الوصول إلى نهاية السَّبق … حيث أكل النبق أو يصدق النبأ
         
         
         (يدخل سعدون وهو يتأمَّل ما حوله من فخامة، ثم يتبعه شحاتة أنهكه
            التشرُّد والتفكير المتفجر في رأسه … يجعله أكثر نبالةً وعقلًا.)
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            كده بقى وصلنا لغاية المُراد من ربِّ العباد … ده قصر بحق وحقيق، صاحبه أمير
               حقيقي وتشريفة حقيقية لا حمَّارة ولا خمَّارة.
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            قلبي بيقول لي المرة دي بالذات وصلنا لخمَّارة … يا سعدون!
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            لأ بأه … إنت بتحب المخالفة … إذا كان الأمير هو اللي دعانا بعد ما عرف
               قيمتنا … حاسس إنه حيوهبني أكبر طابية عنده.
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            مش حاسس هنا أي نسمة محبة، ولا شامم ريحة صدق اللي دايمًا بتدل قلبي … «شامة»
               مش هنا يا سعدون!
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            طب والطابية؟
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            يمكن تكون هنا طابية … لكن المؤكد أن المكان ده مش المكان اللي بيدخلوه
               الفرسان إلا عشان يهدوه على دماغ اللي فيه.
            
         
         
         (يدخل الوالي مرِّحبًا.)
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            مرحبًا … ببطل الأبطال وسيف الرجال … وفارس الهول المهول … محرِّر عبيد الأسطول
               … الفارس العاشق اللي الدنيا بتحكي عنه عرْض وطول.
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
             (متحفِّظًا)
            
            : 
            
            مَن أنت يا هذا؟ … ومن أين تعرفني؟
            
         
         
         
            
            الوالي
            
             (سعدون يحاول تخفيفَ التوتر بحركاتٍ صامتةٍ وتحذيرات)
            
            : 
            
            مَن أنا؟! … شُفت يا صديقي … مستغرب إني أعرفه … أنا الأمير اللي حيختم بالمجد
               رحلتك العبقرية … حتنول ما تشتهي … أيًّا كان … عندي تفويض من السلطان.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            أنا يا باشا لي في ذمتكم طابية … صغيرة … قد كده! كان وعدني بها سي اليزل أول
               ما جينا نشتغل.
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            اختار أي طابية … تبقى لك … وده وعد زي وعده … تمام.
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            لا أعرف … إن كان حُسن حظك وضعني في سكتك … والَّا سوء حظِّي هو اللي رماك في
               طريقي … أنا … (مقاطعًا.)
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            وفيلسوف كمان! … فارس وصاحب فلسفة … ده هو الكمال بذاته … الكمال اللي حيجعل
               لصبرنا معنى خطير … ولانتظارنا …
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
             (مقاطعًا)
            
            : 
            
            كنت أفضِّل لو كانت «شامة» هي اللي في انتظاري.
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            وهي في انتظارك فعلًا.
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            مش ممكن … في الأمر شيء غريب أو مريب!
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            جرى إيه يا سي اليزل … ما غريب إلا الشيطان!
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            لا يا سعدون … فعلًا … فارسنا له حق في إحساسه، للأسف الشديد مش ح اقدر أخبِّي
               عليه الأمر المحزن اللي حصل، لكن وشرف السلطان العثماني … أنا حاولت بكل ما أملك
               منْع الكارثة … لكن أنا مش فارس، وماعنديش الكفاءة عشان أتصدى «لسقرديون» اللي
               هاجمنا امبارح … وسخط «شامة» وشوَّه جمالها … آه! أنا حاسس بالعار … ويا ريت
               تتقبَّل أسفي.
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            مستحيل! (يخاطب سعدون ويلومه.)
            
               
هذا عقابي العادل … لأنني استمعت لنصيحتك القاصرة … وهربت بجلدي كالأرنب …
               هيَّ فين؟
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            الصبر يليق بالفرسان … وبالإنسان الكبير القلب اللِّي زيك … حتشوفها بالتأكيد
               … اهدأ … كل شيء حيكون على ما يرام.
            
