الفصل الثالث عشر

المنحدر الزلِق (أنف الجَمَل)

slippery slope; camel’s nose

قال البدوي لنفسه: «إذا تركتُ الجملَ يدس أنفَه في خيمتي في هذه الليلة الباردة، فإنه يُوشك بعد ذلك أن يدس رأسَه كله، ثم لا يلبث أن يدسَّ رقبتَه، وسرعان ما أجِدُ الجملَ برمَّته وقد اقتحم عليَّ الخيمة.»

***

هكذا شيَّد البدويُّ في خياله سيناريو تنتهي فيه الأحداث أسوأ نهاية، وتُفضي إلى كارثةٍ تَزَعه أن يتخذ الخطوة الأولى.

تعني مغالطة المنحدر الزلق أن فعلًا ما، ضئيلًا أو تافهًا بحد ذاته، سوف يجر وراءه سلسلةً محتومة من العواقب تُؤدي في نهاية المطاف إلى نتيجة كارثية، كل حدث في هذه السلسلة هو نتيجة ضرورية لما قبله وسبب للحدث الذي يليه، الأمر هنا أشبه بخطوات الشيطان إذا خطوت منها خطوةً واحدة فسوف تتبعها خطوات تنتهي بك إلى الجحيم ضربةَ لازب، أو أشبه بالتفاعل الذري المتسلسل إذا بدأ فسوف يمضي في تتابع لا مَرَدَّ له ينتهي بانفجارٍ نووي هائل، أو أشبه بالمنحدر الزلق يكفي أن تطأه وطأةً واحدةً حتى تَزلَّ قدمُك وتَهوِي مترديًا إلى القاع.

إن الحذرَ وجيهٌ تمامًا إذا انطبقت هذه التشبيهات، غير أنها في مغالطة المنحدر الزلق لا تنطبق (وإلا لما كانت مغالطة)، ويمكننا تجريد الصورة المنطقية لهذه المغالطة كالتالي:
إذا كان «أ» كان «ب»،
إذا كان «ب» كان «ج»،
وهكذا حتى «ن».
(حيث «ن» نتيجة كارثية، وحيث لا يوجد لزوم منطقي في موضع أو أكثر من السلسلة المفترضة، ولا يوجد سبب لافتراض أننا لا يمكننا أن نتوقف ببساطة عند نقطة ما في هذا المنحدر.)

أمثلة

  • (١)

    إذا استثنَيتُكَ أنتَ من هذا القرار فسوف يكون عليَّ أن أستثني الجميع.

  • (٢)

    إذا أقرضتُكَ جنيهًا اليوم، فسوف تقترض مني غدًا جنيهين، ثم عشرة جنيهات، ولن يمضي وقتٌ طويل حتى تقترض مني ألوفًا وتأتي على كل ثروتي.

  • (٣)

    إذا سمحنا اليوم ببعض الضوابط القانونية على الحديث العام أو الكتابة الصحفية، فسوف نسمح غدًا بمزيدٍ من القيود، وهكذا حتى يأتي اليوم الذي نجد أنفسنا فيه نعيش في ظل دولةٍ بوليسية فاشية.

  • (٤)

    إذا سمحنا للناس باختيار نوع الجنين، فسوف نسمح لهم غدًا باختيار لون عينيه وشعره، وما نزال نترخَّص في هذا الأمر حتى نسمح لهم بإنسال أطفالٍ بمواصفاتٍ حسب الطلب.

  • (٥)

    إذا أكلت أيس كريم جالاكسي فسوف يزداد وزنُك، وزيادة وزنك باطِّرادٍ تعني أنك تصاب بالسمنة، وما تزال السمنة تتفاقم حتى تموت بانسداد الشريان التاجي، إذن أيس كريم جالاكسي يُسبب الوفاة فلا تقربه.

  • (٦)

    ينبغي أن يبقى اختيار المقررات التي تُدرَّس بالجامعات أمرًا متروكًا للأساتذة؛ لأننا إذا سمحنا لرغبات الطلبة بالتأثير في هذا الاختيار فسوف يتصورون أنهم يُديرون التعليم، ومن شأن هذا أن يؤدي إلى انهيار النظام، وسرعان ما نجدنا بإزاء جامعات لا تُعلِّم شيئًا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