الفصل الثالث والعشرون

لم يبدأ سيمان على الفور في مهمته مع الأميرة. بدلًا من ذلك، شقَّ طريقه إلى مهجع الخدم وطرَق بابَ غرفة جلوس كبير الخدم. لم يأته ردٌّ. لذا حاول فتح الباب لكن دون جدوى. كان الباب موصَدًا. خرج رجلٌ طويل وَقور يرتدي ملابسَ باللون الأسود القاتم من غرفةٍ مجاورة.

استفسر: «هل تبحث عن الشخص الذي وصل هذا المساءَ من الخارج يا سيدي؟»

أجاب سيمان: «نعم. هل حبس نفسَه بالداخل؟»

«لقد غادر القصر يا سيدي!»

كرَّر سيمان: «غادر!» وتابع قائلًا: «هل تقصد رحل بلا رجعة؟»

«يبدو ذلك، يا سيدي. فأنا لا أفهم لغته، لكنني أعتقد أنه اعتبر استقباله هنا، لسببٍ أو لآخَر، غيرَ مرغوب فيه. فاستقلَّ السيارة التي ذهبت إلى المحطة لجلب صحيفة المساء ولحِق بالقطار الأخير.»

سكت سيمان للحظة. كان النبأ صدمةً له.

سأل الشخص الذي أبلغه: «ما وظيفتك هنا؟»

كان الرد المحترم: «اسمي رينولدز، يا سيدي.» وأضاف قائلًا: «أنا خادم السيد بيلهام.»

«هل يمكنك أن تُخبرني لماذا البابُ هنا موصد إذا كان هذا الرجل قد غادر؟»

«السيد باركنز أوصده قبل أن يخرج، يا سيدي. ورافق السيد ميلر، أظن أن هذا اسمُه، إلى المحطة.»

بدا سيمان غيرَ مقتنع تمامًا بما قيل.

سأل: «هل من المعتاد أن تُوصَد غرفة الجلوس بهذه الطريقة؟»

«السيد باركنز دائمًا يفعل ذلك، يا سيدي. حيث يُحتفَظ بخزائن السيجار هناك، وكذلك مفتاح قَبْو النبيذ ومفتاح صندوق أدوات المائدة. لا يستخدم أيٌّ من الخدم الآخرين الغرفةَ إلا بِناءً على طلب السيد باركنز.»

قال سيمان وهو يلتفت بعيدًا: «حسنًا أتفهَّم الأمر.» وأردف قائلًا: «أنا ممتنٌّ للغاية لمعلوماتك، يا رينولدز. سأتحدث إلى السيد باركنز لاحقًا.»

«سأخبره أنك ترغب في رؤيته يا سيدي.»

«طاب مساؤك، يا رينولدز!»

«طاب مساؤك، يا سيدي!»

مرَّ سيمان مرةً أخرى عبر القاعة المزدحمة وغرفة البلياردو، وتبادل بِضع ملاحظات هنا وهناك، وشقَّ طريقه نحو الدَّرج الجنوبي وصعد باتجاه الجناح الغربي. وافقت ستيفاني دون ترددٍ على استقباله. كانت جالسة أمام المدفأة، تقرأ رواية، في مخدعٍ يطلُّ على غرفة نومها.

أعلن سيمان، بانحناءة منخفضة: «أيتها الأميرة، لقد أصابنا الإحباطُ عندما علمنا بخبر مغادرتكِ.»

وضعت كتابها.

وقالت: «لقد تعرَّضتُ للإهانة في هذا المنزل.» وتابعت قائلةً: «وغدًا سأتركه.»

هزَّ سيمان رأسه في عتاب.

