم يتصور الأغارقة توزيع السلطات الحقيقي في حكومة الفرد مطلقًا، وهم لم يتصوروها في غير حكومة الناس الكثيرين، وقد دعوا هذا النوع من النظام بالضابطة.

هوامش

(١) أرسطو، السياسة، باب ٣، فصل ١٤.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) انظر إلى ما قال پلوتارك، حياة ثيزه، فصل ٨، انظر إلى توسيديد أيضًا، باب ١.
(٤) انظر إلى أرسطو، السياسة، باب ٤، فصل ٨.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