العتقاء والخِصيان
وهكذا فإن من المفيد في حكومة جملة الناس، في الغالب، أن يكون وضع العتقاء دون وضع الأحرار قليلًا، وأن تعمل الحكومة على نزع ضجرهم من حالهم، بيد أن الترف والسلطان المرادي في حكومة الفرد إذا ما سادا لم يكن ما يُعمل في الأمر من هذه الناحية، ويظهر العتقاء فوق الأحرار دائمًا تقريبًا، فهم يسيطرون على بلاط الأمير وقصور الكبراء، وبما أنهم يكونون دارسين لضعف مولاهم من دون فضائله فإنهم يجعلونه مسيطرًا بضعفه، لا بفضائله، وهذا ما كان عليه العتقاء في رومة أيام الأباطرة.
وإذا كان أهم العبيد خصيانًا فإنه لا ينظر إليهم كعتقاء مطلقًا مهما أعطوا من امتياز، وذلك بما أنهم لا يستطيعون أن يكونوا أصحاب أسرة فإنهم يرتبطون في أسرة ما بطبيعتهم، وهم لا يعدون مواطنين إلا بنوع من الوهم.
وهكذا توكل الحاكميات إلى هؤلاء الناس؛ لأنه ليس لهم أسرة مطلقًا، وهكذا يباح لهم الزواج، من ناحية أخرى؛ لأنهم قابضون على الحاكميات.
وحينئذ تريد الحواس التي تبقى أن تقوم، بعناد، مقام ما فُقد، وحينئذ تكون محاولات اليأس ضربًا من الاستمتاع، وهكذا يجد ملتن أن هذه النفس التي لا يبقى لها غير الرغائب والتي تطلع على تعطلها تُريد أن تتمتع بعجزها ذاته.
وترى في تاريخ الصين قوانين كثيرة وضعت لنزع جميع المناصب المدنية والعسكرية من الخصيان، غير أنهم يعودون دائمًا، فيظهر أن الخصيان في الشرق شر لا بد منه.