         
         
         (يأخذه ويمضي مواسيًا … وبإشارةٍ خفيةٍ يدخل بعض الجنود والسُّياس
            يحيطون بسعدون ويحجزونه … وهم يرحِّبون به.)
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            هو ده وقته يا سي اليزل؟! … مش كنت تخلينا في الهم!
            
            (السُّياس يحاولون مجاراته لكسبِ ودِّه.)
            كانت حبيبته طول الوقت تحت مناخيره … وف بيته … ومش شايفها، عايزها أميرة، يوه
               … مش كنا خلصنا الطابية وبعد ساعة وحياتكم أنقذ له أميرته دي … سواء من خمَّارة
               البوظة أو من تراب الفرن … وأقدمها له على طبق … فضة حقيقي. بس أستلم مفاتيحها
               وحتشوفوا يا عيال … أنا ح اعمل إيه في التاريخ … والنبي … لاعمل فيه زي
               الحدَّاد ما بيعمل في حتة صفيح … كده هه …
            
          
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            تقدر؟
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            إنتم مين؟
            
         
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            إحنا ولاد كار، سيَّاس خيل وحمير الوالي … جايين نرحب بك.
            
         
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            أهلًا بأشهر سايس بين سيَّاس العصر والأوان.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            أنا؟!
            
         
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            وصديق أشهر الفرسان.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            أنا؟!
            
         
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            إنت مش عارف قيمتك والَّا إيه؟!
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            مرحبًا، وعايزين إيه؟
            
         
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            اسمع بقى … إحنا دلوقتي لوحدنا … إحنا أخوات.
            
         
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            وأولاد كار.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            أي خدمة … تحت أمركم.
            
         
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            إحنا دلوقتي لا معانا سادة ولا سلاطين.
            
         
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            إحنا المولودين العايشين في الطين.
            
         
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            المنحطين.
            
         
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            نتكلم مع بعض بصراحة … زي همه ما بيتكلموا دلوقتي مع بعض.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            همَّه مين؟
            
         
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            أسيادنا … سيدنا وسيدك.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            أولًا هو مش سيدي … هو صاحبي … إنما دكهه سيدكم مش صاحبكم.
            
         
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            الفرق مش مهم قوي … كلهم أسياد مع بعض واحنا خدم.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            لأ … فيه فرق … هو صاحبي وانا مش خدامه … وبعد شوية أنا ح ابقى حاكم طابية قد
               الدنيا.
            
         
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            لا يا شيخ!
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            طبعًا … أنا حاكم طابية … إزاي بقى الرءوس تتساوى؟!
            
         
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            طب ما انا مَلك الاصطبل!
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            بتنكِّت؟ … إنت لا حاربت ولا اتغرَّبت … ولا ضربت وانضربت، أنا دفعت عشان حكم
               الطابية دي كتير قوي … دم وعرق وجوع ودموع … وألم …
            
         
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            يا عم روق. إنت تعرف صاحبك المجنون ده من كام سنة؟
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            لو قلت عليه مجنون تاني … ح اقول ع الوالي إنه أعرج وأعور وأعمى كمان …
               وشحَّات.
            
         
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            بس ده مش حقيقي … الوالي لا أعرج ولا أعمى … ده أمير وعاقل.
            
         
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            بس … ماتلاوعناش … واعترف.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            أعترف بإيه؟
            
         
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            بالحقيقة.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            وانتم تعرفوا إيه عن الحقيقة؟ … وانتم مابتشوفوش غير تحت رجليكم! الجلَّة
               والزبل والتبن والطين … عايشين بين رجلين البهايم … تعرفوا إيه عن الحقيقة …
               الحقيقة اللي أعرفها عنه أطول من السكك اللي مشيتها معاه … وأقوى من الشوم
               والعصيان اللي دقَّت على دماغي وكسَّرت ضلوعي.
            
         
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            ده باين أجن من سيده!
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            قلت لك مش سيدي، ده صاحبي.
            
         
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            إنت بتخرف أكتر منه.
            
