واقعة سي اليزل والحمَّارة في القلعة الخمَّارة

شاعر الربابة :
للدنيا طار سي اليزل عدَّى جبال وبحور
قصده ينجي وينقذ كل طير مأسور
ح يحارب الجن علشان شامة ست الحسن
وحبيبته من قهرها في بيته قتلها الحزن
شقيانة يا حسرة غرقانة ف تراب الفرن
كأس الغرام ع الفقير زي الغني بيدور.
الفتاة :
كل الصبايا اتهنُّوا وارتاحوا إلا أنا
والكل عرفوا الحب عشقوا … إلا أنا
والناس يناموا الليل في راحة … إشمعنى أنا
سهرانة أبكي حسرتي … طول السنة
حط الظلام لأسود وضيَّع سِكتي … وتهت أنا
شوك الطريق الصعب قطع هدمتي
وحفيت أنا
لكني مشتاقة أدوق طعم الهنا
على صوت حوافر مهرتك
بيدق قلبي لغنوتك
ارجع لي يا سيف اليزل
رجِّع لي أحلام الأمل
ترجع معاها لحبنا ولأهلنا كل المنى.

(يفضل أن تغني الفتاة وهي تعمل في بيته، ثم يتدرَّج سواء أحسَّها المتفرج أم فاتت عليه، إلى أن نجدها مختلفة قليلًا وعملها مختلف تتحول إلى مرمطونة في الخان الذي يزدحم بالحمَّارة، هي هي فتاة البيت بقدرِ ما هي ليست هي … السكارى يعابثونها وهي ترفض وتتمنع وتقاوم.)

الفتاة : بس يا حمَّار الكلب … سيبني!
حمَّار ١ : أميرتنا الليلة وحبيبتنا … شد معايا يا أبو علي.
حمَّار ۲ : منجه أمورك … الليلة حتبقى آخر حمورية.

(واحد منهم يلبسها عباءة مرقَّعة.)

حمَّار ٣ : بنت السلطان لبست قفطان … ها … ها …
حمَّار ١ : لبس البوصة، تبقى عروسة.
حمَّار ۲ : طب ولو قلَّعتها … ها … ها …
الفتاة : إلهي ربنا يبتليكم بمصيبة … يا أولاد الكلب … الحقوني يا ناس!
حمَّار ۲ : حني ع الشعب يا سلطانة.
حمَّار ٤ : لف العباية على وسطها التحتاني أحلى.
الفتاة : يا غجر يا مجرمين!
حمَّار ٢ : لبسها التاج … عليَّه الطلاق ولا تاج الخنكار.
حمَّار ٣ : كله يُقدم فروض الطاعة.
حمَّار ١ : أنا ح اقدم لها قرعة بوظة على حسابي.
الفتاة : يا غجر … الحقوني!

(يحملونها قسرًا ويدخلون بها وهي تقاومهم بشدةٍ … صارخة.)

(من بعيد أو مخترقين الصالة أو الساحة نجد شحاتة وسعدون وقد أنهكهم التعب.)

شحاتة : سامع يا سعدون … وصلنا للقلعة اللي حبس الساحر فيها شامة … سامع صوتها بيستنجد بيه.

(صرخات.)

سعدون : سامع صويت آه … بس متأكد إنها قلعة؟
شحاتة : مؤكد قلعة … وإلَّا ماكنَّاش سمعنا أصوات العذاب دي.
سعدون : على أي حال المهم أن يكون فيها أي أكل … أكل … وكوم تبن أدفن جسمي وأشخر.
شحاتة : يا سعدون … لازم تكون واثق من المكان اللي وصلت له … وإلَّا حتتلخبط … خليك زيي … قدِّر لرجلك قبل الخطو موضعها.
سعدون : يا سلام … وانت اتأكدت؟
شحاتة : انكتب علينا منذ الأزل إننا نوصل القلعة دي.
سعدون : أرجوك يا سي شحاتة … ماتضحكشي عليَّه دا خان وخمارة … بتاعة حرامية وحمَّارة.
شحاتة (بجدية) : يا سعدون ليه سيبت عينك تخدعك تاني عن جوهر الأشياء … بص بقلبك … ألم نعبر الأنهار الأربعة؟!
سعدون : أنهار؟ وأربعة؟!
شحاتة : نعم أربعة … النيل والفرات وسيحون وجيحون … وبعدها … آدي القلعة.
سعدون : وحياة شنب مراتي أنا لا شفت نهر ولا بحر!
شحاتة : ثق يا سعدون … الثقة هي بداية طريق الانتصار.
سعدون : اللي أنا واثق منه أن عصافير بطني بتوعوع … وإن أنا عايز أرتاح حبة وأنام … عشان نبدأ الشغل.
شحاتة : شغل؟!
سعدون : الحُكم … الولاية … الأبهة والتاريخ … إنت مش قلت إن لما نوصل عند الأميرة … نستلم الحكم؟
شحاتة : وسترى بعينيك كيف سيكون استقبالنا عظيمًا.
(يتقدَّم وينادي) … أيها الأمير يا صاحب القلعة!

