تأصيل المسرح المصرى بين المجهول والمعلوم

من المُسلَّم به في الأوساط المسرحية والأدبية العربية أن كتاب «أرزة لبنان» المطبوع عام ١٨٦٩ هو أول كتاب مسرحي يُطبع ويُنشر في العالم العربي، وهو الكتاب الذي حوى جميع كتابات مارون النقاش المسرحية والشعرية؛ وهذا يعني أن الأدب المسرحي المطبوع بالعربية حديث العهد في عالمنا العربي بالقياس إلى الفنون الأدبية الأخرى كالشعر. وبالرغم من حداثته، فإنه يحتاج إلى كثيرٍ من التحقيق والتأريخ والدراسة لتأصيله.

ومسرحية «الملكة بلقيس»، التي نحن بصددها، من تلك المسرحيات التي يمكن القول إنها مجهولة في عصرنا الراهن — ذلك أن كثيرًا من المسرحيات التي طُبِعت في القرن التاسع عشر ومطالع القرن العشرين تحتاج إلى بحث دءوب لاستظهارها والتعرف على معالمها — وقد حصلت عليها منذ فترة ليست ببعيدة مصادفة ضمن عدة مسرحيات أخرى، وبعض هذه المسرحيات جمعتها من باعة الكتب القديمة، وبخاصة مكتبات «سور الأزبكية» العتيقة، والبعض الآخر جمعته من عُشَّاق اقتناء الكتب والمخطوطات القديمة.

ومسرحية «الملكة بلقيس» كما هو واضح من صورة غلافها، لا تشتمل على أي توثيق أو تأريخ يهدي القارئ إلى حقيقتها المجهولة! ولعل هذا الأمر كان السبب وراء عدم الْتفات النُقَّاد والكُتَّاب المحدثين إلى أهميتها وقيمتها التاريخية، على الرغم من أنها مطبوعة! فالغلاف يقول: «رواية الملكة بلقيس – تشخيصية غرامية حربية – ذات أربعة فصول – تأليف السيدة لطيفة – طُبِعت على ذمة المؤلفة – حقوق الطبع محفوظة – ثمن كل نسخة خمسة غروش صاغ قبل الطبع وبعده – ويعقب هذه الرواية فصل مضحك للغاية يُقال له: فصل العفريت – طُبِعت بالمطبعة الخديوية بالموسكي بمصر.»

ومن المُلاحظ أن هذا الغلاف يثير عدة أسئلة، من أهمها: متى طُبِعت هذه المسرحية؟ وهل تم تمثيلها أو لا؟ وإذا كانت مُثِّلت … فما هي الفرقة التي مثَّلتها؟ ومن هي المؤلِّفة السيِّدة لطيفة؟ وما حقيقة الفصل المضحك «العفريت»؟ … إلخ هذه الأسئلة التي لو أجبنا عليها لخرجنا بإجابات مفيدة تُجلي خريطة تاريخ الأدب المسرحي في مصر، وستكون حجرًا يُضاف إلى بناء تأصيل المسرح المصري.

طباعة المسرحية

وإذا حاولنا أن نجيب على سؤال: متى طُبِعت مسرحية «الملكة بلقيس»؟ سنجد أن في النص المطبوع عدة دلائل تشير إلى أن هذا النص طُبِع في أواخر القرن التاسع عشر! ومن هذه الدلائل، عنوان النص الذي يقول «رواية الملكة بلقيس»، رغم أنها مسرحية وليست رواية بالمفهوم الأدبي الحديث. وكلمة «رواية» كانت تُطلق على النصوص والعروض المسرحية في أواخر القرن التاسع عشر، أمَّا منذ بداية المسرح الحديث في مصر في أواخر العقد السادس من القرن التاسع عشر، فكانت كلمة «لُعبة» — أو عبارة «لُعبة تياترية» — تُطلق على العروض المسرحية الأجنبية، التي كانت تُعرض في الأوبرا الخديوية بصفة خاصة، ومع دخول المسرح باللغة العربية إلى مصر على يد سليم خليل النقاش،١ وتكاثر الفرق المسرحية العربية في أواخر القرن التاسع عشر؛ تطورت الكلمة فأصبحت «رواية».
وإذا أتينا ببعض الأمثلة عَلَى ما نقول سنجد مجلة «وادي النيل»٢ في ١٢ / ١١ / ١٨٦٩ تصف لنا أول عروض الأوبرا الخديوية قائلةً:
«إن من الأخبار التي يقول المُصغي لها إذا سمعها: الحمد لله الذي قدَّر ولطف، أنه بينما كان الجناب الخديوي المُعظَّم قد شرَّف مكان تياترو الأوبيرة — ملعب التخليعات التصويرية الممزوجة بالألحان الموسيقية — الكائن بالمحلة الإسماعيلية بالأزبكية، وكان كل من اللاعبين واللاعبات يُبدي ما عنده من المهارة ويُظهر برهان ما لديه من البراعة والشطارة في اللعبة المشهورة عندهم باسم «لاريجواليته» في ليلة الثلاثاء الماضي، وإذا بثورة من الغاز الموقد في مكان التياترو المذكور قد قامت وكأن القيامة قد قامت، حيث فزع سائر الحضور، وانقطع سلسال الحظ والسرور، وكان أول من أبق من خوف النار وقال إن الغنيمة في الفرار أبناء الفن.»٣

كما جاءت نفس المجلة بخبر في ١٧ / ٢ / ١٨٧٠ قالت فيه:

«إلى سائر غواة الألعاب التياترية والألحان الأوروبية، تياترو الأوبيرة بمصر القاهرة، في يوم ١٩ فبراير (ليلة الأحد)، ستُلعب اللعبة التياترية المشهورة باسم «سيماراميس»؛ ليُعطى إيرادها لصندوق الإعانة المُنشأ بهمَّة جناب درانيت بك،٤ ناظر عموم التياترات الخديوية، لذوي الحاجات من أسطاوات وخدمة التياترات المصرية في ظل الحضرة الخديوية. وهي عبارة عن تخليعة من نوع الألعاب التياترية المسماة باسم الأوبيرة؛ أي تصوير وقعة تاريخية يتخللها توقيعات موسيقية.»٥

وإذا نظرنا إلى وصف الصحف للعروض والنصوص المسرحية باللغة العربية التي كانت تتبع الفرق العربية؛ سنجدها تصفها بالرواية، ففي ١١ / ٢ / ١٨٧٧ قالت جريدة «الوقائع المصرية»:

«… وردت من الحاذق اللبيب جناب سليم أفندي نقاش مدير التياترو العربي كتابة تتضمن أنه حضر من الديار الشامية إلى ثغر الإسكندرية بصدد تقديم روايات في التياترو، فقوبل بالقبول فوق المأمول، ومع تلك الكتابة إعلان هذه صورته: يوم السبت القادم … يصير تشخيص رواية «مي» … وهي رواية تاريخية تحتوي عَلَى وقايع رومانية شهيرة، من تأليف كورنايل الفرنساوي الشهير، مترجمة إلى العربية بقلم سليم أفندي نقاش، مدير التياترو العربي، وتذاكر الدخول تُباع في محل مخصوص بجانب كونسلاتو فرانسا. ويوجد هناك أيضًا برسم المبيع نسخ من الرواية ذاتها مطبوعة بالعربية تحتوي عَلَى مئتي صفحة، ثمن النسخة فرنك ونصف. وتُباع أيضًا رواية «عائدة» الشهيرة في الديار المصرية، مُترجمة بقلم سليم أفندي نقاش المومأ إليه، وثمن كل نسخة منها فرنكان، وفي محل حبيب غرزوزي أفندي.»٦

وفي ٧ / ٢ / ١٨٧٩ قالت جريدة «الأهرام» تحت عنوان «التياترو العربي بالمحروسة»:

«… تقدم قومبانية جناب الشاب النبيه يوسف أفندي خياط رواية «الظلوم» ذات خمسة فصول، وتخصص دخل هذه الليلة للمشخِّصة الأولى. فالمرجو من همة الجمهور … تشجيع القومبانية عَلَى المثابرة والاجتهاد في إتقان العمل، عَلَى أن ما ظهر منها إلى الساعة كافٍ لإيجاب سرور الجمهور.»٧

وقالت جريدة «الأهرام» أيضًا في ٢٤ / ٨ / ١٨٨١:

«في مساء السبت تُشخَّص في تياترو زيزينيا رواية «الغيور» بإدارة حضرة الشاب البارع جدًّا في هذا الفن سليمان أفندي حداد؛ وأمَّا أوراق الدخول فتُباع عند حبيب أفندي غرزوزي وأمام البورصة وعلى باب التياترو. والمرجو أن يتقدم الجمهور للحضور.»٨

وفي ١ / ١ / ١٨٩٠ قالت جريدة «القاهرة»:

«سيُمثِّل جوق حضرة الأديب البارع الشيخ أبي خليل القباني في ليلة الجمعة القادمة رواية «أنيس الجليس»، التي اشتهرت في باب الروايات بالظرافة واللطافة. وستغنِّي الست ليلى المطربة فصلين، في خلال الرواية وختامها.»٩

وأخيرًا قالت جريدة «المقطم» في ٢ / ٦ / ١٨٩١:

«عزم حضرة الأديب إسكندر أفندي فرح أن يُمثِّل ثلاث ليالٍ في تياترو الأزبكية، وهي ليلة الجمعة القادمة وليلة الأحد وليلة الثلاثاء، فيُمثِّل في ليلة الجمعة رواية «أبي الحسن»، وفي ليلة الأحد رواية «أبي العلاء»، وفي ليلة الثلاثاء رواية «ملتقى الخليفتين».»١٠

ومن خلال هذه الإشارات يلاحظ القارئ أن العرض المسرحي الذي كان يُقام في الأوبرا الخديوية من قِبل الفرق الأجنبية، كانت الدوريات المصرية تصفه باللعبة تارة وباللعبة التياترية تارة أخرى. أمَّا العروض والنصوص المسرحية العربية التي كانت تُعرض أو تصدر من قبل الفرق العربية، فكانت تصفها بالرواية. وإذا عدنا إلى نقطة البداية سنجد نص «الملكة بلقيس» كُتِب عليه كلمة «رواية»، ولم يُكتب عليه كلمة «لُعبة» أو عبارة «لُعبة تياترية»، وهذا يدل عَلَى أن هذا النص تم طبعه في أواخر القرن التاسع عشر عَلَى اعتبار أنه مطبوع باللغة العربية.