وتابع: «يا صاحبة السمو، صدِّقيني، لا أريد أن أستغل منصبي. فأنا مجرد تاجر ألماني، سُمح له بالدخول إلى مثل هذه الدوائر؛ لأسبابٍ لا تتصل إلا بمصلحة بلدي. ومع ذلك، فأنا بالصدفة أعلم الكثيرَ عن حقيقة هذا الأمر، الأمر الذي يسبِّب لك الضيق. أرجوكِ أن تُعيدي النظر في قرارك. أظن أن صديقنا هنا يقسو على نفسه بلا داعٍ. وستكون مكافأته كبيرةً للغاية عندما تأتي النهاية. وستكون نشوتُه أعظمَ عندما يجثو على ركبتيه أمامكِ.»

«هل أرسلك لإقناعي؟»

«ليس بشكلٍ مباشر. ومع ذلك، أنا إلى حدٍّ ما وصيفُه في هذه المهمة. فقد أحضرتُه من أفريقيا. وكنت أراقبه منذ البداية. عقلان أفضلُ من عقلٍ واحد. أحاول أن أوضح له أين يتجنَّب الأخطاء، وأحاول لفْتَ انتباهه إلى مسارات الخطر والأمان.»

علَّقت بهدوء: «أتخيَّل أن السير إيفرارد يجدك مفيدًا.»

«آمُل ذلك.»

تابعت: «بلا شكٍّ خطرَ لك أن صديقنا قد تكيَّف بشكل رائع مع الحياة والعادات الإنجليزية؟»

«لا تنسَيْ أنه تلقَّى تعليمه هنا. ومع ذلك، كان استعداده مدهشًا.»

وافقَت على ذلك قائلة: «يكاد المرء أن يصفه بأنه خارقٌ للطبيعة.» وتابعت قائلةً: «أخبرني، يا سيد سيمان، يبدو أنك قد نجحتَ تمامًا في إدخال صديقنا هذا على أنه السير إيفرارد. ماذا ستكون قيمته الحقيقية لك؟ وما العمل الذي سيضطلع به؟»

«نحن نحتفظ به للأشياء الكبيرة. هل رأيتِ سيدنا الكريم مؤخرًا؟» أضاف بتردد.

أجابت: «أعرفُ ما يدور بعقلك.» وتابعت قائلةً: «حسنًا! قبل انتهاء الصيف، سأحزمُ أمتعتي وأرحل. أتفهَّم الأمر.»

قال سيمان بطريقةٍ مثيرة للإعجاب: «عندما يحينُ ذلك الوقت، نتوقَّع أن يكون السير إيفرارد دوميني، الرجل الإنجليزي النموذجي، الذي لم تكن توجد أي كلمة شكٍّ بشأن ولائه، مفيدًا لنا. فمعظم مساعدينا الحاليِّين سيكونون في موضع شك. ويمكن للموظفين المعتمدين من جهاز الخدمة السرية لدينا العملُ متخفِّين فقط. يمكنكِ أن ترَي بنفسكِ الميزةَ التي نكتسبها من وجود مراسل سريٍّ يمكنه أن ينقل يومًا بيوم السيكولوجيةَ المتغيرة للعقلية البريطانية في جميع مراحلها. فلدينا ما يكفي للغاية من الترتيبات اللازمة للنوع الآخر من المساعدة. بدءًا من خطط السفن، والمطارات، والموانئ، وإبحار القوافل، واستدعاء الجنود — كل هذه هي أبجديات مِهنة جهاز الخدمة السرية لدينا. لن نطلب من صديقنا هذا أبدًا أيَّ معلومات، ولكننا لن نفقد أبدًا نبض الحياة اليومية ببريطانيا، وذلك بفضل منزله بالمدينة في ساحة بيركلي، الذي يستضيف فيه وزراءَ الحكومة، والجنود، وأفضل العقول في البلاد.»

ألقت ستيفاني نفسَها على كرسيِّها المريح وشبكَت يدَيها خلف رأسها.

«هل تتوقَّعون هذه الأشياء من مضيفنا الحالي؟»

«نعم، ونتوقَّع أن نحصلَ عليها. لقد راقبتُه يومًا بعد يوم. وازدادت ثقتي به.»