أُناديك فاخرج للقتال … أطلِق سراح الأميرة وإلا دمَّرتها فوق رأسك!

(يخرج صاحب الخان وزوجته، يتطلَّعان إليهما في دهشة، زوجة صاحب الخمَّارة سوقية معلمة … والحمَّارة يخرجون أيضًا يتطلعون في دهشة.)

الخمَّار : عايز إيه يا جدع انت، لو عايز سرير ماعندناش، كل الأوض مشغولة، مافيش غير الاصطبل.
زوجته : كل شيء له يشبه اللي له.
شحاتة : لا أتصوَّر إنك تتكلمين بهذه اللهجة السوقية … يا مولاتي الأميرة!
الخمَّار : هه! … أميرة؟!
زوجته : أميرة! يطوَّل عمرك … طلباتك إيه يا زين الفوارس؟
شحاتة : جيت عشان أرجع الأميرة «شامة» لأهلها.
الخمَّار : أميرة إيه يا روح امك؟
سعدون : آه … يا كتافي … حاسس إن إجنابي حتاكلني.
شحاتة : لا تتجاهل الأمر يا أمير … أطلِق سراح الأميرة اللي خطفها جنودك الأنذال هؤلاء!
الزوجة : يكون قصده البنت اللي شغالة عندنا؟
الخمَّار : معقول؟!
الزوجة : دي لقيطة اشتريتها بغدوة من شحَّات.
الخمَّار : ممكن يكون الشحَّات ده خطفها من قصر!
شحاتة : لن أنتظر أكثر من ذلك يا أمير … هيَّا … وإلَّا هدمت قلعتك على أم رأسك!
الزوجة : هأو … قلعة؟ … دي أمك اللي قلعة!
حمَّار : هأو أو … أراجوز على حصان خشب.
حمَّار آخر : يا راجل تعالى … الشغل جوَّه.
الزوجة : مايحكمش يا عمر!
شحاتة : ابتعدي عن طريقي يا صاحبة السمو … لا يجب لمن هي في مقامك أن تحشر نفسها بين الفرسان.

(تضحك ضحكة مثيرة.)

سعدون : يا ست الستات في عرضك … ماتأخذيهوش، أصله مش منهم.
الخمَّار : ترالاللي … والَّا …؟ (ضحكات الأراجوز.)
شحاتة (يتوتَّر) : لن أسمح لأي إنسان مهما كان أن يسخر منِّي … هيا … يا سعدون … إلى المعركة.
حمَّار : صاحبك ماله؟ حِمقي كده ليه؟
حمَّار ۲ : إديله شفطة م الهباب يمكن يروق.
شحاتة : أيها الوغد … اذهب إلى سيدك وقل له …
الزوجة : أيوه يا سيدي … إنت مش منهم؟
شحاتة : أنا فارس الأقطار والدمن، مشتِّت أهل الفسوق والمروق، فاحذري ونادي زوجك دربال مناطح البغال … لأسوِّي الأمر معه … هيَّا! (يهجم عليها بالحربة.)

(تهرب إلى الداخل.)

صوت الفتاة : يا عالم الحقوني … آه … يا حمَّارة الكلب!
شحاتة : يا سعدون … هل سمعت أنهم يعذِّبونها … جئت «يا شامة» فلا تخافي ولا تحزني.
سعدون (يضع البردعة على ضهره) : سمعت واتأكدت، فلتستعد بدرع متين.

(يقتحمان أحد الأبواب ويغيبان في الداخل بينما تعلو أصوات كركبة ودربكة من الداخل.)

شاعر الربابة :
وهجم صاحبنا سي اليزل في قوَّة
وفي عروقه الحماسة نبض ومروَّة
لكن يا ميت خسارة … القلعة خمَّارة
إيه يعمل السيف لوحده ويَّا حمَّارة.

(أصوات من الداخل.)

شحاتة : لا تتدخل يا سعدون، يجب أن أهزمهم وحدي … كما هو مكتوب في الألواح القديمة.
سعدون : لكن دول مستفردين بيه أنا.
شحاتة : يهربون من مواجهتي فأرسلهم لي.
سعدون : أعمل إيه؟ أنا الحيطة المايلة.
شحاتة : لن أتركك لهذه الكلاب السكرانة السعرانة.

(يسود هدوء، ثم تُقذَف أشياؤهم ويدخلان متساندَين.)

سعدون (باكيًا) : هرمشوني يا سي اليزل.
شحاتة : الساحر مخادع وشرير … استعان به أمير القلعة … واستعان هو ببرنوخ … أبو ألف دراع خشب ودراع حديد … لكنهم … لم ولن يتغلبوا عليَّه … سوف أريهم … أيْ!
سعدون : فلقوا دماغي يا سي اليزل.
شحاتة : لكننا مع ذلك أنقذناها … من بين أيديهم … هل رأيت كيف هربوا … وتشتتوا؟

(ينهار واقعًا.)

سعدون : طبعًا … هربوا … هرسونا وهربوا … انتصرنا عليهم … فنحن لم نجرِ ولم نهرب … لكنهم هربوا جروا … وإلَّا كنا ذبحناهم … م ااااه!

(ينهار إلى جواره.)

(إظلام)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