أهلية الرومان للتجارة
لم تلاحَظ في الرومان غَيرةٌ حَوْل التجارة، فهم قد هاجموا قرطاجة أمة منافسة، لا أمة تاجرة، وهم ساعدوا المدن التي كانت تقوم بالتجارة وإن لم تكن تابعة، وهكذا زادوا سلطان مَرْسيلية بتخليهم عن بلاد كثيرة، وهم كانوا يخشون كل شيء من البرابرة، ولم يخشوا شيئًا من شعب تاجر، ثم كانت تُبعدهم من التجارة أهليتهم ومجدهم وتربيتهم العسكرية وشكل حكومتهم.
ولم يكن ليعنى في المدن بغير الحروب والانتخابات والمكايد والقضايا، ولم يكن ليعنَى في الأرياف بغير الزراعة، وما في الولايات من حكومة قاسية طاغية كان يناقض التجارة.
وأعْلَم جيدًا وجود أناس مُفعَمين بالرأيين الآتيين وهما: كون التجارة أنفع ما في العالم لدولة، وأن الرومان كانوا أصحاب أحسن ضابطة في العالم، فظنوا أن الرومان شجَّعوا التجارة وأكرموها كثيرًا، ولكن الحقيقة هي أنهم فكروا فيها نادرًا.