         
         
         (يبدءون في زغده وضربه.)
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            اسمع … أوعى تفكر إن أنا خايف أرد عليكم عشان في قلعتكم لا … أنا بأرد دلوقتي
               بلساني … لكن أقدر أرد بإيدي وبأسناني … آه!
            
         
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            إنت فاكر نفسك فارس إنت كمان يا معَّار … إنت ولا حاجة … واهبل زيُّه.
            
         
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            وحيمشي ورا المجنون مين غير الأهبل … يا أهبل!
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            أهبل؟ لا … فليكن في علمكم أنني خرشمت ودشدشت ناس زيكم!
            
            (تزداد سخريتهم ويناوشونه.)
            صحيح كانوا حمَّارة … لكن واضح إنهم كانوا أشرف منكم.
            
            (يضربونه.)
            آه يا غجر … أيوه … أنا كمان هربت معاه من القلعة بعد ما غلبنا الحراس
               … آه … وانا اللي كسرت الأقفال بتاع المساجين … يا أولاد الكلب!
            
            (يصرخ في وجههم فتزيد سخريتهم به.)
            
          
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            أمك اسمها طابية.
            
         
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            يا سلام سلِّم … الطشت بيتكلم.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            باتكلم وباضرب كمان … أنا مش هفيَّة … آه!
            
         
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            طب خد … اعدل لسانك المعووج.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            ماتضربش … قلت لك!
            
         
         
         
            
            سايس
            
            
            : 
            
            خد … عشان تعرف تكلم أسيادك.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            يا غجر يا مجرمين … الحقني يا سي اليزل … كلامك صح … دي لا يمكن تكون إلا
               خمَّارة … ودول حمَّارة … آه … ضربهم شبه ضرب الحمَّارين.
            
         
         
         
            
            الوالي
            
             (يدخل الوالي وشحاتة)
            
            : 
            
            ولد! … امنع الضرب يا ولد … يا غجر يا بقر، إزاي تضربوا ضِيوفي يا كلاب!
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            لا تتدخَّل … لأنه قادر على تشتيت شملهم.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            يا سي اليزل دول أحمر من الحمَّارة … ملعون أبوها الطوابي … إذا كانت فيها
               إهانة كده!
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            لا يا سعدون … الطابية بقت بتاعتك خلاص … اعتبر نفسك حاكم عليها من دلوقتي …
               ده فرمان.
            
            (يتباهى أمام السيَّاس المنحنين أمام الوالي.)
            طول الوقت بافكر إنت ستستلم طابيتك منِّي أنا … إنما انتم يا غجر … فحسابي
               معكم بعدين … امشوا … واحبسوا أنفسكم في المطبخ عقاب لتطاولكم على سيادة الحاكم
               … يا كلاب!
            
          
         
         (يخرجون.)
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            المطبخ؟ … تسمح لي أتحبس معاهم … وبعدين نرجع نسوِّي أمور الحكم يا مولاي …
               أنا أصلي مايخففش من مواجعي قد ريحة المطبخ.
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            إنت دخلت التاريخ … ولا يمكن لمن يحكم طابية أن يأكل مع السيَّاس.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            ماتعقَّدهاش، أنا حاكم شعبي.
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            لا تبدأ حكمك بالتنازل … اصبر فهناك وليمة تليق بالملوك في انتظارك … أنت
               صرت منَّا … وأكثر … فأنت الوحيد الذي شاهد أمجاد فارسنا الهمام … أنت الشاهد
               الحي … الذي رأى كل شيء.
            
         
         
         (جونج.)
         
         
            
            الحاجب
            
            
            : 
            
            مولاتي الأميرة …
            
         
         
         (تدخل امرأة محجَّبة معها وصيفة.)
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            شامة؟! … (يُسرع ويمسك يدها ويركع معتذرًا) … لن أسامح نفسي لأني تركتك وهربت
               … وعطيت الساحر الشرير الفرصة يعمل عملته الدنيئة.
            
