الفصل الخامس والثلاثون

حكم أمير الجبل، إدارة البلاد، حالة الزراعة، دخل الأمير، حالة الصناعة.

***

كان الأمير يحكم الجبل كما يحكم الباشوات ولايات السلطنة العثمانية؛ أي وفقًا للنظم نفسها وما ينتج عنها من مساوئ في التطبيق. فالأنظمة الأساسية حدَّدت صلاحية كل ذي سلطة، ولكن الحكام لا يقفون عند حدود سلطتهم؛ فهم يفصلون في جميع القضايا، دون أن يأبهوا للحق أو يعيروا القضاة أصحاب الصلاحية أقل الْتِفات.

كانت العدالة في الجبل بين يدي ثلاثة:
  • الأمير، وهو الحكم في الدعاوى الجنائية، والقضايا التي لها ولو بعض الشأن.

  • والقضاة، وهم يحكمون في الدعاوى المدنية.

  • والبطاركة الأربعة، وهم يفصلون في القضايا الدينية والدعاوى الكنسية التي تنشأ عند الموارنة والروم والسريان والكاثوليك القاطنين جبل لبنان.

وبوجهٍ عام يفصل هؤلاء السادة البطاركة في الدعاوى، عندما يُطلب إليهم ذلك، بطريقة حبية ويرتضي المتخاصمان حكمهم.

أما القاضيان اللذان يفصلان في الدعاوى المدنية، فأحدهما مسيحي (وهو مطران ماروني)، والآخر درزي؛ وهذان يستطيعان أن يحكما في جميع المنازعات التي تُرفع إليهما دونما تفريق بين مختلِف المِلل والنِّحَل.

وإذا ما نشأت دعوى بين مسيحي ودرزي لها بعض الأهمية، فالأمير هو الذي يعين المحكمة التي تنظر فيها.

أما فيما عدا ذلك فكل شيخ يقوم في قريته بوظيفة قاضٍ، ولما كان أبناء الجبل غير ميَّالين إلى التنازع والتخاصم، فالمحكمتان الكبيرتان قلما يُرجع إليهما. وهناك أمر لا بد من ذكره، وهو أن لرعايا الأمير حق الخيار في رفع شكواهم إلى إحدى محاكم طرابلس وبيروت، إذا كانوا يقطنون إحدى هاتين الولايتين.

أما القوانين والشرائع التي يُحكم بموجبها وتُفصل الدعاوى بِناءً على نصوصها، فهي الشرائع الإسلامية، وسنرى — عندما نتكلم عن العادات العامة — من هم الأمراء الذين كانوا يتغلبون بنفوذهم على الحق الصراح والمنطق الصحيح.

ولما كان الشرق لم يألف القيام بإحصاءات صحيحة، فقد كانوا يهتمون بعدِّ البيوت، وإحصاء أسماء الذكور الذين يدفعون «الفريضة» فقط. وهذه الفريضة لم تكن تدل — كما نرى — إلا على معلومات تقريبية؛ فالبُلدان التركية هي الأماكن التي لا يُعرف فيها شيء بصورة دقيقة. فبلادة الشرقيين وغفلتهم تثنيان عزمهم عندما تعترضهم أول صعوبة ولو كانت طفيفة.

إن الضرائب السنوية التي يؤديها أبناء الجبال هي فئتان: الأولى، وتسمى مال الأعناق أو «الفريضة»، وهي تُفرض على الأعزب كل عام خمسة قروش، وعلى المتزوج سبعة، وتسعة على من يسكنون ضواحيَ بيروت. والثانية، وتسمى الأموال الأميرية، وهي الضرائب التي سبق لي أن تكلمت عنها آنفًا، إنها تُفرض على العقارات وفقًا لجدول يجدَّد تنظيمه في فترات غير معينة، كخمس سنوات أو عشر، أو خمس عشرة سنة؛ أي عند احتياج الحكومة إلى المال.

