المصفعة

(طبل وبروجي يبدأ بهما احتفال «اضرب واقبض»؛ حيث يتجمَّع الخلق ويجلس الملك ليبدأ التنفيذ – طابع خاص وتأثير مدروس، بعض عمليات الصفع تُثير الشفقة وأخرى تُثير السخرية والفكاهة، ويمكن ارتجال ما يعن ويفيد – دون تزيُّد.)

نموذج واحد

العجوز : يا ابني حِن عليَّه، فرصة وجت لحدك.
الشاب : يا ابويا لأ … تنقطع إيدي ولا أمدها عليك.
العجوز : الدنيا صعبة، وحتى علامي مافادش. ٣٠ دهب ح يعتقوك من الهم والديون.
الشاب : يا عمي أروح من ذنبك فين؟
العجوز : ربنا غفور، دي نجدة من السما … حتلاقي حتة تتاويك.
الشاب : أموت ولا أضرب اللي ربَّاني.
العجوز : فقري … يا خلق في عرضكم اقنعوه، ما انا ياما انضربت على قفايا وببلاش … قولوا له إن كلنا مناخيرنا لفوق واحنا ملزوقين على قفانا … في البيوت، الشوارع … يا خلق دول ٣٠ من الدهب الابريز … هو حد ح يموت من الضرب يا ضنايا … لكن ح تموت م الجوع!

نموذج تاني

العجوز : مصمَّم تضربني يا ابني؟
الشاب : معلهش بعد إذنك برده … حاجة زي لفحة الهوا.
العجوز : هيَّ حصَّلت … تتنكر لتعليمي فيك يا خسارة ع الجدعان!
الشاب : ماتحبِّكهاش قوي … بعدين ابقى اديني ميت قلم.
حيجرى إيه؟ … دي شكة دبوس ونفلسع بالمعلوم ونبقى ألاجة وألسطة … وح اشوفك برده.

هو أنا ح اقب لوحدي … أنا ح اضربك على القفا كده خفيف … خفيف … وانت تعمل الشويتين بتوعك … نتأبج، ونقسم … وسلَّم لي على البتاع.
العجوز : حسبي الله ونعم الوكيل … في علامي وتربيتي فيك.
شكيتك لمن رفع السما وقادر يخسف بيك الأرض.
الشاب : مايضرش … تلاتين دينار دهب … نصوم لهم كفَّارة … هأو!

(بدون افتعال ينقسم الشبان إلى قابضين ومضروبين جلدًا لرفضهم الضرب.)

السلطان : خلاص يا وزير الهم؟
الوزير : خلاص يا مولاي … كل شيء تم.
السلطان : دول اللي ضربوا وقبضوا … طبعًا حلوين! جدعان! سمعوا الكلام.
الوزير : طبعًا يا مولاي … كلك فراسة.

(الحشاش يضحك معلقًا على ما يجري بطريقته.)

السلطان : ودول اللي رفضوا وانجلدوا … بلا نيلة نكدية.
الوزير : تمام يا مولاي نظريتك ماتخيبش.
السلطان : فين الزفت صاحبك … الطويل اللسان.
الحشاش : أيوه جاي …
السلطان : نعمل إيه بعد كده؟ … فين أولاد الحرام اللي انت قلت عليهم فين؟!
الحشاش : يا خبر … ماعرفتهمش يا مولاي … يا سلام. حكمتك يا رب … اسمع! زمان كانوا يقولوا من علمني حرفًا صرت له عبدًا … زمان كان الواحد يبوس الإيد اللي تعلمه الصنعة … وتفتح له أبواب الكون والمعرفة.
زمان لما كان العلم والخبرة لهم معنى … قبل الحركنة والفهلوة والبيع والشرا ما يملا مدينتك … قبل ما تضيع الأصول عشان الوصول … أهم قدامك … وافهم!

اللي داقوا طعم الكربيج بكل شجاعة عشان مايدوسوش على اللي باقي للإنسان ياريت كنت أقدر بروايح الجنة أداوي جروحهم … قبل ما ينقرضوا من الدنيا … إنما اللي يضرب معلِّمه … عشان الفلوس … يبقى زي اللي بيضرب أبوه … اللي يبيع العيش والملح والتربية، يبقى مستعد يبيع ضميره … ويبيع بلده … وأهله … أيوه … دولا أولاد الحرام يا سلطان الزمان الاغبر!