            (الوالي يخفي ضحكاته وتكشف الزوجة عن خِمارها …
               ويضحكان.)
            
            ماكنتش متصور إنه شوَّه جمالك لهذه الدرجة البشعة!
            
            (الوالي يُفاجأ … وتحس الزوجة بالإهانة.)
            يا لدناءة ما فعل! … لقد حوَّل أنفك إلى منقار بطة، لا بد أن يُعاقب على هذه
               الجريمة.
            
          
         
         
            
            الوصيفة
            
            
            : 
            
            يا أعمى القلب، دي مولاتي زوجة الوالي.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            ضاعت الطابية!
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            إذن فإنه لم يكتفِ بتشويهها … وإنما لوَّثها … وزوَّجها من غيري.
            
         
         
         (الزوجة تصرخ ويُغمى عليها.)
         
         
            
            الوصيفة
            
            
            : 
            
            ده مش مجنون وبس … ده حمار كمان!
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            إنك تُخطئ كثيرًا يا فارس الفرسان.
            
               
هذه زوجتي … ألا تستطيع أن تُفرِّق بين حبيبتك وحبيبة غيرك؟
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            آه … المسألة اتعقَّدت!
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            إذن فهو لم يكتفِ بتشويه حبيبتي فقط … بل شوَّه زوجتك إلى هذه الصورة البشعة!
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            كحَّلها قام عماها!
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            مش عارف إن كان فيه باقي ف مخك ذرة واحدة من فهم؟
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            لك حق … أحس بالتعب منذ دخلت إلى هنا، سأخرج لأشم قليلًا من الهواء النقي
               … المكان ده مليان هوا فاسد وملوَّث.
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            حاول تفرَّغ الهواء الفاسد اللي جوه نافوخك.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            خدني معاك يا سي اليزل … ماتسبنيش وحدي هنا.
            
         
         
         (يخرج شحاتة والوالي يعترض سعدون.)
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            دعه يا صديقي، سنبقى هنا لنتحدث في شئون الحكم … سنتكلم كحكام نفهم حقيقة
               تخاريف صاحبنا اللي مش حاكم … إيه اللي حصل؟
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            ماحصلش أي حاجة … على الأقل أنا ماعملتش أي حاجة وحياة دقنك.
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            ماتخافش، أنا عارف إنك ماعملتش حاجة، إنت غلبانة، هو اللي غواك وضحك عليك.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            ضحك عليَّه وغواني؟!
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            طبعًا … إنت فلاح لا لك في الطور ولا في الطحين … إيه رأيك؟
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            أنا رأيي أن الست بتاعة سيادتك أجمل أميرة في الدنيا … وعلى الأقل أجمل وأحلى
               من مراتي.
            
            (تكون الزوجة قد أفاقت.)
            يا صلاة النبي … إيه!
            
          
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            يا سعدون زوجتنا تحب الفلاحين … وعلى فكرة هي صاحبة الطابية اللي حتحكمها.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            الله!
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            طبعًا … بس عايزة منك تحكي لها عن أعمال صاحبك المجنونة، احكي من البداية إزاي
               فاتحك في الموضوع … ومين شُركاته؟ ومين اللي ساعده في تهريب المساجين؟ … واللي
               ساعدوه على الهرب مين؟ وكده احكي … احكي لها!
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            أنا مابحكيش عنه … الناس هي اللي بتحكي.
            
         
         
         
            
            الزوجة
            
            
            : 
            
            وانت … لسانك مقطوع … مش كنت معاه طول الوقت وشفت كل حاجة؟!
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            أنا ما اقدرش أقول عنه أي حاجة … عشان أنا مابحبش الكدب.
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            حنعتبرك شريكه ف كل جرائمه.
            
            (ثم يتدارك غضبه.)
            أنا أقصد بما إنك شريكه في بطولاته … احكي عن خططه، دانت الشاهد والراوي اللي
               حيخلِّد ذكره في التاريخ.
            
          
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            التاريخ؟ … تصدقوني لو قلت لكم … إن حماري بيفهم في التاريخ أكتر منِّي …
               التاريخ كتابة … وانا أجهل من الفول الحِراتي.
            