فالملَّاك الذي يبلغ دخله زهاء ألفَي قرش يُقضى عليه بدفع ضريبة سنوية تساوي ثلاثين قرشًا. إلا أن حاجة البلاد وبلص الباشا قد يحملان على مضاعفتها حتى تبلغ أضعاف الأضعاف؛ وعند ذاك يرفع المتكلفون الذين لم يألفوا هذا الجور صوتهم عاليًا ويصرخون، ثم يستسلمون مرغمين لهذه النكبات والبلايا. وفي وقتٍ ما بلغت الضريبة التي فُرضت على بزر دود القز (البزرية) ثلاثة قروش ونصف القرش عن كل أوقية، ثم ما لبثت أن ضوعفت.

أما الضرائب المفروضة على الأراضي الصالحة للزراعة فتُدفع على الدرهم. والدرهم افتراض لقياس مساحةٍ من الأرض يبلغ بذارها مُد قمح.١ وبقدر جودة الأرض تُفرض عليها هذه الدراهم، فيُدفع قرش واحد عن كل مساحة لا تقل عن السبعة دراهم، ولا تتجاوز العشرين درهمًا. وهذه الضريبة التي بلغت اليوم ثمانية أضعاف ما كانت عليه سابقًا، قد استُوفيت في بعض الأحوال والظروف ستة عشر ضعفًا.

إن ضريبة «البزرية» تُجبى بهذا الاسم أيضًا في ضواحي بيروت، وهي تبلغ ما يقارب ٤٨٠٠٠ قرش. أما في لبنان فتُسمَّى «الطرح».

ليس مبلغ هذه الضرائب بالشيء الكبير بالنظر للملَّاك الذي يكفيه منتوج أرضه فلا يُضطر إلى الاقتراضات الهدَّامة. ولكن الفقراء الذين لا يكفيهم ريع أملاكهم يكادون يرزحون تحت عبئها؛ ولهذا نراهم لا يكفون عن الصراخ والتذمر. وهم يجهلون أن الحالة التي هم فيها لا تزال مرضية إذا ما قابلنا بينهم وبين أهالي جزيرة قبرص وضفاف النيل الخصبة.

إن آل شهاب الذين خلفوا هنا آل أرسلان الأمراء الدروز، ينعمون بامتياز يُعفي من هم في خدمتهم من دفع ضرائب مال الأعناق والأموال الأميرية والبزرية والسخرة.

أما الأمراء والمشايخ الآخرون فلا يُعفَوْن من تأدية جميع ما ذُكر بدون عوض، فعليهم أن يقدِّموا عددًا كبيرًا من الرجال والخيول حين يَطلب منهم ذلك الأمير الكبير عند الاضطرار. إن هؤلاء الأشخاص ينهجون في جميع تصرفاتهم المنهج الإقطاعي.

تُفرض الأموال الأميرية وتوزَّع على جميع مقاطعات الدولة المختلفة. وكل أمير أو شيخ يكلف جبايتها في الإقطاعة الخاضعة له، ثم يرسل المبلغ المفروض إلى بتدين٢ بعد أن يقتطع لنفسه قسمًا منه بمعدل بارتين عن كل قرش (؟)، أو خمسة في المائة، لسدِّ نفقات الجباية، والمصارفات، والمبالغ الإضافية … إلخ … إلخ. والأموال الأميرية، وهي مجموع جميع الضرائب، يمكن أن تُفرض بمعدل يراوح بين اﻟ ١٥ واﻟ ٢٥ بالمائة تبعًا للمقاطعات والحاصلات. أما مجموع هذه الضرائب المباشرة وغير المباشرة فيبلغ حوالي الاثني عشر ألف كيس (٢٤٠٠٠٠٠ فرنك).

والضرائب لا توزَّع على الرعية بالسوية. هنالك اختلاف في كيفية فرضها ينتج عن العرف والعادة المحليين؛ فالمتن — مثلًا — لا يُدفع إلا بِناءً على تخمين الأراضي. ثم إن خَمس قرى تخص أمراء آل بللمع معفاة من دفع الضرائب. ومثل هذا الإعفاء تنعم به القرى الساحلية التي تخص الأمير الكبير.

وفي الشويفات٣ (ومحصول هذا البلد من الزيت فحسب، وهو يبلغ في السنة العادية ٢٠٠٠٠ قنطار) توزَّع الضريبة أيضًا تبعًا لقيمة الأرض، وهي تراوح بين تسعة وثمانية عشر قرشًا عن كل قنطار؛ فالأهالي يدفعون قرشًا عن كل عشرين درهمًا، والملاكون الأجانب يؤدون قرشًا واحدًا عن كل ١١ و١٣ و١٦ درهمًا.