كانت ستيفاني صامتة. وجلست تنظر إلى المدفأة. أدرك سيمان، الذي كان شديدَ الانتباه كما هو حاله دائمًا، التغييرَ الذي طرأ عليها، لكنه وجد شيئًا غامضًا في أسلوبها الجديد غيرِ المتحيز.

استحثَّها قائلًا: «يا صاحبة السمو، أنا لستُ هنا لأتحدث نيابةً عن الرجل الذي هو في الواقع، كما أعلم، حبيبُكِ. فهو سوف يدافع عن قضيته أمامكِ عندما يَحينُ الوقت. لكنني هنا لأطلب منكِ الصبرَ، وأنا هنا لأطلب منكِ عدمَ اتخاذ خطوة متهوِّرة، وعدم فعل أي شيء قد يُعرِّض موقفه هنا للخطر بأي شكل من الأشكال. أنا أقف خارج بوابات العالم التي يمكن لجنسكِ أن يجعله فِردوسًا. أنا لستُ أهلًا للحكم على الأشياء التي تحدث هناك. لكنني أشعر بأن ثمة مرارةً في قلبكِ؛ لأن الرجل الذي تهتمِّين به اختار أن يضعَ بلده في المرتبة الأولى. أناشدكِ الصبرَ أيتها الأميرة. أناشدكِ أن تُصدِّقي ما أعرفه جيدًا — أن الشعور الصارم بالواجب فقط هو أساسُ موقف ليوبولد فون راجاشتين العنيد.»

سألت بفضول: «ما الذي تخشى أن أفعله؟»

«أنا لا أخشى أيَّ شيء — بشكل مباشر.»

«إذن ماذا الذي تخشى منه بشكلٍ غير مباشر؟ أجبني من فضلك.»

اعترف بصراحة: «أخشى من أنه في بعض أنحاء العالم، إن لم يكن في هذا البلد، يمكن أن تهمسي بكلمةٍ أو جملةٍ ساخرة أو غاضبة، مما يجعل الناس يتساءلون عن الضغينة التي تحملينها ضد بارون نورفولك البسيط. ولا أرغب في أن تُقال تلك الكلمةُ في حضور أيِّ شخص يعرف تاريخَكِ، ويُدرك التشابه المذهل بين السير إيفرارد دوميني والبارون ليوبولد فون راجاشتين.»

تمتمت ستيفاني، وانفرجَت شفتاها عن ابتسامةٍ باهتة: «فهمت.» وتابعت قائلةً: «حسنًا، يا سيد سيمان، لا أظن أنك بحاجةٍ إلى أن يكون لديك مخاوفُ كثيرة. ما سأحمله معي في قلبي وأنا أغادر ليس لك أو لأي رجل آخر أن يعرفه. سأغادر هذا البلدَ في غضون أيام قليلة.»

«هل ستعودين إلى برلين — إلى المجر؟»

هزَّت رأسها نفيًا، وأشارت إلى خادمتها أن تفتحَ الباب، ومدَّت يدها إشارةً للانصراف.

أعلنت: «سأقوم برحلةٍ بحريَّة.» وتابعت قائلةً: «سأذهب إلى أفريقيا.»

•••

كان اليوم التالي يومًا مليئًا بالمفاجآت اللطيفة. كان مكان إيدي بيلهام الفارغُ أولَ ما جذب الانتباه، قُرب نهاية وقت الإفطار.

سأل الرايت أونرابل: «أين صاحب اللون الوردي والأبيض النقي؟» وأضاف قائلًا: «أفتقد اندهاشي الصباحيَّ من طريقة ربطه لربطةِ عنقه.»

أجاب دوميني، وهو ينظر حوله من عند الخزانة: «لقد رحل.»

كرَّر الجميع: «رحل؟»

علَّق دوميني: «أعتقد أن هذا الشيء لم يحدث له من قبل.» وأضاف قائلًا: «ثمة حاجةٌ إلى حضوره إلى المدينة.»