         
         
         
            
            الزوجة
            
            
            : 
            
            لكن لك لسان فانطق!
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            أقول إيه؟
            
         
         
         
            
            الزوجة
            
            
            : 
            
            اللي شفته … من أعماله!
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            أعماله بتتكلم عن نفسها … ومش محتاجة دُهل زيِّي يحكيها، أنا لا شاعر ولا
               مدَّاح.
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            مش وعدك يعطيك طابية؟
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            أيوه … لكن …
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            من غير لكن.
            
               
كان ناوي يستولي على الطوابي العثمانية ويفرِّقها عليكم … مش كده؟
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            يا عم لا … دي ليَّ أنا بس.
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            طب فين الجيوش بتاعته؟
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            جيوش … إنت بتصدق؟ … ده وعدني … وانا صدَّقته عشان هو راجل بيقرا ويكتب وانا
               جاهل … زي ما انت وعدتني واجب عليَّه أصدقك.
            
         
         
         
            
            الزوجة
            
            
            : 
            
            وانت ماعندكش عقل تميِّز؟ … بتصدق كل اللي يتقال لك؟
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            وما اصدقش ليه يا مولاتي … إنتم ناس أكابر … ومتعلمين، وعيب على واحد فلاح زيي
               مايصدقش أكابره.
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            اسمع يا تعلب انت يا مكار … بطَّل لف ودوران ح اسلخ جلدك، إزاي صدَّقته وانت شايفه
               بيحارب الهواء … وبيقاتل الحجارة ع الطريق؟!
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            لأنه مش ممكن يحارب ويقاتل وهو قاعد في بيته زي السلطانية.
            
         
         
         
            
            الزوجة
            
            
            : 
            
            ده فلَّاح قليل الأدب ولازم يتأدِّب.
            
         
         
         
            
            الوالي
            
             (متماسكًا يصدها)
            
            : 
            
            واجبك إنك توضح لأهلك الفلاحين المساكين إنه بيشوف أشباح … وإن اللي حكوه عنه
               كذب ف كذب … واللي سمعوه عنه أكذب وأكذب.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            وإذا كانوا سمعوا كدب همه ذنبهم إيه في دنيا كلها كدب ف كدب! … داحنا غلابة
               قوي يا بيه.
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            والغلابة لما ينخدعوا ف واحد زيه مش حرام؟ … ذنبهم في رقبتك!
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            ربنا غفَّار الذنوب.
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            إحنا مش عايزين الناس يتمسخروا عليه … ساعدنا نوضح لهم الحقيقة … عشان صورته
               ماتبقاش مشوَّهة في التاريخ … وعشان مايقولوش إن فارس فوارسهم مجنون أو مهفوف.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            إذا كانت في الدنيا ناس دون وأشرار مالهمش شغلة إلا السخرية من خلق الله …
               فسي اليزل حيقضي عليهم في يوم من الأيام.
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            وانت طبعًا إيده اليمين.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            أنا معاه ع الحلوة والمُرة … هو الوش وانا القفا … خرجنا مع بعض وحنرجع مع بعض.
            
         
         
         
            
            الزوجة
            
            
            : 
            
            أو حتموتوا مع بعض.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            الآجال بيد الله.
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            وتضيَّع حياتك من غير ما تعمل حاجة؟
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            عملنا اللي قدرنا عليه (يتحسَّس ما به من آثار ضرب).
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            آه … عملتوا إيه؟
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            حاجات بسيطة، خلينا بنت مسكينة تحلم بحياة شريفة … وخلينا راجل نصَّاب يبطل
               غش؟ وريحنا حبة مساكين من السخرة؟ ترقيع يا مولاي … حِتة عَدْل هنا، بسمة أمل هنا …
               حاولنا نرقَّع وش عالم مايستحقش غير الحرق.
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            وهرَّبتم المساجين عشان يساعدوكم في حرق العالم … مش كده؟
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            افتكرهم مظلومين فخلَّصهم.
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            أهه … اعترفت إنه اعتدى على الشرائع … وانت كنت معاه.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            ماتظلمنيش يا مولاي … دانا غلبان.
            