ونجد أيضًا في الجبال أراضيَ بائرة وعددًا كبيرًا من الأهلين الفقراء الذين لا مورد لهم، ويأكلون من عمل أيديهم.

والأراضي تقسَّم ثلاث فئات: أراضي الأمراء ورجال الإكليروس، وأراضي المشايخ وبعض الفلاحين الميسورين، وأراضي الطبقة الأخيرة وهي دون تَيْنِك غنًى وثروة. والفلاحون — وهم الأكثرية الساحقة — يعنون بحرث عقارات الطبقتين الأوليين واستثمارها، ولذلك طريقتان:
  • الأولى: وهي أن يأخذ الفلاح الذي يعتني بالأرض جزءًا من غلتها بتعبه في سبيل عمارها واستثمارها. وهاكم المثل: إن ثلاثين رطلًا من ورق التوت تعتبر «حملًا»، وكل حمل يخمن بمبلغ خمسة قروش يعدها المالك لدى إبرام الاتفاق، ويقدر القيمة المتوجب له قبضها. أما الفلاح فيتعهد له بدفع مصارفات حراثة الأرض وتسميدها وجميع النفقات التي تتطلبها العناية بتربية دود القز في مقابل أخذ نصف الريع. وعندما تنتهي مدة الشركة يُعاد تخمين أحمال الورق، فإذا نقصت عن قيمتها الأولى يدفع الشريك العطل والضرر بمعدل خمسة بالمائة عن كل حمل، وإذا زادت فله قيمة تلك الزيادة بنفس المعدل. ونرى هنا أن مصلحة الفلاح تجبره على أن يعتنيَ بالأرض التي عُهد بها إليه.
  • والطريقة الثانية: هي أن لا يتقاضى الفلاح إلا ربع الريع لقاء أتعابه، وأن لا يدفع إلا قليلًا من المصارفات بمعدل قرش واحد عن كل حمل ورق. ولكن هذا الفلاح لا ينعم بحق الاستقرار في العقار، فيمكن أن ينزع من يده عند انتهاء كل موسم.

ومهما يكن من أمر، فهذان الشريكان يجنيان عدة منافع أخرى؛ فورق التوت الذي ينبت في الصيف يكاد يفي بمصارفات حراثة الأرض. ولقد اصطلحوا على أن يتركوا للفلاح (الشريك) أغصان الأشجار وجزوعها الهرمة، ومشاقة الحرير، وقسمًا من الشرانق غير الصالحة (الموَّاتة)، والشركاء يستفيدون من زيادة الحرير التي تفوق عادةً القيمة التخمينية.

وللشركاء أيضًا نصف غلة البساتين والأشجار المثمرة، فإذا كانوا يحسنون تعهُّدها كان لهم منها نفع غير يسير.

إن الطبقة الأخيرة من الملاكين — أي طبقة الفلاحين الميسورين — قلما تشرك أحدًا في أعمالها؛ فهم يستأجرون عمالًا وأُجراء عند قطف الشرانق، من أولئك الفعلة الذين يقضون ثلاثة أرباع أيام حياتهم دون عمل، مترقبين هذه الفترة — فترة تربية دود الحرير — التي تُستخدم فيها أذرعهم وظهورهم. إن هؤلاء الناس هم أشد اللبنانيين بؤسًا كما هم أكثرهم عددًا؛ فبينهم الرهبان، والصناعيون، والرعاة، والفعلة، والمكارون، والحطابون … إلخ.

تمشي الأمراء — وهذه الطبقة هي أغنى الطبقات من حيث أملاكها — على طريقة واحدة تنحصر في أن لا يتنازلوا لأيٍّ كان من الناس عن شِبر واحد من أملاكهم؛ وذلك ناشئ — كما يرجح — عن داعٍ سياسي وهو الخوف من إضعاف نفوذهم؛ أولًا: بهبتهم عقارًا إلى الشعب، ثانيًا: بإضعاف خضوعه لهم، وهو يرتكز على الحاجة المحلية في طلب العمل ليتمكَّن من أن يعيش.