هذا بالإضافة إلى أن النص مطبوع بالحجر، وهذا واضح من صورته، ومطابع الحجر كانت المطابع الرسمية والأساسية في القرن التاسع عشر. هذا فضلًا عن أسلوب طباعة حوار المسرحية! فالمعروف الآن أن أسماء شخصيات المسرحية تُكتب عَلَى اليمين، أمَّا حوارها فيُكتب عَلَى اليسار بعد الأسماء مباشرةً، أمَّا في نص مسرحية «الملكة بلقيس» نلاحظ أن أسماء الشخصيات كُتِبت بطريقة مختلفة! وهذه الطريقة تتمثل في وجود عنوان ثابت أعلى يمين جميع الصفحات به كلمتان، هما (مُتكلم، مُخاطب)، وأسفل المتكلم وُضِعت الأسماء المتحدثة، وأسفل المخاطب وُضِعت الأسماء الموجه إليها الحديث.١١ كما يُلاحظ أيضًا أن كلمة «الجزء» هي المرادف لكلمة «المشهد» حاليًّا، وهذا المصطلح كان منتشرًا بهذا المعنى في المسرح العربي منذ بدايته في العالم العربي، وقد شرحه مارون النقاش في مقدمته الشهيرة بكتابه «أرزة لبنان»١٢ وبناءً عَلَى ذلك نقول: إن أسلوب طباعة مسرحية «الملكة بلقيس» هو نفس أسلوب معظم المسرحيات العربية التي طُبِعت في القرن التاسع عشر، والأمثلة عَلَى ذلك كثيرة.١٣
ومن الأدلة أيضًا التي تشير إلى طباعة المسرحية في أواخر القرن التاسع عشر، العبارة التي جاءت أسفل العنوان، والتي تقول: «تشخيصية غرامية حربية»، وهي من العبارات الأثيرة لدى طابعي وناشري المسرحيات العربية في القرن التاسع عشر، والأمثلة كثيرة عَلَى ذلك أيضًا.١٤ هذا بالإضافة إلى تلك العبارة التي جاءت عَلَى الغلاف وتقول: «ويعقب هذه الرواية فصل مضحك للغاية يُقال له العفريت.» وإذا علمنا أن الفصول المضحكة كانت منتشرة في المسارح المصرية منذ بداية ظهور المسرح المكتوب أو المنطوق بالعربية في مصر، وظلَّت مستمرة حتى أوائل القرن العشرين؛ سيتَّضِح لنا أن هذه المسرحية طُبِعت في أواخر القرن التاسع عشر.
وأخيرًا نجد آخر عبارة كُتِبت عَلَى غلاف المسرحية تقول: «طُبِعت بالمطبعة الخديوية بالموسكي بمصر»، وهي عبارة تدل عَلَى أن المسرحية طُبِعت في العهد الخديوي بمصر، وإذا وضعنا في الاعتبار أن الحكم الخديوي في مصر بدأ بالخديو إسماعيل ثمَّ الخديو توفيق وأخيرًا الخديو عباس؛ فإن ذلك يرجِّح أن المسرحية طُبِعت في أواخر القرن التاسع عشر؛ حيث إن المطبعة الخديوية طَبعتِ العديد من المسرحيات العربية في ذلك الوقت.١٥

تمثيل المسرحية

إذا طرحنا عَلَى أنفسنا سؤالًا يقول: هل تم بالفعل تمثيل مسرحية «الملكة بلقيس»؟ سنجد أن الإجابة تحتاج منَّا إلى القيام بمسح للدوريات التي تحدَّثت أو أشارت إلى العروض المسرحية التي تمَّت في القرن التاسع عشر، والتي تحمل اسم «بلقيس»! ورغم صعوبة هذه المهمة إلا أننا قمنا بها في دراسة سابقة.١٦

وإذا استعنَّا بمواد هذه الدراسة هنا؛ سنجد أن هناك خمس إشارات لعروض مسرحية تحمل اسم «بلقيس»، وللوقوف عَلَى حقيقة تمثيل النص الذي بين أيدينا، سنناقش هذه الإشارات بشيءٍ من التفصيل:

  • الإشارة الأولى: جاءت من خلال جريدة «القاهرة» في ١٠ / ١١ / ١٨٨٧، عن طريق إعلان لتياترو حديقة الأزبكية يخصُّ جمعية المعارف والنجاح، جاء فيه:
    «نحيط نصراء الإنسانية علمًا بأننا سنشخِّص رواية «تأثير العشق عَلَى الملكة بلقيس» في مساء الخميس ليلة الجمعة الموافق ١٠ نوفمبر سنة ١٨٨٧؛ إعانةً لمدرسة النجاح التوفيقية المؤسسة بمصر. وهذه الرواية تاريخية أدبية غرامية ذات خمسة فصول، ويليها فصل مضحك للغاية، ويتخلَّلها أدوار تلحين من أعظم المغنيين. فرجاؤنا من حضرات الجمهور الإقبال عَلَى ابتياع التذاكر؛ حيث إن الغاية خيرية.»١٧

    وإذا تفحَّصنا هذه الإشارة جيِّدًا؛ نلاحظ أن اسم مسرحية «تأثير العشق عَلَى الملكة بلقيس» يختلف عن اسم مسرحيتنا «الملكة بلقيس»، ورغم هذا الاختلاف الطفيف فإن موضوع مسرحية «الملكة بلقيس» ينطبق عليه الاسم الآخر تمام الانطباق! وسيتَّضح هذا الأمر للقارئ عندما يقرأ النص المنشور في هذا الكتاب. وإذا أضفنا إلى ذلك عبارة «ويليها فصل مضحك للغاية»، كما جاءت في الإشارة السابقة، وربطنا بينها وبين نص الفصل المضحك «العفريت» المطبوع بعد نص المسرحية؛ سيقوى احتمال أن هذه الإشارة ربما تخصُّ تمثيل مسرحية «الملكة بلقيس»، وذلك عَلَى الرغم من وجود عبارة «ذات خمسة فصول» التي تُضعِف الاحتمال؛ لأن نص «الملكة بلقيس» الذي بين أيدينا ذات أربعة فصول!

    ورغم ذلك فالاحتمال ما زال قائمًا؛ لأنه من الممكن أن يكون القائم عَلَى العرض قام بتقسيم أحد الفصول إلى فصلين، وربما أيضًا أن يكون هذا العرض المسرحي تم قبل طباعة المسرحية نفسها، ومن هنا جاء الاختلاف بين اسم العرض وبين اسم النص المطبوع.

  • الإشارة الثانية: جاءت في ٨ / ٤ / ١٨٩١، وفيها قالت جريدة «المقطم»:
    «مثَّل جوق الكمال الوطني بإدارة علي أفندي حمدي أمس وما قبله روايتي «الملكة بلقيس» و«قوت القلوب»، فأجاد الممثِّلون والممثِّلات، وسُرَّ الحضور وصفَّقوا استحسانًا. وسيمثِّلون في هذه الليلة رواية «يوسف الصديق».»١٨

    والملاحظ عَلَى هذه الإشارة أنها ذكرت صراحةً اسم المسرحية «الملكة بلقيس»، ولم تتحدث عن أي شيءٍ آخر! فإذا كانت الإشارة السابقة أوحت بعدة دلائل عَلَى أن مسرحية «الملكة بلقيس»، هي المقصودة بالتمثيل دون ذكر الاسم الصحيح، فإن هذه الإشارة تؤكد عَلَى أن مسرحية باسم «الملكة بلقيس» مُثِّلت بالفعل عام ١٨٩١. ولكن هذا الترجيح غير كافٍ لإثبات أن مسرحية «الملكة بلقيس» التي مُثِّلت عام ١٨٩١، هي نفسها مسرحية «الملكة بلقيس» المطبوعة والمنشورة في هذا الكتاب؛ لأن إشارة جريدة «المقطم» لم تأتِ بأية تفصيلات أخرى، سوى التصريح باسم المسرحية فقط!

  • الإشارة الثالثة: جاءت من خلال جريدة «المقطم» أيضًا، وبالأخص من وكيلها في طنطا، عندما قال في ٢٤ / ٧ / ١٨٩١:
    «مثَّل الجوق العربي عندنا ليلة أمس رواية «بلقيس»، وهي رواية أدبية ذات خمسة فصول، فأجاد الممثِّلون وصفَّق لهم الحاضرون، وسيُمثِّل ليلة السبت رواية «الصيَّاد»، فنحض الجمهور عَلَى الأخذ بناصر هذا الجوق الوطني إحياءً لهذا الفن الأدبي.»١٩
    والجوق الوطني المقصود في هذه الإشارة هو جوق إسكندر فرح … ومن الملاحظ أن هذه الإشارة تبعدنا عدة خطوات عن هدفنا، وهو إثبات أن مسرحية «الملكة بلقيس» المنشورة في هذا الكتاب قد مُثِّلت في القرن التاسع عشر؛ لأن هذه الإشارة تُثبِت أن مسرحية باسم «بلقيس» — وليست باسم «الملكة بلقيس» — مُثِّلت عام ١٨٩١! ورغم هذا الاختلاف اليسير إلا أنه اختلاف يُقوِّي احتمال أن هناك مسرحيتين مختلفتين، الأولى باسم «الملكة بلقيس» والأخرى باسم «بلقيس»! وذلك عَلَى الرغم من قيام الفرق المسرحية في هذا الوقت بتغيير أسماء نفس المسرحيات للإيحاء باختلافها جذبًا للجمهور، وبالأخص فرقة إسكندر فرح.٢٠
  • الإشارة الرابعة: جاءت من خلال مجلة «الأستاذ» في ٢٨ / ٣ / ١٨٩٣، وفيها تحدَّث عبد الله النديم عن جمعية الفتوح الخيرية قائلًا:
    «هي تُشخِّص الروايات المقبولة، فقد شخَّصت رواية «الملكة بلقيس» في تياترو البراديزو، فخرج الناس شاكرين فضلها متشكرين لحضرات أعضائها؛ حيث أبدوا من إتقان التشخيص وحسن التمثيل ما دعا الناس إلى الثناء عليهم. وعلاوةً على ذلك فإنها جمعية خيرية تُدرِّس العلوم والمعارف لها مدرسة في كوم الشقافة، وعازمة على تأسيس مدرسة أخرى في قسم القباري …»٢١

    وهذه الإشارة تتفق مع الإشارة الثانية في التأكيد على أن هناك مسرحية باسم «الملكة بلقيس» تم تمثيلها بالفعل عام ١٨٩٣. ولكن هذا الاتفاق لم يثبت صراحةً أن مسرحية «الملكة بلقيس» التي مُثِّلت عام ١٨٩٣ هي نفسها مسرحية «الملكة بلقيس» المطبوعة والمنشورة في هذا الكتاب؛ لأن إشارة مجلة «الأستاذ» لم تأتِ بأية أمور أخرى عن العرض سوى التصريح باسم المسرحية فقط!

