كلمة للمعرب

عندما قامت الاحتفالات في عاصمة الروس، مدينة بطرسبرج، تذكارًا لمرور ثلاثمائة عام على ملك آل رومانوف السعيد، طلب إليَّ كثيرون من مواطنيَّ الأفاضل أن أكتب لهم شيئًا عن تلك الأسرة الكريمة، مع وصف الاحتفالات الباهرة التي أقيمت في جميع أنحاء روسيا، فلبَّيتُ الطلب (مع علمي الثابت بما سيكبِّدني من النفقات والمشاق)، وذلك للأسباب الآتية:
  • (١)

    أن أسرة رومانوف رفعت الإمبراطورية الروسية من حضيض الانحطاط إلى أوج العز والمجد، ورجالٌ مثل هؤلاء جديرون بالمدح والإطراء وتخليد الذكر.

  • (٢)

    لا يخفى على أي إنسان ما قامت به أسرة رومانوف من المساعدة للشرقيين عمومًا، والأورثوذكسيين خصوصًا؛ فقد ساعدتهم في خلال قرون ثلاثة مساعداتٍ مادية وأدبية.

    فشادت لهم الكنائس، وأنشأت المدارس؛ لإرضاع أبنائهم لُبان العلوم والآداب منذ نعومة أظفارهم، وقد انتشرت مدارسها في جميع أنحاء سوريا وفلسطين، وأقامت أيضًا في كثير من البلاد المستوصفات الطبية لمعالجة الفقراء بلا مقابل؛ ابتغاء مرضاة الله جلَّت قدرته.

  • (٣)

    كلُّ مَن له أقلُّ إلمام بأحوال فلسطين وسوريا، يعلم حقَّ العلم أن الحكومة الروسية، التي يمثلها آل رومانوف، قد حافظت محافظة شديدة على المذهب الأورثوذكسي.

  • (٤)

    أنجبت المدارس الروسية كثيرين من أبناء سوريا وفلسطين الأفاضل، الذين نفعوا وطنهم وأهلهم وذويهم بعلومهم وآدابهم وسعة معارفهم.

  • (٥)

    الإقرار بالفضل واجب، أقول ذلك لأن لروسيا فضلًا عظيمًا عليَّ؛ فقد تلقَّيت علومي في مدارسها بلا مقابل، ووجدت من أساتذتي الكرام كلَّ معاملة حسنة، وإرشاداتهم ما زالت إلى اليوم قبسًا لامعًا يسدِّد خطواتي، ويرشدني إلى العيش الشريف والمبادئ القويمة في هذه الحياة، وفوق ذلك فقد تزوجت من سيدة روسية، أنجبَتْ لي أولادًا، هم بفضل تربيتها مثال الآداب والفضائل والنجاح. ومَن كان مثلي معدمًا فلا يستطيع مكافأة أولئك المحسنين، اللهم إلا بالمحافظة على ما غرسوه في نفسي من المبادئ القويمة، وكلمة مدح أسوقها لهم كلما سنحت الفرصة، على قول القائل:

    لا خيل عندك تُهديها ولا مال
    فليسعدِ النطق إن لم يسعدِ الحال

وبناء على ما تقدَّم، أقدمتُ على طبع هذا الكتاب من باب الإقرار بالفضل لذويه، وعلى الله الاتكال في كل حال.

كتبه
سليم قبعين

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