أما رجال الإكليروس — وهم جد حريصين على سلطانهم كالأشراف أنفسهم وإن تلفعوا بستار الفقر — فيأبون دائمًا أن يتنازلوا عن شيء من عقاراتهم التي حافظوا عليها بفضل عناية الأمراء وتقوى الشعب وخضوعه وطاعته.

وهناك سبب آخر، وهو أن هذه الأملاك لا تسخو النفس عنها لجودتها وخصبها. إنها لا تحتاج إلا إلى اليد العاملة التي لا بد منها لاستثمار هذه الأرض. وهذه الأيدي متوفرة لدى هذه الطبقة المعزَّزة المكرَّمة. إن قفيرًا من الرهبان الأشداء — وجميعهم من الشباب المفتولي الأذرع — يعملون على إنمائها عامًا بعد عام. ورؤساء الأديرة الذين يعجُّ بهم الجبل يعرفون كيف يستفيدون منها …

ولكن لماذا لا نزال نرى في الجبل أراضيَ بورًا ما دام في استطاعة مالكيها — إذا تنازلوا عن ربع دخلها — أن يجعلوها صالحة للزراعة؟

السبب بسيط جدًّا، لم يُعتنَ بها لأن القسم الكبير منها صخريٌّ صعبةٌ حراثتُه، حتى إن ربع ما ينتجه، لا بل نصفه، يصبح تافهًا متى حسمنا منه نفقات الحراثة، وثمن السماد، وبدل العناية. فالفلاح الذي أثقلت كاهله الديون تتضاعف ديونه إذ لا يسعه في السنوات الأولى أن يأتيَ عملًا غير الاهتمام بعقاره الجديد الذي استحدثه. وهنالك سبب آخر يَحُول دون الاهتمام والعناية بالأراضي الصالحة للتوت الذي تربَّى على ورقه دودة القز، أو التي تصلح لزراعة القمح؛ وذلك لأنها عندما يُغرس فيها التوت أو يُلقى فيها بذار الحنطة يَفرض عليها الأمراء ضرائب باهظة تكاد توازي دخْلها. وهذا ما كان يحملهم على تركها بورًا خوفًا من أن يذهب تعبهم هباءً منثورًا ويضيعوا وقتهم فيها؛ وهكذا فقد الملاكون أراضيَهم لأنهم لم يجدوا من يتعهدها.

إن السواد الأعظم من أهالي الجبل أناس فقراء لأن الأراضيَ الصالحة للزراعة لا تكفي لسد حاجاتهم. ولما كان لا بد من سنة تجدب بها الأرض كل سنتين أو ثلاث سنوات، فقد بيعت الحاجيات الضرورية للمعيشة بثمن فاحش بعد أن احتكر باشا عكا الحبوب، فاستدان الأهلون مبالغ باهظة. ثم إن المرابين «المحميين» من قِبل٤ رجال الحكومة قد اضطروهم إلى بيع محصولاتهم بثمن بخس ليستوفوا ديونهم والضرائب. عاملهم الجباة الظالمون بقساوة وكبَّدوهم نفقات تفوق القيمة التي تتطلبها الخزينة.

وهنالك طريقة أخرى يمكننا القول إنها منتشرة في الجبل كل الانتشار ولا يسلم منها أحد في الجبل، تلك هي عادة استدانة المال؛ فهو يُستدان إما لسدِّ أود المديون بما يستدينه بالرِّبَا، وإما ليتعهد أملاكه ويضاعف ريعها ثم يفي المبلغ الذي استدانه من غلة العام المقبل. فهذا الضرب من الاتِّجار أُثرِيَ منه تجار البلاد، وأُفقِرَ الأهالي من أميرهم الكبير حتى صعلوكهم الحقير؛ لأن السلفات التي حصلوا عليها — سواءٌ أكانت من المال، أو الأمتعة، أو الحبوب — كانت تضطرهم إلى دفع فائدة تبلغ في ظاهرها عشرة بالماية، ولكنها كانت تعود على الدائنين بمقدار عشرين أو ثلاثين بالماية، متى نظرنا بعين المدقق إلى المنافع التي كانوا يجنونها عند تخمين المحاصيل المدفوعة وفاءً للدين.