تمتمت كارولين: «تخيلوا أن أيَّ شخص يريد إيدي لأي غرض جاد!»

تابع مضيفهم: «وتخيلوا أيَّ شخص يريده بشدة لدرجة جرِّه من السرير في منتصف الليل بمكالمة هاتفية، وإرساله إلى المدينة بقطار الإفطار من نورويتش!» وأضاف قائلًا: «لقد تصوَّرت أن ثمة شبحًا جديدًا عندما جاء إلى غرفتي مرتديًا روبًا أرجوانيًّا ونقل لي الخبر.»

استفسر الدوق: «مَن احتاجه؟» وأضاف قائلًا: «خيَّاطه؟»

أجاب دوميني: «كانت حجَّته أعمالًا ذاتَ أهمية.»

تعالى القليلُ من الضحك.

سألت كارولين، وهي تتثاءب: «هل يفعل إيدي أي شيء من أجل أن يكتسب دخلًا؟»

أجابهم مانجان: «السيد بيلهام هو مدير شركة تشيلسي موتور وركس. لقد تحصَّل على إرثٍ صغير العامَ الماضيَ، وكان سائق التاكسي المفضلُ لديه أولَ مَن علم به.»

صاحت قائلة: «أنت لا تقترح أن هذا النوع من الأعمال هو الذي جعل إيدي يرحل!»

اعترف مانجان: «أعتقد أن هذا بعيد الاحتمال.» وأضاف قائلًا: «ففي واقع الأمر، سألني قبل أيام عمَّا إذا كنت أعرف مكان مبناهم.»

أقرت: «سنفتقده.» وأردفت قائلةً: «فرؤية زيِّه بعد إطلاق النار كان أحد أحداث اليوم.»

علَّق الدوق: «كان لعبه للورق جيدًا بقدرٍ معقول.»

قال مانجان: «لقد أطلق النار على نحوٍ جيد نوعًا ما في اليومين الماضيَين.»

واختتمَت كارولين قائلةً: «لقد أخبرني سرًّا أنه كان سيرتدي اللون البني اليوم. الآن أظن أن إيدي كان سيبدو لطيفًا باللون البني.»

انتهت فِقرة الذكريات الخاصة بالشاب المفقود بوصول الصحف المحلية الصباحية. بعد لحظاتٍ قليلة نهض دوميني وغادر الغرفة. تبِعه سيمان، الذي كان صامتًا على نحوٍ غيرِ عادي.

قال: «صديقي، لا أعرف ما إذا كنتَ قد سمعت، ولكن كان ثَمة اختفاءٌ غريب من القصر الليلةَ الماضية.»

سأله دوميني، متوقفًا لاختيار سيجارة: «مَن؟»

أعلن سيمان: «صديقنا ميلر، أو وولف — رسول الدكتور شميدت قد اختفى.»

كرَّر دوميني: «اختفى؟ أظن أنه يتجول في مكانٍ ما.»

أجاب سيمان: «لقد تركت لك أمرَ إجراء تحريات أكثر تدقيقًا.» وتابع قائلًا: «كلُّ ما يمكنني قولُه هو أنني اتخذتُ قراري الليلة الماضية لإجراء مقابلة معه مرةً أخرى ومحاولة فهْم سلوكه الغامض للغاية. وجدت بابَ غرفة جلوس كبير خدمك مغلقًا، ووجدتُ رجلًا متحضرًا للغاية — اتضح أنه الخادم الخصوصي للسيد بيلهام — أخبرني أنه قد غادر في السيارة التي ذهبت لجلب الصحف المسائية.»

قرَّر دوميني، بعد تفكيرٍ حائر للحظة: «سأذهب وأُجري بعض التحريات.»

وافق سيمان: «من فضلك.» وتابع قائلًا: «فالأمر يُزعجني لأنني لا أفهمه. وعندما يكون ثمة شيءٌ لا أفهمه، أشعر بعدم الارتياح.»

