كيف أُصلِحت الحكومة المدنية؟
رأينا الأمة تُبدي — حتى الآن — شواهدَ خِفَّة وعدم صبر حول اختيار سادتها وسلوكهم، ورأيناها تسوِّي ما بين سادتها من خلاف، وتفرض عليهم واجب الصلح، ولكن الأمة صنعت الآن ما كان لا يُرَى، فقد ألقت نظرًا على وضعها الحاضر، ودرست قوانينها باعتدال دم، وتداركت نقصها ووَقَفَت العنفَ ونظَّمت السلطة.
وما اتفق لفريديغُونْد وبرُونْهُول من وصايات على العرش رجوليةٍ جريئةٍ ماجنة كان أقل بَهْتًا لهذه الأمة من إنذارها، وما صدر عن فريديغوند من خبائث دافعت عنه بخبائثها ذاتها، فسوَّغت السم والقتل بالسم والقتل، وقد سارت على وجهٍ كانت به مظالمها خاصة أكثر من أن تكون عامة، وقد أتت فريديغوند كثير شرور، وقد كانت برونهول أكثر إخافة بها، ولم تكتف الأمة في هذه الأزمة بوضع النظام في الحكومة الإقطاعية، فقد أرادت توطيد حكومتها المدنية أيضًا؛ وذلك لأن هذه الحكومة كانت أكثر فسادًا من الأخرى، وكان خطر هذا الفساد على قدر قِدَمه، وكان سوء الأخلاق أدعى إلى هذا الفساد من سوء استعمال القوانين كما يظهر.
- (١) لقد نُصَّ فيه على أن الملك يُبْقِي البراءات التي مُنِحَتْها الكنائسُ من قِبَل أبيه وجدِّه،٧ فأي البراءات كان يُمْكِن أن يُنْعِم بها على الكنائس جد كلوتير الأول — شِلْدِريك — الذي لم يكن نصرانيًّا، والذي كان يعيش قبل تأسيس المملكة؟ غير أن هذا المرسوم إذا ما عُزِي إلى كلوتير الثاني وجد كلوتير الأول جدًّا له، وُجِدَ هذا الجدُّ الذي قدَّم إلى الكنائس أَعطيةً عظيمةً تكفيرًا عن قتل ابنه كرَامْن الذي أمر بحرقه مع زوجه وأولاده.
- (٢) لقد بقيت المفاسد التي أصلحها هذا النظام بعد كلوتير الأول، حتى إنها بلغت حدَّها في ضعف عهد غونتران، وفي جور عهد شلبريك وفي وصايات فريديغوند وبرونهول الممقوتة، والواقع كيف كانت الأمة تستطيع احتمال فظائع محرمة من غير أن ترفع عقيرتها عند رجوع هذه الفظائع باستمرار؟ وكيف لا تَصْنَع الآن ما صنعت حينما عاد شلبريك الثاني٨ إلى سابق مظالمه فحملتْه على الأمر بأن يُتَّبَع القانون والعادات في الأحكام كما كان يُصْنَع سابقًا؟٩
- (٣)
ثم لم يكن هذا النظام الذي وُضِع لتقويم المظالم ليخُصَّ كلوتير الأول ما خلت المملكة من الشكاوى في عهده من هذه الناحية، وما توطَّد سلطانه كثيرًا في الزمن الذي جُعِل فيه هذا النظام، وذلك بدلًا من ملاءمته الحوادث التي نشأت في عهد كلوتير الثاني فأدَّت إلى ثورة عن حال المملكة السياسي، فيجب تنوير التاريخ بالقوانين وتنوير القوانين بالتاريخ.