  • الإشارة الخامسة: وقد جاءت من خلال جريدة «المقطم» في ٢٠ / ١٠ / ١٨٩٣، وفيها قالت:
    «مثَّل جوق السرور البارحة رواية «بلقيس» أو «أحوال العُشَّاق»، فأحسن الممثِّلون والممثِّلات في التمثيل والإلقاء، وخصوصًا بلقيس حين أخذتها الغيرة من ابنتها لعشقها الأسير الذي تحبه هي. وكان تصفيق الجمهور متواليًا علامة الاستحسان، وقد عقب ذلك تمثيل فصول سيماوية ذات مناظر مختلفة، فكان لها حُسن الوقع، وتلاها فصل مضحك سُرَّ به الحاضرون …»٢٢

    وبالرغم من أن هذه الإشارة تُعتبر من أضعف الإشارات التي وجدناها عن عرض المسرحية؛ حيث إنها لم تذكر صراحةً اسم العرض المسرحي ﺑ «الملكة بلقيس»، كما أنها ذكرت اسمًا آخر للعرض وهو «أحوال العُشَّاق»! إلا أنها تعتبر أقوى دليل على أن المسرحية التي تم تمثيلها بالفعل عام ١٨٩٣ باسم «بلقيس» أو «أحوال العُشَّاق» من خلال جوق السرور، هي نفسها مسرحية «الملكة بلقيس» تأليف السيدة لطيفة، والمنشورة في هذا الكتاب!

    والدليل على ذلك أن هذه الإشارة هي الوحيدة التي ذكرت مضمون المسرحية عندما قالت: «وخصوصًا بلقيس حين أخذتها الغيرة من ابنتها لعشقها الأسير الذي تحبه هي.» وعندما يطالع القارئ نص المسرحية سيتَّضح له أن المضمون المذكور في الإشارة السابقة هو عين مضمون نص المسرحية المنشور، فمسرحية «الملكة بلقيس» للسيدة لطيفة تحكي عن وقوع بلقيس في حب أسيرٍ لها هو «بختيار»، الذي يقع في حب «جوليا» ابنة بلقيس، وبسبب ذلك تدبُّ الغيرة في قلب بلقيس، وتحاول بكل وسيلة أن تفرِّق بين بختيار وابنتها جوليا؛ حتى تفوز بحب بختيار … إلخ أحداث النص المنشور.

    وبناءً على الإشارة السابقة يتأكد لنا أن نص مسرحية «الملكة بلقيس» تأليف السيدة لطيفة قد تم تمثيله بالفعل في أواخر القرن التاسع عشر، وبالأخص في عام ١٨٩٣ من خلال جوق السرور. بل ونستطيع أن نقول إن النص المنشور في هذا الكتاب هو أحد نصوص التمثيل الفعلية؛ لأن هذا النص كان يخصُّ جوق السرور، وهذه النسخة هي نسخة التمثيل! والدليل على ذلك صفحة «أسماء المشخِّصين» المنشورة ضمن نص المسرحية، وفيها يلاحظ القارئ أن أسماء الممثِّلين كُتِبت أمام أسماء شخصيات المسرحية بخط اليد من خلال «الريشة والمداد»، وجاءت هكذا: السيدة، مرتضى، ليلى، لطيفة، مصطفى، كامل، عبد الخالق. وسنعلم في موضِع لاحق أن «مصطفى، ولطيفة» من أبرز ممثِّلي جوق السرور.

أول مؤلفة مسرحية مصرية

إذا كنَّا قد أثبتنا أن مسرحية «الملكة بلقيس» تمت طباعتها وتمثيلها في أواخر القرن التاسع عشر، فمن الواجب علينا أن نبحث عن مؤلِّفة هذه المسرحية؛ لأنها تُعتبر — حتى هذه اللحظة — أول مؤلِّفة مسرحية عربية مصرية! فمن يقرأ تاريخ المسرح العربي بصفة عامة والمسرح المصري بصفة خاصة؛ لن يجد قبل عام ١٨٩٣ نصًّا مسرحيًّا مطبوعًا قامت بكتابته «امرأة» سوى نص مسرحية «الملكة بلقيس» للسيدة لطيفة! فمن هي «لطيفة»؟!

نحن نظن أن السيدة «لطيفة» هي إحدى السيِّدات العاملات في المجال المسرحي المصري في القرن التاسع عشر … وهذا الظن راجع إلى ما كُتِب على غلاف المسرحية من أن المسرحية «طُبِعت على ذمة المؤلِّفة»؛ أي إنها تعشق المسرح، بدليل أنها طبعت النص على نفقتها الخاصة، بالإضافة إلى عبارة «حقوق الطبع محفوظة»! وهذا يعني أن أية فرقة مسرحية إذا أرادت أن تُمثِّل نص مسرحية «الملكة بلقيس»، لا بد وأن تأخذ الإذن بذلك، أو تدفع للمؤلفة مبلغًا نظير ذلك، وهذا يدل أيضًا على أن المؤلِّفة «لطيفة» كانت تعمل في الوسط المسرحي، أو على أقل تقدير لها تعاملات مع الفرق المسرحية، وبالأخص مع «جوق السرور» عام ١٨٩٣.

وإذا كان ظننا السابق جاء من خلال عبارات غلاف المسرحية، فإننا يجب أن نؤكِّده ونوثِّقه بأدلة تاريخية أخرى، ولا يوجد أمامنا إلَّا البحث في التاريخ المسرحي عن سيدة تُدعى «لطيفة» عملت في مجال المسرح! وبالفعل بحثنا في تاريخ المسرح المصري منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى الثلث الأول من القرن العشرين — لِظنِّنا أن لطيفة ربما عاشت إلى هذا الوقت، على اعتبار أنها كتبت النص في أواخر القرن التاسع عشر — فوجدنا ست ممثلات مسرحيات كل واحدة منهن تُدعى «لطيفة»، خمس ممثِّلات في الثلث الأول من القرن العشرين، وممثِّلة واحدة فقط في أواخر القرن التاسع عشر.

فالممثِّلة الأولى — من ممثِّلات الثلث الأول من القرن العشرين — هي «لطيفة أمين»، وقد عملت في عدة فرق مسرحية منذ عام ١٩١٨، منها فرقة جورج أبيض ورمسيس وعزيز عيد والفرقة القومية. والثانية «لطيفة كامل»، وقد عملت في فرقة فوزي منيب عام ١٩٢٥. والثالثة «لطيفة سعيد»، وقد عملت في فرقة أمين صدقي عام ١٩٢٦. والرابعة «لطيفة حجازي»، وقد عملت في فرقة عكاشة منذ عام ١٩٢٧. والخامسة «لطيفة نظمي»، وقد عملت في فرقة جمعية أنصار التمثيل، وأيضًا في فرقة علي الكسَّار منذ عام ١٩٣٤.٢٣

وإذا نظرنا إلى أسماء الفرق المسرحية السابقة، وتتبعنا أخبار كل ممثلة تُدعى «لطيفة» عملت بهذه الفرق؛ لن نجد أية علاقة بين الممثِّلات وفرقهن وبين مسرحية «الملكة بلقيس» وجوق السرور! وبناءً على ذلك لم يبقَ أمامنا إلا الحديث عن الممثلة «لطيفة» التي عاشت وعملت بالتمثيل المسرحي في أواخر القرن التاسع عشر.