وهذا العرف الفاسد ناشئ عن تخوُّف الرجال الكبار من بلصات السلطات العليا، وعن خشية الطبقة المرموقة بعض الشيء من زعمائها، فسعى كل رجل وراء جمع كنز صغير يدفع منه ما يفتدي به روحه حين حلول حدث غير منتظَر في بلادٍ كثرت فيها الاضطرابات والفتن والحوادث غير المنتظَرة.

أما دخْل الأمير فأكثره من كراء الأراضي، ومعادن الحديد، والميزان، والحرير، والمصابن، والجزية التي يدفعها النَّور، والمكس المفروض على الغنم، وضريبة الأملاك.

وإذا نظرنا إلى الأعمال الصناعية التي يتعاطاها أهالي لبنان، نجد أنها تنحصر في أعمالٍ غليظة سمجة؛ فاليد العاملة لم تشجَّع ولم تتناول أجرًا كافيًا. أُتقنت المنسوجات الحريرية بعض الشيء، إلا أن الرواج الذي لاقته حرائر مصانع إنكلترا بسبب تدنِّي أسعارها قد قلَّل عدد المصانع العربية؛ فالأهالي يُؤْثِرون شراء منتوجات البلدان الأخرى لأن أثمانها الزهيدة تلائمهم. إنهم لا يتقنون صنع شيء لأنهم يفتشون عن الرخص، ولا يعنيهم من الحاجيات إلا أن تكون رخيصة.

ففي زوق مكايل تنسج العباءات، وهي تعمل إما من القطن أو الصوف أو الحرير، أو مقصَّبة، فيراوح ثمن الواحدة من الخمسين قرشًا إلى الألفَي قرش.

إن الصاغة والحاكة والإسكافيين والخيَّاطين والحدَّادين والبنَّائين والنجَّارين، وبوجهٍ عام جميع العمال، يتقاضَوْن أجرًا لا يكاد يسد حاجاتهم. فأكبر أجر يتقاضاه العامل يبلغ فرنكين ونصف على الأكثر.

والكلس الذي يُصنع في الجبل يُباع لحساب الأمير. وإذا سُمح لبعض الأمراء أو المشايخ أن يتعاطَوْا هذا العمل في محل إقامتهم فيكون ذلك مقابل ضريبة يدفعونها للأمير.

إن مدينة دمشق ومدن الشاطئ الأخرى تنظر إلى الجبل نظرة بغيضة، رغم أنه كان في أوقات عديدة ملجأً لأهليها. فمن دمشق انطلقت الشرارة الأولى، فكانت سبب الفتن التي حدثت مؤخرًا في الجبل. تطاير ذلك القبس من سراي نجيب باشا، فالتهمت ناره لبنان لأنه كان سبب الحرب الأهلية فيه.

هوامش

(١) يزن تقريبًا ٩ كيلوغرامات.
(٢) محل سكن الأمير بشير أو قصره.
(٣) إن الشويفات تذكِّرني بمصطفى بربر، متسلم مدينة طرابلس قديمًا. لجأ إلى هذه القرية بعد أن غضبت عليه السلطة العليا، ومقته الباب العالي لأنه لم يُحسن أن يخلق مشايعين يساعدونه ويساندونه. غادر هذا الحاكم القلمون تاركًا وراءه ذكريات حلوة؛ كان قاسيًا ولكنه عادل، وفي عهده نعمت البلاد براحة تامة. ولما عجز عن تقديم براهين جديدة تدل على عدالته واستقامته قام بأعمال تنبئ عن ضمير حي. وكان كثير الوساوس، وقد رد لمن اعتقد أنه ظلمهم قيمة الضرائب التي استوفاها منهم أثناء حكمه.
(٤) سبق لي أن تكلمت عن طبقةٍ من الناس لا يقومون إلا بمهمة تسليف الفلاحين المبالغ التي يحتاجون إليها، بعد أن يلوذوا هم برجل كبير يحميهم نفوذه وسلطانه عند الحاجة الماسة إلى ذلك؛ فتقصر يد الحكومة عنهم.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