اختفى دوميني في المناطق السفلية، وقضى نصف ساعة مع روزاموند، ولم يُرَ ضيفُه المضطرب مرةً أخرى إلا عندما كانا يسيران إلى الغابة الأولى. حظيا بلحظةٍ معًا بعد أن أشار دوميني إلى أماكن الانتظار.

استفسر سيمان: «ماذا وجدت؟»

أعلن دوميني: «على ما يبدو أن صديقنا قرَّر أن يرحل فجأةً. أُعِدَّ له سرير — أو بالأحرى هو موجود دائمًا — في جَناح صغير يؤدي إلى غرفة الخادم الشخصي، في الطابق الأرضي. لم يذكر شيئًا عن المغادرة حتى رأى باركنز يستعد للذَّهاب إلى المحطة مع السائق. حينها أصرَّ على مرافقته، وعندما وجد قطارًا إلى نورويتش، ببساطة تمنَّى لكليهما ليلة سعيدة. ولم يترك أيَّ رسالة لك أو لي.»

كان سيمان غارقًا في التفكير.

قال: «لا شك في أنَّ رحيله كان مؤشرًا على عدم الثقة فينا. لقد جاء لمعرفة شيء، وأظن أنه عرَفه. أنا أحسدك على رِباطة جأشك، يا صديقي. فنحن نعيش على حافة بركان، وأنت تُطلق النار على طيور الدُّرَّاج.»

علَّق دوميني، وهو يدور بينما كان طائر حَجَل فرَنسي يُصدِر أزيزًا ثقيلًا وهو يعبر سياج الشجيرات خلفهما ويسقط على مسافة قصيرة مثل كومة متغضِّنة من الريش: «سنُحاول مع طائر حَجَل من باب التغيير.» وأضاف، وهو يلتفتُ إلى رفيقه: «تصويب محكَم، على ما أظن، أليس كذلك؟»

أجاب سيمان بقليلٍ من السخرية: «رائع!» وتابع قائلًا: «أحسدك على أعصابك.»

اعترف دوميني: «لا يُمكنني أن آخذَ هذا الأمر على محمل الجِد.» وأضاف قائلًا: «بدا لي الرجل غيرَ مؤذٍ تمامًا.»

قال سيمان: «لقد أُثيرت مخاوفي أيضًا في اتجاهٍ آخر.»

سأل دوميني: «هل تلوح مشكلةٌ أخرى في الأفق؟»

«ستكتشف رحيلَ ضيفٍ آخر عند عودتك بعد ظهر اليوم.»

«هل تقصد الأميرة؟»

أقرَّ سيمان قائلًا: «نعم، الأميرة.» وأردف قائلًا: «لقد بذلتُ قصارى جهدي معها الليلةَ الماضية، لكنني وجدتُها في حالةٍ ذهنية غريبة للغاية. ومع ذلك، يجب أن نتخلَّص من أيِّ قلق يتعلَّق بها لبعض الوقت. لقد قرَّرتُ الذَّهاب في رحلة بحرية.»

«إلى أين؟»

«أفريقيا!»

توقف دوميني عن إدخال خرطوشة في بندقيته. واستدار ببطءٍ ونظر في وجه رفيقه الخالي من التعبير.

سأل: «لماذا بحقِّ الجحيم ستذهب إلى هناك؟»

أجاب سيمان: «لا أستطيع أن أخبرك بذلك، مثلما لا أعرف سبب إرسال يوهان وولف هنا للتجسُّس على عملنا المثالي. أنا مستاء للغاية يا صديقي. الأشياء التي أفهمها، مهما كانت خطيرة، لا أخافها. لكن الأشياء التي لا أفهمها تُرهقني.»

ضحك دوميني بصوتٍ خفيض.