واسم الممثلة «لطيفة» جاء ذكره في ست إشارات منذ عام ١٨٩١ وحتى عام ١٨٩٦، وجميعها تحدَّثت عن جوق السرور وبطلته وممثِّلته الأولى «لطيفة»! ولنتحدث عن هذه الإشارات بشيءٍ من التفصيل:
  • الإشارة الأولى: ذكرتها جريدة «المقطم» في ١٨ / ٢ / ١٨٩١، وذلك من خلال «إعلان جمعية السرور الوطنية»، جاء فيه:
    «إن فن التشخيص قد ازدهى في هذه الأيام وصار له المقام الأول بين الهيئة الاجتماعية، ودليل ذلك إقبال العموم على المراسح، واستماع الروايات الأدبية التي هي مرآة يرى بها الحاضر أحوال السلف وما كانوا عليه من العفة والأمانة، وكيف يكون جزاء الخائنين. ويشاهد أيضًا مسامرتهم ومحاضرتهم الأدبية، ويمتِّع أنظاره بمشاهد حسنة، ويشنف آذانه بأصوات رخيمة. ولما كنت من الذين خدموا هذا الفن مدة من الزمن، وقمت بتشخيص روايات كثيرة في القاهرة والأرياف، حائزًا من كرم المولى على رضا العموم، وهو أمر أعُدُّه أكبر تعزية لي؛ فاقتضى من ثمَّ أن أقابل معروفهم بإتقان حالة جوقنا إلى حدٍّ يضاعف سرورهم ويزيد حبورهم. وإجابةً لطلب كثيرين قد اتَّخذنا محلًّا جديدًا حسن الغاية في النصرية، بجوار منزل سعادة قاسم باشا، أمام مدرسة المبتديان؛ لتشخيص كثير من الروايات التي شُخِّصت والتي لم تُشخَّص إلى الآن. كل ذلك جعلناه خدمة للوطن عن طيب قلب، لا نطلب عليه مكافأة سوى رضا مُحبِّي الآداب، متَّكلين في كل أمرٍ على الواحد القهار، داعين بطول بقاء الحضرة الفخيمة الخديوية التي بأيامه السعيدة ازدهت رياض العلم وأثمرت … كيف لا وعلي المبارك ناظرها مُبشِّر الآداب بحُسن المآب وظهور العلم بعد احتجاب. ولا لزوم للإطناب لأنه عند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان، وعلى الله الاتِّكال في كل حال. وسنشخِّص في هذه الليلة رواية، وسيقوم بأهم الأدوار حضرة المطرب الشهير مصطفى أفندي علي، وحضرة السيِّدة المشهورة بهذا الفن «لطيفة عبد الله»، ويعقب ذلك فصل رقص تتعطر وتتنايس به إحدى السيِّدات المشهورات، ويتلو ذلك فصل مضحك. أسعار الدخول ٣٠ قرش صاغ لوج خمس كراسي. ٤ كرسي درجة أولى … مدير الجمعية ميخائيل جرجس.»٢٤
  • الإشارة الثانية: جاءت من خلال جريدة «السرور»، وتحديدًا من مراسلها بالفيوم في ٢٤ / ٣ / ١٨٩٢، قائلًا فيها:
    «قدم إلينا جوق جمعية السرور بإدارة حضرة الأديب ميخائيل أفندي جرجس، فمثَّل بيننا عدة روايات أدبية أشهرها رواية «عائدة»، وقد مثَّلها أمس بحضور كثيرين، فأجاد الممثِّلون والممثِّلات بأدوارهم من حُسن الإلقاء وبراعة التمثيل، سيَّما حضرة محمود أفندي رحمي، ممثل دور رمسيس رئيس الكهنة، وحضرة الخاتون الفاضلة «لطيفة» ممثِّلة دور عائدة؛ مما اضطر الحاضرون لاستعادة عدة أدوار مهمة يتخللها تصفيق الاستحسان، وقد وقف وكيلهم إبراهيم جرجس نخلة في المرسح خطيبًا مُظهِرًا فضل الروايات وما لها من التأثير على الهيئة الاجتماعية، ثمَّ مدح الجوقة وأظهر براعتهم في هذا الفن، وختمه بالدعاء لسموِّ خديوينا المعظَّم ورجاله الكرام.»٢٥
  • الإشارة الثالثة: جاءت في ٢٢ / ١٢ / ١٨٩٤، وقال فيها مراسل جريدة «المقطم» ببني سويف:
    «لا يزال جوق الأديب ميخائيل أفندي جرجس يمثِّل رواياته الأدبية، والجمهور شاكر لحسن انتقاء الروايات وبراعة الممثِّلين والممثِّلات، ولا سيَّما حضرة السيدة «لطيفة»، لحُسن إلقائها وفصاحة نطقها، وحضرة الشيخ إبراهيم ذي الصوت الرخيم. ويُمثِّل في مساء الغد رواية «أوتلو» الشهيرة، وهي رواية جديدة لم يسبق لهذا الجوق تمثيلها في هذا البندر.»٢٦
  • الإشارة الرابعة: جاءت في ٩ / ١ / ١٨٩٦، من خلال مراسل جريدة «مصر» في المنصورة، قال فيها:
    «قد شرَّف بندرنا جوق السرور الوطني لحضرة ميخائيل أفندي جرجس، وسيُمثِّل في هذه الليلة رواية «شهداء الغرام»، ويقوم بأهم أدوارها حضرة المطرب الشهير مصطفى أفندي علي والممثِّلة البارعة السيِّدة «لطيفة»، فعسى أن يجد من العموم إقبالًا ينشط على هذا العمل المفيد لأبناء وطننا العزيز.»٢٧
  • الإشارة الخامسة: جاءت أيضًا من خلال مراسِل جريدة «مصر» في المنصورة بتاريخ ٢٢ / ١ / ١٨٩٦، قال فيها:
    «شخَّص جوق حضرة ميخائيل أفندي جرجس الليلة الماضية بتياترو التفريح رواية «كليوباترا»، وقد أجاد جميع الممثِّلين، سيَّما حضرة المطرب البارع خالب القلوب بحسن نغماته مصطفى أفندي علي، الذي مثَّل دور أنطونيوس، والسيِّدة «لطيفة» التي مثَّلت دور كليوباترا، ووضعته في قالب من السبك والانتظام. وقد قام حضرة حنَّا أفندي فهمي وتلا خطبة على الحاضرين عن التشخيص وفوائده. وسيُمثِّل هذا الجوق في ليلة الأحد القادمة رواية «يوسف الصديق»، فعسى أن يجد من الأهالي إقبالًا.»٢٨
  • الإشارة الأخيرة: ذكرتها جريدة «المقطم» في ٢٨ / ٢ / ١٨٩٦، قائلةً تحت عنوان «إعلان للمنوفية»:
    «بحوله تعالى قد استحضرنا جوقنا المشهور «بجوق السرور» إلى بندر شبين الكوم، وسنبتدئ في التمثيل ليلة الأحد المقبل، فنمثِّل رواية «صلاح الدين الأيوبي»، وسيقوم بأهم أدوارها حضرة المطرب مصطفى أفندي علي، وجناب السيِّدة «لطيفة» الشهيرة. فنرجو من حضرات الأعيان تشريفنا ليشاهدوا ما يسر خاطرهم، وعلى الله التوفيق … ميخائيل جرجس صاحب جوق السرور.»٢٩
ومن الملاحظ على هذه الإشارات أنها تؤكِّد على أن السيِّدة «لطيفة عبد الله» هي بطلة جوق السرور وممثِّلته الأولى، وإذا عدنا إلى الوراء قليلًا سنجد أن مسرحية «بلقيس» تم تمثيلها مرة واحدة فقط من خلال جمعية المعارف والنجاح وجوق الكمال وفرقة إسكندر فرح وجمعية الفتوح الخيرية، أمَّا «جوق السرور» فقد مثَّلها أكثر من مرة!٣٠ وهذا يدل على أن السيِّدة «لطيفة» مؤلِّفة مسرحية «الملكة بلقيس» هي نفسها السيِّدة «لطيفة عبد الله» بطلة جوق السرور.

والدليل على ذلك أيضًا أن غلاف نص مسرحية «الملكة بلقيس» لم يذكر اسم «لطيفة» بالكامل كما جاء في الإشارة الأولى، وهو «لطيفة عبد الله»! وتفسير ذلك — من وجهة نظرنا — يتمثَّل في أن الإشارة الأولى، والتي كتبها ميخائيل جرجس — صاحب جوق السرور على سبيل الإعلان عن فرقته — كانت في عام ١٨٩١، وهو من الأعوام الأولى لجوق السرور! ومن هنا كان لا بدَّ لصاحب الجوق أن يُعلِن عن الأسماء الكاملة لأعضاء فرقته، خصوصًا ممثِّلته الأولى. ولكن بعد مرور عام من التمثيل ونجاح جوق السرور؛ اكتفت الصحف بذكر اسم «لطيفة» فقط؛ دلالةً على شهرتها وارتباطها بجوق السرور، هذا بالإضافة إلى عدم وجود أية ممثِّلة أخرى في هذه الفترة تُدعى لطيفة! وبناءً على هذا عندما ألَّفت لطيفة مسرحيتها «الملكة بلقيس»، وطبعتها عام ١٨٩٣، لم تذكر اسمها كاملًا على غلاف النص، على اعتبار أنها قد عُرِفت باسمها الأول فقط وهو «لطيفة».

ومما سبق يتضح لنا أن بطلة «جوق السرور» الممثِّلة «لطيفة عبد الله» هي مؤلِّفة مسرحية «الملكة بلقيس» التي طُبِعت ونُشِرت في أواخر القرن التاسع عشر، والتي مُثِّلت عام ١٨٩٣. وإذا أمعنَّا النظر في اسم «لطيفة عبد الله»، سنجده اسمًا مصريًّا مسلمًا؛ مما يدلُّ على أن «لطيفة عبد الله» هي أول ممثِّلة ومؤلِّفة مسرحية «مصرية مسلمة»٣١ والسبب في إثارة هذا الأمر أنه قبل اكتشاف هذا النص كان الاعتقاد السائد أن السيدة «منيرة المهدية» هي أول ممثِّلة مصرية مسلمة تعتلي خشبة المسرح عام ١٩١٥.٣٢

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: إذا كانت «لطيفة عبد الله» هي أول ممثِّلة ومؤلِّفة مسرحية مصرية، فلماذا لم تأخذ حظها من الشهرة التاريخية كما أخذتها منيرة المهدية، التي جاءت بعدها بسنوات، واشتهرت فقط بالغناء والتمثيل، وليس لها أي نشاط في التأليف؟! وهذا السؤال يؤدي بنا إلى سؤال آخر يقول: إذا كنَّا قد وجدنا ست إشارات صريحة كتبتها صحف القرن التاسع عشر عن الممثِّلة «لطيفة عبد الله» … فلماذا لم يتنبَّه الكُتَّاب والنُقَّاد والمؤرِّخون المحدثون إلى هذه الممثلة المؤلفة، والكتابة عنها؛ كي تأخذ حقها التاريخي المسلوب؟!

والإجابة عن هذين السؤالين تتمثل في أن الممثلة والمؤلفة «لطيفة» كانت بطلة «جوق السرور» … وهذا الجوق كانت له ظروف خاصة، تختلف عن ظروف بقية الفرق المسرحية الأخرى التي عملت في أواخر القرن التاسع عشر، وإذا تعرفنا على هذه الظروف سيتضح لنا لماذا أغفل الكُتَّاب والنُقَّاد والمؤرِّخون المحدثون الحديث عن شخصية «لطيفة عبد الله».

