الطبائع الخاصة بالمبارزات
قامت صِلَتُنا بالنساء على ما يرتبط في لذة الحواس من سعادة، وعلى ما يجده المرء من فتون في أن يُحِبَّ ويُحَبَّ، وعلى رغبته في أن يروقهن، وذلك لأنهن قاضيات مُنَوَّرات حول قسم من الأمور التي تتألف المزية الشخصية منها، وتُسفِر هذه الرغبة العامة في الروقان عن الرقة التي ليست الحب مطلقًا، بل الظرف، بل الخفة، بل دوام فِرْيةِ الغرام.
والحب أكثر اتجاهًا نحو أحد هذه الأمور الثلاثة مما نحو الأمرين الآخرين، وذلك وفق مختلف الأحوال في كل أمة وكل عصر، والحق أنني أقول إن روح الرقة في زمن مبارزاتنا هي التي وجب أن تقبض على قُوًى.
ومن هناك ظهر نظام الفروسية العجيب، وفُتِحت جميع النفوس لهذه الخواطر، فرُئِي في الأقاصيص بطائن وفرسان وحوريات، وخيل مجنحة أو عاقلة، ورجال خافون أو لا يُجرَحون، وسحرة يكترثون لولادة العظماء وتربيتهم، وقصور مسحورة أو صاحية، ورُئي في عالمنا عالم جديد، ومجرى الطبيعة العادي وحده متروك لعوام الناس.
ومن الفرسان أناس مسلحون في قسم من العالم، دائمًا، حافل بالقصور والحصون وقطَّاع السابلة، فكانوا يجدون من الشرف أن يجازوا على الجَوْر وأن يدافعوا عن الضعف، ومن هنا، أيضًا، ما يُرَى في أقاصيصنا من اللطف القائم على فكرة الحب المضافة إلى فكرة القوة والحماية.
وهكذا نشأ اللطف، عند تَمَثُل أناس ممتازين يبصرون الفضيلة مقرونة بالجمال والضعف فيُحمَلون بذلك على تعريض أنفسهم للأخطار في سبيلها، وأن يرُوقوها في أعمال الحياة العادية.
وتُصانع رواياتُنا عن الفروسية عن هذه الرغبة في الروقان، فأنعمت على قسم من أوربة بروح اللطف التي لم يعرفها القدماء إلا قليلًا كما يمكن أن يقال.
ودامت هذه الروح بعادة ألعاب الفروسة الجامعة بين سُنن الإقدام وسنن الحب فمنحت الرقة أهمية عظيمة.