وقال: «لا تقلق، لا شيء هنا يُهدِّد موقفنا تهديدًا خطيرًا. الأميرة غاضبة، لكن من غير المحتمل أن تتخلَّى عنا. لن يستطيع هذا الرجل المدعوُّ وولف تقديمَ تقرير سلبي عن أيٍّ منا. نحن نؤدي عملنا ونؤدِّيه على نحوٍ جيد. دعْ ضمائرنا الطاهرة تُعزِّنا.»

أجاب سيمان: «حسن، ولكني أشعر بعدم الارتياح. يجب ألا أبقى هنا مدةً أطول. فليس من الحكمة وجودُ علاقة وثيقة أكثر من اللازم بيني وبينك.»

علَّق دوميني: «حسنًا، أظن أنه يمكن الوثوقُ بي، حتى لو تُرِكتُ وحدي.»

اعترف سيمان قائلًا: «من جميع النواحي باستثناء ما يتعلَّق بالأميرة؛ إذ كان سلوكك بالغَ الحذر.»

كرَّر دوميني بانفعال: «باستثناء ما يتعلَّق بالأميرة. حقًّا يا صديقي، لا أستطيع أن أفهم وجهة نظرك في هذا الأمر. فلا يُمكنك أن تتوقَّع مني أن أمزجَ بين شهر عسلٍ سرِّي والتزاماتي الحاليَّة!»

واصل سيمان كلامَه: «ربما كان يوجد بالتأكيد حلٌّ وسط؟» وأردف قائلًا: «فأنت تُظهِر قدرًا كبيرًا من البراعة في الأمور الأخرى.»

تمتم دوميني: «أنت لا تعرف الأميرة.»

•••

انضمَّت إليهم روزاموند في مأدُبة غَداء، حاملةً خبرَ رحيل ستيفاني المفاجئ، مع ملاحظاتٍ ورسائل للجميع. تجهَّمَت كارولين قليلًا في وجه مضيفها.

وهمست في أذنه: «أنت في ورطة!» وتابعت قائلةً: «رغم ذلك، أنا موافقة. فأنا أحبُّ ستيفاني، لكنها شديدة الخطورة.»

قال دوميني وهو مستغرقٌ في التفكير: «أتساءل عمَّا إذا كانت كذلك.»

أجابت كارولين: «أظن أن الرجال وجَدوها كذلك عمومًا.» وتابعت قائلةً: «كانت في علاقة حبٍّ رائعة، انتهت، كما تعلم، بمقتل زوجها في مبارزة وطرد عشيقها من البلاد. ومع ذلك، فهي ليست من ذلك النوع من النساء الذي يكفيه عاشقٌ منفي. تصورت أنني لاحظتُ علاماتٍ واضحةً على استعدادها لاستبداله عندما كانت هنا!»

علَّق دوميني خارج الموضوع: «أشعر كما لو أنَّ شيئًا ما قد أفسد حفلتي المنزلية.» وأضاف قائلًا: «أولًا إيدي، ثم السيد لودفيج ميلر، والآن ستيفاني.»

استفسرت كارولين: «ومَن يكون السيد لودفيج ميلر؟»

«إنه رجلٌ ألماني سمين أشقرُ الشعر جلب لي رسائلَ من أصدقاءَ قُدامى في أفريقيا. لم يكن لديه أمتعةٌ سِوى عصًا للمشي، ويبدو أنه أزعج الخدمَ الليلة الماضية بقَبوله سريرًا ثم اختفائه!»

«هل سرق أدوات المائدة؟»

«لم يُفقَد شيء. قضى باركنز نصف ساعة كاملة في عدِّ كل شيء. يبدو أن السيد لودفيج هو أحد تلك الألغاز الغامضة التي تجعل العالم مكانًا غيرَ مثالي.»

قالت كارولين مستعيدةً الذكريات: «حسنًا، لقد قضينا وقتًا ممتعًا.» وأردفت قائلةً: «غدًا، سنغادر أنا وهنري، والآخرون على ما أظن. يجب أن أقول إنني بوجهٍ عام سعيدةٌ بزيارتنا.»