أُس الفساد … وسبب الغمة … وإن كنت عايز تنهي المهمة لف العمامة … سوق الأيامة … وبكل همة … انهي المهمة!
السلطان : يا جلاااااد … (يُسرع إليه.)
حالًا تقطع رقبة المجرمين دول … حالًا … عشان البلد تنضف.

(يتدخل نص نيص.)

نص نيص : لأ … حيلك … مش للدرجة دي يا ملك … يطق لك عرق!

(حيص بيص مندمج.)

السلطان : لا بد من تطهير المدينة منهم لأنهم أُس البلاء … وسبب كل المصايب … مش انتوا اللي قلتوا … آديني بنفذ اللي قلتوه.
إنت الشعب وده وزير من الشعب … يالَّا يا جلاد.
نص نيص : الله! نسيت نفسك؟ مين اللي بيتكلم ومحموق قوي كده؟ إنت! طب معلم قهوة جايز … عمدة استحملناك … تنفع برده … إنما سلطان يا حيص بيص … ماتنفعش.
السلطان : اخرس … يا جلااااد … أنا سلطان بن …

(يقاطعه ضاحكًا.)

نص نيص : فوق … ما أنا اللي مسلطنك … حتعملهم عليَّه أنا!
حيص بيص : أنا قصدي أن ننضَّف المدينة … لازم نتخلص منهم عشان تتطهر ونتطور … ده الطبيعي … وده اللي لازم يقوله الدور … والَّا انت غاوي تقطع كل سكة نمشي فيها؟
نص نيص : الكلام ده لما يكون حيص بيص قاعد مع نص نيص بياخدوا ويدوا في الهجيص، إنما سلطان البرين والبحرين … اللي انت كنته لو فهمته ح يعمل حاجة تانية خالص … والَّا يضيع … يا ابني دانا فايق لك أكتر من حشنيش.
حيص بيص : طب وح يعمل إيه سلطان المدينة دي … مش نكمل للناس الحدوتة … لازم حبسهم طول العمر، جلدهم، نفاهم … لازم يعمل حاجة!
نص نيص : طبعًا عمل … حبسهم، بس في قصره … نفاهم، في وظائف متعبة … مرعبة … إيشي جُباة ضرايب … ملتزمين … خشداشية خازندارية … حكمدارية … استادارية … ومخبرين … وخلافه … أي ملك أو سلطان أكيد حيكتشف فيهم مواهب تنفع عرشه عبيد مخلصين للي فوقهم، ما دام عندهم قلب يدوسوا ف قلب اللي تحتهم … حيلهفوا آه، لكن حيملوا بيت المال … بالمال … ويشغلوا الأشغال … ويجمعوا الأموال … ويروجوا التجارة ويعلو مقام الإمارة!
حيص بيص : دانت دماغك باينها مخرومة يا نص … عرفت الكلام ده منين … ده كلام حشاشين!
الحشاش : احسدونا بقى … دي أدمغة متكلفة … قال جيبته منين؟ … جيبته منين صحيح يا نص نيص ها … ها …
نص نيص : من تواريخ المدن وأحوال الزمان … يا سلطان الزمان قوم كمل اللعبة!

(مجموعة الذين قبضوا يرقصون وينشدون … كلٌّ معه أدوات عمله الجديدة يرتدُون الأقنعة … ينشدون نشيد القصر في قوةٍ يتضاءل معها الجانب الآخر … وحيص بيص يعود ملِكًا … حركاتهم تبرز تفسيرهم المناقض لكلمات النشيد.)

إحنا رجال القصر العالي … وأصحاب الطبلية
مانحبش كلمة وانا مالي … ونحب الحرية
نسهر نحمي الملك الغالي … والشعب ف حنية
نتعكنن من الكيس الخالي … دي الأعمال بالنية
داحنا رجال القصر العالي … يا ويل الحرامية!

(حيص بيص ونص نص نيص والجميع يضحكون ويهنئون أنفسهم وكأن السهرة انتهت ويبدو عليهم السخرية من ضيوفهم … الذين وجموا … يجري أحد المخبرين إلى رئيسهم بورقة … يتنمَّر، ولكنه يكتم غيظه بعد قراءتها … ولكنه بعدما يلاعب الساخرين بابتساماته الصفراء وحركاته المرعبة يوقف الضحك والمرح بقسوة.)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