جوق السرور

ظهر هذا الجوق في حي بولاق الشعبي بالقاهرة في أواخر القرن التاسع عشر، وهذا الحي كان مشهورًا بالحانات والمواخير والمقاهي الشعبية، وكان ميخائيل جرجس يملك فيه حانة مشهورة بتختها الموسيقي، فزيَّن له البعض تكوين فرقة مسرحية تدرُّ عليه بعض المكاسب المادية، وبالفعل أنشأ الفرقة، وبنى لها في بولاق مسرحًا خشبيًّا.٣٣
بدأ إقبال الجمهور يزداد على هذه الفرقة منذ بدايتها؛ لأن الساحة الفنية كانت خالية من الفرق العربية الصغرى؛ مما جعلها تعرض مسرحياتها في بعض أقاليم الصعيد، مثل ملوي وديروط وسوهاج عام ١٨٨٩.٣٤ وبعد هذه الرحلة الإقليمية عاد الجوق إلى عرض مسرحياته على مسرحه الخشبي ببولاق في عام ١٨٩٠، ومنها مسرحية «ناكر الجميل» ومسرحية «الهوى العذري»٣٥
لم يكتفِ ميخائيل جرجس بجمهور مسرحه الخشبي ببولاق، ولكنه نقل نشاطه إلى مسرح آخر بالقاهرة، أخبرتنا به جريدة «المقطم» قائلةً: «لا يزال حضرة الأديب ميخائيل أفندي جرجس مدير الجوق الوطني يُمثِّل رواياته الأدبية، وقد نقل محل التمثيل إلى الألدرادو بسكة الرويعي، وراء الأوتيل دوربان. فمن شاء استماع الروايات العربية واغتنام فرص الأنس والسرور؛ فليذهب إلى الألدرادو المذكور.»٣٦ وعلى هذا المسرح مثَّل الجوق مسرحيات عديدة، منها مسرحية «قوت القلوب»٣٧
وبعد أيام قليلة وجدنا ميخائيل جرجس ينتقل إلى مسرح آخر أقامه في منطقة «النصرية»، بجوار منزل قاسم باشا، أمام مدرسة المبتديان،٣٨ فمثَّل به عدة مسرحيات، منها مسرحية «يوسف الصديق»، بطولة مصطفى علي ولطيفة عبد الله.٣٩ وبعد شهرين تقريبًا وجدناه أيضًا ينتقل بفرقته إلى مسرح جديد أقامه في منطقة باب الشعرية. وعن هذا الأمر قالت جريدة «المقطم» في ١٨ / ٤ / ١٨٩١: «في هذا المساء، تُمثِّل جمعية السرور برئاسة مديرها حضرة ميخائيل أفندي جرجس رواية «حب الوطن»، ومحل التشخيص في باب الشعرية أمام الملاحة بسوق الجراية؛ ولأجل ذلك اقتضى نشر هذا الإعلان.»٤٠
بعد انتهاء عروض الفرقة بباب الشعرية وجدناها تقوم برحلة فنية طويلة في أقاليم مصر استمرَّت عامين، وتحديدًا من يوليو ١٨٩١ وحتى يونيو ١٨٩٣. وقد مثَّلت الفرقة في هذه الرحلة عدة مسرحيات، منها: «بلقيس»، «الصياد»، «عائدة»، «المعتمد بن عباد»، «ميتريدات»، «جنيعياف»، وقام بتمثيلها أعضاء الفرقة، ومنهم محمود رحمي ولطيفة. أمَّا الأقاليم التي زارتها الفرقة فمنها: أبو تيج، سوهاج، طنطا، الفيوم، المنيا.٤١
وبعد عودة الفرقة إلى القاهرة استأجر ميخائيل جرجس — في أواخر عام ١٨٩٣ — الملهى الوطني أمام السكاتنج رنج، بالقرب من الباب البحري لحديقة الأزبكية، وعلى هذا المسرح مثَّلت الفرق عدة مسرحياتها، منها: «الأمير محمود»، «أحوال العشاق»، «عائدة»، «عواقب الأمور»، «الأمير أبي العلاء»، «تليماك»، «إظهار الحق»، «كليوباترا»، «انتصار المؤمنين واجتماع المحبين»، «القائد المغربي». وقام ببطولة هذه المسرحيات: لطيفة ومصطفى علي والشيخ إبراهيم أحمد.٤٢
وفي أوائل عام ١٨٩٤ ذهب الجوق إلى الإسكندرية، فاستأجر ميخائيل جرجس قاعة كونيليانو، ومثَّل بها عدة مسرحيات، منها: «كرم العرب»، «بلقيس»، «الأمير حسن»، «الملكة كليوباترا»، «أوتلو»، «الفتاة المفقودة»، «العلم المتكلم».٤٣
وفي نهاية عام ١٨٩٤ ذهب الجوق في رحلة فنية إقليمية إلى بني سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا، وغيرها من أقاليم مصر، ومثَّل بها عدة مسرحيات منها: «أوتلو»، «شهداء الغرام»، «كليوباترا»، «يوسف الصديق»، «صلاح الدين الأيوبي».٤٤
وفي أكتوبر ١٨٩٦ عاد الجوق إلى القاهرة، وقام ميخائيل جرجس بتجديد مسرحه الخشبي القديم ببولاق، وأطلق عليه مسرح الكوكب العباسي، ومثَّل به عدة مسرحيات، منها: «صلاح الدين الأيوبي مع ريكاردوس قلب الأسد»، «أنيس الجليس»، «محاسن الصدف»، «شهداء الغرام»، «هارون الرشيد»، «حفظ الوداد»، «عاقبة الصيانة وغائلة الخيانة»، «عائدة»، «بديع الزمان».٤٥
ومنذ يناير ١٨٩٧ وحتى أكتوبر ١٨٩٩ ذهب الجوق في رحلة فنية إلى أقاليم مصر، مثل: الفيوم، المنيا، أسيوط، قنا، ملوي، سوهاج. ومثَّل بها عدة مسرحيات، منها: «نابليون بونابرت»، «عنترة»، «يوسف الصديق»، «السيد»، «صلاح الدين الأيوبي»، «شهداء الغرام»، «الملك العادل».٤٦ وكانت هذه الرحلة هي آخر ما أمدتنا به صحف القرن التاسع عشر من معلومات عن جوق السرور أو عن ميخائيل جرجس.
هذا هو مُجمل تاريخ «جوق السرور»،٤٧ الذي كانت بطلته الممثِّلة «لطيفة عبد الله». وإذا أمعنَّا النظر في هذا التاريخ سنلاحظ أن جوق السرور كانت له ظروف خاصة، تختلف عن ظروف بقية الفرق المسرحية التي عاصرته في هذه الفترة، مثل فرقة سليمان القرداحي وفرقة القباني وفرقة إسكندر فرح. وهذه الظروف جعلته طوال تاريخه من الفرق الصُغرى المهملة؛ مما جعل أغلب النُقَّاد والكُتَّاب المحدثين لا يهتمُّون به أو بتاريخه، وهذه الظروف تتمثَّل في:
  • أولًا: أن جوق السرور لم يكن له مسرح فاخر يُغري به روَّاده من جمهور الطبقة المتوسطة أو الراقية، فقد كان مسرحه الثابت «مسرحًا خشبيًّا» — أشبه بخيمة السيرك — وكان يقع في حي بولاق الشعبي.
  • ثانيًا: لم تهتم الصحف بهذا الجوق كاهتمامها ببقية الفرق المسرحية الأخرى، وجميع الإشارات الواردة في الصحف عن هذا الجوق كانت من قبيل الإعلان عنه. هذا بالإضافة إلى أن الصحف لم تكتب تاريخًا أو نقدًا لجوق السرور، بالمقارنة بكتاباتها عن الفرق المسرحية الأخرى، والسبب في ذلك راجع إلى أن جوق السرور لم تطأ أقدام ممثِّليه أية خشبة مسرح من المسارح الكُبرى الشهيرة، ومن المعروف أن الصحف كانت تهتم وتغطي عروض الفرق التي تمثِّل في المسارح الكبرى، مثل: دار الأوبرا الخديوية ومسرح الأزبكية ومسرح زيزينيا.
  • ثالثًا: كان جوق السرور يقدِّم عروضه المسرحية في القاهرة داخل مسارح وقاعات متواضعة وهزيلة ومجهولة! والدليل على ذلك أن الصحف كانت تُجهِد نفسها في وصف مكان العرض الخاص بهذا الجوق للقراء، فمثلًا نجدها تقول عن أحد مسارحه: «الألدرادو بسكة الرويعي خلف أوتيل دوربان»، علمًا بأن «الألدرادو» في الأصل أحد المقاهي الشعبية.٤٨ ثمَّ تصف مسرحًا آخر قائلةً: «في النصرية بجوار منزل سعادة قاسم باشا، أمام مدرسة المبتديان»، ثمَّ تصف مسرحًا ثالثًا قائلةً: «محل التشخيص في باب الشعرية أمام الملاحة بسوق الجراية»، وأخيرًا تقول: «الملهى الوطني أمام السكاتنج رنج، بالقرب من الباب البحري لحديقة الأزبكية»، علمًا بأن هذا الملهى هو في الأصل معرض تجاري للسيِّدة «ونتر».٤٩
  • رابعًا: كان جوق السرور من الفرق التي ترتحل بمسرحها الخشبي في الأقاليم، وتمكث بها أعوامًا كثيرةً لتقديم عروضها المسرحية لأهالي الأقاليم.
هذه الظروف في مجملها حكمت على جوق السرور بأن يكون من الأجواق المهملة، بالقياس إلى الأجواق المعاصرة له في أواخر القرن التاسع عشر، وهذا الإهمال أصاب أيضًا النُقَّاد والكُتَّاب والمؤرِّخين المحدثين، فلم يلتفتوا إلى هذا الجوق الْتفاتًا يُعيد له حقَّه التاريخي، ومن التفت إليه من المحدثين كتب عنه عدة أسطر قليلة، واعتبره من الفرق الصغرى،٥٠ وأكَّد أن نشاطه توقف عند عام ١٨٩٦،٥١ رغم أننا وجدنا أخبارًا مستمرَّة عنه حتى أكتوبر ١٨٩٩. فإذا كان هذا التجاهل أصاب تاريخ فرقة مسرحية كاملة، كما أصاب صاحبها أيضًا ميخائيل جرجس، فهل بعد هذا التجاهل يلتفت الكُتَّاب والنُقَّاد إلى الممثِّلة «لطيفة عبد الله» إحدى ممثِّلات هذه الفرقة المهملة؟!

نص المسرحية

إذا كُنَّا قد انتهينا فيما سبق من توثيق وتحقيق نص مسرحية «الملكة بلقيس»، وأثبتنا أنه طُبِع في أواخر القرن التاسع عشر، وأن السيِّدة «لطيفة عبد الله» باعتبارها أول مؤلفة وممثِّلة مسرحية مصرية مسلمة هي مؤلفة النص، وأنها كانت بطلة جوق السرور الذي مثَّل المسرحية عام ١٨٩٣، فيجب علينا أن نتحدث عن نص هذه المسرحية بشيءٍ من التفصيل.

تبدأ أحداث هذه المسرحية بخبر عن هجوم «الديلم» لمملكة بلقيس؛ ومن ثمَّ استعداد بلقيس وجيشها لصدِّ هذا العدوان، وبالفعل تنتصر بلقيس وتأسر عددًا كبيرًا من جنود الأعداء التي تستعرضهم في مجلسها كنوع من الافتخار وإظهار قوتها أمام الجميع. وفي هذا المشهد يتقدم أحد الأسرى، وهو «بختيار»، كي يستعطف الملكة من أجل فكِّ أسره، وبالفعل تُلبِّي بلقيس طلبه بعد أن وقعت في غرامه من أول نظرة.

وهذا الغرام لم يصب بلقيس وحدها في هذا الموقف، بل أصاب أيضًا ابنتها «جوليا» خطيبة «فرناس»، التي تتنكر له وتبتعد عنه بكل وسيلة ممكنة؛ مما جعله يفضح سر حبها لبختيار إلى أمها بلقيس. وأمام هول هذه المفاجأة نجد بلقيس تدبِّر بعض الحيل الماكرة؛ لتتأكد من تبادل الحب بين ابنتها «جوليا» وبين أسيرها وحبيبها «بختيار»، وعندما تتأكد من ذلك تأمر الجنود بسجنهما تمهيدًا لقتلهما معًا.

وأثناء سجن الحبيبين تقوم بلقيس بزيارتهما عدة مرات، وتحاول كل مرة إقناعهما بالابتعاد عن بعضهما دون جدوى، فتصرُّ بشدة على قتلهما، ولكن هجوم بعض الأعداء على المملكة يؤجِّل هذا الإصرار بعض الوقت. وبعد انتصار بلقيس على أعدائها تُعيد الكرَّة مرة أخرى، في محاولةٍ منها لتجنُّب قتل الابنة والحبيب، ولكن دون جدوى أيضًا. وأخيرًا تهمُّ بقتلهما معًا بضربة من سيفها، فيقع السيف على ابنتها الأخرى «فوديم» فتموت في الحال، وتُصاب بلقيس بحالة من الذعر لقتلها ابنتها البريئة، فتمسك بالخنجر وتطعن نفسها به فتموت، وتنتهي المسرحية بزواج بختيار من جوليا.