غمغم دوميني: «أنتِ كريمة جدًّا.»

تابعت بتروٍّ: «ربما أتيت متوقعةً أن أنال المزيد منك، لكنْ ثَمة تعويض كبير جدًّا لخيبة أمَلي. أظن أن زوجتك، يا إيفرارد، تستحقُّ العناء. إنها لطيفة جدًّا، وأخلاقها شديدة الجاذبية.»

قال بشكل وُدي: «أنا سعيدٌ لأنكِ تظنين ذلك.»

أشاحت بناظرَيها بعيدًا عنه.

وتنهدَت قائلة: «إيفرارد، أعتقد أنك تحبُّ زوجتك.»

ظهر مزيجٌ غريب، يكاد يكون رهيبًا، من التعبيرات على وجهه وهو يُجيب — خوف أكيد، ولَعٌ ما، واستسلامٌ شبه يائس. حتى صوته، الذي كان عادةً بطيئًا ومتأنيًا، كان يختلج بعاطفةٍ أذهلت رفيقته.

تمتم: «أعتقد أنني كذلك.» وتابع قائلًا: «أخشى من مشاعري تجاهها. فقد تجلب لنا مأساةً أخرى.»

صاحت كارولين: «لا تتفوَّه بهُراء!» وأردفت قائلةً: «أي مأساة يمكن أن تحدث لكما الآن؟ لقد استعدتَ توازنك. أنت شخصٌ قوي ومخلص، ومُستعدٌّ لتكون حاميًا لأي شيء لطيف وساحر للغاية مثل روزاموند. أي مأساة تتحدَّث عنها! لماذا لا تأخذها إلى جنوب فرنسا، يا إيفرارد، وتُعيد شهر العسل مرة أخرى؟»

«لا يمكنني فعلُ ذلك الآن.»

تأمَّلته بفضول. في بعض الأوقات كان يبدو لها غير مفهوم على الإطلاق.

سألت: «هل ما زلتَ قلقًا بشأن موضوع أنثانك؟»

تردَّد للحظة.

وقال لها: «ما زالت توجد عواقبُ لمتاعبنا، وإحداها تُخيم بظلالها علينا. سأتخلَّص منها في الوقت المناسب — ولكن قد تحدث أشياءُ أخرى أولًا.»

قالت وهي تنظر إليه بوجهٍ يعتليه تعبيرٌ حائر: «أنت تتعامل مع الأمور بجِدِّيةٍ بالغةٍ يا إيفرارد.» وأردفت قائلةً: «قد يحسب المرء أن ثمة جانبًا من حياتك، وجانبًا مهمًّا للغاية، تحتفظ به تمامًا لنفسك. لماذا يتجوَّل معك دائمًا ذلك الرجل القصير المضحك سيمان؟ هل تتعرض للابتزاز أو أي شيء؟»

قال لها: «على العكس، كان سيمان أولَ مَن أسَّس ثروتي.»

هزت كتفَيها.

قالت: «لقد جنيتُ القليلَ من المال مرةً أو مرتين في البورصة، ولكن لم يكن يتعين عليَّ أن أصطحبَ الوسيط الخاص بي في كل مكان بعد ذلك.»

«سيمان رجل طيب القلب، ويُحب الرفقة. سوف يرحل بعد قليل، ولن أراه لمدة طويلة.»

اختتمَت حديثها بطريقة جافَّة: «بدأ هنري يتساءل عما إذا كنت ستترشح للبرلمان للائحة مرشَّحي التحالف الإنجليزي-الألماني.»

ضحك دوميني عندما رأى نظرة ميدلتون الموبِّخَة في مدخل المطبخ الذي كانا يجلسان فيه. وأشار بالنهوض.

اعترف قائلًا: «كانت لديَّ بعض الأفكار بشأن البرلمان، لكن — حسنًا، لا داعي لأن يقلق هنري.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