الضرائب في البلدان التي لم تقل بعبودية الأرض مطلقًا
إذا كان جميع الأفراد في الدولة مواطنين، وكان كل واحد منهم يحوز بملكه ما يحوز الأمير هنالك بدولته، فإن من الممكن أن تُفرض ضرائب على الأشخاص أو على الأرضين أو على السلع، أو على اثنين من هذه الأشياء، أو على هذه الأشياء الثلاثة معًا.
وتُوضع جداول مشتملة على أصناف الأرضين في ضريبتها، ولكنه يصعب جدًّا أن تُعرف هذه الفروق، وأصعب من ذلك أن يوجد أناس لا يهمهم عدم معرفتها، ويُوجد هنالك نوعان للظلم إذن: ظلم الإنسان وظلم الشيء، غير أن الضريبة إذا لم تكن مفرطة على العموم، غير أنه إذا ما ترك للشعب من الحاجي ما هو وافر، فإن ذينك الجورين الخاصين لا يكونان أمرًا يُؤبه له، وإذا ما كان العكس، فلم يترك للشعب غير ما يحتاج إليه ليعيش على أسوأ حال، فإنه يكون لأقل تفاوت أعظم نتيجة.
وإذا كان بعض الأهلين لا يدفعون ما فيه الكفاية فإن الشر لا يكون عظيمًا ما عاد يسرهم إلى الجمهور دائمًا، وإذا ما دفع بعض الأفراد كثيرًا فإن بوارهم ينقلب على الجمهور، وإذا ما جعلت الدولة مالها مناسبًا لمال الأفراد لم يلبث يسر الأفراد أن يزيد مالها، وكل شيء يتوقف على الحال، أو تبدأ الدولة بإفقار الرعية لتغتني؟ أو هل تنتظر أن يُغنيها بعض الرعايا على مهل! وهل تكون المنفعة الأولى لها أو المنفعة الثانية؟ وهل تبدأ بأن تكون غنية، أو تنتهي بأن تكون كذلك؟
وفي أوروبة مملكتان فرضت فيهما ضرائب شديدة على المشروبات، فصانعها وحده هو الذي يؤديها في إحداهما، وهي تُجبى من الأخرى من جميع الرعايا المستهلكين بلا تمييز، ولا أحد في الأولى يشعر بشدة الضريبة، وهي تعد في الثانية ثقيلة، ولا يشعر المواطن في تلك بغير حريته في عدم الدفع، ولا يشعر المواطن في الثانية بغير الضرورة التي تكرهه على ذلك.
ثم إنه لا بد من التحريات الدائمة في منزل المواطن حتى يدفع، ولا شيء أكثر مخالفة للحرية من هذا، وليس لدى الذين يفرضون هذه الأنواع من الضرائب سعادة لقاء أحسن أنواع الإدارة من هذه الناحية.
هوامش
تاسيت، الحوليات، باب ٨، فصل ٣١.