الفصل الرابع والثلاثون

كيف صارت طرق المرافعات سرية

أدت المبارزات إلى إدخال شكل علني من طُرُق المرافعات، وكان كل من الهجوم والدفاع معروفًا على السواء، قال بومانوار:١ «يجب على الشهود أن يؤدوا شهادتهم أمام الجميع.»

ويقول مفسر بوتِييَّه إنه عَلِم من قدماء الخبراء ومن بعض القضايا القديمة المرقومة باليد أن القضايا الجنائية في فرنسة كانت تتم علانية وعلى وجه لا يختلف عن أحكام الرومان العلنية مطلقًا، وكان هذا موصولًا بجهل الكتابة الشائع في تلك الأزمنة، ويقف استعمال الكتابة الأفكار، ويمكن أن يوجب السر، ولكن إذا لم يقع هذا الاستعمال لم يكن غير علانية طرق المرافعات ما يمكن أن يؤدي إلى تثبيت تلك الأفكار.

وبما أن من الممكن أن يكون هنالك شك حول ما حُكِم فيه٢ من قِبَل رجال، أو خوصِم فيه أمام رجال، فإن من الممكن أن يُذكَّر بذلك في كل مرة تُعقَد فيها المحكمة، وذلك بما يُسمى طُرُق المرافعات بالاستشهاد،٣ ففي هذه الحال لا يؤذَن في استدعاء الشهود إلى المبارزة لما يؤدِّي إليه هذا من عدم انتهاء القضايا.

وبعد ذلك انتُحل طراز المرافعة السرية، وكل شيء كان علنيًّا، وكل شيء أصبح خفيًّا، وذلك من استنطاق وتحقيق، وتلاوة شهادة وموافقة عليها من قِبَل الشاهد، ومن مواجهة واستنتاج المدعي العام، وهذا هو عُرْف الزمن الحاضر، ويلائم طراز المرافعات الأول حكومة ذلك الزمن، كما أن الطراز الجديد يلائم الحكومة التي قامت بعدئذ.

ويجعل مفسِّر بوتييِّه مرسوم سنة ١٥٣٩ تاريخ هذا التحويل، وأرى أنه تم بالتدريج وأنه انتقل من سنيوريةِ إلى سنيورية كلما عَدَل السنيورات عن المنهاج القديم في القضاء وكلما سار ما استُنْبِط من «نظامات» سان لويس نحو الكمال، والواقع أن بومانوار٤ يقول إن سماع الشهود علنًا لم يقع إلا في الأحوال التي كان يمكن أن تقدَّم فيها عهود الصراع، وأما في الأحوال الأخرى فكانوا يُرَوْن سرًّا، وكانت تسجل أقوالُهُم كتابة، فطُرُقُ المرافعات أصبحت سِرية، إذن، عندما عادت عهود الصراع لا تكون.

هوامش

(١) فصل ٦١، صفحة ٣١٥.
(٢) كما قال بومانوار، فصل ٣٩، صفحة ٢٠٩.
(٣) كان يثبت بالشهود ما كان قد وقع أو قيل أو أمر به في القضاء.
(٤) فصل ٣٩، صفحة ٢١٨.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