الفصل الثامن

الاتهامات في مختلف الحكومات

كان يُسمح في رومة١ للمواطن أن يتهم مواطنًا آخر، وقد وضع هذا وفق روح الجمهورية القائلة: إنه يجب أن يكون لدى كل مواطن من الغيرة نحو الخير العام ما لا حد له، وإن من المقدر أن تكون جميع حقوق الوطن قبضة كل واحد من أبنائه، وقد اتبعت في عهد الأباطرة قواعد الجمهورية، وأول ما رئي ظهور نوع من الرجال المشائيم وكتيبة من الوشاة، فكل من اتصف بمعايب كثيرة ومواهب كثيرة ونفس بالغة الدناءة مع روح طموح كان يبحث عن أثيم يمكن أن يروق الأمير دينه، فكانت هذه هي السبيل لنيل الشرف والثراء؛٢ أي: كانت أمرًا لا نبصره بيننا مطلقًا.

وعندنا اليوم قانون عجيب، وهو القانون الذي ينص على نصب الأمير، القائم على تنفيذ القوانين، موظفًا في كل محكمة ليتعقب باسمه جميع الجرائم حتى تكون وظيفة الوشاة مجهولة لدينا، فإذا ما ظن أن هذا المنتقم العام يسيء استعمال وكالته حمل على ذكر اسم الواشي.

وفي «قوانين» أفلاطون٣ نص على وجوب مجازاة من يتهاونون في تنبيه القضاة أو مساعدتهم، وهذا لا يلائم اليوم مطلقًا، فالمدعي العام يسهر في سبيل أبناء الوطن، ويعمل وهم مطمئنون.

هوامش

(١) وفي مدن كثيرة أخرى.
(٢) انظر في تاسيت إلى الجوائز التي كان يأخذها هؤلاء الوشاة، حوليات باب ٤، فصل ٣٠.
(٣) باب ٩.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