ومن هذا الملخَّص لأحداث المسرحية يتضح لنا أن مسرحية «الملكة بلقيس» مسرحية مؤلَّفة تأليفًا صِرفًا …! والسبب في التأكيد على هذا الأمر — رغم وجود كلمة «تأليف» على غلاف المسرحية — راجع إلى أن معظم المسرحيات المكتوبة في هذا العصر، كانت إمَّا مترجمة أو مقتبسة أو مُمصَّرة … وكان كُتَّابها يكتبون على أغلفتها كلمة «تأليف»!

والقارئ عندما يقرأ غلاف المسرحية يتبادر لذهنه للوهلة الأولى أن المسرحية تتحدث عن تاريخ «بلقيس» كما جاء في كتب التاريخ وكتب التفاسير، ويظنُّ أيضًا أنه سيقرأ عن عرشها الأسطوري، وأحداثها مع هُدهُد سيدنا سُليمان … إلخ الأحداث التاريخية والدينية المعروفة.٥٢ ولكن المؤلِّفة لطيفة لم تأتِ بأي شيءٍ من هذا، واكتفت فقط باسم «بلقيس»، وبعض مظاهر حكمها وقوتها العسكرية، هذا بالإضافة إلى استخدامها لبعض الأسماء التي لم ترد في تاريخ بلقيس الحقيقي.
وبالرغم من حقيقة تأليف هذه المسرحية في هذا الزمن، إلا أن المؤلِّفة كتبتها بصورة تتفق مع إمكانيات وظروف جوق السرور من جهة، ومع ظروف وطبيعة العروض المسرحية في أواخر القرن التاسع عشر من جهة أخرى، والنقاط الدالة على ذلك تتمثل في:
  • الديكور يكاد يتشابه من فصل إلى آخر؛ تخفيضًا للنفقات، وهذا بالطبع يتناسب مع إمكانيات جوق السرور كفرقة مسرحية متواضعة، تعرض أعمالها في المسارح والصالات المتواضعة، فالديكور في الفصل الأول عبارة عن (تخت ملوكاني)، وفي الفصل الثاني (صالة ملوكاني)، وفي الفصل الثالث (حديقة الملكة)، وفي الفصل الأخير (السجن).

  • كثرة الحديث عن الحروب والانتصارات، وتوالي هجوم الأعداء على مملكة بلقيس … ورغم ذلك لم نرَ هذه الأحداث تدور على خشبة المسرح تبعًا لإرشادات النص، بل وجدنا أقوالًا تُقال ضمن الحوار؛ لتدل على أن الأحداث تجري خلف الكواليس، وهذا الأسلوب يتناسب أيضًا مع الإمكانيات المادية الضعيفة لجوق السرور.

  • عدد صفحات المسرحية ٤٦ صفحة من القطع الصغير، وهذا يدل على أن زمن عرضها قصير جدًّا، رغم أنها مكونة من أربعة فصول، وهذا الزمن يتناسب أيضًا مع طبيعة عروض جوق السرور ونوعية جمهوره كفرقة متجوِّلة في الأقاليم!

  • يتميز الحوار بلغته العربية الفصيحة، وكثرة المقاطع الشعرية والغنائية والنثرية ذات الصنعة اللفظية المفرطة في السجع … وهذا كله من سِمات النصوص والعروض المسرحية في القرن التاسع عشر.

وعلى الرغم من قيام لطيفة بتأليف هذا النص المسرحي، إلا أنها وقعت في مزلق عدم منطقية الأحداث، ومنها على سبيل المثال:
  • حوار الأختين «جوليا، فوديم» (ص١٠-١١) حول حب جوليا لخطيبها فرناس ولهفتها لإتمام الزواج، لا يتناسب مع حوار جوليا لخطيبها وصدِّها له (ص١٨، ١٩، ٢٠) علمًا بأن هذا الحوار هو أول حوار بين الخطيبين يجده القارئ في نص المسرحية.

  • حديث بختيار أمام الملكة كأسير (ص١٥) حديث عادي جدًّا، لا يرقى لأن يكون السبب في وقوع بلقيس كملكة في حبه! والأغرب من ذلك أن هذا الحديث نفسه كان السبب أيضًا في وقوع جوليا في حبه رغم خطبتها لفرناس وحديثها عنه ولهفتها للزواج منه!

  • حديث جوليا لذاتها عن حبها لبختيار غير منطقي (ص١٧-١٨)؛ لأنه يوحي للقارئ بأن جوليا أحبَّت بختيار بصورة كبيرة جدًّا، لدرجة أنها لا تستطيع الابتعاد عنه، رغم أنها لم تره إلا مرة واحدة، وبالرغم من ذلك تقول إن حب بختيار أنساها حب خطيبها فرناس! وهذا الأمر ينطبق أيضًا على حديث بختيار عن حبه لجوليا (ص٢٠)، رغم أنها مخطوبة لأحد الوجهاء وابنة ملكة، وهو أسير!

  • حديث جوليا لبختيار (ص٢١) يوحي بأن الحب ربط بينهما منذ زمن بعيد، رغم أنهما لم يتقابلا إلا من لحظات قصيرة.

  • إصرار بلقيس طوال المسرحية على قتل ابنتها وحبيبها من أجل التفريق بينهما أمر غير منطقي (ص٣٠، ٣٤، ٣٩، ٤٠، ٤١، ٤٢، ٤٥).

  • وقوع السيف في نهاية المسرحية بطريق الخطأ على ابنة بلقيس «فوديم» وموتها؛ أمر غير منطقي أيضًا (ص٤٦-٤٧).

الفصل المضحك

إذا عُدنا مرة أخيرة إلى غلاف المسرحية؛ سنجد عبارة تقول: «ويعقب هذه الرواية فصل مضحك للغاية يُقال له فصل العفريت»! وبالفعل سيجد القارئ بعد انتهاء مسرحية الملكة بلقيس فصلًا مضحكًا بعنوان «العفريت»! وهذا الفصل — في ظنِّي — أهم بكثيرٍ من اكتشاف نص المسرحية نفسه، وأهم بكثيرٍ من اكتشاف أول مؤلِّفة وممثلة مسرحية مصرية ومسلمة … إلخ ما تحدَّثنا به فيما سبق.

وهذه الأهمية ترجع إلى أننا من الممكن أن نجد بعض إشارات صحف القرن التاسع عشر التي تتحدث عن الفصول المضحكة، ورغم ذلك لن نجد أي تفصيل عنها، وكل ما سنجده عبارة عن بعض أسماء هذه الفصول، أو بعض من يقوم بتمثيلها من الممثِّلين، أو بعض الفرق المسرحية المتخصصة فقط في تمثيل هذه الفصول!

فعلى سبيل المثال وجدنا فصولًا مضحكة مُثِّلت في القرن التاسع عشر، ومنها: السكران، البخيل والسكران، الأدباتي، القرعة العسكرية، من جاءني بالليل، الأخ الخائن، الدب، القهوجي، الوزير الخائن، ليلة بنفيس، الجزائر، أصلان بك، قنصل اللوكاندة، أرسلته خاطبًا لي فتزوج، الفيلسوف والغيور، لا أتزوج ولو شنقوني، الطبيب والمريضة. أمَّا أسماء أشهر ممثِّلي هذه الفصول، فوجدنا منهم: محيي الدين الدمشقي، حسين الإنبابي، حنا نقاش، كامل. ويعتبر الجوق الدمشقي أو الشامي هو أشهر فرق القرن التاسع عشر في تمثيل هذه الفصول.٥٣

وعلى الرغم من وجود أسماء هذه الفصول المضحكة، وأسماء ممثِّليها، وأسماء فرقها … إلا أننا لم نجد أي تفصيل أو تلخيص منشور لها في صحف القرن التاسع عشر؛ لذلك يُعتبر الفصل المضحك «العفريت» أول فصل مضحك منشور في تاريخ المسرح العربي بصفة عامة، والمسرح المصري بصفة خاصة، في القرن التاسع عشر.

والفصول المضحكة هي فصول حوارية قصيرة جدًّا، كانت الفرق المسرحية تختتم بها عروضها المسرحية، من أجل إضحاك الجمهور، وترك البسمة عَلَى شفتيه قبل أن يترك المسرح، وذلك عَلَى غرار ما تقوم به الآن بعض القنوات التلفزيونية في نهاية إرسالها.

ومن خلال فصل «العفريت» — وكذلك أسماء الفصول المضحكة السابقة — نستطيع أن نضع بعض السمات العامة التي تتسم بها هذه الفصول، والتي تتمثل في:
  • بساطة الديكور: حيث إن الفصل المضحك عبارة عن أحد المشاهد القصيرة، التي لا تحتاج إلى تغيير كبير في الديكور.

  • اللغة العامية هي اللغة المفضَّلة.

  • كوميديا الموقف، وكوميديا اللفظ: من أفضل الأنواع الكوميدية المستخدمة.

  • استخدام بعض اللهجات المحلية لبعض الأقاليم المصرية.

  • استخدام بعض الألفاظ المتداولة في الحِرف والصناعات.

  • استخدام الألفاظ النابية بكثرة ملحوظة.

  • السخرية المفرطة لبعض المنتمين لطبقات اجتماعية مُتدنِّية.

النتائج

  • (١)

    نص مسرحية «الملكة بلقيس» مطبوع ومنشور في أواخر القرن التاسع عشر، عَلَى الرغم من عدم طباعة سنة النشر، وذلك تبعًا لأسلوب نشر المسرحيات وطريقة الطباعة بالحجر.

  • (٢)

    نص مسرحية «الملكة بلقيس» مؤلَّف تأليفًا صِرفًا رغم شيوع وضع كلمة «تأليف» عَلَى أغلفة المسرحيات المترجمة والمقتبسة والممصَّرة في القرن التاسع عشر.

  • (٣)

    مؤلِّفة نص مسرحية «الملكة بلقيس» هي «لطيفة عبد الله»، عَلَى الرغم من عدم ذكر الاسم بالكامل عَلَى غلاف المسرحية.

  • (٤)

    جوق السرور هو أكثر الأجواق المسرحية تمثيلًا لهذه المسرحية، خصوصًا في عام ١٨٩٣.

  • (٥)

    نص مسرحية «الملكة بلقيس» المنشور في هذا الكتاب هو نسخة التمثيل، بدليل وجود أسماء الممثِّلين أمام أسماء شخصيات المسرحية، ومكتوبة بخط اليد من خلال «الريشة والمداد»، وهو أسلوب الكتابة في القرن التاسع عشر.

  • (٦)

    مؤلِّفة المسرحية «لطيفة عبد الله» هي بطلة جوق السرور، وهي أول مؤلِّفة وممثِّلة مسرحية مصرية مسلمة.

  • (٧)

    الفصل المضحك «العفريت» هو أول فصل مضحك في تاريخ المسرح العربي نجده منشورًا في كتاب مطبوع في القرن التاسع عشر.