         
         
         
            
            الوالي
            
             (يعاود المكر به)
            
            : 
            
            أنا أظلمك يا سعدون … معقول! … دانا حبيتك من أول ماشفتك … إحنا أصحاب وزمايل
               … ولما تبقى حاكم حتيجي تزورني … وانا أروح أزورك … تشاركني في تجارتي وانا
               أشاركك أفراحك … حكام بقى. وبالعكس حتكون إنت حاكم من نوع فريد … فلاح مصري
               بيحكم طابية عثمانية، مجد لازم تقدِّم الدليل على استحقاقك ليه، حتبقى مسئول
               قُدَّام السلطان عن الرعية وعن النظام … المجنون ده هو عيبك الوحيد … علاقتك
               بيه بتشوِّه صورتك … أقول للسلطان وهبتُه أكبر طابية في ممتلكاتك يا سلطان وهو
               بيكذب … ويخبِّي عليك؟! لازم أقول له إنك معانا … وإنك راجلنا اللي حيكشف
               المجنون ده اللي عامل فارس!
            
         
         
         (سعدون ينفجر في البكاء.)
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            يا خسارة يا مولاي … بتتكلم زي السيَّاس بتوعك مع إنهم تربية الاصطبل … وانت
               سيدهم … تصوَّر كانوا عايزيني أقول عن صاحبي إنه مجنون … إزاي أنطقها يا مولاي …
               إزاي أفتري عليه وانا كلت عيش وملح معاه … وشاركني في أحلامه … أعطاني أعظم حلم
               فيها … خلَّاني لأول مرة أحس إن أنا مش دودة … (يضحكان غضبًا) … ودي حاجة
               بيتهيألي ماتضحكش، ممكن تضحكوا مننا عشان بنحلم في عالم مابيقبلش الأحلام …
               عالم عينه فارغة … مايملهاش إلا التراب … لكن سي اليزل … خلَّاني أحلم أحلام
               حقيقية … ممكن البني آدم منا يمسكها بايديه … لو كان أقوى شوية … أو كان أشرف
               شوية أو أذكى بعضشي …
            
         
         
         
            
            الزوجة
            
            
            : 
            
            ده حمار ومهفوف زيه.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            ماتشتميش الحمير يا مولاتي … أنا كان ليَّ حمار بيفرق من أول نظرة … بين
               الحشايش اللي تتاكل … والشوك السام … حمار أصيل لكن حتفهموا إزاي في الحمير؟
               إلا إذا فهمتم إنني فاهم إنكم مش حتدوني الطابية إلا إذا بقيت كلب.
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            أيها الناكر للجميل … سأسلخ جلدك!
            
         
         
         (يدخل شحاتة فيتظاهر الوالي بالهدوء ويرحِّب به.)
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            أنا حاسس إن روحي بقت أصفى من ضوء القمر، وأكيد ح اقدر أشوف كل شيء على حقيقته
               مهما اتخفَّى في صورة مخادعة يا سعدون … بتعيط ليه؟ مين هنا اتجرَّأ على تبديد
               دموعك الغالية؟ … خايف عليَّه … ماتخافش يا سعدون؟ … أنا مش ح اموت إلا بعد عمر
               طويل … الفارس مابيموتش قبل التابع، مش كده يا سعدون؟
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            أنا مش بعيَّط … «اهئ» لكن أنا بادعي ربنا يحقَّق أحلامك وينجِّيك من شر السحرة
               والناس الدون اللي يكرهو لك الخير.
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            ممكن أكون أضعف من إني أنازلهم كلهم … لكن ح احاول يا سعدون … وح اكون أقوى
               وأقدر على مواجهتهم … ما دمت انت معايا.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            أنا دودة … يا دوب أنا دودة.
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            لا … لا يا سعدون لا … بعد كل المعاناة والألم مش ممكن الإنسان يفضل دودة …
               مع بعض حنواجه كل أشرار الدنيا … وحتحكم طابيتك اللي تستحقها.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            ماعدتش عايزها … خلاص.
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            اهدا … أنا مش خايف ما دمت انت معايا … فماتخافش وانا معاك … قدامنا لسه كتير
               … وفَّر دموعك.
            
