القوانين الخاصة بطبيعة الدولة المستبدة
ويُروى أن أحد البابوات أحس عجزه حين انتخابه فأوجب في بدء الأمر مصاعب لا حد لها، ثم جنح فسلم جميع الأمور إلى ابن عمه، ويثير هذا عجبه فيقول: «لم أظن قط أن يكون الأمر سهلًا بهذا المقدار»، وقل مثل هذا عن أمراء الشرق، فإذا ما أُخرج هؤلاء من ذلك السجن، حيث أضعفهم الخصيان قلبًا وروحًا وتركوهم ينسون حتى حالهم غالبًا، وذلك ليرفعوا على العرش، بهتوا في البداءة، ولكنهم إذا ما نصبوا وزيرًا وانقادوا لأشد الشهوات بهيمية في قصرهم، ولكنهم إذا ما اتبعوا أكثر الأهواء حماقة في بلاط كامد، لم يكونوا ليظنوا قط أن يكون الأمر سهلًا بهذا المقدار.
وكلما كانت هذه الإمبراطورية واسعة عظم البلاط وأسكر الأمير باللذات نتيجة، وهكذا كلما كان للأمير في هذه الدول رعايا كثيرون للحكم فيهم قل تفكير الأمير في الحكومة، وهكذا كلما عظمت الأمور في هذه الدول قل التشاور حول الأمور.