د. سيد علي إسماعيل
رئيس قسم الدراسات الأدبية
كلية دار العلوم، جامعة المنيا
١  لعل القارئ يظنُّ أنني أخطأت في التأكيد عَلَى أن سليم خليل النقاش هو أول من أدخل المسرح باللغة العربية إلى مصر! لأن المتعارف عليه أن يعقوب صنوع هو الذي قام بذلك … ولكن ما ذكرته هو الحقيقة التاريخية الغائبة عن الجميع. وقد أوضحت هذا الأمر في دراسة سابقة نُشِرت في الكويت عام ١٩٩٩، ضمن كتابي «تاريخ المسرح في العالم العربي في القرن التاسع عشر»، تحت عنوان «يعقوب صنوع والحقيقة الغائبة»، وهذه الدراسة كانت النواة الأولى لكتابي «محاكمة مسرح يعقوب صنوع»، وهو تحت الطبع الآن.
٢  ومجلة وادي النيل: «مجلة سياسية علمية أدبية، أنشأها سنة ١٨٦٦ عبد الله أبو السعود ناظر المدرسة الكلية التي أسسها محمد علي باشا الكبير في القاهرة. وهي أول صحيفة عربية تناولت هذه المباحث في القطر المصري، وكانت تصدر مرتين في الأسبوع مكتوبة بعبارة صحيحة وأفكار راقية وذوق سليم، ولا غرو فإن أبا السعود اشتهر بين علماء زمانه بفنون الإنشاء شعرًا ونثرًا. وعاشت جريدة وادي النيل اثنتي عشرة سنة حتى تعطَّلت عام ١٨٧٨ بوفاة صاحبها، وكان الخديو إسماعيل من أكبر المساعدين لها؛ لأنها كانت تخدم أفكاره بإخلاص تام واعتدال المشرب من دون أن تتعرض في جميع مباحثها للشئون الدينية.» الفيكونت فيليب دي طرازي، تاريخ الصحافة العربية، الجزء الأول، المطبعة الأدبية، بيروت، ١٩١٣، ص٦٩.
٣  مجلة «وادي النيل»، السنة الثالثة، عدد ٢٩، ١٢ / ١١ / ١٨٦٩.
٤  «باولينو درانيت باشا»: بدأ عمله في مصر في عهد محمد علي باشا بوظيفة ضمن أشغال الأجزخانة بمستشفى الجهادية بأبي زعبل، وبمدرسة الطب تحت رئاسة المسيو فيجاوي في ١ / ١٢ / ١٨٣١، ثمَّ رُقِّي إلى مساعد بمدرسة الطب في ٢٧ / ٤ / ١٨٣٣، والتحق بخدمة معية سعيد باشا برتبة ميرلاي في عام ١٨٥٣ حتى ٢٩ / ١٢ / ١٨٥٩. وفي سبتمبر ١٨٦٧ أنعم عليه الخديو بنيشان عالٍ عثماني من الرتبة الثالثة، وعندما اهتم الخديو إسماعيل ببناء المسارح عيَّن درانيت مديرًا للمسارح في مصر. وللمزيد انظر: دار المحفوظات العمومية بالقلعة، قلم الوزارات، ملف باسم «بالينو درانيت» تحت رقم ٧٠٨٥، محفظة رقم ٢٧٥.
٥  مجلة «وادي النيل»، السنة الثالثة، عدد ٥٢، ١٧ / ٢ / ١٨٧٠.
٦  جريدة «الوقائع المصرية»، عدد ٦٩٦، ١١ / ٢ / ١٨٧٧، ص٣.
٧  جريدة «الأهرام»، عدد ١٢٣، ٧ / ٢ / ١٨٧٩، ص٤.
٨  جريدة «الأهرام»، عدد ١١٨٥، ٢٤ / ٨ / ١٨٨١، ص٣.
٩  جريدة «القاهرة»، عدد ١١٣٦، في ١ / ١ / ١٨٩٠، ص٢.
١٠  جريدة «المقطم»، عدد ٦٨١، ٢ / ٦ / ١٨٩١، ص٣.
١١  وقد شرح مارون النقاش هذه الطريقة قائلًا: «واعلم أنك سترى بالرواية الأسماء هكذا، مثلًا: (قراد – هند)، (فالقصد بذلك أن الكلام الآتي هو من قراد إلى هند)، ومثل ذلك حينما نقول: أم ريشا عيسى، (فيكون الخطاب من أم ريشا إلى عيسى) وهلُمَّ جرًّا، وعندما نقول مثلًا: الثعلبي ذاته، (فيكون كلامه لذاته كإنسان يخاطب ذاته بذاته، يقصد بذلك أحيانًا ألَّا يسمعه الأشخاص الآخرون، وهم أيضًا يوهمون الحاضرين أنهم غير سامعين مع كونهم سامعين، وسمعهم هذا لا ينافي عند مؤلفي هذه الصناعة). وعندما نقول مثلًا: (جوقة – قراد)، (قراد – جوقة) (فيكون الخطاب من الجوقة إلى قراد، ومن قراد إلى الجوقة أيضًا بوقتٍ واحدٍ، وإن يكن الكلام واحدًا؛ هو لأن أحيانًا كثيرةً الأشخاص يلحِّنون سويةً كلامًا واحدًا، ويكون لكل منهم قصد، أو يكون القصد واحدًا، وأحيانًا أيضًا يلحِّنون سويةً، ولكن كلٌّ منهم يكون كلامه مختلف عن الآخر، لا، بل أحيانًا يكون ضدَّ الآخر … إلخ).» مارون النقاش، أرزة لبنان، المطبعة العمومية، بيروت سنة ١٨٦٩، المقدمة.
١٢  يقول مارون النقاش:
«اعلم كما أن الرواية تنقسم إلى جملة فصول، هكذا أيضًا كل فصل ينقسم إلى جملة أجزاء … وأمَّا الأجزا فهي عبارة عن تغيير عدد المشخِّصين زيادة كان أو نقصًا، مثلًا حينما ابتدأ الفصل كان موجودًا بالمرسح شخص واحد؛ يوسف، فدخل إليه إبراهيم، فصار الموجودين اثنين، فهذا التغيير يسمُّونه جزءًا، وبعد هذا دخل سليم، فصار تغيير جزء آخر، ثمَّ خرج من المرسح أحدهم، فهذا أيضًا يسمُّونه جزءًا، ويعدِّدون هذه الأجزا إلى نهاية الفصل. وتقسيم هذه الأجزا يقتضي اعتبارها من المشخِّصين جدًّا؛ ليعرف كل منهم وقت دخوله وخروجه من المرسح.»
مارون النقاش، أرزة لبنان، السابق.
١٣  انظر عَلَى سبيل المثال: مارون النقاش، أرزة لبنان، السابق. سليم خليل النقاش، عائدة، المطبعة السورية، ١٨٧٥. سليم خليل النقاش، مي، المطبعة الكلية، بيروت، ١٨٧٥. محمود واصف، عجائب الأقدار، مطبعة ترك بشارع حمام بحارة قواديس، ١٨٩٣. إسماعيل عاصم، حسن العواقب، المطبعة العباسية، ١٨٩٤.
١٤  انظر عبارة «تشخيصية حماسية غرامية أدبية» عَلَى غلاف مسرحية «السر المكتوم في الظالم والمظلوم» المطبوعة عام ١٨٩٥، وعبارة «تشخيصية حبية حكمية» عَلَى غلاف مسرحية «بدر الدجى» المطبوعة عام ١٩٠٠، وعبارة «تاريخية أدبية تشخيصية» عَلَى غلاف مسرحية «بسماتيك الأول» المطبوعة عام ١٩٠٢.
١٥  انظر: محمد توفيق محمد الأزهري، من صبر ظفر، المطبعة الخديوية، ١٨٩٥.
١٦  انظر: د. سيد علي إسماعيل، تاريخ المسرح في مصر في القرن التاسع عشر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ١٩٩٨. وأيضًا: د. سيد علي إسماعيل، تاريخ المسرح في العالم العربي في القرن التاسع عشر، مؤسسة المرجاح للنشر والتوزيع، الكويت، ١٩٩٩.
١٧  جريدة «القاهرة»، عدد ٥٧٠، ١٠ / ١١ / ١٨٨٧.
١٨  جريدة «المقطم»، عدد ٦٣٨، ٨ / ٤ / ١٨٩١، ص٢.
١٩  جريدة «المقطم»، عدد ٧٢٣، ٢٤ / ٧ / ١٨٩١، ص٢.
٢٠  لقد اعتادت فرقة إسكندر فرح تغيير اسم المسرحية أكثر من مرة، فمثلًا نجدها تمثل مسرحية «حفظ الوداد» وبعد فترة تمثِّلها مرة أخرى باسم «الظلوم»، ثمَّ تمثِّل مسرحية «صنع الجميل» وبعد فترة تُمثِّلها باسم «العلم المتكلم» … وهكذا في باقي مسرحياتها، فمسرحية «القيصر» هي «حلم الملوك»، ومسرحية «الرجل الهائل» هي «شجاع فينسيا»، ومسرحية «صاحب معامل الحديد» هي «العواطف الشريفة»، ومسرحية «الكابورال سيمون» هي «الإرث المغتصب»، ومسرحية «عدل الخليفة» هي «عداوة الأميرين»، ومسرحية «شهداء المشنقة» هي «مدهشات الانتقام» … إلخ.
٢١  مجلة «الأستاذ»، عدد ٣٢، في ٢٨ / ٣ / ١٨٩٣.
