تقديم

بقلم  إبراهيم عبد القادر المازني

اختيرت هذه الأقاصيص لطائفة من كتاب القرن الماضي في إنجلترا وأمريكا، وإن كان بعضهم قد امتد به العمر إلى أوائل القرن العشرين. وروعي في الاختيار إبراز أسلوب الكاتب وخصائصه الفنية لا تسلية القارئ، والمراد هو التعريف بالكاتب بهذه الواسطة والإشارة إلى فنه لمن يعنيه التوسع في الدرس، ولم نر أن نترجم لأحد أو نزيد على إثبات سنتي الميلاد والوفاة لأن كل ترجمة في مجموعة كهذه لا تكون إلا موجزة جدًّا ولا خير في مثل ذلك ولا جدوى.

وقد توخينا في الترجمة مثل ما روعي في الاختيار، أي إبراز أسلوب الكاتب لا أسلوب المترجم. ولم يكن هذا سهلًا ولا كان مطلبه هينًا لشدة التفاوت، ولكنا تكلفناه وعسى أن نكون وفقنا فيه. وقد حرصنا على التزام الأصل حتى ليمكن أن نقول إن الترجمة حرفية على قدر ما يتيسر ذلك في النقل من لغة إلى أخرى بينهما من الاختلاف ما بين العربية والإنجليزية، ولم نحذف من الأصل في هذه المجموعة كلها إلا بضعة سطور لا يزيد عددها على عدد أصابع اليدين، وكانت علة الحذف العجز التام عن الاهتداء إلى ما يؤدي معناها — مع شدة تفهمها — في لغتنا العربية وليس هذا نقصًا في اللغة العربية ولكنه نقص في المترجم.

وقد استعملت ألفاظًا شائعة في عاميتنا، وكان الظن أنها غير صحيحة، ولكني وجدتها مثبتة في كتب اللغة ومستعملة في كتب الأدب، فلم أر مسوغًا لهجر هذا الصحيح المأنوس إلى الحوشي أو غير المألوف أو النابي. وما دامت اللفظة قد استطاعت أن تحيا على ألسنة الناس فإنها أحق بالاستعمال من أخرى عجزت عن الحياة فدفنت في المعجمات. وفي اللغة — كما في الأحياء — يبقى الأصلح لا الذي يظنه المتحذلقون الأفصح، وليس المعول في الفصاحة على القدم بل على الوفاء بحاجة التعبير بالقوة المطلوبة أو الجمال المنشود، وسهولة التلقف للمعنى وسرعة التأثر به. وليس هذا تعريفًا للفصاحة، وإنما هو إجمال للمطلوب بها.

وقد نبهت على بعض هذه الألفاظ في الهوامش وأهملت التنبيه في الأغلب اكتفاء باليسير من ذلك، وأقول على الجملة إني ما استعملت لفظًا غير صحيح، وإن كان محسوبًا من العامية إلا لفظة أو اثنتين أجنبيتين شائعتين على الألسنة، لم أجد لهما مقابلًا، أو استثقلت مقابلهما، فوضعتهما بين علامات التضمين أو الاقتباس.

وأقول أخيرًا إن ما اختير في هذه المجموعة ليس خير ما في الأدب الإنجليزي من نوعه ولكنه من خيره، وعيب كل اختيار هو الاضطرار إلى ترك الأكثر والاجتزاء بالأقل. وكثيرًا ما تؤدي الحيرة إلى سوء الاختيار، ولكن القارئ يستطيع أن يكون على يقين أن ما يقرؤه هنا هو — في الأصل إذا لم يكن في الترجمة — من الجيد على كل حال وبشهادة الزمن.

وأحب أن أشكر لجنة التأليف والترجمة والنشر على ما يسرت وأعانت وصبرت.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