               
أيها الأمير … أنا الآن على استعداد لمواجهة شر الدنيا كله لإنقاذ حبيبتي …
               فأين سَجَنها الساحر؟
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            مش عارف … خطفها وخلاص … وهربوا لما عرف بوصولك.
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            وراح فين؟
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            راح لمملكته المسحورة.
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            وفين مملكته المسحورة؟ … لازم اللي زيك يعرف مكانها.
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            بعد السبع بحور والسبع جبال … في النجوم.
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            في النجوم؟!
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            طبعًا … مش كل ساحر عايش في نجم … ماتعرفش تنجيم؟!
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            شفت يا سعدون!
            
               
في الوقت اللي افتكرت فيه أننا وصلنا لقلعة أمير نبيل قلت لك إننا وصلنا
               خمَّارة حقيرة … بص … بيحاول خداعي وف وقت الجد … يهزل ويقول نكت سخيفة!
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            اخرس … واعترف بعجزك وتخاريفك إن كنت مش قادر توصل لمملكته فأنت أعجز من أن
               تكون فارس.
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            أنا أقدر أشق البحر وأهد الجبل … لكن النجوم. يمكن في يوم من الأيام … يوصل
               لها غيري … لكن أنا لأ … دلوقتي أنا متأكد أن حقيقة الإنسان هي إدراكه لحقيقة
               قدراته … وحدودها.
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            برافو … وعرفت دلوقتي إنك مجرد قراقوز مضحك … ماعملش أي حاجة ولا حيعمل؟ …
               أيها المهرِّج التافه … صفِّقوا له … فقد أتقن دوره ولا أعظم مضحك في
               الشوارع!
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
             (ضاحكًا)
            
            : 
            
            شفت يا سعدون فعلًا وصلنا لقصر الساحر لا يمكن أن يكون الساحر إلا على هذه
               الصورة القميئة.
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            اخرس أيها التافه البهلوان الحقير … الكذاب!
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
             (يلاقيه بسيفه فيرعبه)
            
            : 
            
            أنا سمحت لك تضحك بما فيه الكفاية، لكني مش ح اسمح لك بإهانتي أيها الوالي
               المتخفِّي في ثوب الساحر أو الساحر المستتر في هيئة والي.
            
               
أيًّا ما كنت … أشهِر سيفك … وقاتل!
            
         
         
         
            
            الوالي
            
            
            : 
            
            أيها المهرج الأونطجي، اركع واطلب الصفح والغفران على كل ما قلتَه وما فعلتَه،
               واسترحمنا لنسمح لك باختيار الخازوق الذي ستُعدم به … أيها الحارس!
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            لن يسمعك أحد منهم؛ فقد أغلقت عليهم أبواب المطبخ … فهيا للمبارزة لو كانت لديك
               ذرة من الشرف!
            
         
         
         (يتجمَّع الجوق حولهما أو يظهر في مدى البصر، ويحرضونه بصوت هامس
            يتصاعد ببطء أن يقتله.)
         
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            أستطيع أن أذبحك كالشاة، ولكني لست مخادعًا مثلك … فإن كانت لديك ذرة من نبالة
               … فلتبارزني كالفرسان … (الجوق مستمر في تحريضه) لن أخون مبادئي … فأشهِر سيفك،
               قاتل بشرف!
            
         
         
         
            
            الجوق
            
            
            : 
            
            اقتله … فرصتك الآن … بعد الآن يكون الوقت اتأخَّر.
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            لا … أنا لست سفاحًا … إنني فارس … أعطيك الفرصة لتكون نبيلًا للحظة واحدة
               في حياتك … قاتل بشرف!
            
         
         
         (يستدير ليعدَّ خطوات المسافة بعد أن يُلقي إليه بسيف.)
         