٢٢  جريدة «المقطم»، عدد ١٣٩٨، ٢٠ / ١٠ / ١٨٩٣، ص٣.
٢٣  انظر: جريدة «مصر»، عدد ٦٢٤٦، ١٤ / ٢ / ١٩٢٧. وجريدة «المقطم»، عدد ١٣٧١، ٢٧ / ٥ / ١٩٣٤. ومجلة «المسرح»، عدد ٣٢، ٥ / ٧ / ١٩٢٦. ومجلة «المصور»، عدد ٥٣٠، ٧ / ٢ /١٩٣٤. وجريدة «المقطم»، عدد ١٤٠٦، ٢٦ / ٣ / ١٩٣٥.
٢٤  جريدة «المقطم»، عدد ٥٩٨، ١٨ / ٢ / ١٨٩١، ص٤.
٢٥  جريدة «السرور»، عدد ١٢، ٢٤ / ٣ / ١٨٩٢.
٢٦  جريدة «المقطم»، عدد ١٧٥٢، ٢٢ / ١٢ / ١٨٩٤، ص٢.
٢٧  جريدة «مصر»، عدد ١٠، في ٩ / ١ / ١٨٩٦، ص١.
٢٨  جريدة «مصر»، عدد ٢١، في ٢٢ / ١ / ١٨٩٦، ص٢.
٢٩  جريدة «المقطم»، عدد ٢١١٠، ٢٨ / ٢ / ١٨٩٦، ص٣.
٣٠  انظر: جريدة «المقطم»، عدد ١٣٩٧، ١٩ / ١٠ / ١٨٩٣، وعدد ١٣٩٨، ٢٠ / ١٠ / ١٨٩٣. وجريدة «الأهرام»، عدد ٤٨٦٤، ١٠ / ٣ / ١٨٩٤.
٣١  فالمعروف تاريخيًّا أن أية ممثِّلة مسرحية في مصر في القرن التاسع عشر كانت مسيحية أو يهودية، سواء كانت من الشام أو من مصر. وهذا واضح من أسمائهن … مثل: هيلانة بيطار، ليلى الشامية، وردة ميلان، سرينا إبراهيم، مريم سماط، ماري كفوري، ماتيلدا نجار، ألمظ أستاتي، إبريز أستاتي، ميليا ديان.
٣٢  قالت جريدة «الأخبار»، عدد ١١٦، في ٢٥ / ٨ / ١٩١٥ تحت عنوان «أول ممثِّلة مصرية»: «تُحيي في مساء يوم الخميس ليلة الجمعة ٢٦ الجاري في تياترو برنتانيا ليلة يحتفل فيها بدخول المغنية المشهورة الست منيرة المهدية التمثيل العربي، فتنشد قصيدة استقبال من تلحين الموسيقي المبدع كامل الخلعي، تستمر ثلثي ساعة، ثمَّ تمثِّل لأول مرة دور وليم في الفصل الثالث من رواية «صلاح الدين الأيوبي».» وانظر كذلك: عدد ١٣٥، في ١٦ / ٩ / ١٩١٥ لنفس الجريدة.
٣٣  راجع: عمر وصفي، التمثيل منذ ٤٠ سنة، مجلة «روز اليوسف»، عدد ١٩، في ١٠ / ٣ / ١٩٢٦.
٣٤  راجع: جريدة «مصر»، ٦ / ١٠ / ١٨٨٩، ص٢.
٣٥  راجع: جريدة «المقطم»، عدد ٣٥٤، ٢٨ / ٤ / ١٨٩٠.
٣٦  جريدة «المقطم»، عدد ٥٨٣، ٣٠ / ١ / ١٨٩١، ص٣.
٣٧  راجع: جريدة «المقطم»، عدد ٥٩١، ٩ / ٢ / ١٨٩١، ص٣.
٣٨  انظر: جريدة «المقطم»، عدد ٥٩٨، ١٨ / ٢ / ١٨٩١، ص٤.
٣٩  انظر: جريدة «المقطم»، عدد ٥٩٨، ١٨ / ٢ / ١٨٩١. وجريدة «الوطن»، عدد ١٠٧٨، ٢١ / ٢ / ١٨٩١، ص٤.
٤٠  جريدة «المقطم»، عدد ٦٤٧، ١٨ / ٤ / ١٨٩١، ص٣.
٤١  انظر: جريدة «المؤيد»، عدد ٤٧٤، ٩ / ٧ / ١٨٩١، ص٢. وجريدة «المقطم»، عدد ٧٢٣، ٢٤ / ٧ / ١٨٩١، ص٢. وجريدة «السرور»، عدد ١٢، ٢٤ / ٣ / ١٨٩٢. وجريدة «الرأي العام»، ٢١ / ٦ / ١٨٩٣، ص٧٦.
٤٢  انظر: جريدة «المقطم»، عدد ١٣٩٢، ١٣ / ١٠ / ١٨٩٣، ص٣. وعدد ١٣٩٣، ١٤ / ١٠ / ١٨٩٣، ص٣. وعدد ١٣٩٧، ١٩ / ١٠ / ١٨٩٣، ص٣. وعدد ١٣٩٨، ٢٠ / ١٠ / ١٨٩٣، ص٣. وعدد ١٤٠٠، ٢٣ / ١٠ / ١٨٩٣، ص٣. وعدد ١٤٠٢، ٢٥ / ١٠ / ١٨٩٣، ص٣. وعدد ١٤٠٤، ٢٧ / ١٠ / ١٨٩٣، ص٣. وعدد ١٤٠٩، ٢ / ١١ / ١٨٩٣، ص٣. وعدد ١٤١٠، ٣ / ١١ / ١٨٩٣، ص٣. وعدد ١٤٣٨، ٦ / ١٢ / ١٨٩٣، ص٣.
٤٣  انظر: جريدة «الأهرام»، عدد ٤٨٦٤، ١٠ / ٣ / ١٨٩٤، ص٣. وجريدة «السرور»، عدد ١١٤، ١٧ / ٣ / ١٨٩٤. وجريدة «الأهرام»، عدد ٤٨٧١، في ١٩ / ٣ / ١٨٩٤، ص٣. وعدد ٤٨٧٩، في ٢٩ / ٣ / ١٨٩٤، ص٣.
٤٤  انظر: جريدة «المقطم»، عدد ١٧٤٢، ١١ / ١٢ / ١٨٩٤، ص٣. وعدد ١٧٥٢، ٢٢ / ١٢ / ١٨٩٤، ص٢. وجريدة «مصر»، عدد ١٠، ٩ / ١ / ١٨٩٦، ص١. وعدد ٢١، ٢٢ / ١ / ١٨٩٦، ص٢. وجريدة «المقطم»، عدد ٢١١٠، ٢٨ / ٢ / ١٨٩٦، ص٣. وعدد ٢١١٦، ٦ / ٣ / ١٨٩٦. ص٢.
٤٥  انظر: جريدة «المقطم»، عدد ٢٣٠١، ١٥ / ١٠ / ١٨٩٦، ص٣. وعدد ٢٣٠٥، ٢٠ / ١٠ / ١٨٩٦، ص٣. وجريدة «مصر»، عدد ٢٤٢، ٢٣ / ١٠ / ١٨٩٦، ص٣. وجريدة «المقطم»، عدد ٢٣١٣، ٢٩ / ١٠ / ١٨٩٦، ص٣. وجريدة «مصر»، عدد ٢٤٨، ٣٠ / ١٠ / ١٨٩٦، ص٣. وجريدة «المقطم»، عدد ٢٣١٧، ٣ / ١١ / ١٨٩٦، ص٣. وعدد ٢٣٢٥، ١٢ / ١١ / ١٨٩٦، ص٣.
٤٦  انظر: جريدة «مصر»، عدد ٣١٨، ٢٨ / ١ / ١٨٩٧، ص٢. وعدد ٣٣٥، ١٧ / ٢ / ١٨٩٧، ص٢. وجريدة «الأخبار»، عدد ٢١٣، ٢٩ / ٤ / ١٨٩٧، ص٢. وجريدة «الإخلاص»، عدد ١٣١، ٦ / ٧ / ١٨٩٧. وعدد ١٣٤، ١٧ / ٧ / ١٨٩٧. وجريدة «مصر»، عدد ٤٩٥، ٤ / ٩ / ١٨٩٧، ص٣. وجريدة «المقطم»، عدد ٢٧٠٢، ١٠ / ٢ / ١٨٩٨، ص١. وعدد ٢٨٢٣، ٩ / ٧ / ١٨٩٨، ص٣. وجريدة «مصر»، عدد ١٠٥٢، ٢٨ / ٧ / ١٨٩٩، ص٢.
٤٧  إذا أردت التعرف عَلَى التفاصيل الدقيقة لتاريخ جوق السرور؛ انظر كتابنا السابق: تاريخ المسرح في مصر في القرن التاسع عشر، ص١٧١–١٧٨، وأيضًا كتابنا: تاريخ المسرح في العالم العربي في القرن التاسع عشر، ص٢٤٧–٢٥٦.
٤٨  قالت جريدة «المقطم» في ٢٠ / ١٠ / ١٨٩١:
«علمنا أنه قد عزم بعضهم عَلَى أخذ قهوة الألدرادو الشهيرة، وأن يُحضر إليها في هذا الشتاء جوقًا من أشهر المطربين الوطنيين، وربما أحضر إليها ليلى المطربة الشهيرة أو غيرها من مشاهير المطربين والمطربات الوطنيين في القطر المصري.»
٤٩  انظر: جريدة «الرأي العام»، ٢٤ / ٥ / ١٨٩٣.
٥٠  انظر: د. محمد يوسف نجم، المسرحية في الأدب العربي الحديث، دار بيروت للطباعة والنشر، ١٩٥٦، ص١٦٩.
٥١  انظر: سمير عوض، قاموس المسرح، تحرير وإشراف: د. فاطمة موسى، القسم العربي، الجزء الثالث، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ص٧٩٦-٧٩٧.
٥٢  للتعرف عَلَى تاريخ الملكة بلقيس، انظر: ابن كثير، البداية والنهاية، الجزء الأول، ص٤٨١–٤٩٧. ابن خلدون، ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، الجزء الثاني، ص١١٣-١١٤. ابن الأثير، الكامل في التاريخ، المجلد الأول، ص٢٢٩–٢٣٨. محمد الصنعاني، الأنباء عن دولة بلقيس وسبأ، الدار اليمنية للنشر والتوزيع، ١٩٨٤. وهب بن منبه، كتاب التيجان في ملوك حمير، الهيئة العامة لقصور الثقافة، سلسلة الذخائر، عدد ١٠، أكتوبر ١٩٩٦، ص١٥٩–١٧٩. خير الدين الزركلي، الأعلام، المجلد الثاني، دار العلم للملايين، ط٩، ١٩٩٠، ص٧٣-٧٤.
٥٣  انظر: جريدة «الأهرام»، عدد ٢٤٦٠، ٥ / ٣ / ١٨٨٦. جريدة «المؤيد»، عدد ٩٩٩، ٣ / ٦ / ١٨٩٣. جريدة «المقطم»، عدد ١٤٥٢، ٢٢ / ١٢ / ١٨٩٣. «الأهرام»، عدد ٤٨٧١، ١٩ / ٣ / ١٨٩٤. جريدة «السرور»، عدد ١٢٠، ٢٨ / ٤ / ١٨٩٤. «المقطم»، عدد ٢١٣٤، ٣٠ / ٣ / ١٨٩٦. وعدد ٢١٤٣، ١١ / ٤ / ١٨٩٦. وعدد ٢٢٠٥، ٢٥ / ٦ / ١٨٩٦. وعدد ٢٢٠٧، ٢٧ / ٦ / ١٨٩٦. وعدد ٢٢٩٤، ٧ / ١٠ / ١٨٩٦. وعدد ٢٦٧٢، ٥ / ١ / ١٨٩٨. جريدة «مصر»، عدد ٩٢١، ١٨ / ٢ / ١٨٩٩. وعدد ١٠٦٩، ١٧ / ٨ / ١٨٩٩.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