         (الأراجوز يضحك ضحكةً أقرب للبكاء.)
         
         
            
            شحاتة
            
             (متوترًا بعض الشيء)
            
            : 
            
            هيا ودافع عن نفسك أمام الجميع!
            
         
         
         (الوالي يُلقي السيف ويُشهر خنجره ويسرع فيطعنه … يسقط شحاتة في
            بطء ويتماسك.)
         
         
         
            
            الفتاة
            
             (صارخة)
            
            : 
            
            سي اليزل … (في ملابسها العادية الأولى.)
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            وصلت في الوقت المناسب … سامحيني لأنني تركتك ورحلت … ماعرفتش سكتي كويس …
               الشر طمس على عيوني … زي ما طمس على عيونكم … لكن أنا حاولت إني أصنع حلم بسيط
               … لي … ولكم … وأحيانًا بيبقى الحلم أقرب من حبل الوريد.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            ماكانش حقك تسيب له فرصة يغدر بيك.
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            وده كان حيغير إيه يا سعدون؟ … دول كثير … كثير قوي … أكثر مما كنت أتصور …
               المهم يا سعدون تساعدني علشان أكتشفهم، الرحلة أطول من خطاوي الواحد منَّا لوحده …
               وأصعب من جهد فارس واحد … لكن أنا مشيتها على قد ما قدرت.
            
         
         
         
            
            سعدون
            
            
            : 
            
            ماتسيبنيش … وتموت … إنت وعدت إنك ماتموتش قبلي!
            
         
         
         
            
            الفتاة
            
            
            : 
            
            إنت الأمل الوحيد … نعمل إيه من غيرك!
            
         
         
         
            
            شحاتة
            
            
            : 
            
            لا … ماتصدقوش … لو كان الأمل الباقي، فارس وحيد، حتى ولو كان سيف بن ذي يزن
               نفسه … يبقى أمل ناقص وحلم عمره ما ح يتحقق.
            
         
         
         (الفتاة تنفجر باكية – الجوق الذي أصبح الآن يخفيه هو والبنت
            وسعدون يطرق في حزن … الراوي يتأمل الأراجوز في يده … يُلقي به على الأرض … يظهر
            سعدون حاملًا سيف شحاتة وهو يمسح دموعه … البنت تتعلَّق وتتحامل على رئيس الجوق الذي
            يتقدَّم.)
         
         
         
            
            رئيس الجوق
            
            
            : 
            
            وبكده يا سادة …
            
               
يا منورين السهرة وزيادة …
            
               
انتهت سيرة فارسنا المنصوري … شحاتة البشبوري على غير ما جرت به سيَر الفرسان،
               وإن كنت أظن أنها كلها تنتهي هكذا في العادة.
            
               
إحنا ياما قرينا وانتم ياما سمعتم.
            
               
وإن كنا قصَّرنا …
            
               
فلأنه الألم عصرْنا …
            
               
لكن في سكك الفن ما اتحسرنا …
            
               
طول ما نفس مصر — مهما نشت ونغرب — يمصرنا.
            
            (والكل يغنِّي.)
            
            
               
               وتظل الناس … تحلم وتعيش وتعيش تحلم … تحزن تفرح … تضحك تبكي
               
               ترضى وتشكي وهي بتحلم
               
               وعلى الأنفاس يركب أنجاس
               
               مملوك صعلوك، فرعون تركي
               
               وشاهات وملوك، ودوسيه سركي
               
               بيدوسوا بقسوة حلم الناس، والناس بتعيش علشان تحلم
               
               والدنيا تسير ع الحلم تعيش
               
               ونعيد ونزيد نحكي ونعيد
               
               في سكك أبو زيد، نحلم ونطير ويَّا الأساطير
               
               علشان نخرج من قعر البير
               
               للشمس لا تنسانا المواعيد … ونعيد ونزيد نحلم ونعيد
               
               لكن يلزم للحلم أكيد
               
               يلزم تفسير
               
               يا فراخ الطير يلزم لك ريش.
               
             
            
          
         
         (إضاءة)